يخشى الكثير من حكام العالم من عدم توفر البديل من أجل قيادة سوريا كدولة ديموقراطية حديثة

بل يمكن أن نقول أن حكام العالم يتوهمون فهم لايعرفون الشعب السوري ولا يعرفون العقول والحكماء في سوريا

سوريا تحمل المفكرين والعلماء الذين يقودون أمما وليس سوريا يقودون مجتمعات مختلفة ينشرون فيها العدل والمساواة ويحافظون على كرامة الناس

أما من يحكم سوريا الآن هم مجموعة من العصابات المسلحة الجاهلة التي لم تصل بالعلم إلى هذا المنصب عصابة الأسد التي تستخدم القوة ونهب خيرات المجتمع بالقوة وتحت شعار الدولة من أجل بسط سيطرتها على الحكم وكذلك تقوم بصناعة الفتن المحلية لتفرق بين الناس والفتن الخارجية كي يبقى كرسي الحاكم لديها سليما بعيدا عن تفكير الشعوب

لكن هذا الكرسي لا يدوم لأحد خاصة الظالمين والمفسدين

أما عن العقول والمفكرين في سوريا فهم من أخيار الناس وأكثرهم علما وفطنة ودراية

منهم علماء الدين والأطباء والمهندسين والمعلمين في كافة المجالات خاصة أساتذة الجامعات المهجرين والمجتمع في سوريا مليء بالقادة القادرين على حماية المجتمع والدولة

لكن كيف نختار هذا الشخص هذا يعود للشعب الذي حرم من حرية الاختيار أكثر من أربعين عاما

ولقد وضعنا خطوطا عريضة للدستور السوري المعدل في موضوع سابق ووجدنا من خلال بعض التعليقات إدراك الشعب السوري ووعيه ودرجة تحمله للمسؤولية

ماهي مواصفات الدولة السورية الحديثة :

1 - سوريا مجتمع خليط ممزوج بكل أطيافه ومعتقداته وهذه البنية تعطي للشعب السوري ميزة مختلفة عن كل دول العالم هذا المجتمع متآلف مترابط متعاون يعيشون أخوة فيما بينهم على الرغم من اختلاف البنية العقائدية أو المجتمعية

2 – سوريا عاشت طيلة قرون مضت في ظل المتغيرات بلدا مترابطا على الرغم من تكرار غزوها من قبل المستعمرين فكان فيها المجتمع بمختلف أطيافه يدا واحدة . لكن في ظل هذه العصابة المجرمة حيث اصطنع هذا النظام الطائفية كلمة يهدد بها المجتمع السوري من أجل بسط سيطرته ونفوذه على الدولة ولكن بعد الوصول إلى حقيقة هذا النظام والتعرف عليه فإن فكرة الطائفية ملغية من فكر الشعب السوري على الرغم من تجنيد مجموعة من الطائفة العلوية للمشاركة في قتل الشعب السوري لكن هذا الأمر سيكون عابرا في تاريخ سوريا وسيزول هذا الأمر بزوال هذا النظام إن شاء الله .

3- سوريا ( العدالة )

إن العدل من أهم المبادئ الإسلامية التي تحقق سعادة الفرد والجماعة وهو من المفاهيمالإدارية العظيمة التي ينبغي تفهمها وإدراك معانيها وأهميتها في نجاح العمل الإداريسواء كــان ذلك تربوياً أو غير ذلك ، يقول الزهراني ( 1405هـ ) : (( الإنسان يحتاجإلى العدل في شتى جوانب حياته فهو يتعامل مع أفراد مختلفين لا تجمعه بهم صلة أوقرابة ، أو معرفة . فإذا كان شعار أفراد المجتمع العدل ، فإنه سيعيش وهو مطمئن لأنهلن يظلم وسيأخذ كل حقوقه ومطالبه بدون عناء مهما كانت منزلته )) ص 283 .

المقصود بالعدل :

يقصد بالعدل لغوياً ما ذكره مجدالدين الفيروز آبادي ( 1407 هـ ) (( العدل : ضد الجور ، وما قام في النفوس أنهمستقيم )) ، ص 1331 ، أما جبران مسعود ( 1401 هـ ) : (( عدل : انصاف ، وكان عادلاًفي الأمر ، استقام فيه )) ، ( جـ 2 ، ص 1010) .

