ما أشبه اليوم بالبارحة
بقلم حسام الثورة
قالوا التاريخ يعيد نفسه ويبدوا أن القمم الاسلامية العربية تعيد نفسها قمم لها عناوين براقة ولها مضامين خبيثة . البسطاء هم المخدوعون بالعناوين والجميع هم ضحايا المضامين يا له من زمان لايحمل في طياته ألا خيبات الأمل !! في عام 2012 وفي شهر رمضان المبارك عقدت في مكة المكرمة قمة إسلامية تحت عنوان عريض براق نصرة المسلمين في سوريا ومانيمار وكان الملك عبدالله يترأس هذه القمة والرئيس الأيراني ظل الله في الأرض محمود أحمدي نجاد ضيف الشرف والذي كان يجلس دائما إلى جوار الملك .
تسابق الخطباء وتبارى الشعراء وتبارز الفرسان وعلا صليل السيوف وعلا الغبار وظن المتفرجون أن الجيوش الاسلامية تحركت لرفع الظلم عن المسلمين وأن قوافل الأمداد قطعت الفيافي والقفار لتصل إلى الجوعى والمشردين ولكن ويا للأسف الغبار تكشف عن موضوع آخر لاعلاقة له بالعناوين فالعناوين تختلف عن المضامين نعم القرارات افتتاح مركز في الرياض للحوار مع الشيعة عودة طيران الخليج إلى إيران مع حسومات كبيرة في الأسعار فالوضع الإقتصادي في إيران متدهور ولابد من الكرم الخليجي لإنقاذ الموقف أليس هذا نصر للمسلمين ولاسيما في سوريا ليتم قتلهم بسرعة أكبر ؟؟؟
في الشهر المنصرم عقدت قمة على مستوى أكبر عربية إسلامية أمريكية وتحت شعار أعرض ولماع أكثر محاربة إيران وربما القضاء على أيران فالإرهاب الإيراني لم يعد يحتمل وغطرسة إيران زادت عن الحد , أيران تحتل عواصم عربية وتهدد مكة والمدينة وكان زعيم الحفل الملك سلمان وبقيادة محب الاسلام والمسلمين ترامب وعقيلته وابنتة وارتفعت الأصوات وبحت الحناجر وقال البسطاء من أمثالي ستمحى أيران من الوجود فقد بلغ السيل الزبا وهذه المرة قرعت الطبول أعلا وبلغ الغبار عنان السماء واختلط الحابل بالنابل ودفعت مليارات الدولارات ورقصت السيوف على أنغام التنديد بإرهاب حماس والدفاع عن إسرائيل التي تعيش في وسط إرهاب إسلامي , إذا هذا هو المضمون .
لقد انجلت المعركة ورفع الأبطال المنتصرون سيوفهم وإذا الضحية هي قطر ومن يتحدث باسم الاسلام ولا علاقة لإيران لا من قريب ولا من بعيد الأبطال المنتصرون هم صبيان زايد اللذين يعلنون العداء لكل ما يمت للاسلام والمسلمين والعروبة بصلة المنتصرون هم مصر السيسي الذي حباه شيخ الاسلام ترمب بالجلوس معه والتغزل بحذائه هذا الذي لا يترك مناسبة للنصارى إلا ويشارك فيها ولايترك فرصة لقتل المسلمين إلا ويقوم بها وهمه الأول والأخير هو إرضاء إسرائيل وأذناب إسرائيل , الأبطال هم ملك البحرين المعظم الذي لم تفوته فرصة التعزية بزعيم اسرائيل المجرم أما باقي الأذناب المنضمون فهم مجرد كمبرس
لقد انكشف الغبار عن الضحية كنا نتصور أن القتيل في أرض المعركة هي إيران كما هو عنوان هذا المؤتمر الخبيث وأن أشلاء إيران ملأت الفضاء وأنه لم يعد هناك دولة مجوسية تهدد أمن المنطقة وعلى رأسها دول الخليج كنا ننتظر الأخبار التي تقول أنه لم يبق محوسي على أرض العراق والشام واليمن كنا نتصور أن المحمرة ارتفع عليها العلم العربي كنا نتصور أنه لم يعد هناك من ينادي بالخليج الفارسي فقد عاد الخليج لأهلة والجزر الإماراتية عادت إمارتية لكن عندما صحونا من هذا الحلم لم نر شيئا من هذا كله , وكالعادة فقد كان الشعار في واد والمضمون في واد آخر , الشعار القضاء على أيران والمضمون هو دعم إيران وإسرائيل .
ترى هل حصل كل هذا الهجوم على قطر لإن أميرها قال إن حماس ليست إرهابية فهي تدافع عن أرضها لا شك أن هذا رد قوي على الضيف ترمب وإهانة له ومن عادات العرب أن الضيف لا يهان والشواهد في الجاهلية القديمة كثيرة وفي الجاهلية الحديثة أكثر وكيف إذا كان الضيف ليس ضيفا بل السيد والآمر الناهي والجميع من حوله لايرقون حتى لمرتبة العبيد لهذا كان رد الفعل شديدا إلى الدرجة التي نراها .
