بسم الله الرحمن الرحيم

خطورة الانفتاح على ثقافات الشرق و الغرب، قبل التسلح بأصول العروبة.

الثقافة السابقة إلى الذهن هي الغالبة بحكم تعصب المتعلم لها، و في أحسن الأحوال تكون الثقافة التالية تجيد الرفض و النقد.

.-.-.-.-.-.-..-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-..-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-. .-.-.-.-.-.-..-.-.-.-.-.-.

الفصلان الأول و الثاني من مقولة الكيف لأرسطو ترجمة الشارح إبن رشد .... ((قال: و أسمى الكيفيات الهيئات (:تعينات، :تحولات) التي بها يجاب في الأشخاص كيف هي، و هذه الكيفيات تقال على أجناس أول مختلفة.

فأحدها (الأجناس الأول) الجنس من الكيفية التي تسمى ملكة و حالا، و الملكة تخالف الحال في أن الملكة تقال من هذا الجنس على ما هو أبقى و أطول زمانا، و الحال على ما هو وشيك الزوال، و مثال ذلك العلوم و الفضائل، فإن العلم بالشيء إذا حصل صناعة كان من الأشياء التابتة العسيرة الزوال، و ذلك ما لم يطرأ على الإنسان تغيير فادح من مرض أو غير ذلك من الإشتغال بالأمور الطارئة التي تكون سببا مع طول الزمان لذهول الإنسان عن العلم و نسيانه،

فأما الحال فإنها تقال من هذا الجنس على الاشياء السريعة الحركة السهلة التغير، مثل الصحة و المرض، و الحرارة و البرودة التي هي أسباب الصحة و المرض، فإن الصحيح يعود بسرعة مريضا و المريض صحيحا ما لم تتمكن هذه فيعسر زوالها، فإنه إذا كان الأمر كذلك، كان للإنسان أن يسميها ملكة.

قال: و من البين ان اسم الملكة إنما يدل به اللسان اليوناني على الأشياء التي هي أطول زمانا في الثبوت و أعسر حركة، فإنهم لا يقولون فيمن كان غير متمسك بالعلم تمسكا يعتد به أن له ملكة، على أن من كان بهذه الصفة فله حال في العلم، إما شريفة و إما خسيسة، و الملكات هي أيضا بجهة من الحهات حالات و ليست الحالات ملكات. و أيضا فإن الملكات إنما هي أولا حالات ثم تصير بآخرتها ملكات و هذا الجنس كما قيل هو الهيئات الموجودة في النفس و في المتنفس من جهة ما هو متنفس.

الفصل الثالث.... (( قال و جنس ثان (من الأجناس الأول) من الكيفية، و هو الذي به تقول في الشيء إن له قوة طبيعية أو لا قوة طبيعية له، -- مثل قولنا مصحح و ممراض، و ذلك أنه ليس يقال في الشيء إنه مصحح أو ممراض أو ما أشبه ذلك من قبل أن له حالا ما في النفس أو في المتنفس بما هو متنفس، بل من قبل ما له قوة طبيعية أو لا قوة طبيعية – أعنى بلا قوة طبيعية أن يفعل بعسر و ينفعل بسهولة، و أعني بقوة طبيعية أن يفعل بسهولة و لا ينفعل إلا بعسر، مثال ذلك أنه يقال مصحح من قبل أن له قوة على أن لا ينفعل عن الأمراض و الآفات، و نقول محاضر و مصارع من جهة أن له قوة يفعل بها بسهولة و ينفعل بعسر، و نقول ممراض من قبل أن لا قوة له طبيعية على أن لا ينفعل عن الأمراض، و كذلك الأمر في الصلب و اللين، فإنه يقال صلب من جهة أن له قوة على أن لا ينفعل بسهولة و يقال لين من قبل أنه لا قوة له على أن لا ينفعل بسهولة.))

..................... تعقيــــــــــــــــــــــب على الفصل الثاني ..........................

... تفاهة منطق أرسطو،، بالمقارنة مع غنى المنطق الأهلي الشريف ...