نال مفهوم العدلاهتمام العديد من المفكرين فعملوا على تعريفه وتحديده . من هذه التعريفات لمفهوم العدلما عرفه الجرماني ( 1403 هـ ) بقوله : (( العدل مصدر يعني العدالة وهو الاعتدالوالاستقامة وهو الميل إلى الحق ) ص 147 .

يقول ابن قيم الجوزية ( ت 597 هـ ) : (( إن الله سبحانه وتعالى أرسل رسله ، وأنزل كتبه ليقوم الناس بالقسط ،وهو العدل الذي قامت به الأرض والسماوات ، فإذا ظهرت إمارات العدل وأسفر وجهه بأيطريق كان ، فثم شرع الله ودينه )) ص 14 ،والأمة الإسلامية مكلفة بتحقيقالعدل في الأرض وأن تبني حياتها كلها على أصول العدل حتى تستطيع أن تحيا حياة حرةكريمة ، ويحظي كل فرد في ظلها بحريته ، وينال جزاء سعيه ، ويحصل على فائدة عملهوكده .

أدلة من القرآن الكريم :

العدل مما أمر بهالله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم ، إذ تستقيم الأمور وتسير في مسارها الصحيح ،وبه تطمئن النفوس إلى نيل حقوقها واستيفائها والوفاء بها .

1
ــ قالتعالى : ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكروالبغي يعظكم لعلكم تذكرون ) سورة النحل آية 90 .

يقول القرطبي( 671هـ ) في تفسيره لهذه الآية :

(روي عن عثمان بن مظعون أنه قال : لما نزلت هذه الآية قرأتها على علي بن أبي طالب رضي الله عنه فتعجب فقال : يا آلغالب ، اتبعوه تفلحوا ، فوا الله إن الله أرسله لأمركم بمكارم الأخلاق ( جـ 10، ص (109).

يقول قطب ( 1412هـ ) في هذه الآية :
جاء ( العدل) الذي يكفل لكل فرد ولكل جماعة ولكل قوم قاعدة ثابتة للتعامل ، لا تميل مع الهوى ،ولا تتأثر بالود والبغض ، ولا تتبدل مجاراة للصهر والنسب والغنى والفقر ، والقوةوالضعف . إنما تمضي في طريقها تكيل بمكيال واحد للجميع ، وتزن بميزان واحد للجميعوإلى جوار العدل .. ( الإحسان ) .. يلطف من حدة العدل الصارم الجازم ، ويدع البابمفتوحاً لمن يريد أن يتسامح في بعض حقه إيثاراً لود القلوب ، وشفاء لغل الصدور . ولمن يريد أن ينهض بما فوق العدل الواجب عليه اليدوي جرحاً أو يكسب فضلاً )) ، ( جـ14 ، ص 2190( .

2
ــ قال تعالى : ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات , إلى أهلها إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به ، إن اللهكان سميعاً بصيرا ) سورة النساء آية 58.



وهنا في هذه الآية الكريمةأمر من الله سبحانه وتعالى للحكام وكل من رعى رعية أن يحكم بينهم بالعدل وقد ذكرسيد قطب ( 1412هـ ) في هذه الآية :



))
فأما الحكم بالعدل بين الناس، فالنص يطلقه هكذا عدلاً شاملاً ( بين الناس ) جميعاً لا عدلاً بين المسلمين بعضهموبعض فحسب وإنما هو حق لكل إنسان بوصفه (( إنساناً ))فهذه الصفة ــ صفة الناس ـ هيالتي يترتب عليها حق العدل في المنهج الرباني . والأمة المسلمة قيمة على الحكم بينالناس بالعدل ـ حتى حكمت في أمرهم ـ هذا العدل الذي لم تعرفه البشرية قط ـ في هذهالصورة ـ إلا على يد الإسلام . وذلك هو أساس الحكم في الإسلام )) الجزء الخامس ، ص689.



3
ــ قال تعالى : ( يا أيها الذين ءامنوا كونوا قوامين للهشهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقواالله إن الله خبير بما تعملون ) سورة المائدة آية8.

وفي هذه الآية الكريمةبين الله سبحانه وتعالى أن العدل أقرب إلى التقوى .

