كن مَحضَرَ خيرٍ :
بقلم : أبو ياسر السوري
7 / 10 / 2017
===============
هذه العبارة أشبه بالمثل ، تقال كلما تكلم أحد كلاما يمكن أن يثير فتنة أو نزاعا أو خصومة بين الناس .. فإذا اتفق وجود أحد العقلاء سارع لتنبيهه إلى خطورة كلامه ، وتوجيهه إلى الكف عما بدأ فيه .
وبينما كنت أتصفح بعض المنشورات عبر الفيسبوك ، رأيت أن الناشرين لا يريد أحد منهم أن يكون محضر خير . بل كلهم مجمعون على أن يكونوا محضر شر .. لماذا .؟ لست أدري .؟
نشر أحدهم وهو من حملة الدكتوراه كلاما قال فيه : وقفت مع مجموعة شباب دمشقيين أمام قبر جمال عبد الناصر فكنت أدعو عليه و أُشهدُ الله أن صاحبه ظالمٌ غاشمٌ طاغيةٌ .. فعلق على كلامه دكتور آخر قائلا : وكذلك فعلت من قبل في عام 1976 بعيد وفاته أخزاه الله بسنوات ..
طبعا أحد هذين الدكتورين من حملة الشريعة .. وكأن هؤلاء ما قرؤوا في السيرة النبوية أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أصحابه أن يلعنوا (أبا جهل) إكراما لابنه عكرمة الذي أسلم . قال المؤرخ المقريزي المتوفى عام 845 هـ في كتابه " إمتاع الأسماع " عند ذكر إسلام عكرمة بن أبي جهل : [ وطلبت أم حكيم وهي زوجة عكرمة أمانا لعكرمة وقد هرب إلى اليمن فأمّنه رسول الله صلى الله عليه وسلم . فخرجت إليه أم حكيم وعادت به حتى قدم إلى النبي . فلما دنا من مكة قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يأتيكم عكرمة بن أبي جهل مؤمنا مهاجرا ، فلا تسبوا أباه ، فإنّ سبّ الميت يؤذي الحي ولا يبلغ الميت .!! فلما رآه النبي وثب إليه فرحا ، فوقف - ومعه امرأته منتقبة - فقال : يا محمد ، إنّ هذه أخبرتني أنك أمنتني ! فقال : صَدَقتْ ، فأنت آمن .!! فأسلم عكرمة ] .
وتعليقا على هذا الخبر النبوي ، نقول لهؤلاء الشتامين : إن عبد الناصر ليس أكفر من أبي جهل . وإن له محبين بالملايين ، سواء أكانوا مخطئين في حبهم له أم مصيبين ، وشتمه يسوؤهم .. وينفرهم ممن يشتمه بحق أو بباطل .. وحصيلة ذلك حدوث نفرة وفرقة بين قلوب المسلمين ..
والسؤال لهؤلاء الدكاترة ومن هم على شاكلتهم في الخطاب الذي يؤسس للشرذمة والتفريق والتباغض ، نسألهم ونقول لهم : لماذا تزيدون المركب غرقا .. هل ينقصنا مزيد من الفرقة والتناحر والتباغض ؟ يا ناس اتقوا الله .. دعوا الأموات إلى ما قدموا . والله أعلم بهم منكم .. لماذا تزورون قبورهم وتلعنونهم .؟ هل هذا من تعاليم الإسلام الذي تدينون به .؟ وهل هذا من السياسة الشرعية الحكيمة .؟ إنكم بكلامكم هذا تكسبون ملايين الأعداء وأنتم لا تشعرون، وكم تشتمون أنتم حبيبهم عبد الناصر سوف يشتمون هم من تحبون ويناصبونهم الكراهية والبغضاء .
وطبعا أنا لا أقصد السوريين الذين يشتمون عبد الناصر خاصة ، وإنما أقصد أيضا من يشتمون صدام حسين .. ومن يشتمون أردوغان .. ومن يشتمون حكام الخليج كذلك.. إنني ضد الشتم والطعن في أي حاكم عربي أو مسلم ، إلا أبناء القردة والخنازير بشار وأخيه وأمه وأبيه وفصيلته التي تؤويه .. فقولوافي بيت الوحش ما شئتم ، فهم أعداؤكم وقد أذن الله لكم أن تفضحوا جرائمهم وفسادهم ، أداء للأمانة التاريخية ، وخدمة لمن سيأتي بعدكم من الأجيال ..
أما عن غيرهم ، فكمّموا أفواهكم عنهم ، ولا تنبثوا بأية كلمة تزيد من أعداد أعدائكم ، بل إن كلامكم الأعوج ؛ قد يُحوّل بعض المتعاطفين معكم إلى أعداء ألداء .. فرحم الله عبدا قال خيرا فغنم ، أو سكت عن شر فسلم ..