الثورة السورية والمجلس الوطني.. مشاهد للتاريخ
مشاهد للتاريخ عن المجلس الوطني السوري،
ومواقف الأطراف المختلفة منه، وإجابة على شبهات طرحها بعض المرجفين،
وتساؤلات لبعض المحبيّن.
مقال مهم للدكتور وائل ميرزا، عضو المجلس الوطني
المشهد الأول
أطرافٌ من المعارضة السورية تجتمع في اسطنبول، وتحقق وحدةً طالب الشعب السوري وثورته بتحقيقها. قد يقول قائلٌ إنها لا تمثل (جميع) أطراف المعارضة قاطبة، لكن ثمة إجابة على المسألة. فقد تمّت دعوة جميع القوى الأساسية للحوار ولبَّتها، وحين يرفض أحد الأطراف التوقيع على الاتفاق (هيئة التنسيق تحديداً) وينسحب لأي سبب فإن هذا لا يُلزم الأطراف الأخرى بأن تنتظر عملية التوحيد حتى يتفق الجميع لأن هذا قد لا يحصل إلى يوم الدين.. خاصةً في ظلّ المقولات التي يطرحها البعض تلميحاً وتصريحاً بأنهم ضد موقف الثورة والمعارضة الأساسي المتمثل في مركزية هدف إسقاط النظام.
المشهد الثاني
أصواتٌ من المعارضة ترفض الاتفاق واتهاماتٌ ودعاوى. أطرح مثالاً عليها ما كتبتهُ في صفحتي الشخصية بقليلٍ من التصرف قائلاً: «لم يعد هناك مجال للدبلوماسية وسنعلن الأمور للشعب السوري البطل. لماذا يشنّ الأستاذ هيثم المناع هذا الهجوم على المجلس الوطني ويتهمه بتلقي الدعم الأميركي؟ هل المستقلون وتنسيقيات الثورة وإعلان دمشق وبرهان غليون وغيرهم كلهم عملاء للأميركان؟ دُعيت هيئة التنسيق الوطني لاجتماعات توحيد المعارضة رسمياً.. وعلى أساس المشاركة الكاملة وليس (الالتحاق) كما قال. وحضر الدكتور حازم نهار من قبلهم يومين ثم اختفى عندما طُلب من الهيئة أخذ موقف رسمي ونهائي من شعار إسقاط النظام.. مرة أخرى.. صدْر المجلس مفتوح للهيئة وغيرها، ولكن يجب عليها أن تحسم رأيها تجاه الموقف من النظام، خاصة في ظل تصريحات السيدين حسن عبدالعظيم ولؤي حسين الإعلامية المعلنة التي تُخفض سقف مطالب الثورة كثيراً.. الشفافية والجدية مطلوبة الآن.. يكفي خلطاً للأوراق.. وندعو شعبنا السوري إلى حسم موقفه باتجاه هذه القضايا وبشكل معلن».
للأمانة والتوضيح، تلقيت من الدكتور حازم نهار في اليوم التالي رسالة تفيد بأن الاعتراض كان على اللقاء في اسطنبول وأنه لم يعد هناك معنى لوجوده في ظل ذلك الاعتراض ولهذا غادر ولم يختفِ كما قلتُ.. مؤكداً أن الهيئة طيف واسع وأن هناك تباينات واختلافات بين القوى وبين الشخصيات داخل الهيئة وأن هذا أمر طبيعي، مع تمنياته للجميع بالتوفيق.
