15 تشرين الأول 2011
الفتى الذي هَزّ دمشق
إن يكن الفتى إبراهيم هَزّ اليومَ دمشقَ وأجّج ثورتَها فقد هَزّ سوريا كلها من قبلُ فتيةٌ من درعا وفجّروا فيها الثورة، وها هم الفتيان صاروا منذ شهر أكثرَ ثوّار سوريا ثورةً وأصبرَهم عليها؛ فبارك الله في بلادٍ أوقد شعلةَ ثورتها فتيانُها وقاد إلى طريق الحرية صغارُها كبارَها، بلاد يستوي فيها في التضحية وبذل الدم الزكيّ كبارُها والصغار.
وقاتل الله وقتل الله مجرماً لا يميّز رصاصُه بين كبير وصغير. يا أيها المجرمون، يا أنصاف الرجال، بل يا أشباه الرجال، أخاطبكم لو كنتم تفقهون: لو كنتم رجالاً حقاً فواجهوا الرجال لا تواجهوا الأطفال. لو كنتم تملكون الرجولة -يا عديمي الرجولة- فواجهونا مواجهة الند للند على الأرض، لا مواجهة الجبان يرمي بالنار من وراء الجدار. أمَا إنكم لن تفعلوا ولو أردتم، فإنكم ضللتم رجولتكم منذ الزمن الطويل فلن تهتدوا إلى ضالّتكم أبداً، يا ويح مَن فَقَد الضمير من سوء المصير!
أما أنتم يا أحرار دمشق، يا من زلزلَت جموعُكم اليومَ الأرضَ وهزّت هتافاتكم أجواء السماء: أكملوا المشوار ولا تمنحوا النظام إجازة بعد اليوم. لا تعودوا إلى بيوتكم، اثبتوا في الشوارع منذ اليوم، بل ليخرج إلى المظاهرات غداً من لم يشارك فيها هذا اليوم… لا بقاء في البيوت بعد اليوم ولا اعتصام بالسكوت بعد اليوم.
يا أحرار دمشق: اهزموا في قلوبكم الأحزان وأوقدوا نيران الغضب. لا تنتظروا شهيداً كل يوم لتخرجوا إلى الشوارع كل يوم، لا تتراجعوا عن ثورتكم منذ اليوم، لا تعودوا إلى النوم بعد اليوم… لا دموع بعد اليوم ولا رجوع بعد اليوم.
اقلبوا دمشق فوق رؤوس الطغاة يا أبطال الشام؛ لقد صبرتم حتى مل من صبركم الصبر، لقد صمتّم حتى ضجّ من صمتكم الصمت، فاصرخوا اليوم وعلّوا الصوت: إنْ كان الخيار بين عيش ذليل وموت كريم فمرحباً بالموت.
لن يذهب دمُ إبراهيم هدراً إن شاء الله. لقد علمتم أن شجرة الحرية تنمو بالدماء كما تنمو سائر الأشجار بالماء، سوف نستمر بالتضحية وبالفداء، ونسقي شجرة الحرية بالدماء حتى ترتفع هامتها باسقةً في عنان السماء.
لا، لم تشهد دمشق اليوم مأتماً، لا مأتَمَ لك يا إبراهيم ولن يقبل فيك التعازي أهلوك، إنما أنت شهيد -بإذن الله- وإنما جنازتك عرسٌ مَشهود. لا مآتم لشهدائنا في الشام، إنما هي أعراس. فاقبلوا مني التهنئات يا أهل إبراهيم في يوم عرسه، ولا تحزني يا أم إبراهيم؛ لقد سألَت من قبلك أمٌّ مكلومة بابنها نبيَّ الله عليه صلاة الله، قالت: يا رسول الله، قد علمتَ موقع حارثة من قلبي، فإن كان في الجنة صبرت، وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء. فهل سمعتِ ما قال لها؟ قال صلوات الله عليه: يا أم حارثة، إنها جِنان في الجنة، وإنّ ابنك أصاب الفردوس الأعلى.
لا تحزني يا أم إبراهيم، فاز إبراهيم -بإذن الله- بأعلى جنة في الجنان. لا تحزن يا أبا إبراهيم، إبراهيم حيّ -إن شاء الله- في معيّة الرحمن. لا تحزنوا على فراق إبراهيم يا أهل الميدان، لن يخلو بذهاب إبراهيم الميدان، كلكم إبراهيم منذ الآن.
