الأسد يلفظ أنفاسه الأخيرة
على وقع انهيار اقتصاده
بينما تحذر الولايات المتحدة من تحول المظاهرات السلمية المعارضة لحكم الأسد في سوريا إلى ثورة مسلحة , دعت في الوقت ذاته إلى إرسال مراقبين من قبل جامعة الدول العربية, وبالتوازي يجتمع وزراء الخارجية العرب ليعلنوا خيبة أملهم من نظام الأسد الذي وأد مبادرتهم في مهدها, بعدما هدمت المدافع والرشاشات والدبابات الأسدية حمص وحماة بقذائفها مذيلة بتوقيع حكومة الاسد حول موافقتها لقرار جامعة الدول العربية , وبالتوازي مع ذلك وصلت أعداد المنضمين لصفوف الجيش الحر إلى ما يزيد عن عشرين ألفاً للذود عن الشعب السوري الأعزل. واقتصاديا يحرص الكثير من أصحاب رؤوس الأموال من الموالين للنظام على إخراج أموالهم خشية المجهول, في الوقت الذي تعتزم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اطلاق حزمة جديدة من العقوبات الاقتصادية التي قد تطال أشخاصاً إضافيين موالين للنظام.
وتشير الارقام الى بلوغ التداعيات شفير الخطر ,فبيانات الربع الثالث من خلال سوق سوريا المالي تشير إلى تراجع الودائع في المصارف السورية الخاصة بثمانية عشر في المئة بشكل عام في ظل تقارير أفادت عن هروب أكثر من عشرين مليار دولار من أموال النظام ومعاونيه عبر المصارف اللبنانية. كما ان هناك محاولات من البعض لنقل أموالهم إلى مصارف مشتركة خليجية- سورية والتي زادت ودائعها إلى أكثر من ثلاثين في المئة في الفترة الاخيرة. كما أن الحديث عن احتياطي الذهب السوري قد توقف في ظل اختفائه من خزائن المصرف المركزي في دلائل تشير إلى بيعه أو تهريبه لتمويل العمليات العسكرية والأمنية داخل البلاد. وقد أشارت بعض الأنباء إلى تحويل جزء من هذه الأموال المهربة إلى بعض الدول الإفريقية والعربية بأسماء أقرباء لأقطاب النظام لتفادي العقوبات الأميركية والأوروبية.
وبالنظر إلى قضية تهريب الأموال بشكل غير نظامي, فقد أشارت مصادر إعلامية الى أن الكثير من الأموال يجري تهريبها من سوريا عبر الحدود إلى لبنان بشكل يومي منذ بدء الأزمة في 15 من شهر مارس الماضي والتي قدرت مبالغها ما بين ثلاثة إلى خمسة مليارات دولار. وكنتيجة لهذه الضغوط فقد خسرت الليرة السورية نحو 18% من قيمتها مقابل الدولار في السوق السوداء منذ منتصف شهر مارس الماضي , الأمر الذي اضطر مصرف سورية المركزي إلى القيام بعمليات البيع المباشر لشركات الصرافة أملاً في الحفاظ على سعر الليرة كما وضع حداً أعلى للسحب اليومي, كما فرضت مؤخرا البنوك العاملة في سوريا رسوما مالية عند السحب من الأموال المودعة لتوقف سيل السحوبات من خزائنها. وفي الوقت ذاته زاد نشاط مكاتب الصرافة في لبنان بتعاملاتها بالليرة السورية إلى أربعة أضعاف.
ويرى النظام الأسدي أن بقاءه يعتمد على امل نشوب حرب أهلية ومن ثم تحول المعارضة السلمية إلى مسلحة ليشتت ويفرق الائتلاف الحالي العالمي ضده و ليوقف المزيد من العقوبات خصوصا الدول الأوروبية الشريك التجاري الأساسي لنظام الأسد حسب حجم الواردات والصادرات والمعاملات المالية . وليس بعيدا على النظام أن يفتعل أزمة داخلية من خلال سماحه بتهريب السلاح الخفيف من لبنان لتسليح الموالين له لاسيما من الطائفة العلوية ليقال بأن هناك حربا أهلية ليأتي بعدها النظام محاولا فرض الأمن في البلاد في محاولة يائسة منه لوقف العقوبات الدولية التي فرضت عليه ومانعاً احالة الملف السوري لمجلس الأمن من قبل جامعة الدول العربية, على الرغم من منح البعض منهم ملاذا أخيرا للأسد كإشارة في رغبة العديد من الدول العربية بضرورة الانتقال السلمي للسلطة من أجل حقن نزيف الدماء السورية و وقف القمع وانتهاكات حقوق الإنسان المستمرة. ورغم محاولات النظام المستمرة بتشكيل معارضة داخلية موالية للنظام لا تنادي بإسقاطه و إنما فقط تطالب بإصلاحات طفيفة غير مؤثرة, ولجوئه إلى التشكيك في المجلس الوطني المعارض المشكل من الداخل والخارج السوري بأساليب مختلفة, لكن الاتجاه على ما يبدو هو في الاعتراف بالمجلس قريبا من قبل العديد من الدول العربية والغربية, خاصة بعد أن مُنح النظام مهلته الأخيرة من قبل جامعة الدول العربية.
وفي ظل تعنت النظام ووحشيته في التعاطي مع شعبه بأسلوب أشبه بالمافيا من نظام دولة, لا يتبقى للخيارات الدولية والعربية بعد موافقة نظام الأسد على مبادرة الجامعة العربية ومن ثم تجاهلها, إلا فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية والمقاطعة الكاملة والتي سترغمه إما إلى الاستماع لمطالب المجتمع الدولي والعربي وحزم حقائبه أو أن يلفظ أنفاسه باستمرار ثورة الكرامة المتأججة والمحمية من قبل الجيش السوري الحر.
13/11/2011
بقلم سعود القصيبي
كاتب سعودي