من الذي يقول بهذه الخرافة الأسطورية ، والأكذوبة القبيحة؟؟؟
ثمة جهات عديدة في هذه الدنيا الصغيرة تروج وتسوق لهذه الدعاية المغرضة .
أولاً: نظام بشار نفسه يزعم على لسان أبواقه وشبيحته الذين يتشدقون ويتبجحون ليل نهار أن سقوطه سيحدث زلزالاً مدوياً مدمراً ، وطوفاناً عرمرماً ، يدمر كل شئ ، ويعم الظلام أرجاء المعمورة ، وينهار سد يأجوج ومأجوج ، فينطلقون من كل حدب ينسلون ، ليعيثوا فسادا وخرابا ودمارا وتقتيلا ، وحروبا طاحنة ، لا تبقي ولا تذر ، وتسود الفوضى ، وينفرط عقد نظام الكون كله ، فتتصادم الكواكب والنجوم ، ويسود الهرج والمرج ، وكيف لا تحدث كل هذه الإضطرابات وهذه البراكين والإله المزعوم بشار يتداعى ويسقط ، فشئ طبيعي حسب نظريتهم وفرضيتهم ، أن ينهار العالم لإنهيار الإله المزيف ، ( كبرت كلمة تخرج من أفواههم ، إن يقولوا إلا كذباً ).
ثانياً: الموالون والمؤيدون والمنبطحون لنظام بشار سواءً كانوا سوريين أو غير سوريين يحذرون ، ويصرخون ، ويولولون ، وينذرون بالويل والثبور ، وعظائم الأمور ، إذا سقط نظام بشار زال الأمن والأمان ، والسلام والإستقرار .
ثالثاً: الدول المؤيدة والمتخالفة مع السلطة السورية مثل ايران والعراق ولبنان وسواها إضافة إلى الأحزاب الشيعية الصفوية الفارسية مثل حزب الشيطان وحزب أمل ، وكتائب القدس ، والأحزاب القومية وسواها .
رابعاً: بقية دول العالم سواء العربية أو الأجنبية في الشرق أو الغرب تخشى وتتخوف من سقوط نظام بشار ، كما تشعر بالقلق من زواله ، وما هذه المطالبات والتصريحات الطنانة الرنانة التي تنطلق من هنا ومن هناك تطالب بزوال النظام السوري أو تعلن فقدانه للشرعية ، ما هي إلا مسرحيات هزلية ، وتمثيليات خداعية ، تريد ذر الرماد في العيون ، والظهور أمام شعوبها بأنها حامية للديموقراطية والحرية ، ومؤيدة للشعوب المطالبة بالحرية والتحرر من الأنظمة الإستبدادية القمعية الديكتاتورية .
بعد ذكر هذه الجهات الأربعة الخائفة أو القلقة أو الرافضة لسقوط وزوال نظام بشار ، نريد أن نحلل منطقيا ، عقليا ، سياسيا ، استراتيجيا ، عقائديا ، فكريا ، ما هي الدوافع وما هي العوامل وما هي الأسباب الحقيقية الأصيلة الكامنة وراء تداعي أمم الأرض كلها إلى الوقوف إلى جانب هذا النظام الأسدي وتأييده ودعمه ورفض التخلي عنه ، بل بذل كل ما بوسعها للمحافظة عليه بحجة أن زواله سيؤدي إلى اشتعال المنطقة كلها بالحروب الأهلية والفتن الطائفية ، وستصبح منطقة بلاد الشام خرابا يبابا قاعا صفصفا .
أولاً: بالنسبة لبشار وأبواقه وشبيحته فإن حياتهم ووجودهم مرتبط ارتباطاً عضوياً كيميائيا فزيائيا معيشيا مالياً سلطوياً ، وبمجرد سقوطه يخسر هو ومن حوله وأزلامه وعصابته كل هذه الميزات الهائلة التي غنموها وجمعوها وكدسوها لأكثر من أربعة عقود ، لذلك منطقيا وعقليا ونفسيا سيستميت أركان النظام برمته بالدفاع عن نفسه ، ومحاربة وقتل وسحق كل من يفكر أو يعمل على اسقاطه ، وفي سبيل المحافظة على كيانه الكرتوني سيقتل ويدمر ويهلك الحرث والنسل ، ويفني كل من يقف بوجهه بكل الأساليب الوحشية الهمجية البربرية العدوانية ، لا فرق عنده أن يستخدم أي شئ يوحيها له ابليسه وشيطانه ، دون الإهتمام بأية قيود أو أعراف أو تقاليد أو قيم ، لأنه مجرد أصلاً من كل شئ يمت إلى الإنسان أو البشر بصلة ، فهو لا يعرف إلا نفسه ونفسه فقط ، ولهذا هو يفبرك ويخترع ويؤلف الخرافات والأساطير ، زاعما أن هو السيد الأوحد القادر ، على حكم سورية ، ومخوفا الرعاع والبلهاء والأغبياء والمتخلفين عقليا وفكريا وذهنيا ، وموهما لهم بأن الأخطار والهلاك والدمار سيحيق بهم ، وتطبق عليهم السماء والأرض ، وستحل بهم الكوارث والأعاصير والزلازل والطوفان بمجرد سقوطه.