1. الهيئات الموجودة في النفس

: "فأما الحال فإنها تقال من هذا الجنس على الاشياء السريعة الحركة السهلة التغير، مثل الصحة و المرض،"

2. : "الملكة تقال من هذا الجنس على ما هو أبقى و أطول زمانا، و الحال على ما هو وشيك الزوال، و مثال ذلك العلوم و الفضائل."

المفارقة هي أن الحكيم أرسطو أحصى أطوارا ثلاثة في أسلوب الخطابة اقترح لها الأسماء التالية و هي الكلام العادي النمطي ثم التعبيري ثم الغنائي، و كانت لتكون مثالا مناسبا لجعل بحثه في الحال و الملكة أجدى من الناحية المنطقية، و يؤسس لنظرية في الكسب الأختياري، بدلا من الصحة و المرض و هما أحوال قدرية لا حرية اختيار للإنسان فيهما.

قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: "ما نزلت آية من القرآن إلا و لها ظهر و بطن، و حرف، و لكل حرف حد، و لكل حد مطلع"
من المواقف: "المطلع غاية كل ظاهر أو باطن"


أي أن أطوار الكسب الثلاثة هي حرف (اتصاف) ثم حد (حال) ثم مطلع (ملكة أو مقام).

و بــإعطاءه الصحة و المرض مثالا وحيدا على الحال، و هما كذلك لا شك، يهلهل المنطق و يجعله تافها غير مجدي في تزويد المرء بفكرة عامة عن تطور العمل الإختياري أي تجربة اكتساب الممارسة النظرية أو العملية. كما فعل الرسول صلى الله عليه و آله و سلم، بشرحه في الحديث المتقدم تقلبات أطوار فهم الآية من القرآن الكريم.

و جدير بالذكر أن الحكيم إبن سينا لاحظ القصور المنطقي في صيرورة أرسطو فقدم طور الصفة على الطورين حال و ملكة.

و لم يفرق أرسطو بين العلوم و الفضائل، من جهة الإستمرار أو الزوال، قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه و رضي عنه: "الأخلاق أصعب شيء اكتسابا و أسهل شيء خسارة"، و حسب هذا الحديث يكون اعتبار الأخلاق من الحال أصوب من اعتبارها من الملكة.

و لم يشترط أرسطو في ملكة العلوم سوى العهد، أي استمرار الإشتغال بها، رغم أن مجرد استمرار التعلم ربما أنتج رجلا موسوعيا مختلا، قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه و رضي عنه: "إذا زاد علم الرجل على عقله كان وبالا عليه، مثل الراعي الضعيف و الغنم الكثير".

حث رسول الله صلى الله عليه و سلم على إطالة صحبة القرآن بالحديث: "ليس منا من لم يتغن بالقرآن"، و المغنى هو المسكن و هو أكثر شيء يطيل الإنسان استصحابه، قال المتنبى: "مغاني (بيوت) الشعب طيبا في المغاني.... بمنزلة الربيع من الزمان"، لكن أيضا قال الأمير عليه السلام: "لا خير في قراءة لا تدبر فيها"، و الممارسة النظرية تشبه الممارسة العملية، فكما أن النجار مع مرور الأوقات يزداد معرفة بمادة الخشب، و تتنوع ملكيته من الرأسمال الآلي، و يزداد مهارة في استعمال الآلات و الأدوات و الأجهزة المؤلفة لرأسماله الآلي، و يزداد سعة خيال في تصور قطع الأثاث التي ينتجها و يزداد وضوح رؤية تجارية في استثماره، بالمثل المشتغل في العلم إذا أهمل عقله و نطقه تسطلت نفسه و استغلت العلم في تبرير رذائلها، فيصير العلم ف هذا الوضع شر ما يكتسب، و الجهل خير منه، كالسلاح في يد المجاهد هو خير، و في يد المجرم فقدانه خير من وجدانه.



... خلط أرسطو بين الأعراض،، بين عرض الحال المتعين في الموضوع و بين عرض الأثر المسند إليه...

يذكر أسطو الفضائل و العلوم تحت عنوان الحال و الملكة، و في هذا ضعف تمييز و خلط واضح، الفضيلة هيئة قارة في النفس أو حال متعين فيها مثل الحزم و مقابله الشجاعة و الإقتصاد و مقابله السماحة، لكن العلم أثر يحدث في أفق النفس مثله مثل المال المحدث في أفق البدن أي المكان و مثل الصور في أفق العين، الخ. أي العلم متعلق بمقولة الملكية و ليس مقولة الكيف.

