بسم الله الرحمن الرحيم
منقول من جريدة النهار اللبنانية.......................................
النظام السوري و وهم حماية الأقليات!
في حوار جرى قبل شهرين، قال أحد رجالات الدين المسيحيين لسياسي مخضرم: ويلنا نحن المسيحيين... ماذا سيحصل لنا اذا سقط بشار الأسد؟ أجابه السياسي المخضرم: بل قل ما الذي يمكن ان يصيبنا أكثر مما أصابنا من النظام السوري! ثم عرض له شريط العلاقات بين السوريين و المسيحيين في لبنان، بدءاً من تحريض المسلمين قبل 1975 لإسقاط التركيبة اللبنانية، وصولاً الى إخراج المسيحيين من المعادلة السياسية الفعلية سنة 1990، مروراً بكل الاغتيالات و عمليات القصف و الخطف و التنكيل و الاجتياحات المنظمة و تهجير المسيحيين من عشرات المناطق، و دفعهم الى ترك البلاد بمئات الآلاف... و ختم السياسي سائلاً: هل تعتقد ان هناك ما يفوق ذلك ظلماً لنا نحن المسيحيين؟ هنا هزّ الحَبرُ برأسه دون زيادة.
ليس سراً ان النظام في سوريا يعمل بقوة على إخافة ما يسمى الأقليات المسيحية في البلاد من "بعبع" السنّة القادمين، حسبما يروّج النظام، لتحويل النظام أصولياً متشدداً. و قد عملت الماكنة الدعائية للنظام على لعبة ايحاء خطر أصولي سلفي من خلال الترويج لرواية ان الأزمة في سوريا هي بين الدولة و عصابات إسلامية متشددة من قبيل القاعدة! كما عملت على الإيحاء ان النظام الذي يرتكز على أقلية علوية هو الوحيد القادر على حماية المسيحيين لأنه في وضع شبيه بوضعهم. و هذا تماماً ما حاولوا ويحاولون ان يدخلوه في عقول دروز سوريا لدفعهم الى الانخراط في المعركة المسلحة ضد الشعب الثائر. و حتى الآن نجحوا في استمالة تأييد عريض في الأوساط المسيحية، فيما فشلوا في توريط الدروز. و عاجلاً أم آجلاً سيكون دروز سوريا في طليعة ثورة الحرية و الكرامة. أما الشارع المسيحي السوري، فالأمل كل الأمل ان يدرك ان المواطنة ليست مجرد العيش ككائنات بيولوجية تأكل و تشرب و تنام كما يريدها النظام ان تبقى الى أبد الآبدين.
من المؤسف حقاً ان يكون في لبنان، ولا سيما في الوسط الكنسي على اختلاف مشاربه، من يرى في الثورة السورية خطراً على المسيحيين، مسقطاً في ذلك التجربة العراقية، و ما يحصل في مصر، و ثورة شعبية يقوم بها شعب مظلوم في سوريا ضد إطار مافيوي مخابراتي يقوم على حكم عائلة وقلة متنفذة لم تتأخر يوماً عن قتل المئات لا بل الآلاف من أجل تأبيد السجن الكبير، ليس في سوريا فحسب بل في لبنان أيضاً على مر أربعة عقود، و في ظن هؤلاء ان خير المسيحيين هو في الاكتفاء من الحياة الوطنية بنعمة التنفس بدل ان يكون لهم دور في صوغ مستقبل البلاد على نحو مغاير لما هو قائم اليوم. فالنظام في سوريا آيل الى السقوط مهما طال أمد القتل، و ما كان يصلح لما قبل الخامس عشر من آذار 2011 ولّى الى غير رجعة. و من تلوّثت أيديهم بدماء شعبهم لن يكونوا جزءاً من مستقبل بلادهم. من هنا دعوتنا الى مسيحيي سوريا و بعض مسيحيي لبنان و لا سيما بعض أحبار الكنائس ان يقرأوا جيداً الواقع على أرض سوريا و لبنان كذلك، و أن يحاولوا التفكير ليس بعقل الأقليات الخائفة الهلعة بل بمنطق الفئة الرائدة التي تريد أن تكون جزءاً من مستقبل سوريا و لبنان على حد سواء...
علي حمادة
...............
تعقيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــب
لا يملك المسلم إلا أن يتعجب من الموقف الشعوري للمسيحيين، على افتراض أن الإخوان المسلمين و أكثر الإسلاميين السلفيين و حتى القاعدة نفسها قد حكمت سوريا غدا بعد انتصار ثورة الشعب إن شاء الله تعالى، ماذا يمكن أن يصيب المسيحيين من القاعدة؟ في أي بلد و أي عصر منذ ألف و أربعمائة سنة من عمر الأمة الإسلامية اقترفت جريمة تطفيش أربعة أخماس المسيحيين، و هو ما حصل في الأربعين سنة الماضية، لعلم أهل الكتاب المسيحيين أنه في العراق و إلى نهاية حكم صدام حسين كان لا يزال فوق االنصف مليون نسمة من الإيزيديين، و هم بالمنظور الإسلامي كفار، و الآن و بعد أقل من عشر سنوات من الحكم المجوسي الصفوي في العراق العالم كله يعلم أصناف الجرائم المقترفة في العراق ضدهم و ضد المسيحيين و ضد المسلمين.