ثانياً: بالنسبة للموالين والمطبلين والمزمرين لبشار من داخل سورية وخارجها ، فإنهم متعيشون ومتكسبون على حسابه وأمواله ، التي سرقها من دم وعرق وجهد الشعب السوري المسكين ، ومتعيشون أيضا على الفساد والرشاوي ، التي سمح بها على أوسع نطاق ، فلا يمكن لأي مواطن سوري أن يجري أبسط معاملة حكومية ، إلا ويجبر على دفع ضريبتها للموظفين ، إضافة إلى رسومها الحكومية وإلا لن تنجز ، وتشكل قيمة هذه الرشاوى أضعاف راتب الموظف الحكومي .
فمن الناحية الطبيعية والمنطقية والنفسية والإجتماعية ، أن تقف هذه الكائنات العضوية ذات الهياكل البشرية ، المحنطة عاطفيا وشعوريا وخلقيا وعقليا ، أن تقف بقوة ضد تغيير هذا النظام الفاسد ، لأنها تتعيش على هذا المستنقع الآسن الفاسد ، مثلها مثل البعوض الذي يقاوم إزالة المستنقعات التي تشكل مصدر رزق لتشكلها وتكاثرها ونموها .
ثالثاً: بالنسبة للدول المتحالفة والمؤيدة للنظام السوري ، مثل ايران والعراق والمنظمات الشيعية الصفوية الفارسية ، فإنها حريصة جدا على المحافظة عليه ، لأنها ترتبط معه ارتباطا عضوياً عقائديا ، بالرغم من أنه يعلن أنه نظام علماني ، إلا أنهم جميعا يغطون على ارتباطهم العقدي بشعار ولافته مزيفة ، هي الممانعة والمقاومة ، ومعاداة أمريكا واسرائيل بالرغم من أن النظام العراقي هو أصلا تابع لأمريكا ولا يتجرأ على معاداتها ، لأنه جاء على ظهر الدبابات الأمريكية ، إلا أنه يعلن جهارا عيانا أنه مؤيد وداعم قوي لنظام بشار ، لأنه مرتبط أصلا مع مخطط ايران ، الذي يهدف إلى إقامة حزام صفوي فارسي ، يمتد من إيران إلى العراق إلى سورية إلى لبنان ، مطوقا منطقة الجزيرة العربية ، ولهذا فإن سقوط نظام بشار ، يعني فشل المخطط الفارسي ، وتحطيم لآمالهم وأمانيهم في السيطرة على البلدان العربية ، وبما أنهم لا يريدون هذا الفشل ، ولهذا فهم يعضون على نظام بشار بالنواجذ ، ويساعدونه بكل ما يملكون من طاقة ، لأن حياة نظام بشار هو حياتهم ، ووجوده هو وجودهم ، وبقاؤه هو بقاؤهم ، وزواله هو زوالهم .
فمن الناحية الطبيعية والمنطقية والعقائدية والوجودية ، أن تستبسل هذه الدول في المحافظة على نظام بشار ، بكل القوى والإمكانيات التي يملكونها ، ومهما كانت التكاليف .
