الأسد والشيطان يتسامران
في التاسع عشر من هذا الشهر, وقبل عملية التفجيرالتي شهدتها دمشق بخمسة أيام,قال وليد المعلم وزير الخارجية السوري في أخر مؤتمر صحفي له(أي عمل إرهابي مسلح أمام المراقبين الدوليين لن يكون إحراج لنا بل سوف يزيد من مصداقيتنا بوجود العصابات المسلحة) و رافق تصريحاته تصريحات أخرى على الإعلام السوري حيث نشر خبر مفاده دخول عناصر من القاعدة من لبنان,و يترافق كل هذا مع ما قاله الأسد أمام زواره من اللبنانيين في 9 أوكتوبر «بأن المرحلة المقبلة قد تشهد اغتيالات وسياراتمفخخة»
وبانفجار السيارتين المفخختين في العاصمة السورية يوم الجمعة صحت تلميحات الأسد، وسط مصادفة لافتة تمثلت في تزامن هذا الحدث الذي توقعه النظام،غداة وصول طلائع المراقبين .
وبدل متابعة القمع الوحشي للمظاهرات التي خرجتفي الرستن أو جبل الزاوية أو حمص المنكوبة أو درعا أو في الميدان بدمشق ,يفتتح وفد مراقبي الجامعة العربية مهماته بزيارة مواقع التفجيرات , ألم يكن على المراقبين الذهاب فورا إلى بابا عمرو المحاصرة في حمص لمعاينة الوضع على الأرض و لمنع حدوث مجزرة فيها .
تفجيري دمشق وقعا في شارعين لا يبعدان عن ساحة الأمويين حيث قرر المتظاهرون أن يصلوا هناك , الانفجار الأول وقع في مجمع أمني كبير و يعد الوصول إلى هناك بسيارة مفخخة أمر أشبه بالمستحيل و كسوريين نعلم تماما بأننا عندما نجبر على المرور من أمامه ندير رؤسنا و نقود السيارت مسرعين لأن أي حركة عادية سيكون الرد عليها مرعب من قبل من في, أما التفجير الثاني فوقع أيضا في منطقة أمنية يشتد فيها الحذر حتى من الهواء لذلك فإن ماحدث اليوم أشبه بماحدث في الثمانينات من تفجيرات قام بها النظام نفسه و طالت مراكز أمنية و عسكرية و مدنية .
قد يستغرب البعض من فكرة اتهام النظام بقيامه بهذا العمل الإرهابي لكن هذا يبدو طبيعيا لمن عاشر هذا النظام الذي اعتاد على قتل شركائه و عملائه و معارضيه و مؤيديه و يمسح خارطة العالم ليستمر هو . و رغم التاريخ الأسود لنظام الأسد في التفجيرات و الإغتيالات و القتل و السفك إلا أنه و في قضية التفجيرات هذه ثمة ثغرات كبيرة تدعم فكرة ضرب النظام لنفسه فالإعلام السوري الذي اعتاد على التعتيم الأمني الكامل المحكم حول أي خبر مهما صغر أو كبر قام بالنقل المباشر لصور أشلاء الضحايا والخراب بشكل مغاير لما اعتدناه منه و حين تم بث الصور ظهر احتراق الطابق الاخير من مبنى فرع المنطقة وليست الطوابق الاولى رغم أن الحادث كان نتيجة انفجار سيارة مفخخة .
كما أعلن التلفزيون السوري و بعد عشرة دقائق من التفجير أن القاعدة هي التي قامت بهذه الجريمة، فكيف تم التعرف على الجهة المنفذة للانفجار قبل إجراء اي تحقيق.
و بذات السرعة أعلن التلفزيون السوري خلال الربع الساعة التي تلت الانفجار أن الأمن قبض على أحد المتورطين في هذه التفجيرات فإن كان التفجير انتحارياً كما اعلن إعلام النظام فكيف تم القبض على أحد المتورطين الذي و حتما تحول إلى أشلاء وإن كان من تم إلقاء القبض عليه هو من شركاء المجرمين فهل من المعقول أن يبقى متواجداً في المنطقة المحيطة بساحة الجريمة منتظراً إلقاء القبض عليه.
