هل انتهت بعثة المراقبين العرب قبل أن تبدأ؟الأربعاء 26 محرم 1433هـ - 21 ديسمبر 2011م
محمد رشيد
بعيداً عن كل الألاعيب السياسية، ومصالح هذه الدولة العربية والإقليمية أو تلك، خوفا أو غدراً أو.......، فإن الشيء الأكيد الوحيد والمؤلم هو قدرة العرب وقياداتهم الجديدة والقديمة على الاستخفاف بالدم الطاهر الذي قدمه الشعب السوري بكرم منقطع النظير على مذبح "الحرية والكرامة"، للخلاص من نظام الأسد البغيض، وليس من أجل تكريسه أو إطالة عمره تحت أي عنوان من العناوين، أو أية لعبة من الألاعيب
حين تحدثت قبل ستة أسابيع من الآن عن خمسة آلاف شهيد سوري طبقا لمصادري، كان العالم يتحدث عن أقل من ثلاثة آلاف شهيد، وسيصدم العالم حين يعرف أن النظام قام بتصفيات جماعية وفردية لأكثر من ثلاثة آلاف مفقود سوري، أخذوا الى صحراء تدمر، والى مناطق نفوذ النظام الطائفية، وتمت تصفيتهم بدم بارد، وان الأرقام قد تجاوزت 8000 شهيد وشهيدة ، وان كانت الأرقام لا تعني الكثير لنظام أوغل عميقا في دماء الشعب السوري فإن كل قطرة من ذلك الدم الطاهر تعني كل شيء، لأب منكوب أو أم ثكلى، لطفل يتيم أو لزوجة ترملت في ريعان شبابها.
لا أحد منا يعرف بعد ما طبخ، ومن طبخ الاتفاق النهائي؟ بين وليد المعلم و نبيل العربي، بعد أن غيب العرب بالتعليق المتكرر لاجتماع وزراء خارجيتهم، لكننا، وعلى الأقل نعرف من العلن، ودون أن نسمع من الجامعة العربية ما يخالف ذلك، أن إيران راضية عن الاتفاق بين الجامعة العربية ونظام الأسد، لأنه اتفاق راعى كل الشروط الإيرانية، وذلك حسب تصريحات نائب وزير الخارجية الإيرانية، وكذلك سمعنا وزير خارجية النظام السوري يقول، ما كنا لنوقع لو لم تلبي الجامعة كل شروطنا، وقبلت الجامعة بوجود مواقع سيادية ممنوع على أحد الدخول إليها، ولم نسمع أي رد من الجامعة ومالكيها، ثم علمنا أن نظام دمشق نجح في تفتيت المبادرة العريبة وقبل منها بروتوكول المراقبين فقط، حسب تصريحات وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل.
وقبل أن ينتهي هذا المسلسل الدموي، تعلن الجامعة عن سفير سيرأس بعثتها من المراقبين، دون أن يقدم الى الناس، من هو؟ ما هي خبرته؟ ما هو تخصصه؟ وهل لديه أية ميول سياسية أم لا؟ وهل هناك أية وسائل تدقيق مستقبلية في مدى موضوعية او مدى انحياز السفير المنتدب؟ وكل تلك الأسئلة لا علاقة لها بالرجل، بقدر ما هي تشكل "خروما" واسعة في توجهات الجامعة وأساليب عملها المستقبلية في سوريا، وإذا كان الحكم على النوايا جائزا، فهناك شكوك سورية عامة في نوايا السيد الأمين العام، لكن لا داعي للحكم على النوايا بعد أن أعلن نبيل العربي، أن "لا تدخل عربي في سوريا، وأن المعارضة غير جاهزة"، فهل بعد هذا الوضوح وضوح، وللمرء ان يتساءل، إن لم يذهب المراقبون العرب من أجل التقييم والتحقيق و مراقبة تنفيذ المبادرة العربية فما فائدتهم، وللمرء أن يسأل السيد العربي، هل كانت المعارضة الليبية جاهزة؟ أو التونسية، أو حتى المصرية؟.
وإذا اعتمدنا على كلام وزير خارجية بشار الأسد، وهو يقول إن "التقارير سترفع إليه والى نبيل العربي في نفس الوقت، وان كليهما سيناقشان التقارير قبل أن يطلع عليها أي أحد آخر" نعرف أن المسألة قد بيعت تماماً، خاصة وأننا نفتقر الى رد أو توضيح من جامعة العرب، فكيف للوزير السوري أن يصبح "الخصم والحكم"؟.