رابعاً: بالنسبة لبقية دول العالم ومنها العربية ، فلا غرو ولا غرابة أن تدعم الدول العربية بالذات نظام بشار ، بالرغم من أن حكامها قد تلقوا من بشار بالذات كل الإهانة والإذلال والإساءة ، حينما وصفهم في إحدى خطبه المراجلية في مؤتمر الجامعة العربية ، بأنهم أنصاف الرجال ، وبالرغم من أن الطاغوت المصري الساقط حسني ، رفض أن يتنازل عن كرامته وإبائه وعزته ، فأصر إصرارا وصمم تصميما على ألا يصالح بشار ، وألا يلتقي به ، بالرغم من الطلبات المتعددة من بشار للقائه ، ولكنه أبى ورفض ، إلا أن البقية بعد أن تعكرت العلاقات بينهم وبينه فترة من الزمن ، عفوا عنه وتنازلوا عن كبريائهم وشرفهم وكرامتهم ، وأرسلوا له الوفود تلو الوفود في بداية الثورة المباركة ، لدعمه وتأييده في ذبح وقتل الشعب السوري ، بل صرحوا علانية وجهارا ، ليلا ونهارا أنهم حريصون على استقرار سورية ، وعلى بقاء نظام بشار ، لأن في زواله تهديد للسلم العربي والدولي – حسب زعمهم – ثم أخيرا وقبل شهر تقريبا ، أخذت تتغير مواقف بعض الدول العربية وتندد ظاهريا بالمجازر ، وفي الوقت نفسه دعوته فقط إلى الإسراع في الإصلاحات ، وحرصها على استقرار سورية بقيادة بشار.
من الناحية الطبيعية والمنطقية السلطوية ، أن يتراكض الحكام العرب إلى دعم وتأييد بعضهم البعض ضد الشعوب العربية الثائرة ، لأنهم كلهم في الهم سواء ، خاصة وأنهم شاهدوا بأم أعينهم ثلاثة من زملائهم وأصحابهم ، الذين كانوا يجتمعون معهم في مجلس الجامعة قد سقطوا ، وأحدهم قد وضع في قفص الحديد ، وشاهده ستة مليارات مخلوق بشري على شاشات التلفاز ، أفلا يحق لهم أن يخافوا على عروشهم من التداعي والإنهيار ، نتيجة انتشار العدوى إلى شعوبهم ، وإن كانوا يتظاهرون أنهم مختلفون عن غيرهم ، وأن شعوبهم متضامنة ومتآلفة معهم ، ولا يمكن أن تثور عليهم ، كما صرح بشار قبل بداية الثورة عليه .
أما دول العالم الغربية ، فإن مصالحها الأساسية في وجود أنظمة عربية دكتاتورية استبدادية ، لأنه أسهل عليها أن تتعامل مع شخص واحد ولعقود طويلة ، حيث أنها تستطيع تدجينه وتوليفه وتكييفه وتطويعه لأوامرها وتعليماتها ومصالحها ، وتفرض عليه ما تشاء من التزامات ، وتحدد له المسار والطريق الذي عليه سلوكه ، وهامش الحرية الذي يستطيع التحرك به ، والشعارات التي ينادي بها ، واللافتات التي يرفعها ضد الإمبريالية وضد الإستعمار – وهو نفس المصطلح – وضد الإرهاب ، والمقاومة والممانعة ومحاربة الصهيونية ، أو السلم مع اسرائيل والتعايش السلمي في المنطقة ، وبهذا تستطيع أن تصف لكل طاغوت مستبد ، وصفة علاجية دوائية خاصة به ، تختلف عن غيره ولكنها تتناسب وطبيعته النفسية والخلقية والدينية والثقافية والتقاليد الإجتماعية ، بينما إذا كان هناك ديموقراطية في بلد ما ، فإنه يتعذر عليها السيطرة والتحكم بالقرار ، وتصبح مهمتها صعبة ، ومصالحها مهددة وغير مؤمنة .