قال أرسطو: "العرض العام من الموجودات ما يحمل على موضوع و هو أيضا في موضوع- أي يحمل على شيئين يعرف من أحدهما ماهيته و لا يعرف من الآخر ماهيته، من جهة أنه جزء جوهر من الذي يعرف ماهيته و ليس بجزء جوهر من الذي لا يعرف ماهيته، بل قوامه بالموضوع. و هذا هو العرض العالم- مثل حملنا العلم على النفس و على الكتابة، فإنا نقول إن الكتابة علم، و العلم في النفس. فإذا حملناه على الكتابة عرف جوهرها، إذ كان جنسا لما يليق أن يعطى في جواب ما هي الكتابة. و إذا حمل على النفس فقيل في النفس علم، عرف شيئا خارجا عن ذاتها."

قال تعالى : "سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ # أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَاء رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌ".

و أيضا لم يحسن إبن رشد ترجمة كلام أرسطو في العرض العام، يوجد في العربية كلمة و احدة من جنس المشترك تعني الحال و المال معا و هي كلمة شعر، و التي تغني عن استعمال علم و كتابة المتلبستين، يوجد في النفس شعور لكن العلم أفكار في أفق العقل أو النفس الناطقة القدسية، و الكتابة خطوط في أفاق العين و اليد.

لكن كلمة شعر تفيد معنى العلم و تفيد أيضا معنى الشعور.

... الهدر محتمل في الحال و الملكة، ليس بالضرورة أن ينتج عنهما آثار في الآفاق...

ليس دائما يستثمر الإنسان حال الإنتعاش المتعين أي تهيؤه للإنجاز البديع في إنتاج أثر ممتع، ما يعني أن العرض العام يحتمل فيه أن يكون وحيد الطبقة، مجرد حال في النفس، " العرض العام من الموجودات ما يحمل على موضوع و هو أيضا في موضوع"

أي يكون حدث "في موضوع"، لكن غير مصحوب بما "يحمل على موضوع"،

التناقض بين اعتبار الصورة جوهرا في مقولة الجوهر، و اعتبارها عرضا محمول على موضوع، في تعريفه العرض العام، و هو في تعريفه الجوهر ينص على أنه الموجود لا في موضوع و لا مسند إليه، و المال و العلم و الصورة جميعا مسندة إلى جوهر ما، العلم مسند إلى النفس الناطقة أو العقل، و الصورة مسندة إلى الحس بصر أو سمع حسب جنس الصورة و مادتها، و المال مسند إلى الجسم.

...تعينات الحال و الملكة فرصة، للتأسيس أو التجديد أو التأصيل حسي ظرف التعين...

يصير التعينات أو التهيئات النفسية في سرد ثلاثي ثابت الشكل، سلب فإيجاب فاعتدال، والسرد لا بد مؤطر في ظرف ما من الظروف الثلاثة، مكان جوهر ما أو زمانه أو عينه. و الجواهر إما الشيء كله مثل الروح أو العقل أو نفس كلية أو جزئية، أو واحدة من قوى النفس الخمسة.

1. السرد المكاني يمكن استثماره في تأسيس علم أو فن أو مشروع مادي، و شكله تقهقر (:انقباض، انكماش) فتوسع (:انبساط، تمدد)، فتوطن (:تمكن)

2. السرد الزماني يمكن استثماره في تجديد ما سبق تكوينه في ظرف المكان، بقصد تكييفه للوقت الراهن، و شكله رجعية (: سلفية) ثم حال تقدمية (:مستقبلية)، ثم ملكة تحضر (:حداثة، عصرية)

3. السرد المطلق أي المتحرر من قيود المكان و الزمان و المظروف فقط في حقيقة شيء من مؤلفات الإنسان أو مظروف بجملة معدن الإنسان،،، يمكن استثماره في انتاج أثر أصيل، أو تأصيل الزيغ الذي يشوب التراث بسبب مضاعفات الاجتهاد، أو بسبب الوضع و الدس جوهر التراث أو المرويات عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم، و عن آله عليهم السلام من قبل اليهود و المجوس.