وإن أردنا التحدث بصراحة أكبر، دون أن نثير او نستفز أي مسؤول عربي، من حقنا أن نسأل وأن نطلب التوضيحات من الشيخ حمد بن جاسم آل جبر، رئيس وزراء قطر ، بوصفه رئيسا للجنة العربية الخاصة عن كل ما ذكرت أعلاه، وما طلبه العشرات غيري من توضيحات، وأهمها على الإطلاق، أين "استقلالية" البعثة إذا كانت سترفع تقاريرها الى وليد المعلم؟، بالتوازي مع نبيل العربي، وإن التقارير لن توزع قبل أن يتناقش فيها الرجلان؟ أو ليس من شأن ذلك أن يحوّل الجامعة العربية، وأمينها الى لجنة "إدارة أزمة" مع المعلم، وينهي دور البعثة واستقلاليتها ؟
وبسبب معرفة الكثير منا بأساليب النظام السوري، وقدرته على الكذب والمناورة، وأيضاً معرفتنا بـ"رخاوة " الجامعة وأمانتها العامة، بل انحيازها الواضح الى جانب النظام السوري تحت مبررات "المقاومة" و"الممانعة"، و بتأثير واضح من نظرية السيد محمد حسنين هيكل في "عدم نضوج الثورة السورية لعدم وصولها الى دمشق وحلب" تلك النظرية التي يفترض أنها انهارت في خضم هذا الاسبوع الدامي في دمشق وحلب، فإن من الواجب الطلب الى اللجنة العربية الخاصة إعلان ونشر قواعد الاتفاقية بين الجامعة و النظام السوري، فليس من حق أحد أن يطلب من الشعب السوري الاعتماد على "الثقة"، بل على مفهوم الوضوح و الشفافية الكاملة كحجر الزاوية للثقة المنشودة.
ومن أهم المواضيع التي تشغل بال المواطنين السوريين، وقادة التنسيقيات و قيادة الهيئة العامة للثورة، وقيادة المجلس الوطني السوري، والجيش السوري الحر، هو حقهم غير القابل للجدل، في معرفة صلاحيات فرق المراقبة العربية، وكيف ستتعامل هذه الفرق مع ملفات كل الجرائم التي اقترفها النظام على امتداد الأشهر العشرة الماضية؟ أم أن ذلك لا يدخل في مهام الفرق العربية،؟ وماهي وسائل الفرق للتحقق من ملفات اكثر من ثمانية آلاف مفقود سوري، وأكثر من 70000 أسير سوري؟ هل ستعتمد اللجان على بيانات النظام، أم على استسقاء المعلومات و الحقائق من الشعب؟ أم أن الاتفاق المعتمد مع النظام عن ملفات الماضي هو "عفى الله عما سلف" ولننظر الى الامر كفرق مراقبة لوقف إطلاق النار، ونتعامل مع المعلم و العربي، كقادة" لإدارة هذه الأزمة" مما يقربنا من الَمخرج الوحيد الشهير "بوس اللحى" والتعويض عن الخسائر؟
لقد عرف عن الجامعة العربية ومنذ نشأتها، العجز وقلة الحيلة، والخضوع لمراكز القوى العربية، لكننا قد نكون في مرحلة أخطر بكثير من العجز وقلة الحيلة، والألعاب البهلوانية التي شهدناها على امتداد أشهر تجديد وتمديد "المهل"، والتي بعثت و تبعث الكثير من الروائح الكريهة، وتثير الكثير من القلق المشروع، والكثير الكثير من قلة الأمان، وليس لثوار الشعب السوري الا اليقظة والحذر والاعتماد على الله سبحانه، وعلى أنفسهم، بالإضافة إلى واجب آخر، هام و حيوي في هذه المرحلة، إذ لا بد لهم أن يشكلوا فرقا تراقب فرق الجامعة العربية وأدائها، من خبراء وحقوقيين وإعلاميين، والأهم من أهالي الضحايا، وآلاف "الإسفنجة" العربية قد "تشفط" كل الحقائق والدلائل من على طاولة الحاكم العربي.
وفقط ومن باب التنبيه، وعلى ما قد يشكله ذلك من عدم الإنصاف، ينبغي على الثوار والأهالي الطلب الى الجامعة بضرورة استبعاد كل المراقبين من الدول التي لم تصوت مع القرارات المتعلقة بانتهكات نظام دمشق على امتداد الشهور العشرة الأخيرة، فالأنظمة المنحازة ستزج برجالها شئنا أم أبينا، لأنها حرب إرادات مشبوهة.
