بسم الله الرحمن الرحيم
هذا الكلام عقبت به على مقال لمؤسس الموقع (الأدمين)، و رأيته يصلح للتعقيب على هذا المقال أيضا............لذا كررته هنا......
: "و لكن مركب الثورة يحتاج لقائد"
: "و ها هي البوادر (اخشى ان يستلم قيادة هؤلاء الشباب المتحمس في الشارع , متسلق , او صياد في المياه العكرة) قد لاحت في تشكيل مجلس في تركيا لم يستشر اعضائه, لا بل اذيعت اسمائهم بدون ان يعرفوا."
لا شك أن اللذين أعلنوا تشكيل المجلس الانتقالي كان دافعهم إلى تشكيله الخوف على الثورة، و كان قصدهم أن يقدموا الحلول لمشاكل الثورة التي تعيق مسارها و تنذر بتبديد زخمها، و أخطر هذه المشاكل بداهة غياب القائد، و لم يكتفوا بانتقاء المشهود لهم من الشعب السوري أنهم خيرته و صفوته، بل دفعهم الاستعجال لتصرف فضولي، و هو قيامهم بتعيين رئيسا للمجلس بل و تعيين مستشارين له أو مكتبا سياسيا لمساعدته أيضا.
ربما كان التصرف الأحسن هو الاكتفاء بتسجيل قائمة بأسماء صفوة الشعب ثم التمني عليهم الاجتماع ليقوموا هم بأنفسهم باختيار أكرمهم رئيسا للمجلس في جلسة أولى يرأسها كبير السن حسب العرف الدستوري، ليقوم في نفس الجلسة الرئيس المنتخب بتثبيت من يقبل اختياره لعضوية المجلس أو قبول اعتذار من يرفضها، و يقوم في نفس الجلسة أو جلسة تالية بتشكيل مكتبه السياسي أو مستشاريه، و تكميل عديد المجلس بالطريقة التي يرتئيها مناسبة،، الخ..
هم استعجلوا تشكيل المجلس الانتقالي لتأسيس حضور للثورة على المسرح العالمي، و إيجاد ممثل للثورة ينطق باسمها و يخاطب رؤساء الدول و سفرائها و وزراء خارجتها، الفكرة جيدة لا شك، لكن العيب و الخطأ في التطبيق، يعني المشكلة صغيرة، إذا كنتم تجدون أن الأخ برهان غليون غير جدير بزعامة الثورة، يستطيع المعترضون عليه أن يقترحوا شخصا غيره، خاصة و أن تعيينه رئيسا للمجلس الانتقالي صار من غير علمه و لا مشورته، أي هو تعيين بالشكل فقط، لكنه بالمضمون لا يعني أكثر من تزكية و اقتراح و تمني على شخص رآه المبادرون أنه الأصلح لرئاسة المجلس الانتقالي، و رؤيتهم جدارته و أيضا رؤيتهم جدارة بقية من زكوهم و تمنوا عليهم قبول عضوية المجلس الانتقالي كانت حسب معايير التزموها، لم يستعملوا القرعة أو المزاجية أو المحسوبية أو العصبية، هي مبادرة جيدة ليس رديئة، التعيين لا يعدو التزكية و سواء رفض البعض سواء أقل المختارين أو أكثرهم أو حتى جميعهم لا يضر الفكرة الصحيحة و المسعى الحميد، و ضرورة المبادرة.
و بهذه المناسبة جدير بالذكر انه عند احتضار سيدنا أبا بكر الصديق رضي الله عنه نادى كاتبه بقصد تعيين خليفة بعده، لكن غلبته سكرة الموت فذهب في غيبوبة، و عندما أفاق منها وجد كاتبة قد سجل اسم سيدنا عمر بن الخطاب فأقره على تصرفه لأن هذا ما كان يريده الخليفة الأول منه أن يكتبه، المقصود من إيراد هذه السيرة أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد اختاره الخليفة و اختاره كاتب الديوان وليا للعهد و هو لا يعلم و لا أحد منهما لا الخليفة و لا كاتبة استشاره مسبقا، و كان يمكن لسيدنا عمر بن الخطاب أن يرفض هذه الأمنية لكنه قبل الخلافة، مبادرة الشباب ليست أكثر من أمل و تمني و تزكية و اقتراح، فلا تضخموها و تشوهوها و تنظروا إليها على أنها تلزيم و تسخير و تسلط و ربما فتوى و قضاء و تكليف شرعي.
إذا ليس يعجبكم الأخ برهان غليون، أقترح عليكم الكاتب العريق مستشار الملك فيصل نهاد الغادري، و تصرفي هذا فضولي جدا باعتبار أني لبناني، لكن إذا لم يعجبكم اختياري و نهاد الغادري أيضا لا يعلم اختياري له زعيما للثورة و لم استشره، يمكنكم أن تختاروا شخصا ثالثا و رابعا، أي شخص ناقص جدارة خير من العدم، و غياب القائد، أو اتركوا الأمر لمن بقي من قائمة المختارين لعضوية المجلس الانتقالي و كرروا التمني على الرافضين العضوية فيه، و تمنوا على غيرهم ممن ترونهم جديرين أن يقبلوا عضوية المجلس الانتقالي، للإسراع في إبراز رجل يمثل الثورة و ينطق باسمها و يخاطب رؤساء الدول و سفراءها و وزراءها، بغير ذلك من غير الممكن تأسيس حضور للثورة خارج سوريا على المسرح العالمي.
الخلاصة إن مبادرة الشباب في تشكيل المجلس الانتقالي و تعيين رئيسا له و مستشارين، هو اجتهاد و هم مأجورين عليه، إن شاء الله تعالى، و يستحقون الشكر من الثوار حتى المستهجنين المستنكرين تصرفهم، هو لا شك تصرف فضولي، و هذا هو حقيقة الاجتهاد لا غير، لأن حكم المجتهد لا حق و لا باطل، بين منزلة بين المنزلتين إذا اتفق أن وافق حكم الله فهو حق، و إذا خالف حكم الله يقع باطلا، و رغم ذلك يؤجر المجتهد الذي حكمه باطل، و يجزي التابع أو المقلد العامل بالحكم أو الفتوى الباطل، إذا استصوب التابع حكم أو فتوى الفقيه المجتهد المرجع، طالما أن العلم بالحق و الباطل عند الله سبحانه و تعالى.
00000000000000000000000
إبن رجب الشافعي
الجمعة 2\9\2011 مـــــــ