..................................تعقيب على الفصل الثالث.................

3. : "أعنى بلا قوة طبيعية أن يفعل بعسر و ينفعل بسهولة، و أعني بقوة طبيعية أن يفعل بسهولة و لا ينفعل إلا بعسر، مثال ذلك أنه يقال مصحح من قبل أن له قوة على أن لا ينفعل عن الأمراض و الآفات."

4. : "و كذلك الأمر في الصلب و اللين، فإنه يقال صلب من جهة أن له قوة على أن لا ينفعل بسهولة و يقال لين من قبل أنه لا قوة له على أن لا ينفعل بسهولة."

فضيلة أرسطو هنا هو مجيء رأيه في المرض موافقا للمنطق الأهلي الشريف، قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم نافيا خمس خرافات كان يعتقدها عرب الجاهلية: "لا عدوى و لا هامة و و لا طيرة و لا صفر"، و رد على الأعرابي الذي كان يعتقد ما يعتقده أطباء اليوم من أن بعض الأمراض معدية، إن البعير يصيبه الجرب فيعدي غيره، : "فمن أعدى الأول".

التعبير بقوة ضعيفة و شديدة و عادية هو أصوب، إذ لا عروق منعوت صفتها بأن لها قوة، و عروق معيبة صفتها بأن لا قوة لها أي يشينها الخرق، بل تتوزع العروق باعتبار القوة على مدرج تحكمي مثلث الحدود على الأقل، إلى شديدة و عادية و ضعيفة، و العادية هي أكثرية العروق التي قوتها متوسطة بين بين.

و تعريف القوة الطبيعية بسهولة الفعل و صعوبة الإنفعال، ليس صائبا، قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه و رضي عنه: "أهون غاية رضا الله تعالى"، أي إن سهولة الاستجابة أو الإنفعال هو من فصل القوة أيضا.

و مشكلة أرسطو هنا أنه لا يميز بين الحركة أو الإستجابة و التي هي الفعل المطاوع و بين الانفعال الذي هو اضطراب و اختلال لا إرادي، و المرض اختلال و يمكن القول أنه انفعال، لكنه ليس حركة كائن حر التصرف تصف فعلا مبادرا، أي ليست فعل استجابة و مطاوعة.

و هو يصف احتراق الورقة بأنها انفعال أي يقصد حركة مطاوعة للنار، بينما الحقيقة أن احتراق الوقة هو اختلال و عجز عن الحركة، و بالمثل تكلس الحجر من حرارة الشمس و تكسر الكوب الزجاحي عند صب الشاي الساخن فيه.

بينما يصدق الوصف حركة أو فعل مطاوع الدال على القوة الشديدة على تمدد الفلز و اشعاعه و انصهاره بفعل التسخين. أي إن القوة هو القدرة على الفعل أو الإنفعال (حركة) بسهولة، و الضعف هو صعوبة أو استحالة الفعل أو الإنفعال الواصف للفعل، أي الحركة.



... من يذهب إلى الحرب بغيرسلاح يستسلم لعدوه، و يشد في اتجاهه ضد نفسه...

الإجتهاد إبداع علمي، و هو نوع من النكاح، و النكاح العلمي هو اجتماع ثقافتين متماثلتين في أفق واحد مثل اجتماع علوم الدساتير و القوانين العلمانية و علوم الفقه و أصوله الإسلامية في رأس المسلم، و رغم كون المرء مسلما فإن لترتيب حضور الثقافات في آفاق عقل المتعلم و نطقه له التأثير الخطير على المحصلة، أو المولود الثقافي، فأيهما سبقت من الثقافتين سواء الأصولية الموروثة أو العلمانية الواردة تكون هي النازعة الغالبة بسبب أن تحيز المتعلم لها هو المؤكد.

أجاب رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يهوديا سأله عن سبب ذكورة الولد أو أنوثته بما معناه.. ’’’أيهما سبق ماءه الرجل أو المرأة طلع الولد له’’’

...................................

محمد إبن رجب الشافعي

الجيش اللبناني الفلسفي الثوري

الجمعة 21\10\2011 مــــــــــــ