بسم الله الرحم الرحيم

هيجيل: "التاريخ تطور فكرة الحرية"... ما نصيبها من الحرية الثورة السورية كجزء من الثورة العربية الكبرى المباركة،،،

العروبة بين ثورتين كبريين، ثورة قومية بدأت حياتها مشوبة بالعمالة و قد أفلست الآن، و ثورة قومية قائمة خالصة حرة مستقلة سيادية، الزائلة ترمي القائمة بدائها و لكن لا تنسل!!

.... الضعف و بالتالي الاضطرار إلى طلب النصرة و العون حتى من العدو،،،، بداية العمر و كل طور منه....

قال تعالى: " اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ ".

الآية تتحدث عن الضعف العمري، بسبب أنها قرنت الضعف الآخر بالشيبة، لكن كل مرحلة من العمر طويلة أو قصيرة تبدأ بضعف و تنتهي بضعف.

قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: "إن هذا الأمر يكون رسالة ثم خلافة إلى مشاء الله تعالى، ثم يكون ملكا عضوضا إلى ما شاء الله تعالى، ثم يكون ملكا جبريا إلى ماشاء الله تعالى، ثم يكون خلافة على منهاج النبوة"

الملك العضوض كان الحكم العربي الأموي و العباسي، و الملك الجبري كان حكم المماليك و العثمانيين و الصفويين، أما الخلافة على منهاج النبوة فقد بدأت بمصيبة غزو نابليون للبلاد العربية.

مرحلة الخلافة كالعادة كانت بدايتها الضعف المتناهي، حتى أن العرب لم يكونوا هم أصحاب نهضتهم في مصر، و لم يكن مستهجنا مستنكرا أن يحكم مصر عائلة أوروبية أو أن تقوم مصر تحت حكم الألبان بغزو الجزيرة العربية، ما يدل على ضعف الشعور القومي.

الأنظمة الجمهورية المفلسة سياسيا و المجرمة التي تتهاوى الآن، لم تكن يوما حرة بريئة من العمالة متمنعة على التدخل الأجنبي، بل إنها تعكزت عليه حتى وصلت إلى السلطة عن طريق الانقلابات و الثورات التصحيحيات.

القومية العربية المفلسة بدأت حياتها بثورة ضد تركيا المتوحشة، و التوحش دال على الإفلاس السياسي، قوميتان تركية و عربية بسبب فقرهما المعنوي بدأتا سيرورتهما بالانبهار بالغرب و الإتكال عليه و الالتحاق بمشاريعه الاقتصادي و السياسي و العسكري و الثقافي و الفني،، الخ....

بدأت الثورة العربية الكبرى من مكة بقيادة شريفها الحسين، و بدأت معتمدة على بريطانيا و فرنسا، ليس بسبب نفاق أصيل أو رداءة معدن يحرفها بمزاجها و اختيارها نحو العمالة، بل كانت مضطرة لأن تشوب حياتها العمالة و خيانة النفس بسبب ضعف حالها و فقرها في الحس و المعنى.

الثورة العربية الكبرى الحالية اشتعلت على الأنظمة الجمهورية الفاقدة للشرعية بسبب جمودها و استكبارها و انكارها لحقائق الوقت المستجد،و بالتالي استعصاءها على الإصلاح، بينما الأنظمة الملكية تتمتع بالمرونة الكافية التي من شأنها أن تمكنها من التكيف مع طبيعة القرن الواحدة و العشرين ، من أجل تجديد صلاحيتها و استعادة شرعيتها.

لكن بماذا تمتاز عن الثورة العربية الكبري المعاصرة للحرب العالمية الأولى هذه الثورة العربية الكبرى الحالية التي بدأت من إقليم المغارب لا من إقليم الجزيرة و انتقلت إلى أقاليم النيل و الفرات و الجزيرة في اليمن.