4
ــ قال تعالى : ( وضرب الله مثلاً رجلين أحدهم أبكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه أينمايوجهه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم ) سورة النحلآية 76 .

في هذه الآية الكريمة أشار الله سبحانه وتعالى إلى أن منيحكم بالعدل ويتوخاه فإنه على صراط مستقيم ، ومن يسكت عن إعلان الحق فهو أبكم لايقدر على شيء ولا يستفاد منه شيء .

أدلة من السنة النبوية الشريفةعلى العدل :

1
ــ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسولالله صلى الله عليه وسلم : (( إن المقسطين عند الله على منابر من نور ، عن يمينالرحمن عز وجل ، وكلتا يديه يمين ، الذين يعلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا )) رواهمسلم ، ( جـ 12 ، ص 211) .

2
ــ عن أبي هريرة رضيالله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلاظله الإمام العادل ، وشاب نشا بعبادة الله ، ورجل قلبه معلق في المساجد ، ورجلانتحابا في الله ، اجتمعا عليه وتفرقا عليه ، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال : إني أخاف الله ، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها ، حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله ، ورجلذكر الله خالياً ففاضت عيناه )) رواه مسلم . ( جـ 7 ص 121 (



3
ــعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( إنما الإمام جُنةيقاتل من ورائه ويتقى به ، فإن أمر بتقوى الله عز وجل وعدل ، كان له بذلك أجر ، وأنيأمر بغيره كان عليه منه )) رواه مسلم ، ( جـ 12 ، ص 230 9 .



4
ــعن النعمان بن بشير قال : (( تصدق عليّ أبي ببعض ماله فقالت أمي عمرة بنت رواحة : لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأنطلق أبي إلى النبي صلى اللهعليه وسلم ليشهد على صدقتي فقال له رسول الله عليه وسلم : أفعلت هذا بولدك كلهم ؟قال لا قال : اتقوا الله واعدلوا في أولادكم فرجع أبي فرد تلك الصدقة )) رواه مسلم، ( جـ 11 ، ص 67).



5
ــ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : (( بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قاضياً ، فقلت : يا رسول الله ،ترسلني وأنا حديث السن ، ولا علم لي بالقضاء ؟ فقال : إن الله سيهدي قلبك ، ويثبتلسانك ، فإذا جلس بين يديك الخصمان ، فلا تقضين حتى تسمع من الآخر ، كما سمعت منالأول فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء ، قال : فما زلت قاضياً أو شككت في قضاء بعد ، )) أخرجه أبو داود ، ( جـ 3 ، ص 301) .

تطبيق مفهوم العدل في صدرالإسلام :

لا غرور أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أول من يطبق مايوحي إليه من ربه سبحانه وتعالى ، فقد روت عائشة رضي الله عنها ، أن قريشاً أهمتهمالمرأة المخزومية التي سرقت ، فقالوا من يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ ومنيجترئ عليه إلا أسامة حب رسول صلى الله عليه وسلم ؟ فكلم رسول الله صلى الله عليهوسلم فقال : (( أتشفع في حد من حدود الله ؟ )) ثم قام فخطب ، فقال : (( يا أيهاالناس إنما ضل من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق الضعيففيهم أقاموا عليه الحد , وايم الله ، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت ، لقطع محمد يدها )) رواه البخاري ، ( جـ 7 ، ص 329 (.

فكان ذلك من رسول الله صلىالله عليه وسلم قمة العدالة وتنفيذ لأوامر الله سبحانه وتعالى على الشريف الضعيفوتدريباً عملياً لأصحابه على تطبيق العدل .



ومن صور العدل ما أوردهأبن هشام ( 218 هـ):

((عن أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلبمنه القصاص لأنه يعرف أنه عادل وكيف لا يكون كذلك وهو يدعوا إليه (( إن رسول الله صلى اللهعليه وسلم عدّل صفوف أصحابه يوم بدر وكان في يده قدح يعدل به وكان (( سواد بن غزية )) خارجاً من الصف فطعن بطنه بالقدح وقال استو يا سواد . فقال سواد : يا رسول اللهأوجعتني وقد بعثك الله بالحق والعدل قال : فاقدني . فكشف الرسول صلى الله عليه وسلمعلى بطنه وقال استقد ( اقتص ) يا سواد ثم قام سواد وقبل بطن المصطفى عليه الصلاةوالسلام حباً له حتى يكون آخر العهد أن يمس جلده جلد النبي صلى الله عليه وسلم )) ، ( جـ 2 ص ، 202) .

