يا حماةُ أبشري
لقد كانت حماة -مذ كانت- الجبلَ الذي تتحطم على سفوحه حملاتُ البغي وتعجز عن بلوغ ذُراه كتائبُ العدوان، وما تزال حماة هي حماة، لا تُقيل ولا تَستقيل.
لقد علم المجرم ابن المجرم أن سوريا لن تنكسر وفيها حماة فآلى على نفسه أن يكسر حماة، ولكن حماة أكبر منه؛ معها الله العظيم ذو الجلال والإكرام، وفيها عمالقة الثورة وأبطالها العِظام، وسوف تبقى حِصنَ الثورة وحِضنَ الأمة على الدوام، ولسوف تفنى على أسوارها -بإذن الله- جحافلُ الغيّ والبغي والإجرام.
أتظن يا بشار، يا سليل المجرمين، أنك ستنجح اليوم فيما فشل فيه عمك وأبوك بالأمس ومجرمو البعث السابقون أولَ أمس؟ ما أبعدَ أملَك وما أشدَّ غرورَك! أما جرّب أبوك المجرم الكبير من قبل؟ أما حوّل الحياةَ في حماةَ والجمادَ إلى رماد؟ وها قد رأينا الثورة الحموية الكبرى كيف انتفضت وتفجرت من تحت الرماد.
لقد علمتُ أن النظام ما يزال يعقد الأمل على هزيمة الثورة، خيّب الله أمله ونقض مسعاه، وقدّرتُ أنه سيؤخر حماة إلى الأجل الأبعد فينتقم منها إذا فرغ من غيرها، فإنه لا قِبَل له بفتح فم البركان قبل أن يفرغ من سائر مناطق البلاد. أمَا وقد وصلت الحملةُ إلى حماة فإني بِتُّ على يقين أن هذا النظام المتهالك يحصي آخر أنفاسه في الحياة بإذن الله.
ما أكثر ما ارتكب النظام من أخطاء وخطيئات فأعاننا بفساد رأيه على نفسه، ولكن اقتحام حماة هو خطيئة الخطيئات، ولو أنه أحسن التفكير وأحكم التدبير لما دخل هذا المدخل... إن كنت أحسنتَ المدخل فأحسن المخرج يا أيها النظام، وأنّى لك أن تفعل؟ لن تفعل، فإن أجلك قد حان وإن قبرك في هذه الأرض في هذه الساعة يُحفَر، آنَ لسقوط عرشك الأوان.
ما رأيت عدواً لنفسه مثلك اليوم يا بشار، يا سليل المجرمين؛ لقد أوردت نظامَك المتهالكَ مسالِكَ المهالك، لقد مشيت برجلك إلى حتفك، اليوم يُكتَب الفصل الأخير من قصتك يا أيها البائس اليائس، اليوم تَنزع حماةُ الورقةَ الأخيرة من تقويم عمرك، لم يبق في تقويم عمرك ورقٌ بعد اليوم.
قد يسقط في حماة اليوم مئة شهيد أو ألف شهيد، رحم الله كل شهيد، ولكن حماة لن تركع للعدو الأثيم اللئيم. لم تنكسر حماةُ من قبلُ ولن تنكسر حماةُ اليومَ بإذن الله، وأبشروا يا ثوار سوريا: إنها خطيئة النظام القاصمة وإنها معركة الثورة الحاسمة؛ إني أرى على أرض حماة -بأمر الله- مصارعَ النظام ومجرمي النظام.
مجاهد مأمون ديرانية