و بسؤال سريع لخبراء بمواد التفجير,و بحسب الضغط و الصوت الناتج من جراء الأنفجار قُدرت كمية المتفجرات المستخدمة بما تتجاوز 600 كغ من المواد البلاستيكية TNT
وبحسب كمية المتفجرات المستخدمة يجب أن تتشكل حفرة بعمق يصل بين المتر و المتران و بطول يترواح بحسب المكان لحوالي 8 إلى 10 أمتار و عرض من 5 إلى 6 أمتار لكن الحفرة اللتي عرضها التلفزيون السوري لا تتجاوز عمق 80 سم و طول 3 أمتار مما يدل على أن كمية المتفجرات المستخدمة في التفجير أصغر بكثير من الكمية المطلوبة لأصدار هكذا صوت و ضغط ... مما يثير الشكوك في أنجزء من الأنفجار هو عبارة عن قنبلة صوتية أستخدمت للتمويه ,كما أن الشخص الأنتحاري يفجر نفسه لوحده حيث لم نرى و لم نسمع أن سيارة مفخخة تحوي 3 أنتحاريين بنفس الوقت و ليس من المعقول أن تنفجر سيارة مفخخة و تبقى جثة منفذ العملية سليمة لأن الضغط الناتج عن الأنفجار سيحول الجثة إلى أشلاء لكن التلفزيون السوري عرض السيارة و بداخلها ثلاث جثث عليها أثار حروق بالغة متفحمة و هذا الأمر غير منطقي بعملية تفجير.
ثم نصل إلى الشهداء و كما زعم إعلام النظام فهنالك 70 شهيد مدني ..من أين أتو و لماذا يقف 70 مدني على باب أمن الدولة في يوم العطلة و هل هم معتقلون ضحى بهم النظام ليبقى و يبقى ...ألم يخجل إعلامهم من قول أن هناك جثة لطفل ذاهب إلى المدرسة و قد حدث التفجير في العاشرة و النصف صباحا من يوم الجمعة .
ويبقى تشييع الشهداء السريع هو الفصل الأخير في هذه المسرحية البشعةففي أكثر البلاد تطورا يستغرق التعرف على جثث الضحايا أياما فكيف تعرف نظام الأسد على هؤلاء الشهداء ؟ وجثث من ستشيع ؟ أين قائمة الأسماء ؟ أين تقرير فحص الجثث ؟ على من ستبكي الأمهات المفجوعات ؟ و ماذا سنقول لأمهات المُغيبين ؟
ما حصل في دمشق هو عمل إرهابي بفعل النظام وحده والكل يعرف ألاعيب النظام و بأنه يضرب نفسه ليبقى إلى الأبد ,فالنظام يخشى من كشف حقيقة مايجري في سوريا من عمليات إبادة وإذا كانت لجنة المراقبة تريد العمل على حماية المدنيين فلتطالب نظام الأسد بعرض صور لهذه السيارات قبل أن تنفجر حيث و كما الجميع يعلم بوجود كاميرات مراقبة مزروعة بكثافة في منطقتي التفجيرين و التسجيل يتم على الأقراص الصلبة الموجودة في أبنية لم تتضرركما على المراقبين أخذ صور بأنفسهم لجثث الضحايا و عينات من أجسادهم التي كان واضحا انتفاخها نتيجة الموت في وقت سابق ولون الدماء القانية دليل أخر على أنها لم تتعرض لضغط أو حرارة أي تفجير فكيف قتل هؤلاء الشهداء و متى ؟؟؟ .
الشعب السوري بحاجة للحماية الفورية و التي ينص عليها القانون الدولي من قاعدة استلمت الحكم منذ أكثر من أربعين عاما و إن وفد مراقبي الجامعة العربية سيواجه الفشل ، لان النظام لن يسهل مهمته، وقبل ببروتوكوله لكسب الوقت لا أكثر,و ترك السوريين وحيدين في مواجهة القمع و التنكيل سوف يقضي على مصداقية الجامعة العربية و سيتحول بروتوكول الجامعة إلى غطاء لإستمرار النظام بإجرامهبدل أن يكون دوره بالوقوف جانب شعب تراق دمائه بسكين شيطان.
بقلم :رشا العدنان