بقلم مجاهد مأمون ديرانية
الفتى الذي هَزّ دمشق
إن يكن الفتى إبراهيم هَزّ اليومَ دمشقَ وأجّج ثورتَها فقد هَزّ سوريا كلها من قبلُ فتيةٌ من درعا وفجّروا فيها الثورة، وها هم الفتيان صاروا منذ شهر أكثرَ ثوّار سوريا ثورةً وأصبرَهم عليها؛ فبارك الله في بلادٍ أوقد شعلةَ ثورتها فتيانُها وقاد إلى طريق الحرية صغارُها كبارَها، بلاد يستوي فيها في التضحية وبذل الدم الزكيّ كبارُها والصغار.
وقاتل الله وقتل الله مجرماً لا يميّز رصاصُه بين كبير وصغير. يا أيها المجرمون، يا أنصاف الرجال، بل يا أشباه الرجال، أخاطبكم لو كنتم تفقهون: لو كنتم رجالاً حقاً فواجهوا الرجال لا تواجهوا الأطفال. لو كنتم تملكون الرجولة -يا عديمي الرجولة- فواجهونا مواجهة الند للند على الأرض، لا مواجهة الجبان يرمي بالنار من وراء الجدار. أمَا إنكم لن تفعلوا ولو أردتم، فإنكم ضللتم رجولتكم منذ الزمن الطويل فلن تهتدوا إلى ضالّتكم أبداً، يا ويح مَن فَقَد الضمير من سوء المصير!
أما أنتم يا أحرار دمشق، يا من زلزلَت جموعُكم اليومَ الأرضَ وهزّت هتافاتكم أجواء السماء: أكملوا المشوار ولا تمنحوا النظام إجازة بعد اليوم. لا تعودوا إلى بيوتكم، اثبتوا في الشوارع منذ اليوم، بل ليخرج إلى المظاهرات غداً من لم يشارك فيها هذا اليوم… لا بقاء في البيوت بعد اليوم ولا اعتصام بالسكوت بعد اليوم.
يا أحرار دمشق: اهزموا في قلوبكم الأحزان وأوقدوا نيران الغضب. لا تنتظروا شهيداً كل يوم لتخرجوا إلى الشوارع كل يوم، لا تتراجعوا عن ثورتكم منذ اليوم، لا تعودوا إلى النوم بعد اليوم… لا دموع بعد اليوم ولا رجوع بعد اليوم.
اقلبوا دمشق فوق رؤوس الطغاة يا أبطال الشام؛ لقد صبرتم حتى مل من صبركم الصبر، لقد صمتّم حتى ضجّ من صمتكم الصمت، فاصرخوا اليوم وعلّوا الصوت: إنْ كان الخيار بين عيش ذليل وموت كريم فمرحباً بالموت.
لن يذهب دمُ إبراهيم هدراً إن شاء الله. لقد علمتم أن شجرة الحرية تنمو بالدماء كما تنمو سائر الأشجار بالماء، سوف نستمر بالتضحية وبالفداء، ونسقي شجرة الحرية بالدماء حتى ترتفع هامتها باسقةً في عنان السماء.
لا، لم تشهد دمشق اليوم مأتماً، لا مأتَمَ لك يا إبراهيم ولن يقبل فيك التعازي أهلوك، إنما أنت شهيد -بإذن الله- وإنما جنازتك عرسٌ مَشهود. لا مآتم لشهدائنا في الشام، إنما هي أعراس. فاقبلوا مني التهنئات يا أهل إبراهيم في يوم عرسه، ولا تحزني يا أم إبراهيم؛ لقد سألَت من قبلك أمٌّ مكلومة بابنها نبيَّ الله عليه صلاة الله، قالت: يا رسول الله، قد علمتَ موقع حارثة من قلبي، فإن كان في الجنة صبرت، وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء. فهل سمعتِ ما قال لها؟ قال صلوات الله عليه: يا أم حارثة، إنها جِنان في الجنة، وإنّ ابنك أصاب الفردوس الأعلى.
لا تحزني يا أم إبراهيم، فاز إبراهيم -بإذن الله- بأعلى جنة في الجنان. لا تحزن يا أبا إبراهيم، إبراهيم حيّ -إن شاء الله- في معيّة الرحمن. لا تحزنوا على فراق إبراهيم يا أهل الميدان، لن يخلو بذهاب إبراهيم الميدان، كلكم إبراهيم منذ الآن.
بقلم مجاهد مأمون ديرانية