سعود السمكه
يبدو ان الجامعة العربية تريد ان يصل عدد القتلى والجرحى والمعتقلين في سوريا من الشعب السوري إلى رقم قد حددته سلفاً، حتى يرف لها جفن من هول الممارسات القمعية التي تتمثل بالقتل والتعذيب والاعتقالات العشوائية التي يمارسها النظام في سوريا ومن ثم تتحرك!
إن الشعب السوري، الذي يواجه آلة الحرب بكل أنواع الأسلحة جواً وبراً وبحراً على يد نظامه الدكتاتوري، لا يريد من الجامعة العربية ان تجيش الجيوش وتزحف لمواجهة هذا النظام لحماية الأطفال والنساء والشيوخ من بطشه، بل يريد منها ان تقف الموقف المسؤول الذي يمليه عليها واجبها، كمؤسسة معنية بالشأن العربي أكثر من أي جهة دولية، هذا الموقف يتطلب منها أن تتحرك فوراً في اللحظة التي تنصل فيها النظام السوري، كعادته، من الاتفاق الذي تعهد من خلاله لوفد الجامعة، والذي يقضي بوقف العنف فوراً وسحب كل أشكال المظاهر المسلحة من الشوارع، أما ان تقف الجامعة، وهي تشهد اتفاقها مع النظام السوري وقد ضرب به عرض الحائط، وأخذ يضاعف من حملته في القتل والتعذيب والاعتقال، وهي مكتوفة الأيدي ليس هذا فحسب، بل تعطي النظام القمعي في سوريا فرصة أسبوع لكي يواصل حملته العسكرية ضد شعبه ولا تتحرك، فإن هذا ليس له تفسير سوى انه شهادة زور لمصلحة النظام، أمام الرأي العام والمجتمع الدولي، الذي يريد من الجامعة ان تكون له غطاء سياسيا لا أكثر، حتى يستطيع من خلاله ان يتدخل لحماية الشعب السوري وإنقاذه من حملة القتل التي يمارسها نظامه عليه حتى لا يتهم، أي المجتمع الدولي، بأنه ملكي أكثر من الملك!
ان موقف الجامعة العربية، الذي حدد فترة أسبوع حتى يجتمع مجلسها على مستوى وزراء الخارجية في الوقت الذي ترى فيه نزيف الدم بفعل القتل الذي يمارسه النظام السوري بوحشية، يذكرني بتلك المهلة التي طلبها صدام حسين، وهي فترة ثلاثة أسابيع حتى يسحب جيوشه من الكويت أثناء فترة الاحتلال! وقتها لو استجاب له المجتمع الدولي لما أبقى في الكويت لا شجراً ولا حجراً، إلا أن المجتمع الدولي فطن فوراً للعبته ورد عليه بان عليك ان تسحب جيوشك خلال فترة أربع وعشرين ساعة والا ستواجه عواقب وخيمة، وفعلاً هذا الذي حصل ومنها نجت الكويت من خطة تدميره.
اليوم يحدث العكس، حيث الجامعة العربية المعنية مباشرة بتأمين الأمن للشعب العربي نراها تمنح الجلاد فترة أسبوع لكي ينهي مهمته في القتل! ويا جامعة ضحكت من جهلك الأمم!
نقلا عن "القبس" الكويتية