واشنطن - بيير غانم
ربما يكون الأسبوعان المقبلان فاصلين في تطوّر الأزمة السورية، فحملات النظام السوري على المحتجين مستمرة، وهناك تصميم عربي ودولي لمنع الأزمة من التجذّر وتحاشي غرق سوريا في حرب أهلية.
ويتجسّد أصدق تعبير عن التسريع في الانتقال الى مرحلة جديدة في قول المنسّق الامريكي لشؤون منطقة الشرق الاوسط، فرد هوف، الذي أعلن هذا الاسبوع ان بلاده لن تسمح بتحوّل سوريا الى كوريا شمالية في المشرق العربي.
وأضاف أمام الكونغرس أن "التظاهرات لن تتوقف الى أن يتنحى الاسد وزمرته القريبة، ولن يتراجع الضغط الدولي الى ان يتوقف العنف، ويحصل السوريون على كرامتهم وحكومة رشيدة يستحقونها".
اما السيناريوهات للتوصل الى هذه النتائج فكثيرة ولكنها غير موثوقة، كما أن هناك اطرافا اقليمية ودولية بحاجة لتعديل تعاطيها مع سوريا.
سيناريوهات
وثار خلال الاسبوعين الماضيين نقاش كثيف في واشنطن حول الخطوة الافضل لمساعدة المعارضة السورية ميدانياً، فالامريكيون ومتابعو الوضع الميداني قلقون من تمكن النظام السوري من السيطرة على الأرض وحصر المعارضة في مدن عدة وقتل المتظاهرين باعداد كبيرة. كما ان حركة الانشقاقات من قوات الامن والجيش ما زالت محدودة ولا تهدد بنية القوى المسلحة او امكانية تعاطي الأمن مع المتظاهرين والمعارضين.
وقد توصّل مخططون ومنظرون عسكريون الى لائحة من الخيارات الميدانية تتراوح بين تكليف وحدات النخبة الامريكية والاوروبية بعمليات خاصة داخل الاراضي السورية وصولاً الى المساعدة على انقلاب عسكري او فرض حظر جوي على الاجواء السورية وخلق جسر مساعدات انسانية او إيجاد مناطق آمنة على الحدود.
من الواضح ان الامريكيين ليسوا متحمسين للقيام بأي عمل ضد النظام السوري يجرّ عليهم تهمة التدخل الاحادي، وهذا الخيار ليس جزءاً من فلسفة باراك اوباما في ادارة الشؤون الخارجية للولايات المتحدة في عصر ما بعد جورج دبليو بوش. يبقى فقط خيار الذهاب الى الامم المتحدة واستصدار قرار يعطي الحماية للمدنيين، وهو الأكثر براغماتية، ومع بعض الضغوطات والعمل الدبلوماسي الجاد، ربما يتمكن الامريكيون من اقناع اعضاء مجلس الامن وتركيا بفعالية هذا الخيار.
وتؤكد مصادر تركية في واشنطن لـ "العربية.نت" ان هذا الخيار ما زال في مرحلة النقاش النظري وعلى صفحات الصحف، ولم يصل الامريكيون بعد الى مرحلة نقاشه عملياً مع القيادة السياسية التركية، لكن الحكومة التركية جاهزة للقبول بخيار مثل هذا، لانها ستكون متحمّسة لتطبيق قرار دولي بعدما تسبب الرئيس السوري بشار الاسد بخيبة أمل كبيرة لدى رئيس الحكومة التركي رجب طيب اردوغان وأفشل وساطاته خلال الربيع الماضي، واردوغان اصبح يعتبر أن القضية السورية مسألة شخصية تغضبه شخصياً وتلزمه اخلاقياً.
العراق لا يريد البعث في سوريا
ومن جانبهم، يعمل العراقيون على ايجاد تسوية هي في ظاهرها تسوية بين النظام السوري والمعارضة، لكن عراقيين رافقوا رئيس الوزراء العراقي الى واشنطن أكدوا ان نوري المالكي ابلغ الامريكيين انه لا يريد نظاماً لحزب البعث في سوريا، وهو يكره هذا النظام بقدر ما يكره نظام البعث العراقي في عهد صدام حسين.
أما "الخلاف التكتيكي" بين الرئيس أوباما والمالكي فينبع من كون الامريكيين يريدون تحركاً عربياً ودولياً وتغيير النظام في اقرب وقت وتخسر ايران أهم حليف لها في المنطقة. ولكن المالكي لا يريد هذا التغيير السريع لانه غير مضمون النتائج، ويعتبر ان نتيجة التغييرات ستكون نظاماً غير معروف الهوية، وربما يكون محكوماً بالاخوان والسلفيين على طريقة مصر وملهما للسنّة العراقيين وقد يتسبب بمشاكل اضافية سياسية وأمنية للحكومة العراقية على الحدود مع سوريا. ولا يرى المالكي اي مبرر لذلك مباشرة بعد خروج الأمريكيين من العراق.