إنها تمتاز بالغنى المعنوي و الثقة بالنفس و الصدق الذي يدل عليه الإصرار و المثابرة و الإقدام و البطولة و الشجاعة حتى البطولة، و الصبر و الإستهانة حتى أن تعتقله السلطة و تنكل به لا يتردد في استناف المشاركة في الثورة، و تمتاز بأنها إنسانية بمقابل بهيمية النظام، إذ أن الغضب و الكراهية من خصائص الحيوان، بينما الإنسان خصائص الحكمة و السياسة و الرفق و النزاهة.

جميع ما تقدم ذكره و ما فات، يثبت استطاعة الثورة أن تكون حرة مستقل سيدة قرارها في تعاملها مع العالم، لا يستطيع العرب و ليس مطلوبا منهم منطقيا أو شرعيا أن يقطعوا العلاقات مع العالم حتى يثبتوا براءتهم من العمالة و الخيانة، طبيعي أن تطلب الثورة العربية في كل قطر عربية النصرة من الأجنبي على النظام الكافر المجرم المتشبث بالحكم بدون حق، و العمالة و الخيانة تثبت بعلاقة تجارية مثل بيع الغاز لإسرائيل بسعر أقل من التكلفة، كما كان يحصل في جمهورية مبارك المخلوع.

و العمالة و الخيانة تثبت و يجب أن تلحظ بسب نفورها و خطورتها في العلاقة الثقافية مع العالم، وصف حزب البعث بأنه إشتراكي ماذا يعني غير العمالة الثقافية و الخيانة للإسلام، و يعني قبل كل شيء ضعف الثقة بالنفس و الإنبهار بالأجنبي لدرجة استيراد منه بضائع مزيفه، نحن العرب الوحيدون في العالم اللذين عندهم الأصيل من جنسها، ما هي الإشتراكية و أخواتها غير عقيدة و شريعة، أين دين وضعي، أي دين مزيف، و عند العرب فقط الدين الأصلي المعتبر المتقبل من الله تعالى.

لم تكن العروبة تستطيع أن تخرج أقصى إمكاناتها من العدم إلى الوجود في القرن الماضي، لذا اضطرت لأن تشوب حياتها بالعمالة و الخيانة و الإتكال على الأجنبي في كل شيء حتى في العقائد و الشرائع، و بسب هذا المرض الأصيل في القومية العربية المفلسة و الزائلة، تتهم الأنظمة الجمهورية القائمة الثورة العربية الكبرى الحالية بالعمالة و الخيانة و تنفيذ خطط تآمرية أجنبية، مصدقة المثل: "رمتني بدائها و انسلت"، لكن الأنظمة الكافرة و المجرمة لم تنسل، بل تريد أن تقيم حد العمالة و الخيانة على الثوررة، بل أن تتوب و تعطي الفرصة للثورة العربية الكبرى الحالية للبدء بتحسين المشاريع القومية العربية، التي أهمها إحياء جثث المؤسسات القومية القائمة من مؤتمر القمة و الجامعة العربية و اتحاد المجالس النيابية و السوق العربية المشتركة،،، الخ...

لا شكل الثورة العربية الكبرى الحالية قادرة على تنفيذ مشروع اتحاد سياسي عربي، و لن تبقى الوحدة العربية مؤجلة أو تعاني من التجارب القصيرة كتجربة مصر و سوريا أو الضعيفة كتجربة اليمن أو المحاولات الفاشلة، أو التجارب الهزيلة كمجلس تعاون دول الخليج العربي، و السبب أن العروبة قد كشفت عن أقصى إمكاناتها و أحسن مزاياها في هذه الثورة العربية الكبرى التي هي فاتحة عهد قومي جديد، واعي يعرف ما يحتاجه من أمم الشرق و الغرب فيتقبله و يستورده و يعرف أن أمم الشرق و الغرب تحتاج إلى الدين مستمر الصلاحية إلى يوم القيامة، و بذلك بتكامل العالم، و تكتمل تشكيلة كل أمة من إبداعها و اقتباساتها من سائر الأمم، و غير هذا ليس للعالم من نظام جديد يصلح لهذا القرن المشهود.

....................................

إبن رجب الشافعي

السبت 17\9\2011 مــــــ