الرد على الدكتور على كيالي بخصوص زواج السيدة عائشة رضي الله عنها
(الحلقة الأولى)
6 / 3 / 2017
بقلم : أبو ياسر السوري
[rtl]خولة بنت حكيم تقوم للنبي بخطبة عائشة وسودة :
أولا : خطبة عائشة الصديقة رضي الله عنها والعقد عليها :
أخرج الطبراني عن عائشة رضي الله عنها قالت :
لما توفيت خديجة رضي الله عنها قالت خولة بنت حكيم رضي الله عنها:يا رسول الله ألا تتزوّج ؟ قال : ومن ؟ قالت : إن شئتَ بكراً ، وإن شئت ثيبا.؟ قال : فمن البكر؟ قالت : ابنة أحب خلق الله إليك عائشة بنت أبي بكر؟ قال: فمن الثيب؟ قالت : سودة بنتُ زمعة . قال: فاذهبي فاذكريهما عليّ .
فجاءت فدخلت بيت أبي بكر فوجدت أم رومان أم عائشة رضي الله عنهما، فقالت : " يا أم رومان ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة .!؟ أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم أخطب عليه عائشة ؟
قالت : وددت . انتظري أبا بكر فإنه آتٍ . فجاء أبو بكر فقالت: يا أبا بكر ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة .!؟ أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم أخطب عليه عائشة .!؟ فقال: هل تصلح له ؟ إنما هي بنت أخيه .؟ فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال : ارجعي إليه فقولي : أنت أخي في الإسلام وأنا أخوك . وابنتك تصلح لي . فأتت أبا بكر فقال : ادعي لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء فأنكحه .
- وكل ما نعلمه عن عائشة يومذاك أنها بنت ست سنين أو سبع ...
- وأنها كانت قد خطبت (لجبير بن المطعم بن عدي) وأن أبا بكر وعده.. - فلما طلبها رسول الله.. ذهب أبو بكر إلى المطعم ليكلمه بشأن هذه الخطبة ، فوجد عنده امرأته ( أم جبير ) ، فبادرت أبا بكر وقالت : لعلنا إن أنكحنا هذا الفتى تصبيه (فيرتد عن دينه) وتدخله في دينك الذي أنت عليه ، فاقبل أبو بكر على المطعم وقال له : ماذا تقول أنت ؟ فقال : إنها لتقول ما تسمع . فخرج من عنده ، واعتبر هذا الكلام يحلّه من وعده السابق .. فدعا إليه النبي صلى الله عليه وسلم وزوجه عائشة . أي عقد له عليها..
ثانيا : خطبة سودة رضي الله عنها والبناء بها .
أما سودة بنت زمعة ، فقد كانت زوجة للسكران بن عمرو ، أخي سهيل بن عمرو ، وكانت هي وزوجها من السابقين إلى الإسلام ، وقد هاجرا مع من هاجر من المسلمين إلى الحبشة ، و بعد عودتهم من الحبشة والتحاقهم بالمدينة مات عنها زوجها .. تاركا لها ستة أبناء..
فلما توفيت خديجة بنت خويلد رضي الله عنها في العام العاشر للبعثة النبوية ، أي في نفس العام الذي توفي فيه عمه أبو طالب، فحزن النبي لموتهما حزنا كبيرا، حتى سمى ذلك العام بعام الحزن .
ورأت خولة بنت حكيم زوجة عثمان بن مظعون أن نبي الله بحاجة إلى زوجة تحضن له بناته وتقوم على أمرهن بعد خديجة . فقالت : يا رسول الله إني أراك قد دخلتك خلة لفقد خديجة فقال : أجل ، أمّ العيال وربة البيت. قالت: ألا أخطب عليك؟ قال: بلى . إنكنَّ معشر النساء أرفق بذلك .
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن خولة بنت حكيم كانت هي وزوجها عثمان بن مظعون ممن هاجر إلى الحبشة ، وكان لها صلة وثيقة بسودة رضي الله عنها ، وكانت تعلم أن زواج سودة من رسول الله صلى الله عليه وسلم سوف يصلح به أمرها ، ويعينها على تربية أبنائها الستة ، الذين تركهم لها زوجها بعد وفاته . ولعل خولة رضي الله عنها رأت في زواج صديقتها سودة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يخفف عن سودة وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم معا ..
