رسالةٌ عاجلةٌ إلى شقيِّ الشام ..
عَجِلتُ إليكَ ناصِحَك ارتحالا
وهذا الخَطْبُ لم يُسْعِدْك فالا
ووجهُ الشامُ مُنقبِضٌ يغنّي
بلادُ العُرْبِ تنساني؟ مُحالا
أيا ثغْرَ الشآمِ فديْتُ ثغراً
علام الحزْنُ يملؤه مَجالا؟
نعمْ يبكي، وإنّ الدمعَ يروي
عيونَ الظامئين له ابتهالا
نعم يبكي، جُعِلتُ فداه، ليْتِي
متى يحْنُو على قلبي وصالا؟
متى تمضي، عُمِيْتَ الدربَ، عنّا؟
سأمْنَاكم، وكان لكم دِلالة
كأنّ الأرضَ مُلْكُ أبيكَ كانت
وهذا المُلك لا يفنى، اسْتحاله
وأنّ الشعبَ كان لكم سَرَاحٌ
لتحتلَّ النفوسَ به احتلالا
بلادُ الشامِ إنْ أبصرتَ فيها
لِشَرِّكَ في براثنه استطَالَ
وحاراتُ الشآمِ بها نزيفٌ
تدمِّرُها وتحسَبُها هُزالة؟!
فيا عارَ الشآم عليك جُرماً
يقِرُّ به بطانتُك الحُثاله
أولئك مِن تَمَلُّقِهم تنادَوْا
بأنك أنتَ مَنْ خَلَقَ الهلالا
وأنتَ الشمسُ في الآفاق نوراً
يُشِعُّ، وأنت من قَهَرَ الجبالا
وأنت القاهرُ الصنديدُ بأساً
تُرى أسِوَاكَ مَن صَنَعَ البَساله؟
يغُرُّك منهم التمجيدُ وهماً
وعند الخَطْبِ فاختبرِ الرجالَ
ويرعاك النجوم فَمَاً كذوباً
يؤمِّلُكم ويُورِفُكَ الظلالاَ
أمِنْ صِدْقٍ تَرَى (البُوطيَّ) يُفتي
ويأخذُ منه (حسُّونُ) امتثالا؟؟
فدَعْ هذين عنك، مَنِ المبالي
إزاء الحالِ ما اجتَرَحا وقالا؟
وما افترياه من حِلٍّ، فهذا
لَعَمْري كان مقصدُه استمالا
أيا رِعديدُ قد جئناكَ حَشْداً
بأرضِ الشامِ نشعلُها اشتعالا
عَدِمْنا أنْفَسَ الأحرارِ إنْ لم
بعون الله، نسقُطْكَ المآلا
فنرجعَ بالشآمِ بلادَ نَصْرٍ
لتطويها صحائفُنا سِجالا
شقيَّ الشامِ عنكَ الشامُ يروي
بما سَيَّرْتَ مَن جُعِلوا بِغالا
مَطِيَّاتٍ عَدِمْناها ظُهوراً
بما حَمَلتْ إلى الشامِ اعتلالا
دمُ الأطفال يا سفّاحُ يحكي
بما اصطبغتْ يداك به نَكالا
وما أثْخَنْتَ في الأحرار جُرحاً
وما أفْجَعْتَ حرَّتَنا وبالا
حرائرُ إنْ تَجِدْ منهنَّ قولاً
جُهَيْناتٌ يَسُقْنَ لك الخَبَالا
كأنك ما دَرَيْتَ بنا مُصاباً
ولا ترضى بهذا الحالِ حالا
وحولَك ألفُ أفّاكٍ تَدَاعَوْا
لتَجْعَلَهم بأظْهُرِهم رِحالا
كهذا البَرِّ إنْ أوْفَيْتَ عهداً
ومثلِ أبيك تصطنعُ النضالا
شقيَ الشامِ إنّ الوقت يمضي
وهذا الحشد أبْلَغَكَ الرساله
تنحَّ الآن، قد عَرَّاكَ جُرْمٌ
وفاحت منك رائحةُ النذاله
ألم تأخذْ عظاتَ الدهرِ حِذراً
بمَنْ سَبَقوك أنْ كانوا مثالا
نهاياتٌ مُسَوَّدَةٌ صِحافاً
وأخْراها مُبَشَّعَةٌ زوالا
فخلِّينا، عُدِمْتَ الأمنَ، نحيا
بما بقي الزمانُ لنا وصالا
وإنْ أهْدَرْتَ في التنكيل جُنداً
بطغواها، ستسقطُ لا مَحاله
وحسبي القولُ ما قالوه صدقاً
لَسَوْفَ .. لسوف تنقرِضُ السُلالة