وقد تكون تلك إرادة البعض، لكن إرادة السوريين فوق كل شيء، وسُتنبئنا الأيام بما لا نعلم.
محمد رشيد
بعيداً عن كل الألاعيب السياسية، ومصالح هذه الدولة العربية والإقليمية أو تلك، خوفا أو غدراً أو.......، فإن الشيء الأكيد الوحيد والمؤلم هو قدرة العرب وقياداتهم الجديدة والقديمة على الاستخفاف بالدم الطاهر الذي قدمه الشعب السوري بكرم منقطع النظير على مذبح "الحرية والكرامة"، للخلاص من نظام الأسد البغيض، وليس من أجل تكريسه أو إطالة عمره تحت أي عنوان من العناوين، أو أية لعبة من الألاعيب
حين تحدثت قبل ستة أسابيع من الآن عن خمسة آلاف شهيد سوري طبقا لمصادري، كان العالم يتحدث عن أقل من ثلاثة آلاف شهيد، وسيصدم العالم حين يعرف أن النظام قام بتصفيات جماعية وفردية لأكثر من ثلاثة آلاف مفقود سوري، أخذوا الى صحراء تدمر، والى مناطق نفوذ النظام الطائفية، وتمت تصفيتهم بدم بارد، وان الأرقام قد تجاوزت 8000 شهيد وشهيدة ، وان كانت الأرقام لا تعني الكثير لنظام أوغل عميقا في دماء الشعب السوري فإن كل قطرة من ذلك الدم الطاهر تعني كل شيء، لأب منكوب أو أم ثكلى، لطفل يتيم أو لزوجة ترملت في ريعان شبابها.
لا أحد منا يعرف بعد ما طبخ، ومن طبخ الاتفاق النهائي؟ بين وليد المعلم و نبيل العربي، بعد أن غيب العرب بالتعليق المتكرر لاجتماع وزراء خارجيتهم، لكننا، وعلى الأقل نعرف من العلن، ودون أن نسمع من الجامعة العربية ما يخالف ذلك، أن إيران راضية عن الاتفاق بين الجامعة العربية ونظام الأسد، لأنه اتفاق راعى كل الشروط الإيرانية، وذلك حسب تصريحات نائب وزير الخارجية الإيرانية، وكذلك سمعنا وزير خارجية النظام السوري يقول، ما كنا لنوقع لو لم تلبي الجامعة كل شروطنا، وقبلت الجامعة بوجود مواقع سيادية ممنوع على أحد الدخول إليها، ولم نسمع أي رد من الجامعة ومالكيها، ثم علمنا أن نظام دمشق نجح في تفتيت المبادرة العريبة وقبل منها بروتوكول المراقبين فقط، حسب تصريحات وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل.
وقبل أن ينتهي هذا المسلسل الدموي، تعلن الجامعة عن سفير سيرأس بعثتها من المراقبين، دون أن يقدم الى الناس، من هو؟ ما هي خبرته؟ ما هو تخصصه؟ وهل لديه أية ميول سياسية أم لا؟ وهل هناك أية وسائل تدقيق مستقبلية في مدى موضوعية او مدى انحياز السفير المنتدب؟ وكل تلك الأسئلة لا علاقة لها بالرجل، بقدر ما هي تشكل "خروما" واسعة في توجهات الجامعة وأساليب عملها المستقبلية في سوريا، وإذا كان الحكم على النوايا جائزا، فهناك شكوك سورية عامة في نوايا السيد الأمين العام، لكن لا داعي للحكم على النوايا بعد أن أعلن نبيل العربي، أن "لا تدخل عربي في سوريا، وأن المعارضة غير جاهزة"، فهل بعد هذا الوضوح وضوح، وللمرء ان يتساءل، إن لم يذهب المراقبون العرب من أجل التقييم والتحقيق و مراقبة تنفيذ المبادرة العربية فما فائدتهم، وللمرء أن يسأل السيد العربي، هل كانت المعارضة الليبية جاهزة؟ أو التونسية، أو حتى المصرية؟.
وإذا اعتمدنا على كلام وزير خارجية بشار الأسد، وهو يقول إن "التقارير سترفع إليه والى نبيل العربي في نفس الوقت، وان كليهما سيناقشان التقارير قبل أن يطلع عليها أي أحد آخر" نعرف أن المسألة قد بيعت تماماً، خاصة وأننا نفتقر الى رد أو توضيح من جامعة العرب، فكيف للوزير السوري أن يصبح "الخصم والحكم"؟.