المشهد الثالث
رجل من مؤيدي النظام، السيد أنس الشامي عضو ما يُسمى (مجلس الشعب) السوري يقوم بتخوين مباشر للمجلس الوطني ويتهمه بالتآمر وتلقي التمويل من الأميركان. نعرف جميعاً أن عمليات التخوين صارت مُبتذلةً في نظر الثوار ولم يعد أحدٌ يُصدقها. والأغلب أن أصحابها أنفسهم من هؤلاء. ولكن بشيءٍ من التبسيط قد يجوز هنا سؤال السيد المذكور: لو كان للمجلس تمويل من تركيا أو أميركا أو غيرها.. لما انتقل أعضاؤه أثناء العمل على مدى أسابيع وأثناء المفاوضات من فندق لفندق في جنح الليل لعدم وجود حماية أمنية وتحسّباً من أفاعيل شبيحة النظام.. لو كان لديهم تمويل لما حُشر كثيرٌ منهم في غرف ثنائية وأحياناً ثلاثية في الفنادق.. لو كان لديهم تمويل وأرصدة لرأى حضرتهُ ومعه العالم بأسره الإعلان عن توحيد المعارضة يجري في أفخم قاعة داخل أفخم فندق من فنادق اسطنبول، وليس في قاعة صغيرة كما رأى القاصي والداني.. كنا في المجلس نتجنب الردّ بكلمة واحدة على الأشخاص.. ويكفي أعضاء المجلس فخراً أنهم لم يتعرضوا لأحدٍ رغم كل الاتهامات والتجريح والإساءات. لكن حداً أدنى من التوضيح بات مطلوباً في هذه المرحلة ليعرف شعبنا الحقائق ويحكم بنفسه عليها.
المشهد الرابع
الشعب السوري يسمي الجمعة الماضية باسم (المجلس الوطني يمثلني)، ويخرج تأييداً لمجلس يريد منه حصراً خدمة ثورته والالتزام بثوابتها وتحقيق أهدافها. وتلك مسؤوليةٌ كبرى يدركها جميع أعضاء المجلس فيما نعتقد ولا بد من الارتقاء إلى مستواها على جميع المستويات. انتهى اليوم زمن المفاوضات إلى درجةٍ كبيرة بين أطراف المعارضة، وإذا كان ثمة أطرافٌ تريد أن تسهم في خدمة الثورة فيمكنها ذلك من خلال المجلس كشريك أصيل، أو بالتنسيق معه بأي طريقة، خاصةً مع إعلانه المتواصل عن انفتاحه على الجميع. وعضويةُ المجلس مقامُ تكليفٍ وليست مقام تشريف وشهرة وظهور. ورغم الحاجة السياسية لظهور المجلس فإن الثورة بدأت قبله وستستمر وتنتصر معه أو من دونه، بمعنى أن هناك ألف طريقة وطريقة للعمل والعطاء لا تنحصر في عضوية المجلس. الأمثلة كثيرةٌ على وجود شرفاء من أبناء هذا الشعب العظيم يعتبرون أنفسهم جنوداً في هذه الثورة أياً كان موقعهم ومكانهم، وبغض النظر عن عضوية المجلس من عدمها. يكفي في هذا الإطار مثالاً الكلمةُ التي بثّها على موقع اليوتيوب من قلب الثورة المناضل العفيف الأستاذ رياض الترك مؤيداً المجلس وداعياً المعارضة إلى مزيد من الوحدة، ومؤكداً أن هذا الأمر هو أحد السبل التي تؤكد حتمية انتصار الثورة.
المشهد الخامس
ندرك أن الكلام القادم سيكون حساساً للبعض، ولكن لا بد من طرحه من باب الواقعية السياسية: إن إنشاء المجلس الوطني لا يشكل عصاً سحرية تُحقق جميع أهداف الثورة السورية في أيام وأسابيع.. مسؤوليات المجلس كبيرة.. لكنها بدايةُ مرحلة مؤسسية جدية من عمر الثورة السورية المباركة.. يخطط المجلس للقيام بأدواره وسط ظروف دولية وإقليمية في غاية الصعوبة، ويواجه حرباً شرسة من النظام وعملائه وشبيحته الداخليين والخارجيين من الأشخاص والجهات السياسية وبعض الدول.. فأعضاء المجلس لا يعملون في ظروف مثالية، وإنما على العكس من ذلك في ظروف بالغة التعقيد. وبدون دعم الشعب بكل قواه ومنظماته ونشطائه ومبدعيه، خاصة من الشباب، فسيكون تحقيق أهداف المجلس صعباً بكل صراحة.. أما إذا شارك الجميع بإخلاص وتجرد وإبداع، فسيحقق المجلس الهدف حتماً.. وسيسقط النظام، وستظهر سوريا الديمقراطية المدنية التعددية، وسيرى العالم من هو الشعب السوري وما يملكه من طاقات.