هذا من جهة ، ومن جهة أخرى ، تنظر الدول الغربية إلى قضية بالغة الأهمية أكثر من أهمية مصالحها القومية ، ألا وهي المحافظة على الكيان الصهيوني ، حيث أنها تعاهدت جميعا ومنذ أوائل القرن الماضي ، وبعد أن أصدر وزير خارجية بريطانيا بلفور وعده المشؤوم ، بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين في عام 1917 ، فأصبح واجبا عليهم تهيئة الأجواء العربية ، وخاصة المحيطة بفلسطين مباشرة ، إلى أن تكون آمنة مستقرة ، وتنعم اسرائيل بالهدوء والطمأنينة والسلام ، ولهذا عملت المخابرات الأمريكية على القيام بتجربة الإنقلابات العسكرية في الدول العربية ، لإيجاد حاكم مستبد ديكتاتوري ، ينفذ أوامرها ، فاختارت سورية في البداية ، وأحدثت الإنقلاب الأول بقيادة حسني الزعيم في عام 1949 ، الذي وافق مباشرة بعد الإنقلاب ، على توقيع معاهدة التبلاين الأمريكية والنقد الفرنسية ، اللتين رفض مجلس النواب التوقيع عليهما ، لآثارهما السيئة على سورية ، وهذا يؤكد بشكل قطعي وواضح ، أن الذي خطط لإنقلاب الزعيم هو المخابرات الأمريكية بالتعاون مع الفرنسية ، ولكن بما أنه لم يظهر متماشيا مع مزاج الدول الغربية كما يجب ، ولم ينفذ لهم كل الطلبات ، لجأوا إلى تكرار التجربة ، فحصل الإنقلاب الثاني بعد أربعة أشهر ونصف فقط ، وتم إعدام الزعيم ، وهكذا في خلال تسع سنوات حصلت خمسة انقلابات ، ثم حدثت الوحدة مع مصر في عام 1958 ، وتلت ذلك أيضا خمسة انقلابات اثنان في عهد الإنفصال ، ثم ثلاثة في عهد حزب البعث الذي كان آخرها في 16/11/1970 بقيادة حافظ أسد ، الذي تم تهيئته وتنشأته وتربيته على يد المخابرات الأمريكية ، منذ كان طالبا في الكلية الجوية أيام الوحدة ، وقد أظهر نجابته التعاونية الإستسلامية ، وطاعته المطلقة لها في حرب حزيران 1967 حينما كان وزيرا للدفاع ، فعقد صفقة سرية مع اسرائيل وراعيتها أمريكا ، بتسليم الجولان ، لقاء أن يمكنوه من السيطرة على سورية له ولأولاده من بعده ، ولذلك أعطى الأوامر للجيش السوري الذي كان متوغلا في عمق الأراضي المحتلة ، إلى الإنسحاب منها ومن الجولان ، وأعلن بيانا من الإذاعة السورية ، بسقوط القنيطرة قبل وصول القوات الإسرائيلية إليها ب 24 ساعة .
لقد تعبت المخابرات الأمريكية والإسرائيلية طوال أكثر من عشرين عاما ، من بعد الإستقلال ، حتى عثرت على الشخص المحنك الخبيث الداهية المراوغ المتوحش البربري ، القادر على ذبح السوريين والفلسطينيين واللبنانيين والأردنيين والعراقيين وكل الشعوب العربية والمسلمة بجبروت وطغيان دون أن يرف له جفن .
نعم لقد عثرت المخابرات الأمريكية والغربية على ضالتها المنشودة ، بعد تجريب عشرة انقلابات في سورية خلال عشرين سنة فقط ، وبعدها أوقفت الإنقلابات نهائيا ، لأنها لم تعد بحاجة إليها ، بعد أن وجدت الخادم المطيع المستسلم المنبطح لها ، مع التسويق له وبث الأراجيف والدعايات المغرضة المضللة ، على أنه العدو الأول لها ، ولإبنتها اسرائيل ، وهذه المسرحيات الهذلية ، تخدمها أكثر بمليون مرة من الحكام الآخرين ، الذين يطيعونها ظاهرا وباطنا ، فهي تعتبرهم ممثلين مغفلين ساذجين بسطاء لا يتقنون فن التمثيل ، ولذلك بسهولة متناهية تخلت عنهم ، وأمرتهم بالرحيل ، بعد أن تمكنت من ايجاد البديل في الجيش التونسي والمصري ، الذي يمكنه أن يهئ لها الأجواء لإستعادة سيطرتها على الوضع فيما بعد.
أما في سورية فمن الصعب ، ومن الصعب ، ومن الصعب ايجاد نسخة مشابهة أو قريبة ولو 1% من بشار وأبيه ، لأنهما نسخة فريدة من الكائنات العضوية المتعضية ، التي قد لا تتكرر إلا كل مليون سنة مرة واحدة .
فكيف تفرط أمريكا واسرائيل وأوروبا ، بهذه اللقطة الفريدة ، التي عثروا عليها بين ركام ملايين الكائنات المتعضية ؟؟؟؟!!!
إن أمن اسرائيل واستقرارها وتمتعها بالهدوء والطمأنينة والسلام مهم جدا لدى أمريكا وأوروبا ، بل أهم من دولهم بالذات ، وطالما أنها استمتعت وتلذذت وانتشت بهذه النعمة العظيمة ، طوال 41 عاما على يد المدعو حافظ ومن بعده ابنه ، فكيف يطيب لها أن تنزع منها هذه النعمة ، بعد مكابدة ومعاناة وألم وجراح طوال 24 سنة من بعد الإستقلال في 1946 إلى عام 1970 في عشية أو ضحاها ، بدون تأمين البديل ؟؟؟؟!!!
