بسم الله الرحمن الرحيم
بعض العرب يرومون النهضة حديثا باجترار النواتج الثانوية للنهضة القديمة، مثل تمجيد إبن رشد المنبهر، و بعث ترجماته السلبية.
النهضة حاليا مستحيلة بغير بعث الثقافة الأصيلة للأمة، حيث يصحبها اسلوب جديد في معالجة الوارد من أمم الشرق و الغرب كنواتج ثانوية للنهضة الحديثة.
... من لا يميز بين الفكرة و الصور و المال يخلط بين المثال التام و الواقع المتنامي، و من لم يصنــّــف الخلق يخلط بين الجوهر و الكيف ...
)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ)ّ
منطق أرسطو شرح إبن رشد جزء من مقولة الكيف:--
((قال: و قد يقبل الكيف الأقل و الأكثر، فإنه يكون عادل أكثر من عادل و أبيض أشد من أبيض إذ موضوعات هذه الاشياء تقبل الأقل و الأكثر لكن ليس هذا في جميعها، بل في بعضها.
و مما لا شك فيه إذا اختلفت هذه الكيفيات مجردة عن موضوعتها هل تقبل الأكثر و الأقل، فإن قوما يمارون في هذا و يرون أنه ليست تكون عدالة أكثر من عدالة و لا صحة أكثر من صحة، و إنما الذي يمكن هو أن يكون عادل أكثر، و صحيح أكثر من صحيح و كذلك في سائر هذا الجنس الذي هو الحال.
و أما المثلث و المربع و سائر الأشكال فليس يقبلان الأكثر و الأقل، فإنه ليس مثلث أكثر من مثلث و لا مربع بأكثر من مربع، فإن ما دخل تحت حد المثلث فهو مثلث على حد سواء، و كذلك ما دخل تحت حد المربع و قبله فهو مربع على شرع سواء، و ما لم يدخل تحت حد الشيء فليس قابل بالمقايسة إليه.
فإنه ليس لأحد أن يقول المربع أكثر دائرة من المستطيل، و بالجملة إنما تصح المقايسة في الأشياء الداخلة تحت حد واحد، و إذا كان هذا هكذا فليس كل الكيفية يقبل الأكثر و الأقل، و لا شيء من هذه التي ذكرنا بخاصية حقيقية للكيفية.))
: ((و قال: و أما خاصتها الحقيقية التي لا تقال على غيرها فهي الشبيه و غير الشبيه.))
...................................................................................
المصادر الشرعية........
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:--
"الناس سواسية كأسنان المشط لي لعربي فضل على أعجمي إلا بالتقوى"
"الناس معادن كالذهب و الفضة، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا"
"ليس شيء يساوي ألف من مثله، إلا المؤمن"
المستفاد من هذه الأحاديث الشريفة، أن الناس متكافئون باعتبار الإنسانية، لكنهم متفاوتون حسب أكثر من إعتبار آخر طبيعي أو مكتسب.
قال تعالى: " وَ مِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَ إِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ"
و قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: "ما نزلت آية من القرآن إلا و لها ظهر و بطن، و حرف، و لك حرف حد، و لكل حد مطلع"
و قال أيضا عليه الصلاة و السلام: "ليس منّـا من لم يتغن بالقرآن".. التغن يتجاوز طور المقام (الملكة) إلى الرسوخ أي الإنفعال و الاستمتاع بصحبة القرآن.
و من المواقف: "المطلع غاية كل ظاهر أو باطن"
و الحرف و الحد و المطلع -كما يتبين مما تقدم- هي نظائر الحال، و الملكة التعبيرية ثم تغن أو غنائي.
و الحال و الحرف و الحد و المطلع كيفيات مكتسبة، لكن المعدنية موهوبة طبيعية و هي إما جوهرية أو كيفية.
{س،ث،ز،ذ، ص، ظ،}
.................................... التعقيب.....................................
....الفكرة تامة الحسن، و تحتاج لأكثر من صورة لاستيعابها، و المادة تشوه الصورة و هي تحاكيها بالتجسم....