إن كل ما قامت به مؤسسات الاعلام الخليجية بعد إختراق مؤسسة الاعلام القطرية والاعلان الرسمي عن ذلك كان تهيئة المجتمع الخليجي لما حدث لاحقا وحتى لو أن قطر لم تصرح عن هذا الاختراق ترى هل يتناسب هذا مع قطع العلاقات وإلاغلاق المنافذ البحرية والجوية والارضية وحتى قطع الماء والهواء وطرد المواطين , ترى هل قامت هذه الدول العملاقة برد فعل مثل هذه من قبل مع إسرائيل أو إيران أو الحوثيين أم هذا القرار اتخذه الحاخام الأكبر في إسرائيل وهو يهمس في أذن اليهودي ترمب وهو ينجس حائط البراق , هل حصار قطر وحماس يصب في الحرب على إيران والدفاع عن القضية الفلسطينية , لا يهمنا تسريبات السفير الأماراتي فالمكشوف أكثر من المستور ألم يصرح خلفان قبل هذه الضجة عما سيحصل لقطر ؟.
ترى هل هذا هو الدور الذي رسمه ترامب لخادم الحرمين خدمة لقضايا الأمة والدفاع عنها ورد الخطر الفارسي؟ , ترى إذا كان المهرجان كان تحت شعار تقليم أظافر إيران والقضاء على إرهاب إيران ألا يصب كل هذا في مصلحة أيران , أليس هذا هو دعم مباشر لأيران وإبعاد الأنظار عما تقوم به إيران , ترى إذاكانت القائمة التي أصدرتها هذه الدول من علماء المسلمين ووصفتهم بارهابين وبغض النظر عن الآسماء فبماذا تختلف هذه الدول عن إسرائيل بل إسرائيل لم تصنفهم إرهابيين وبماذا تختلف عن حكومة الهندوس التي قالت عن الداعية ذاكر إنه إرهابي ؟؟
حسبنا الله ونعم الوكيل إنما قامت به هذه الدول من الهجوم على قطر وتحريض باقي دول العالم عليها ومطالبة الكثير من أصحاب الغايات بمقاطعة تركيا لا يمكن أن تحركه دماء عربية أو أسلامية أو ممن عندهم بقية من أخلاق وقيم وإنما ما يتم حاليا إنما هو حرب ضد الأمة العربية والاسلامية تحت راية أخرى تدعي العروبة والحرص على الاسلام , إن هذه الحرب هدفها التغطية الاعلامية على ما يتم في سوريا والعراق واليمن وإعطاء أنذال الإمارات منابر يحاضرون فيها عن القيم والاخلاق وإعطاء دور أكبر لأيران لنشر نفوذها والضغط على بلد عربي أخر للتوجه أكثر إلى أحضان إسرائيل وإيران , وإذا كان الحكام يقومون بهذا الدور تحت شعارات الوطنية والقومية ومصالح الأمة فقد تجاوزوا هذه الشعارات والاجراءات التي اتخذات تتجاوز الخلافات السياسية والعلاقات الدبلماسية بين جهتين بينهما خلاف وتؤسس لتأسيس شروخ أكبر في جسد الأمة .
إن هذا الموضوع أكبر من أن يعطى حقه بمقال متواضع ولكن لابد من القول أنه على الشعوب مسؤولية أكبر في هذه الأيام عما سبق لابد على هذه الشعوب أن تتحرك وتبحث عن قيادات أكثر وطنية وإخلاص لتحررنا من استعمارنا الداخلي والخارجي , لا بد للدماء الطاهرة النقية أن تتحرك في عروق الشرفاء فالموضوع أكبر بملايين المرات من خلاف بين قطر وغيرها وبالوقت التي تطالب قطر مواطنيها بحسن التصرف مع الأخرين تطالب الدول الأخرى تشديد الحصار على قطر ومواطني قطر , هل في هذه الدعوة من شرف أو أخلاق أو وطنية ؟ ترى أين شعارات المؤتمر في محاربة إيران وأين عداءنا مع إسرائيل وقضية فلسطين وضياع سوريا والعراق؟ , لقد فقدنا الأمل منذ زمن بالسيسي ونعرف من هم حكام الإمارات ونعرف من هم حكام الأردن والجزائر وضاعت ليبيا واليمن والسودان فهل تبخر ما تبقى لدينا من أمل بملك السعودية التي كنا نتمنى أن تقود العالم العربي والاسلامي أم أنه وهم كنا نعيشه واليوم تتجلى الحقيقة .
إنها خيبة الأمل في حكام الأمة فأسأل الله ألا تكون خيبة أمل في شعوبها وإذا كان اليوم كالبارحة فأسال الله ألا يكون الغد كاليوم والله المستعان .
9-6-2017