إحدى صور ماني من الجبهة بسوريا (غارديان) |
لا يكشف المصور الصحفي الفرنسي هويته خوفا على حياته بعد أن قضى شهرا في حمص والرستن والمناطق الريفية القريبة منهما التي تشهد أعنف المواجهات بين المحتجين السوريين وقوات الأمن، وقد تمكن بذلك من أخذ صور معبرة للقمع الدامي الذي يحاول النظام السوري حجبه عن أعين العالم.
إنها صور نادرة من خط المواجهة الأكثر خطورة في الربيع العربي، استطاع ماني (اسمه المستعار) أن يظهر من خلالها مقاتلين من الجيش السوري الحر، ومظاهرات ليلية، وجنازات لبعض الضحايا، ناهيك عن صور تعكس غضب وتحدي السوريين العاديين لنظامهم الذي يسومهم سوء العذاب.
لقد تعلم كيف يتجنب المخاطر الروتينية للقناصة وقذائف الدبابات، واتخذ تدابير غير عادية لتفادي الوقوع في أيدي قوات النظام السوري.
يقول ماني إن الوضع كان متوترا بما فيه الكفاية عندما كنت في دمشق، لكن حمص مثلت قصة أخرى أكثر خطورة.
ويضيف "الوصول إلى هذه المناطق معقد للغاية، ولم أكن لأتمكن من الوصول إلى هناك لولا مساعدة الناس لي ولم أكن لأتمكن من تفادي الاعتقال لولا مساعدتهم".
وحسب قوله فإنه لم يمكث أكثر من ليلة واحدة في أي مكان، أما عندما يأخذ الصور فإنه كان يستخدم كوفية لتغطية وجهه كي لا يصوره المخبرون، وكان يعمل دوما مع أحد معروف في المنطقة كي يحظى بثقة أهلها وكي لا يتهم بأنه يعمل لصالح قوات الأمن.
ويمضي ماني فيقول "في صباح أحد الأيام أيقظني أحدهم وقال لي تعال لترى جثة شخص رموا بها أمام المسجد بحي البياضة ليلة البارحة، لقد كانت لرجل اختفى قبل ذلك بيوم، ويقول الناس إن الشبيحة اعتقلوه وعذبوه".
ويعترف ماني بأن الأمر كان مرعبا في بعض الأحيان، حين يقول "رأيت عددا كبيرا من المدنيين الذين قتلوا بالرصاص لمجرد أنهم كانوا يعبرون الشارع، ويقضون بعض حوائجهم، أو لأن مظاهرة كانت على بعد 300 متر من منزلهم، الخطر قائم في كل الأوقات، وهم يطلقون النار كل يوم".
ومن المثير للدهشة أن هذه هي المرة الأولى التي يغطي فيها أحداثا في منطقة حرب، غير أنه يقول إن معرفته باللغة العربية وعاميتها كانت حيوية في الامتزاج بالجمهور وتجنب التعرض للانتقاء من قبل الشرطة السرية، ويدرك نشطاء المعارضة الذين كان يتحرك معهم أنهم سيتعرضون -لو قبض عليهم- للتعذيب حتى الموت.
وكان ماني قد سافر على حسابه الخاص، إلى سوريا من دون تكليف، واتصلت به صحيفة لوموند الفرنسية حينما كان هناك وتظهر صوره في مجلة باري ماتش الفرنسية، وكذلك الغارديان، فضلا عن صحيفة لوموند.
من أسوأ الأمور التي قال ماني إنه شاهدها هي أن الجرحى يجب أن يعالجوا في أماكن سرية، أما السمتان البارزتان في صوره فهما الموت والدمار، لكنها تظهر كذلك أدلة على وحدة وطنية شعبية في مواجهة الانقسامات المريرة للسياسيين ورجال الدين.
ويختم ماني حديثة قائلا "الناس الذين التقيتهم كانوا مصممين جدا، وكانت لديهم شجاعة لا توصف، وكنت أشعر أن العديد من جيرانهم المدنيين يدعمونهم، وهم يعرفون لماذا يقاتلون، وبالطبع هم يواجهون الدبابات والعربات المدرعة وليس لديهم هذا النوع من الأسلحة، ومع ذلك فبالقذائف الصاروخية التي لديهم يلحقون ضررا بالغا بقوات الأمن، وهذا ما شاهدته بالفعل".
الغارديان