أما ما يطرحه المالكي ولا يوافق عليه الأمريكيون فهو تأهيل الرئيس السوري بشار الاسد والاستغناء عن تغيير النظام. فالأمريكيون وصلوا منذ اشهر الى قناعة ان على الرئيس السوري التنحي عن السلطة وإفساح المجال امام اصلاحات وانتقال سلمي الى "ديموقراطية سورية".
الأسد لا يحكم
وهناك خلاف آخر بين العراقيين والامريكيين بشأن الأسد يعود الى ان ادارة اوباما اصبحت تعتبر الاسد خسر القيادة التي تمتع بها لعشر سنوات، ومع بداية الاحداث أصبح معزولاً عن الواقع الامني والسياسي في البلاد وهذا ما يدفعه أكثر الى مأزق مثلما حدث مع العقيد القذافي وحتى الرئيسين المصري حسني مبارك والتونسي زين العابدين بن علي عندما تأخّرا في فهم التحولات الميدانية والسياسية في بلادهم.
ويقول مصدر مطّلع في واشنطن أن الرئيس السوري أصبح معزولاً حتى في دمشق ولا يتصل بالقيادات الميدانية والعسكرية بل ان عدداً قليل جداً من اقرباء الرئيس مثل شقيقه ماهر وصهره آصف شوكت، يديرون الدولة والقوات الأمنية ويفرضون على الرئيس الخيارات السياسية والدبلوماسية.
وما أثار الانتباه العام الى هذا الواقع بالاضافة الى المعلومات الاستخباراية والدبلوماسية، هو طريقة تعاطي الرئيس السوري مع الاسئلة في مقابلة مع بربارة وولترز من شبكة "اي بي سي" الأمريكية، حيث نفى ان يكون اعطى اوامر باطلاق النار على المتظاهرين، وقال انه من الغباء فعل ذلك، فهذا الجواب بدا وكأنه تنصّل من المسؤولية، ولكنه يعني ايضاً ان الرجل فقد ناصية القيادة، ولا يدري ما يجري حوله.
ربما يكون الأسبوعان المقبلان فاصلين في تطوّر الأزمة السورية، فحملات النظام السوري على المحتجين مستمرة، وهناك تصميم عربي ودولي لمنع الأزمة من التجذّر وتحاشي غرق سوريا في حرب أهلية.
ويتجسّد أصدق تعبير عن التسريع في الانتقال الى مرحلة جديدة في قول المنسّق الامريكي لشؤون منطقة الشرق الاوسط، فرد هوف، الذي أعلن هذا الاسبوع ان بلاده لن تسمح بتحوّل سوريا الى كوريا شمالية في المشرق العربي.
وأضاف أمام الكونغرس أن "التظاهرات لن تتوقف الى أن يتنحى الاسد وزمرته القريبة، ولن يتراجع الضغط الدولي الى ان يتوقف العنف، ويحصل السوريون على كرامتهم وحكومة رشيدة يستحقونها".
اما السيناريوهات للتوصل الى هذه النتائج فكثيرة ولكنها غير موثوقة، كما أن هناك اطرافا اقليمية ودولية بحاجة لتعديل تعاطيها مع سوريا.
سيناريوهات
وثار خلال الاسبوعين الماضيين نقاش كثيف في واشنطن حول الخطوة الافضل لمساعدة المعارضة السورية ميدانياً، فالامريكيون ومتابعو الوضع الميداني قلقون من تمكن النظام السوري من السيطرة على الأرض وحصر المعارضة في مدن عدة وقتل المتظاهرين باعداد كبيرة. كما ان حركة الانشقاقات من قوات الامن والجيش ما زالت محدودة ولا تهدد بنية القوى المسلحة او امكانية تعاطي الأمن مع المتظاهرين والمعارضين.
وقد توصّل مخططون ومنظرون عسكريون الى لائحة من الخيارات الميدانية تتراوح بين تكليف وحدات النخبة الامريكية والاوروبية بعمليات خاصة داخل الاراضي السورية وصولاً الى المساعدة على انقلاب عسكري او فرض حظر جوي على الاجواء السورية وخلق جسر مساعدات انسانية او إيجاد مناطق آمنة على الحدود.