المصدر
صحيفة العرب القطرية
مشاهد للتاريخ عن المجلس الوطني السوري،
ومواقف الأطراف المختلفة منه، وإجابة على شبهات طرحها بعض المرجفين،
وتساؤلات لبعض المحبيّن.
مقال مهم للدكتور وائل ميرزا، عضو المجلس الوطني
المشهد الأول
أطرافٌ من المعارضة السورية تجتمع في اسطنبول، وتحقق وحدةً طالب الشعب السوري وثورته بتحقيقها. قد يقول قائلٌ إنها لا تمثل (جميع) أطراف المعارضة قاطبة، لكن ثمة إجابة على المسألة. فقد تمّت دعوة جميع القوى الأساسية للحوار ولبَّتها، وحين يرفض أحد الأطراف التوقيع على الاتفاق (هيئة التنسيق تحديداً) وينسحب لأي سبب فإن هذا لا يُلزم الأطراف الأخرى بأن تنتظر عملية التوحيد حتى يتفق الجميع لأن هذا قد لا يحصل إلى يوم الدين.. خاصةً في ظلّ المقولات التي يطرحها البعض تلميحاً وتصريحاً بأنهم ضد موقف الثورة والمعارضة الأساسي المتمثل في مركزية هدف إسقاط النظام.
المشهد الثاني
أصواتٌ من المعارضة ترفض الاتفاق واتهاماتٌ ودعاوى. أطرح مثالاً عليها ما كتبتهُ في صفحتي الشخصية بقليلٍ من التصرف قائلاً: «لم يعد هناك مجال للدبلوماسية وسنعلن الأمور للشعب السوري البطل. لماذا يشنّ الأستاذ هيثم المناع هذا الهجوم على المجلس الوطني ويتهمه بتلقي الدعم الأميركي؟ هل المستقلون وتنسيقيات الثورة وإعلان دمشق وبرهان غليون وغيرهم كلهم عملاء للأميركان؟ دُعيت هيئة التنسيق الوطني لاجتماعات توحيد المعارضة رسمياً.. وعلى أساس المشاركة الكاملة وليس (الالتحاق) كما قال. وحضر الدكتور حازم نهار من قبلهم يومين ثم اختفى عندما طُلب من الهيئة أخذ موقف رسمي ونهائي من شعار إسقاط النظام.. مرة أخرى.. صدْر المجلس مفتوح للهيئة وغيرها، ولكن يجب عليها أن تحسم رأيها تجاه الموقف من النظام، خاصة في ظل تصريحات السيدين حسن عبدالعظيم ولؤي حسين الإعلامية المعلنة التي تُخفض سقف مطالب الثورة كثيراً.. الشفافية والجدية مطلوبة الآن.. يكفي خلطاً للأوراق.. وندعو شعبنا السوري إلى حسم موقفه باتجاه هذه القضايا وبشكل معلن».
للأمانة والتوضيح، تلقيت من الدكتور حازم نهار في اليوم التالي رسالة تفيد بأن الاعتراض كان على اللقاء في اسطنبول وأنه لم يعد هناك معنى لوجوده في ظل ذلك الاعتراض ولهذا غادر ولم يختفِ كما قلتُ.. مؤكداً أن الهيئة طيف واسع وأن هناك تباينات واختلافات بين القوى وبين الشخصيات داخل الهيئة وأن هذا أمر طبيعي، مع تمنياته للجميع بالتوفيق.