بداهة لا يوجد عدالة أكثر من عدالة و لا صحة أكثر من صحة، ذلك أن العدالة و الصحة هما فكرتان، و الفكرة تكون مثالية تامة الحسن، و أيضا الصورة قريبة من منتهى الحسن لكنها ناقصة و يتطلب الأمر أكثر من صورة لإستيعاب الفكرة الواحدة، لكن الواقع هو الذي يشوه الفكرة و الصورة بسبب قصوره عن محاكاتهما.
مثلا فكرة صحة الوزن هي إحصاء العدد، لكن عند إحصاء ثمار بستان يستعمل التخمين، و عند شراء سلعة يستعمل الوزن و لا يوجد ميزان منصف، أو تام الصحة، أو الدقة مثلا عدد ذارت الذهب في الغرام يختلف من غرام لآخر مهما كان الميزان حساسا، أي الميزان يكون أصح وزنا من ميزان، لكن الصحة فكرة واضحة عدد ذرلت الذهب، و هو ما يستحيل الوصول إليه مهما ازدادت حساسية الميزان.
و بالمثل فكرة الشكل هي تامة الحسن، لكن لا يمكن رسم مثلث عام، أي يستوعب فكرة المثلث كلها دفعة واحدة، و هي "يتركب المثلث من ثلاثة أضلاع تتلاقى أطرافها مثنى مثنى"، ذلك أنه عند رسم المثلث لا بد أن يضيق عن الفكرة أي أن يكون حاد الزوايا أو منفرج الزاوية أو قائم الزاوية، و لا يمكن رسم مثلث عام ليس قائما و لا منفرج الزاوية و لا حاد الزوايا.
لا يوجد عدالة أكثر من عدالة، لأن العدالة فكرة، و الفكرة حدث نموذجي مثالي تام الحسن، لكن يوجد في الواقع عادل أكثر من عادل، بل حتى إن الأعدل من القضاة أو الحكام يبقى ناقصا مهما صلحت نفسه و استنار عقله، و يبقى بامكانه الإستزادة من العدالة، فيصير عادل أكثر و أكثر من سنة إلى سنة، و بالجملة يبقى الواقع ناقصا في الحسن و ربما مشوها للصورة الخيالية التي تفوقه حسنا، و الصورة بدورها تبقى دون الفكرة حسنا، وحدها الفكرة هي المثالية النموذجية تامة الحسن.
...الأبجدية العربية أنسب موضوع لتوضيح مسألة فيما تتساوي الأشياء و فيما تتفاوت....
: "و أما المثلث و المربع و سائر الأشكال فليس يقبلان الأكثر و الأقل، فإنه ليس مثلث أكثر من مثلث"
: "بالجملة إنما تصح المقايسة في الأشياء الداخلة تحت حد واحد، و إذا كان هذا هكذا فليس كل الكيفية يقبل الأكثر و الأقل"
يبدو واضحا أن الحكيم أرسطو في ورطة، فهو يقرر أنه: "بالجملة إنما تصح المقايسة في الأشياء الداخلة تحت حد واحد"، و لكنه لا يجري اللازم من التصنيف لإدراج الأشياء تحت حكم واحد، ليعرف فيما تتساوي و فيما تتفاوت، مثلا حتى يمكن أن يعرف الباحث فيما تتساوى المربعات و فيما تتفاوت، خاصة فيما تتساوى أو تتفاوت جوهريا أو كيفيا. لا بد من تصنيفها أولا، الفكرة تعين الجنس الأعلى، و الصورة تعين الجنس الضيق، و الأجناس الضيقة هي التي تتاوت جوهريا، بينما الأنواع هي التي تسمح بالحكم الكيفي على الأشياء و القول أنها تتساوى أو تتاوت كيفيا.
و لا يصح القول أن المربع أو الشكل الرباعي بتساوي أو تفاوت الأشكال الرباعية في مقولة الكيف عندما يكون التساوي أو التفاوت هو من المستوى الأول أي جوهري، كما لا يصح العكس بداهة، أي القول بتفاوت أو تساوي مطلق شكل في مقولة الجوهر عندما يكون التساوي أو التفاوت هو من المستوى الثانوي أي كيفي.