من الواضح ان الامريكيين ليسوا متحمسين للقيام بأي عمل ضد النظام السوري يجرّ عليهم تهمة التدخل الاحادي، وهذا الخيار ليس جزءاً من فلسفة باراك اوباما في ادارة الشؤون الخارجية للولايات المتحدة في عصر ما بعد جورج دبليو بوش. يبقى فقط خيار الذهاب الى الامم المتحدة واستصدار قرار يعطي الحماية للمدنيين، وهو الأكثر براغماتية، ومع بعض الضغوطات والعمل الدبلوماسي الجاد، ربما يتمكن الامريكيون من اقناع اعضاء مجلس الامن وتركيا بفعالية هذا الخيار.
وتؤكد مصادر تركية في واشنطن لـ "العربية.نت" ان هذا الخيار ما زال في مرحلة النقاش النظري وعلى صفحات الصحف، ولم يصل الامريكيون بعد الى مرحلة نقاشه عملياً مع القيادة السياسية التركية، لكن الحكومة التركية جاهزة للقبول بخيار مثل هذا، لانها ستكون متحمّسة لتطبيق قرار دولي بعدما تسبب الرئيس السوري بشار الاسد بخيبة أمل كبيرة لدى رئيس الحكومة التركي رجب طيب اردوغان وأفشل وساطاته خلال الربيع الماضي، واردوغان اصبح يعتبر أن القضية السورية مسألة شخصية تغضبه شخصياً وتلزمه اخلاقياً.
العراق لا يريد البعث في سوريا
ومن جانبهم، يعمل العراقيون على ايجاد تسوية هي في ظاهرها تسوية بين النظام السوري والمعارضة، لكن عراقيين رافقوا رئيس الوزراء العراقي الى واشنطن أكدوا ان نوري المالكي ابلغ الامريكيين انه لا يريد نظاماً لحزب البعث في سوريا، وهو يكره هذا النظام بقدر ما يكره نظام البعث العراقي في عهد صدام حسين.
أما "الخلاف التكتيكي" بين الرئيس أوباما والمالكي فينبع من كون الامريكيين يريدون تحركاً عربياً ودولياً وتغيير النظام في اقرب وقت وتخسر ايران أهم حليف لها في المنطقة. ولكن المالكي لا يريد هذا التغيير السريع لانه غير مضمون النتائج، ويعتبر ان نتيجة التغييرات ستكون نظاماً غير معروف الهوية، وربما يكون محكوماً بالاخوان والسلفيين على طريقة مصر وملهما للسنّة العراقيين وقد يتسبب بمشاكل اضافية سياسية وأمنية للحكومة العراقية على الحدود مع سوريا. ولا يرى المالكي اي مبرر لذلك مباشرة بعد خروج الأمريكيين من العراق.
أما ما يطرحه المالكي ولا يوافق عليه الأمريكيون فهو تأهيل الرئيس السوري بشار الاسد والاستغناء عن تغيير النظام. فالأمريكيون وصلوا منذ اشهر الى قناعة ان على الرئيس السوري التنحي عن السلطة وإفساح المجال امام اصلاحات وانتقال سلمي الى "ديموقراطية سورية".
الأسد لا يحكم
وهناك خلاف آخر بين العراقيين والامريكيين بشأن الأسد يعود الى ان ادارة اوباما اصبحت تعتبر الاسد خسر القيادة التي تمتع بها لعشر سنوات، ومع بداية الاحداث أصبح معزولاً عن الواقع الامني والسياسي في البلاد وهذا ما يدفعه أكثر الى مأزق مثلما حدث مع العقيد القذافي وحتى الرئيسين المصري حسني مبارك والتونسي زين العابدين بن علي عندما تأخّرا في فهم التحولات الميدانية والسياسية في بلادهم.
ويقول مصدر مطّلع في واشنطن أن الرئيس السوري أصبح معزولاً حتى في دمشق ولا يتصل بالقيادات الميدانية والعسكرية بل ان عدداً قليل جداً من اقرباء الرئيس مثل شقيقه ماهر وصهره آصف شوكت، يديرون الدولة والقوات الأمنية ويفرضون على الرئيس الخيارات السياسية والدبلوماسية.
وما أثار الانتباه العام الى هذا الواقع بالاضافة الى المعلومات الاستخباراية والدبلوماسية، هو طريقة تعاطي الرئيس السوري مع الاسئلة في مقابلة مع بربارة وولترز من شبكة "اي بي سي" الأمريكية، حيث نفى ان يكون اعطى اوامر باطلاق النار على المتظاهرين، وقال انه من الغباء فعل ذلك، فهذا الجواب بدا وكأنه تنصّل من المسؤولية، ولكنه يعني ايضاً ان الرجل فقد ناصية القيادة، ولا يدري ما يجري حوله.