المشهد الثالث
رجل من مؤيدي النظام، السيد أنس الشامي عضو ما يُسمى (مجلس الشعب) السوري يقوم بتخوين مباشر للمجلس الوطني ويتهمه بالتآمر وتلقي التمويل من الأميركان. نعرف جميعاً أن عمليات التخوين صارت مُبتذلةً في نظر الثوار ولم يعد أحدٌ يُصدقها. والأغلب أن أصحابها أنفسهم من هؤلاء. ولكن بشيءٍ من التبسيط قد يجوز هنا سؤال السيد المذكور: لو كان للمجلس تمويل من تركيا أو أميركا أو غيرها.. لما انتقل أعضاؤه أثناء العمل على مدى أسابيع وأثناء المفاوضات من فندق لفندق في جنح الليل لعدم وجود حماية أمنية وتحسّباً من أفاعيل شبيحة النظام.. لو كان لديهم تمويل لما حُشر كثيرٌ منهم في غرف ثنائية وأحياناً ثلاثية في الفنادق.. لو كان لديهم تمويل وأرصدة لرأى حضرتهُ ومعه العالم بأسره الإعلان عن توحيد المعارضة يجري في أفخم قاعة داخل أفخم فندق من فنادق اسطنبول، وليس في قاعة صغيرة كما رأى القاصي والداني.. كنا في المجلس نتجنب الردّ بكلمة واحدة على الأشخاص.. ويكفي أعضاء المجلس فخراً أنهم لم يتعرضوا لأحدٍ رغم كل الاتهامات والتجريح والإساءات. لكن حداً أدنى من التوضيح بات مطلوباً في هذه المرحلة ليعرف شعبنا الحقائق ويحكم بنفسه عليها.
المشهد الرابع
الشعب السوري يسمي الجمعة الماضية باسم (المجلس الوطني يمثلني)، ويخرج تأييداً لمجلس يريد منه حصراً خدمة ثورته والالتزام بثوابتها وتحقيق أهدافها. وتلك مسؤوليةٌ كبرى يدركها جميع أعضاء المجلس فيما نعتقد ولا بد من الارتقاء إلى مستواها على جميع المستويات. انتهى اليوم زمن المفاوضات إلى درجةٍ كبيرة بين أطراف المعارضة، وإذا كان ثمة أطرافٌ تريد أن تسهم في خدمة الثورة فيمكنها ذلك من خلال المجلس كشريك أصيل، أو بالتنسيق معه بأي طريقة، خاصةً مع إعلانه المتواصل عن انفتاحه على الجميع. وعضويةُ المجلس مقامُ تكليفٍ وليست مقام تشريف وشهرة وظهور. ورغم الحاجة السياسية لظهور المجلس فإن الثورة بدأت قبله وستستمر وتنتصر معه أو من دونه، بمعنى أن هناك ألف طريقة وطريقة للعمل والعطاء لا تنحصر في عضوية المجلس. الأمثلة كثيرةٌ على وجود شرفاء من أبناء هذا الشعب العظيم يعتبرون أنفسهم جنوداً في هذه الثورة أياً كان موقعهم ومكانهم، وبغض النظر عن عضوية المجلس من عدمها. يكفي في هذا الإطار مثالاً الكلمةُ التي بثّها على موقع اليوتيوب من قلب الثورة المناضل العفيف الأستاذ رياض الترك مؤيداً المجلس وداعياً المعارضة إلى مزيد من الوحدة، ومؤكداً أن هذا الأمر هو أحد السبل التي تؤكد حتمية انتصار الثورة.
المشهد الخامس
ندرك أن الكلام القادم سيكون حساساً للبعض، ولكن لا بد من طرحه من باب الواقعية السياسية: إن إنشاء المجلس الوطني لا يشكل عصاً سحرية تُحقق جميع أهداف الثورة السورية في أيام وأسابيع.. مسؤوليات المجلس كبيرة.. لكنها بدايةُ مرحلة مؤسسية جدية من عمر الثورة السورية المباركة.. يخطط المجلس للقيام بأدواره وسط ظروف دولية وإقليمية في غاية الصعوبة، ويواجه حرباً شرسة من النظام وعملائه وشبيحته الداخليين والخارجيين من الأشخاص والجهات السياسية وبعض الدول.. فأعضاء المجلس لا يعملون في ظروف مثالية، وإنما على العكس من ذلك في ظروف بالغة التعقيد. وبدون دعم الشعب بكل قواه ومنظماته ونشطائه ومبدعيه، خاصة من الشباب، فسيكون تحقيق أهداف المجلس صعباً بكل صراحة.. أما إذا شارك الجميع بإخلاص وتجرد وإبداع، فسيحقق المجلس الهدف حتماً.. وسيسقط النظام، وستظهر سوريا الديمقراطية المدنية التعددية، وسيرى العالم من هو الشعب السوري وما يملكه من طاقات.
المصدر
صحيفة العرب القطرية