الأحرف {ز، ذ، س، ث} يجمعم جنس أعلى واحد، و على هذا الأساس تتساوى هذه الأحرف في القيمة، لكن الحرفان (ز، ذ) يجمعهما جنس ضيق، و بالمثل الحرفان (س، ث) يجمعهما جنس ضيق آخر، و الأجناس الضيقة بينها تفاوت و غير متساوية جوهريا، جنس (ز، ذ) هو الأفضل، جوهريا.
لكن حرف الزاي (ز) هو الأفضل كيفيا من حرف (ث).
و بالمثل يمكن الحكم الكيفي على أن حرف الدال (د) هو الأشد قوة طبيعية من الحرف (ت)، هـــــــــــــذا في الإحداثي الأول الدوائري الروحي.
و الأحكام الكيفية أي ماهو شديد القوة الطبيعية أو شديد القوة بكسب المقام (الملكة)، ليست واحدة، بل هي أربعة، ما تقدم ذكره هو الحكم الكيفي فقط الأصلي.
و الحكم الكيفي الثانوي يكون في مستوى الإحداثي العقلي أو العمودي الأحرف الفخمة (ق،ض،ص،ظ،ط) محلها الطرف الإيجابي بينما الأحرف المقابلة الرقائق فإن محلها الطرف السلبي من الإحداثي العمودي أو الرأسي أو العقلي المفرق بين ماهو شريف و ما هو خسيس.
و الحكم الكيفي الثالث هو الذي في مستوى الإحداثي النفسي أي الأفقي،،،، الحرفان (P B) هما حرف واحد، لكن الحرف (P) يتمتع بقوة طبيعية شديدة، أما في اللغة العربية أو الخط العربي فلا يوجد حرف واحد يتمتع بالقوة الطبيعية النفسية، و جميع الحروف محرومة أصلا من القوة ا لدائمة في هذا المستوى الكيفي، و عليها أن تكتسب القوة بالتحول، و أحيانا يكون تحصيلها الملكة يصير على حساب غيرها، مثلا في كلمة الشّمس، فإن اكتساب الحرف شين (ش) المقام (الملكة)، يصير على حساب اللام (ل) التي ضعفت حتى فقدت حالها أو حيلها.
الحكم الكيفي الرابع يجرى في مستوى القدرات أو أمداء الفعل، الحرف الألف مثلا له ثلاثة أمداء من القدرة (الفتحة، الألف المقصورة، الألف)، يمكن التذكر أن حرف لامألف (لا) له قوة طبيعية شديدة في هذا المستوى الرابع، أي مستوى الخيال أو الأفلاك الفعالة، فهو دائما مديد الحركة، و هو حرف و إن كان بعض الفقهاء يحذفه من الأبجدية و هذا التصرف الأحمق يشبه حذف (P) من الأبجدية اللاتينية،و حذف حروف الفخامة و الشرف (ق، ص، ض، ط، ظ) من الأبجدية العربية.
أما رفع الصوت أو خفضه أو تكبير الخط و تصغيره فهو تغير كمي، ليس جوهري و لا كيفي.
لكن بالنسبة للحرف اللام (ل) فإن الفخامة له مقام (ملكة) مكتسب، لكن لا يوجد لام دائمة الفخامة، إنما تتفخم اللام بمناسبة الوضع كما في القسم "و الله"، و تبقى اللام على رقتها في القسم "بالله".
...حتى يمكن إجراء الحكم الكيفي، لا بد أولا من معرفة الجنس للضيق، فإن تفرعاته هي موضوع الكيف....
تتساوى جميع أشكال الرباعي باعتبار الجنس الأعلى الأوسع أي باعتبار فكرة الشكل الرباعي، لكن الشكل الرباعي يتفرع إلى أجناس ضيقة تتفاوت جوهريا، و الجنس الضيق متفرع إلى أنواع أي فئات متفاوت كيفيا حسب القوة الطبيعية شدتها أو ضعفها.