وبعد هذا التحليل والتشريح المبسط السهل للواقع السوري ، وللمحيط العربي والدولي ، يستطيع أبسط الناس تفكيرا وذكاء ووعياً ، أن يفسر مواقف مختلف الأطراف والجهات من الثورة السورية ، وخاصة المواقف الدولية ، التي تعربد وتهذي وكأنهم سكارى ، وما هم بسكارى ، ولكنهم يمتطون خشبة المسرح ، ليعلنوا تنديدهم بجرائم بشار ، وينذرونه ويهددونه بالويل والثبور ، ثم يغيبون وتأخذهم سنة من النوم ، ثم يصحون مذعورين على وقع سفك الدماء ، وسقوط الضحايا بالآلاف ، فيصعدون خشبة المسرح مرة أخرى ، وتسيل دموع التماسيح من مآقيهم الناعسة ، حزنا وألما – هكذا يزعمون – على الدماء البريئة ، التي تسفك على مذبح الحرية ، ولكن لسان حالهم يقول غير ذلك :
ويلك يا بشار ، لماذا لم تنته حتى الآن من القضاء على هذه الثورة ، أو على هذه الشرذمة من الناس ، لقد نغصت علينا حياتنا ، وعكرت مزاجنا ، وشغلت أوقاتنا ، بالحديث عنك وعن شعبك ، أعطيناك الفرصة تلو الفرصة ، وهذه سبعة أشهر مضت ، ولم تخلصنا من هؤلاء الرعاع ، لقد أحرجتنا أمام شعوبنا وأقلقت راحتنا ، عجل يا بشار ، واقض على هذه الجراثيم ، التي انتشرت في كل مكان .
قد يقول قائل: إنك تخرف ، أو قد جاءتك توارد أفكار خيالية وهمية ، ولكن وأيم الله ، إنه الواقع الحقيقي العملي المطبق على الأرض ، ولا يعي هذا الأمر إلا لمن كان له بصيرة ، أو ألقى السمع وهو شهيد .
ولا يقولن أحد أن هذا الواقع مدعاة لليأس والقنوط والإحباط ، فلا يقول بهذا الكلام إلا من يعتقد أن النصر من الدول الغربية أو الشرقية أو العربية ، وفي هذا الإعتقاد خطر عظيم على عقيدة الإنسان أيا كانت عقيدته ومذهبه ، وخطر على شخصيته وتكوينه النفسي والعقلي ، أما الذي يعتقد اعتقادا جازما يقينيا قاطعا باتا ، بأن النصر من عند الله ، وأن الله غالب على أمره ، ولكن أكثر الناس لا يعلمون ، لا يزداد إلا تيها وعظمة وشرفا ، بأن الله اصطفى شعب الشام – الذي تكفل بهم – ليورثه الأرض ، ويمكن له فيها ، بعد أن يطهرها من الفاسدين والمفسدين ، وأن يمنحهم النصر من عنده وحده ، بدون أن يتدخل عبيده المهازيل ، فيمنوا عليهم ، ويعيروهم ويتشرطوا عليهم .
غير أن لي كلمة أخيرة أوجهها إلى الناس الطيبين المخدوعين المضًلًلين ، والذين يرددون عن سذاجة وبساطة الأقوال المنكرة ، بأن سورية ستصاب بالخراب والدمار ، إذا زال بشار ، وكأنه هو وأبوه خلقا سورية من العدم ، وأوجداها إلى الحياة بعد أن كانت غائبة عن الوجود والشهود .
ألم يقرأ هؤلاء تاريخ سورية التي عمرها آلاف السنين وهي أقدم بلاد العالم ، ألم تكن دمشق عاصمة أول دولة إسلامية تمتد حدودها من نهر السند في باكستان وطاجكستان وأفغانستان شرقا إلى الأندلس غربا ، ألم يكن الناس يعيشون في أمان وسلام قبل عائلة الأسد ؟؟؟ ألا يوجد بين أربعين مليون سوري في الداخل والخارج من يملك موهبة وجدارة وقدرة إدارة سورية إلا هذا الصبي بشار؟؟؟؟!!