شيخ الثورة السورية أبو الطيب منهل الأتاسي
تلك اللحية البيضاء التي تنير دروب الانشاءات منذ أول يوم سطعت فيها شمس المظاهرات, وتلك القامة الضئيلة التي تجعلك ضئيلا أمامها , و تلك العينين الخاشعيتن التيين تشعرانك بعظمة الايمان بالله عزّ و جلّ .
منذ اليوم الأول وهو في المقدمة بعبائته البنية التي تدفء قلوب كل شباب الانشاءات يتسابق هو وعصاه أيهما يقود المظاهرة أولا .
منذ اليوم الأول يتحدى الخوف والجبن ويخطف المنبر ويقول علنا وبعد كل صلاة جمعة على كل من في المسجد أن يخرج بالمظاهرة اليوم ...
منذ اليوم الأول يصر شيخ الثورة أن يبقى في منزله في حارته لصيق مسجده الحبيب يرمي الجنسية الأمريكية التي تمكنه من المغادرة متى شاء خارج الوطن يصر على المواجهة بعصاه المسلحة بالايمان بتكبيراته المدمرة بصلاوته الخمس في مسجده الحبيب (مسجد قباء) يصر على الشهادة ,أجل يا حمص كل أجيالك اليوم شهداء بدء من هاجر الخطيب مرورا بهادي الجندي ختاما بأبو الطيب.
اليوم ومنذ الصباح الباكر وبابا عمرو تقصف ويغضب أبو الطيب لأجل أخوانه يلبس عباءته يحمل عصاه يهرول نحو مسجده الحبيب(مسجد قباء) يفتح الإذاعة ويكبر و يكبر و يكبر و يكبر ويقصف جنود الأسد بتكبيراته المزلزلة يطلب من كل الأطباء و الممرضين التوجه إلى مشفى الحكمة لمعالجة الجرحى يخرج شيخ الثورة من مسجده المحاصر كالأقصى بعشرات من القناصين يسير بضع خطوات وتستقر رصاصة في صدره يتهاوى جسده تهتز حمص يحمل إلى منزل مجاور رغم أن المشفى يبعد عشرين متر_ ولكن يأبى جنود الدكتور أن يعالج من يجرحون_يتشهد أبو الطيب يستشهد أبو الطيب ينضم أبو الطيب إلى رأس قافلة شهداء الثورة السورية .
أربعة أيام وأنا لا أنام إلا ساعتين وأنا مدرك أن مصيبة ستنزل في حارتي وقبل عشرة دقائق من استشهاده أتصل بصديقي (مشروع الشهيد) أساله إن كان أحد قد أستشهد في الحارة يجيني بلاء المطمئنة وأنا ذاهب الآن إلى المسجد ,يخرج عشرة دقائق يتصل بي وصوته يبكي يقول لي كنت عند باب المسجد و رأيت أبو الطيب يسقط قتيلا أمامي!!
سامحني أبا الطيب لأنني لم أكن معك في لحظاتك الأخيرة سامحيني حمص لأني رحلت عنك سامحني يا رب لأني خرجت من هذه المدينة الطاهرة حيا أرزق.
أبا الطيب قتلت في أول مسجد بني في الاسلام كما قتل أول خليفة في الاسلام و بنفس يدي الغدر الفارسية .
اليوم يا أبا الطيب تحتضن حمص جسدك الحبيب تخالط أنفاسك الطاهرة هواءها الحر تسيل دماؤك الزكية على أرضها المحررة .
اليوم يا أبا الطيب أودعك كما ودعت هادي و رامي وحكم وجمال وخالد أودعك و لا زالت أتحسس مكان يدك الدافئة تربت على كتفي وأنت تقول الله يحميك واليوم أقول لك اسأل لنا الله أن يحمي حمص وأهلها من بطش الأسد وشبيحته.
اليوم يا أبا الطيب ينحني أمامك هاشم بيك الأتاسي لؤي الأتاسي نور الدين الأتاسي و كل آل الأتاسي وكل رجال حمص وحرائرها.
اليوم يا أبا الطيب تلقى رسول الله و تخبره أن أهل مدينة حمص يتسابقون إلى الجنة أننا أبطال أننا بتهمة التكبير نقتل في بلاد الشام أننا اليوم نعيد فتحها من جديد أننا اليوم نطهرها من جديد.
وغدا يا أبا الطيب حمص حرة وسورية حرة وقبرك محفوظ في أرض حمص العدية ككل قبور الصحابة و الأولياء والأبطال الذين دفنوا في هذه العدية و في النهاية وكما العادة :
ودع بشارا إن النظام مرتحل وهل تطيق صبرا أيها الشعب
م/ن