مثلا الشكل متساوي المتقابلين --- أي المستطيل الذي يتخذ الوضع الأمثل أو متعدد الأوضاع أي المتوازي الأضلاع --- هو جنس ضيق، لكن المستطيل الذهبي هو نوع يتمتع بالقوة الطبيعية الشديدة، أي يساوي بقية أنواع المستطيلات في الجوهر، لكنه هو أكثر منها رباعية في الكيف، و هو فئة و ليس فرد إذ يستحل رسم نفس المستطيل الذهبي خاصة عند الإعتماد على البصر و اليد، لكن باستعمال برنامج المهندسين أوتوكاد يمكن رسم المستطيل الذهبي الأفضل، و بهذه الطريقة الدقيقة يمكن تعيين فردية أو شخصية المستطيل، أما باليد و اعتمادا على إمامة البصر لا يمكن تكرار رسم نفس شخص المستطيل، بل كل مرة يرسم مستطيل مغاير، لكن من نفس الفئة أو النوع او المعدن.
...تبديلة الجواهر تعين جنس الخلقة، لكن تبديلة الكيفيات و الملكيات الطبيعية تعين النوعية...
أما الكيفية المكتسبة أي المقام (الملكة) و الملكية العلمية أو المالية أو الفنية و الأوضاع أي ظروف الفرد العائلية و الزمانية و المكانية فهي تعين شخصية الفرد و تميزه عن سائر فئة معدنه.
طعم الأناناس و شكل الفريز يعين جنس من النبات، المستطيل أو متوازي الأضلاع جنس من الرباعي، و المستطيل الذهبي هو أحسن أنواعه. و الذي يفرع الجنس إلى أنواع هو اختلاف أو تفاوت الكيفيات.
و بهذا المعنى يكون رباعي أكثير رباعية من رباعي آخر، أي نوع من الرباعي أكثر رباعية من نوع آخر، و التفريع إلى أجناس ثانوية هو هو اختلاف جوهري، لكن في إطار المستطيل يوجد نوع من المستطيلات هو أكثر حسنا و هو المستطيل الذهبي، و هذا الأختلاف بين الأنواع أو المعادن المتقاربة التي تندرج تحت حنس واحد ضيق ثانوي هو تغير كيف.
التشابه هو خاصة الجوهر، مادة أو صورة،،،، بينما الأفراد الموهوبون (لهم قوة طبيعية) في أشياء مختلفة لا يتشابهون...
و مثلهم الأفراد المهرة في ممارسات مختلفة (أصحاب المقامات أو الملكات) لا يصح الحكم عليهم بأنهم متشابهون. النجار الماهر لا يشبه الخطاط الماهر، الإشتراك في المهارة، غير مبرر للحكم بالتشابه، بسبب الإختلاف الجوهريي بين الممارستين النجارة و الخط..
التشابه و الإختلاف هو علاقة بين الجواهر، أي بين المواد أو بين الصور، و المقارنة على أساس شدة القوة (حدة، أو جهد) و ضعفها، أو شدة الحال (ملكة) وضعفه (تكلف)، تكون في إطار الجنس الضيق من المواد أو الصور.
يمكن وصف التمر بأنه عسل، باعتبار الإشتراك في مادة ذوقية واحدة هي الحلاوة، كما يمكن وصف الفريز الأمريكي بأنه أناناس باعتبار الإشتراك في صورة ذوقية واحدة هي طعم الأناناس. و بعض الطيور ينهق أي يشترك مع الحمار في صورة صوتية واحدة، و بمكن على هذا الأساس القول أن بينهما علاقة تشابه.
لكن لا يمكن القول أن هذا الكرسي يشبه هذه الخزانة و هما مختلفان في الصور، و المواد كأن يكون الكرسي مادته الخشب، و الخزانة مادتها الحديد، اعتمادا على أنهما الكرسي و الخزانه جيدان من ناحية الصنع، المصنوعات المتساوية من جهة الصناعة سواء الجيدة أو رديئة الصناعة لا تتشابه.
و بالمثل السباح الماهر و الطباخ الماهر و الخطاط الماهر، الخ. ليسوا متشابهين، الإشتراك في الجودة أو ملكة المهارة، غير كاف للحكم بتشابه الممارسات المختلفة.
التشابه هو خاصة الجوهر، المادة تشبه مادة أخرى أو هي مختلفة عنها، و الصورة تشبه صورة أخرى أو هي مختلفة عنها.
.....................................
فخر النبي معاتب النبي .... محمد إبن رجب الشافعي
الجيش اللبناني الفلسفي الثوري
الإربعاء 12\10\2011 مــــــــــــ