المقاطعة تتزايد ضد الأسد ...ودول "الميركسور" ليست حلا ?ui=2&ik=768a77f578&view=att&th=1340940318d1a9e0&attid=0

سعود القصيبي*

فيما يستمر نظام الأسد باتباع سياسة القمع والبطش والقتل ليجر سورية إلى حرب أهلية, تتزايد الإدانة الدولية والعقوبات المالية كسياط للضغط على الأسد لقبول إرسال بعثة مراقبين لحماية المدنيين ثم دفعه للتنحي والانتقال السلم للسلطة. يأتي التوجه الدولي لحل الأزمة السورية بعدعدم اكتراث نظام الأسد بالنداءات الدولية لوقف مسلسل العنف بتبني عقوبات مالية واسعة متنوعة بدءا من جامعة الدول العربية مرورا بدول الاتحاد الأوروبي وتركيا والولايات المتحدة. وتستهدف العقوبات الأخيرة الحد من قدرة نظام الأسد على امتلاك السيولة المالية وكذا الاستيراد والتصدير فيما عدا السلع الستراتيجية مع تجميد أموال النظام وأعوانه.
وتتزايد الإدانة الدولية لنظام الأسد يوماً بعد يوم حيث دانت لجنة حقوق الإنسان في الجمعية العامة للأمم المتحدة حملة القمع والانتهاكات المستمرة. كما ذكرت لجنة تابعة للأمم المتحدة لتقصي الحقائق في تقرير لها أن قوات الجيش والأمن السورية ارتكبت جرائم بحق الإنسانية من بينها القتل والتعذيب والاغتصاب, وحملت حكومة الرئيس بشار الاسد المسؤولية عن تلك الجرائم, كما دعت مؤخرا منظمة العفو الدولية مجلس الأمن في الأمم المتحده لجهة فرض عقوبات على نظام الأسد وإحالة الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية. كذلك ندد مجلس الأمن الدولي "بشدة" الهجمات على السفارات في دمشق وطلب من النظام حماية البعثات الديبلوماسية والأفراد العاملين فيها.
وسط تلك الاجواء السياسية كان لابد من الترجمة الفعلية للعامل الاقتصادي حالما استمرت مكينة العنف والقتل,وقاد الامر الاتحاد الاوروبي للمزيد, فجاءت الحزمة الأخيرة من العقوبات المالية لتشمل حظر المعاملات المالية وشراء السندات السورية, ومنع البنوك السورية من فتح فروع جديدة لها في دول الإتحاد الأوروبي أول الدخول معها في شراكة, وحظر إصدار أي وثائق تأمينية, باستثناء التأمين على الصحة للسوريين. وتزامنت تلك الحزمة الاوروبية مع ما قررته جامعة الدول العربية من فرض حظر مالي شمل تجميد الأصول الحكومية السورية, ووقف التعامل مع المصرف المركزي السوري, وكذلك وقف المبادلات التجارية الحكومية باستثناء السلع الستراتيجية, بالإضافة إلى وقف التعاملات مع البنك التجاري العائد للحكومة السورية. وفي الاطار ذاته قررت تركيا بدورها تجميد كل التعاملات المالية الحكومية والأصول المالية لنظام الأسد, كما أضافت وزارة الخزانة الأميركية عددا من مصارف الحكومة السورية إلى لائحة المقاطعة.
وتشير القراءة الاولية لكل تلك العقوبات الى حدوث المزيد من النزيف والعجز المالي بسبب ارتفاع معدل الخلل في ميزان المدفوعات السوري لاسيما في مجال تمويل الواردات حيث سيعجز عن تغطيتها كما سيحرم من تسهيلات الموردين لجميع السلع القادمة من دول الاتحاد الاوروبي وتركيا والدول العربية, ويزيد الطين بلة امتناع البنوك التجارية وشركات التأمين عن تمويل وتغطية مخاطر شحن السلع التجارية. ثم ازدياد معدل التضخم وارتفاع تكلفة السلع المستوردة وفقدان العملة السورية للمزيد من قيمتها, وكذلك ايقاف الانفاق على المقاطعة النفطية.
وفي ردة فعل سورية عن العقوبات المالية, أشار وزير الاقتصاد السوري لوكالات الأنباء أن النظام يعتزم تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الدول الآسيوية والافريقية كبديل للتغلب على أثر العقوبات. كما ذكر أن هناك خيارات اخرى من ضمنها التعاون مع مجموعة دول الميركسور(كتلة أميركا اللاتينية) وكذلك دول الاتحاد الجمركي الذي يضم كلا من روسيا وروسيا البيضاء وكازاخستان والدول الافريقية وعددا لا بأس به من دول جنوب شرق آسيا, وكذلك الاعتماد على دول الجوار كالعراق ولبنان لتأمين احتياجاته.ويبقى ان نشير الى ان كل تلك المحاولات لن تجدي نفعا ولن تعوض خسائر المقاطعة سواء من الجامعة او الاتحاد الاوروبي.
ويبقى امام من يشكك في مدى نجاح العقوبات المالية على حكومة الأسد طامحا في حلول بديلة, ان نذكره من التاريخ القريب ان استخدام تلك السياسة التي تستهدف الحد من الموارد نجحت في انهيار الاتحاد السوفيتي لكن من دون إراقة للدماء, وجاء انتقال السلطة بشكل سلمي بعد مظاهرات شهدتها ساحات العاصمة موسكو. ومما لا شك فيه أن الجيش الروسي كان له دور كبير في نجاح المعارضة وحماية المعتصمين والمتظاهرين من بطش النظام, وهو ما يعني ان سقوط النظام السوري وارد حيث تلعب عمليات القمع دورا مؤثرا في سرعة زيادة التداعيات الاقتصادية .
في ظل هذه العقوبات المالية يقف جيش سورية الحر أمام مفصل تاريخي وموعد مع القدر لحماية المتظاهرين, كما ان المزيد من حالات الانشقاق وتزايد قوة العتاد يعني التعجيل بسقوط النظام بالعبور على جسر المقاطعة الاقتصادية التي ستجفف موارد النظام وستحول من دون سيطرته على مجريات الامور في البلاد, ومع تلك التداعيات تقف الأمم المتحدة ومجلس أمنها أمام مصداقية ميثاقها في دورها العالمي للإدانة الفاعلة وإحالة الملف السوري إلى المحكمة الدولية في لاهاي, ويتبقى للمجتمع الدولي البداية بإقامة منطقة عازلة لحماية المدنيين.


* كاتب سعودي