وإن أردنا التحدث بصراحة أكبر، دون أن نثير او نستفز أي مسؤول عربي، من حقنا أن نسأل وأن نطلب التوضيحات من الشيخ حمد بن جاسم آل جبر، رئيس وزراء قطر ، بوصفه رئيسا للجنة العربية الخاصة عن كل ما ذكرت أعلاه، وما طلبه العشرات غيري من توضيحات، وأهمها على الإطلاق، أين "استقلالية" البعثة إذا كانت سترفع تقاريرها الى وليد المعلم؟، بالتوازي مع نبيل العربي، وإن التقارير لن توزع قبل أن يتناقش فيها الرجلان؟ أو ليس من شأن ذلك أن يحوّل الجامعة العربية، وأمينها الى لجنة "إدارة أزمة" مع المعلم، وينهي دور البعثة واستقلاليتها ؟
وبسبب معرفة الكثير منا بأساليب النظام السوري، وقدرته على الكذب والمناورة، وأيضاً معرفتنا بـ"رخاوة " الجامعة وأمانتها العامة، بل انحيازها الواضح الى جانب النظام السوري تحت مبررات "المقاومة" و"الممانعة"، و بتأثير واضح من نظرية السيد محمد حسنين هيكل في "عدم نضوج الثورة السورية لعدم وصولها الى دمشق وحلب" تلك النظرية التي يفترض أنها انهارت في خضم هذا الاسبوع الدامي في دمشق وحلب، فإن من الواجب الطلب الى اللجنة العربية الخاصة إعلان ونشر قواعد الاتفاقية بين الجامعة و النظام السوري، فليس من حق أحد أن يطلب من الشعب السوري الاعتماد على "الثقة"، بل على مفهوم الوضوح و الشفافية الكاملة كحجر الزاوية للثقة المنشودة.
ومن أهم المواضيع التي تشغل بال المواطنين السوريين، وقادة التنسيقيات و قيادة الهيئة العامة للثورة، وقيادة المجلس الوطني السوري، والجيش السوري الحر، هو حقهم غير القابل للجدل، في معرفة صلاحيات فرق المراقبة العربية، وكيف ستتعامل هذه الفرق مع ملفات كل الجرائم التي اقترفها النظام على امتداد الأشهر العشرة الماضية؟ أم أن ذلك لا يدخل في مهام الفرق العربية،؟ وماهي وسائل الفرق للتحقق من ملفات اكثر من ثمانية آلاف مفقود سوري، وأكثر من 70000 أسير سوري؟ هل ستعتمد اللجان على بيانات النظام، أم على استسقاء المعلومات و الحقائق من الشعب؟ أم أن الاتفاق المعتمد مع النظام عن ملفات الماضي هو "عفى الله عما سلف" ولننظر الى الامر كفرق مراقبة لوقف إطلاق النار، ونتعامل مع المعلم و العربي، كقادة" لإدارة هذه الأزمة" مما يقربنا من الَمخرج الوحيد الشهير "بوس اللحى" والتعويض عن الخسائر؟
لقد عرف عن الجامعة العربية ومنذ نشأتها، العجز وقلة الحيلة، والخضوع لمراكز القوى العربية، لكننا قد نكون في مرحلة أخطر بكثير من العجز وقلة الحيلة، والألعاب البهلوانية التي شهدناها على امتداد أشهر تجديد وتمديد "المهل"، والتي بعثت و تبعث الكثير من الروائح الكريهة، وتثير الكثير من القلق المشروع، والكثير الكثير من قلة الأمان، وليس لثوار الشعب السوري الا اليقظة والحذر والاعتماد على الله سبحانه، وعلى أنفسهم، بالإضافة إلى واجب آخر، هام و حيوي في هذه المرحلة، إذ لا بد لهم أن يشكلوا فرقا تراقب فرق الجامعة العربية وأدائها، من خبراء وحقوقيين وإعلاميين، والأهم من أهالي الضحايا، وآلاف "الإسفنجة" العربية قد "تشفط" كل الحقائق والدلائل من على طاولة الحاكم العربي.
وفقط ومن باب التنبيه، وعلى ما قد يشكله ذلك من عدم الإنصاف، ينبغي على الثوار والأهالي الطلب الى الجامعة بضرورة استبعاد كل المراقبين من الدول التي لم تصوت مع القرارات المتعلقة بانتهكات نظام دمشق على امتداد الشهور العشرة الأخيرة، فالأنظمة المنحازة ستزج برجالها شئنا أم أبينا، لأنها حرب إرادات مشبوهة.
وقد تكون تلك إرادة البعض، لكن إرادة السوريين فوق كل شيء، وسُتنبئنا الأيام بما لا نعلم.