وليس من المستبعد أيضا أن تكون خولة قد سمعت من سودة رضي الله عنها قصة الرؤى التي رأتها قبيل وفاة زوجها، والتي كان فسَّرها لها قبيل موته ، بأنه سيموت، ويتزوجها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، فلعل شيئا من هذا أيضا كان هو من وراء تحدث خولة معه صلى الله عليه وسلم في أمر اتخاذه زوجة تقوم له بشأن بيته ..
والرؤيا المنامية عبارة عن نافذة يفتحها الله تعالى لصاحبها على الغيب ، فيريه من خلالها بعض ما سيقع قبل أن يقع .. وقد كان للرؤيا أثر في زواج النبي صلى الله عليه وسلم من سودة رضي الله عنها ..
من ذلك ما أخبرنا هشامُ بنُ محمدِ بنِ السَّائبِ الكَلبِيُّ ، عن أبيهِ ، عن أبِي صالحٍ ، عنِ ابنِ عبّاسٍ قال : كانت سودةُ بنتُ زمعَةَ عندَ السَّكرانِ بنِ عمرٍو أَخِي سُهَيلِ بنِ عمرٍو فرأَت في المنام كأنَّ النبي صلّى الله عليه وسلم أقبل يمشي حتى وطئ على عنقها ، فأخبرت زوجها بذلك ، فقال وأبيك : لئن صدقت رؤياك لأموتنَّ ، وليتزوجنَّك رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، فقالت : حِجْراً وسِتراً .! ثم رأت في المنام ليلة أخرى كأنَّ قمراً انقضّ عليها من السماء وهي مضطجعة ، فأخبرتْ زوجها ، فقال وأبيك لئن صدقتْ رؤياك لم ألبث إلا يسيرا حتى أموت ، وتتزوجين من بعدي ..فاشتكى السكران من يومه ذلك ، فلم يلبث إلا قليلا حتى مات ، وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ثالثا : عودا إلى خبر زواج الصديقة رضي الله عنها :
وحتى في زواج عائشة رضي الله عنها كان للرؤيا نصيب منه ، فقد روى أحمد والبخاري ومسلم والترمذي ، واللفظ هنا للبخاري ، من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضيالله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أُريتك قبل أن أتزوجك مرتين ، رأيت الملك يحملك في سَرَقَة من حرير ، فقلت له اكشف ، فكشف فإذا هي أنت ، فقلت: إن يكن هذا من عند الله يمضه.. ثم أريتك يحملك في سَرَقَة من حرير ، فقلت : اكشف ، فكشفت فإذا هي أنت . فقلت: إن يك هذا من عند الله يمضه" .
قال ابن سعد "230هـ" في طبقاته الكبرى : أخبرنا محمّدُ بنُ عمرَ ، حدّثنا عبدُ الواحدِ بنُ ميمونٍ مولَى عروةَ عن حبيبٍ ، مولَى عروةَ قال : لما ماتت خديجَةُ حزِنَ عليها النبِيُّ صلى الله عليه وسلم حزنا شدِيدا , فبعثَ اللَّهُ جبريلَ فأتاهُ بعائشَةَ في مهدٍ , فقالَ : يا رسولَ اللَّهِ , هذهِ تُذهِبُ بعضَ حزنِكَ , وَإِنّ في هذهِ خَلَفا من خديجَةَ ثُم ردّها فكانَ رسولُ اللَّهِ يختلِفُ إِلَى بيتِ أبِي بكرٍ ويقُولُ : يا أمّ رُومَانَ استوصِي بِعائشةَ خيرا واحفَظِينِي فيهَا فكانتْ لعائشةَ بذلكَ منزِلةٌ عندَ أهلِهَا , ولا يشعرونَ بأمرِ اللَّهِ فيها , فأتاهم رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يومًا في بعضِ ما كانَ يأتيهِم , وكانَ لا يُخطِئُهُ يوما واحدًا أن يأتيَ إلَى بيتِ أبِي بكرٍ منذُ أسلمَ إلَى أن هاجرَ , فيجدُ عائشةَ متسَتِّرَةً ببابِ دارِ أبِي بكرٍ تبكِي بكاءً حزينًا , فسألَهَا , فشكتْ أُمَّهَا , فذكرت أنّهَا تُولَعُ بِهَا , فدمعَت عينا رسُولِ اللَّهِ , ودخلَ على أُمِّ رُومَانَ فقالَ : يا أمّ رُومَانَ ألم أوصكِ بعائشَةَ تحفَظِينِي فِيهَا ؟ فقالت : يا رسولَ اللَّهِ , إنّهَا بلّغَتِ الصدِّيقَ عَنِّي , وأغضبَتهُ علينا , فقالَ النبِيُّ صلى الله عليه وسلم : وإن فعلَتْ , قالتْ أُمُّ رُومَانَ : لا جرمَ , لاَ سُؤتُهَا أبدًا . وكانت عائشةُ وُلِدَتِ السَّنَةَ الرَّابِعَةَ مِنَ النُّبُوَّةِ فِي أَوَّلِهَا , وَتَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ فِي السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ فِي شَوَّالٍ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ ..) . أي عقد عليها فقط .