أورد ابن الأثير في جامع الأصول الواقعة التالية عن عمربن الخطاب ( ت 606 هـ ) : (( عن سعيد بن المسيب يرحمه الله (( أن مسلماً ويهودياًاختصما إلى عمر ، فرأى الحق لليهودي ، فقضى له عمر به ، فقال له اليهودي : واللهلقد قضيت بالحق ، فضربه عمر بالدرة ، وقال : وما يدريك ؟ فقال اليهودي : والله إنانجد في التوراة أنه ليس من قاضٍ يقضي بالحق إلا كان عن يمينه ملك وعن شماله ملكيسددانه ، ويوفقانه للحق ، ويوفقانه للحق ما دام مع الحق ، فإذا ترك الحق عرجاءوتركاه )) جامع الأصول ، ( جـ 10 ، ص 170) .



وللعدل ثمرات طيبةيوضحها الجزائري ( د . ت) :

((روى أن قيصراً أرسل إلى عمر بنالخطاب رسولاً لينظر أحواله ويشاهد أفعاله ، فلما دخل المدينة سأل عن عمر وقال : أين ملككم ؟ فقالوا : مالنا ملك بل لنا أمير قد خرج إلى ظاهر المدينة ، فخرج فيطلبه فرآه نائماً فوق الرمل ، وقد توسد درته ، وهي عصاً صغيرة كانت دائماً بيدهيغير بها المنكر ، فلما رآه على هذه الحال وقع الخشوع في قلبه وقال : رجل يكون جميعالملوك لا يقر لهم قرار من هيبته ، وتكون هذه حالته ، ولكنك يا عمر عدلت فنمت,,وملكنا بجور ، فلا جرم أنه لا يزال ساهراً خائفاً )) ، ص 211 .



لذلك نسعى أن تكون سوريا رمزا للعدالة السماوية في الأرض سيكون المجتمع السوري بتنوعه الجميل مجتمعا مبنيا على العدالة السامية التي لا يسلب ولا يهدر فيها حق

هناك عدالة فردية وعدالة اجتماعية

ففي العدالة الفردية : إعطاء كل فرد في سوريا مايستحقه من حقوق تحفظ له الكرامة والحرية والإنسانية في كل مكان وزمان دون أن يضر ذلك في حقوق الآخرين من الناحية الأخلاقية أو الاجتماعية أو الإنسانية أو الاقتصادية

أما العدالة الاجتماعية : فهي إعطاء جميع أطياف المجتمع الحرية في ممارسة العقائد دون التدخل فيها وإعطاء حرية التفكير من أجل البحث عن الحق والصواب في كل المجالات دون أن يمس ذلك بالعقائد السماوية أو الجوانب الأخلاقية في المجتمع

4 – سوريا (عدالة اقتصادية ):

لا بد للدولة من توفير الحد ا\لأدنى للحياة المعيشية وتوزيع الخيرات الموجودة في البلد على جميع المواطنين حسب الكفاءات , والعمل على التنمية الاقتصادية في الدولة من أجل الرقي في الوضع الاجتماعي والمعيشي للمواطن

5- سوريا عدالة تعليمية :

العلم مهم جدا للرقي في المجتمعات وبناء حضارات الأمم ونظرا لتعرض الدولة السورية في عهد الظلم والاستبداد في عهد النظام البعثي الأسدي لعمليات انتقائية بالتعليم من أجل إحداث تغييرات فكرية وعقائدية خاصة في مجال البعثات والدراسة خارج القطر وانتقاء مدرسين بعينهم في الكليات والجامعات من أجل إضعاف المجتمع السوري وحتى في الجيش تم تسريح أو إبطال الرتب العليا من جماعات معينة من الشعب وانتقاء مناصب وأماكن من القيادة لتسليمها لمجموعة منتقاة من طائفة واحدة من أجل استغلال الجيش والسيطرة عليه لحماية أشخاص وليس لحماية المواطنين

5- سوريا - السلام : -----------------------------سنتابع قريبا إن شاء الله



د/ حفيد الفاروق