أحمد حسون يسرق خطاب القاعدة  141332
ياسر أبو هلالة

لم ينم الأوروبيون ليلتين؛ ليلة شطبهم وليد المعلم من الخريطة، وليلة تصريحات مفتي الجمهورية أحمد حسون التي هدد فيها باستشهاديين سيضربون في حال القيام بعمل عدواني ضد سورية.
في النظام السوري لا تؤخذ الأمور هزلا، مع أن التصريحين من قبيل المضحك المبكي. فلا أحد في النظام الشمولي "يصرح على كيفه". كل شيء يعبر عن فكر القائد الأوحد الذي يُسجد له. وهو يوصل رسائل من خلال مسؤوليه أو من خلال وسائل إعلامه، وخصوصا الخاصة منها مثل "دنيا" والمواقع الإلكترونية، فهي ليست أكثر من فروع أمنية بمسميات إعلامية.
السؤال: لماذا يسرق المفتي الذي كان يقوم بجهود استشهادية في ترويج الإسلام المعتدل جدا أمام الغربيين خطاب "القاعدة" بنسخته العام 2002 متغافلا عن كون "القاعدة" تغيرت خطابا وأداء في غضون الربيع العربي؟
المفتي لا يفتينا لماذا تغيب "القاعدة" عن المشهد السوري رغم الانهيار الأمني الشامل. على بشاعة جرائم النظام، لم نشهد تفجيرا مروعا على غرار ما شهدته عواصم غربية وعربية خلال الشهور المنصرمة من عمر الثورة السورية؟ تلك المسيرات المؤيدة لبشار لماذا لا تفجر فيها كبسولة ألعاب نارية؟ في عمان فجرت "القاعدة" عرسا، وفي الصومال فجرت حفل تخرج في كلية الطب، هل هو النجاح الأمني الاستثنائي على مستوى العالم؟
يعرف المفتي أن "القاعدة" تغيرت والنظام السوري لم يتغير. في الخطاب الأخير لابن لادن، تبن للحراك السلمي باعتباره أداة التغيير الأمضى. وفي الممارسة تغيرت "القاعدة"، وهو ما يمكن رصده في الواقع، سواء في اليمن أم سورية وحتى العراق. في المقابل لم يتخل النظام السوري عن سيرته الدموية حتى في اغتيال ابن المفتي، فالنظام قد يكون اغتاله أصالة أو وكالة.
السلطة تريد أن تقول للمفتي الذي أظهر تعاطفا علنيا مع أهل درعا في بداية الثورة أن لا مجال للعب معنا، ستخسر كل عائلتك؛ أو أنه حرك إحدى المجموعات المخترقة، وما أكثرها! لتشويه الثورة وتأليب المفتي عليها. في الحالين أذعن المفتي وتقمص شخصية الجلاد ونطق بلسانه.
الطريف في شخصية المفتي الغارق بـ"السلمية" والاعتدال لدرجة مسفة، أنه اشترط حصول العدوان قبل العمليات الاستشهادية. وشطب من ذاكرة الشعب السوري أن الأحكام العرفية فرضت بسبب العدوان القائم في الجولان، فلماذا لم يتحرك الاستشهاديون خلال العقود الأربعة المنصرمة؟
العدوان هو تدخل المجتمع الدولي لحماية الشعب السوري، أما وجود مليون نازح مشرد من الجولان فهذا ليس عدوانا. في أميركا وأوروبا لو تحرك المليون نازح باتجاه قراهم المحتلة لن يعتبروا إرهابيين. حتى لو قاتلوا المحتل الإسرائيلي لا يعتبرون إرهابيين. ولماذا يذهبون لأوروبا وقراهم على مرمى حجر؟
عندما اغتالت إسرائيل المستشار العسكري لبشار الأسد اللواء محمد سليمان، واغتالت عماد مغنية وقصفت المشروع النووي في دير الزور، ألم تكن معتدية وتستحق أن يرسل لها استشهاديون؟ من أربعة عقود والشعب السوري بانتظار الرد بالتوقيت المناسب. وبحسب ماركس يعيد التاريخ نفسه مرتين، مرة على شكل مأساة ومرة على شكل ملهاة، والتهديدات التي أطلقها المفتي لم نسمعها أول مرة.. هذه المرة ملهاة.
yaser.hilala@alghad.jo[u]
المصدر
جريدة الغد