انظر أخي القارئ ..
إن أم رومان تقول – وهي أم عائشة – بأن ابنتها كانت يوم عَقَدَ عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة قد أتمت السنة السادسة من عمرها .. وسيأتي معنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنى بها في المدينة المنورة بعد الهجرة وهي بنت تسع سنوات ..
ولكن علي منصور كيالي زعم أنها كانت عند العقد بنت 4 سنوات ، ويرى أنها كانت عند الدخول بها بنت 25 سنة ، ذاهبا في ذلك كله إلى ما يخالف العقل والمنطق والروايات الصحيحة ، ضاربا عرض الحائط بكل ما اتفق عليه المؤرخون . وفي الحلقة القادمة سوف نناقشه في أفكاره الشاذة ونفندها كلها إن شاء الله .
[/rtl]
(الحلقة الأولى)
6 / 3 / 2017
بقلم : أبو ياسر السوري
[rtl]خولة بنت حكيم تقوم للنبي بخطبة عائشة وسودة :
أولا : خطبة عائشة الصديقة رضي الله عنها والعقد عليها :
أخرج الطبراني عن عائشة رضي الله عنها قالت :
لما توفيت خديجة رضي الله عنها قالت خولة بنت حكيم رضي الله عنها:يا رسول الله ألا تتزوّج ؟ قال : ومن ؟ قالت : إن شئتَ بكراً ، وإن شئت ثيبا.؟ قال : فمن البكر؟ قالت : ابنة أحب خلق الله إليك عائشة بنت أبي بكر؟ قال: فمن الثيب؟ قالت : سودة بنتُ زمعة . قال: فاذهبي فاذكريهما عليّ .
فجاءت فدخلت بيت أبي بكر فوجدت أم رومان أم عائشة رضي الله عنهما، فقالت : " يا أم رومان ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة .!؟ أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم أخطب عليه عائشة ؟
قالت : وددت . انتظري أبا بكر فإنه آتٍ . فجاء أبو بكر فقالت: يا أبا بكر ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة .!؟ أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم أخطب عليه عائشة .!؟ فقال: هل تصلح له ؟ إنما هي بنت أخيه .؟ فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال : ارجعي إليه فقولي : أنت أخي في الإسلام وأنا أخوك . وابنتك تصلح لي . فأتت أبا بكر فقال : ادعي لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء فأنكحه .
- وكل ما نعلمه عن عائشة يومذاك أنها بنت ست سنين أو سبع ...
- وأنها كانت قد خطبت (لجبير بن المطعم بن عدي) وأن أبا بكر وعده.. - فلما طلبها رسول الله.. ذهب أبو بكر إلى المطعم ليكلمه بشأن هذه الخطبة ، فوجد عنده امرأته ( أم جبير ) ، فبادرت أبا بكر وقالت : لعلنا إن أنكحنا هذا الفتى تصبيه (فيرتد عن دينه) وتدخله في دينك الذي أنت عليه ، فاقبل أبو بكر على المطعم وقال له : ماذا تقول أنت ؟ فقال : إنها لتقول ما تسمع . فخرج من عنده ، واعتبر هذا الكلام يحلّه من وعده السابق .. فدعا إليه النبي صلى الله عليه وسلم وزوجه عائشة . أي عقد له عليها..
ثانيا : خطبة سودة رضي الله عنها والبناء بها .
أما سودة بنت زمعة ، فقد كانت زوجة للسكران بن عمرو ، أخي سهيل بن عمرو ، وكانت هي وزوجها من السابقين إلى الإسلام ، وقد هاجرا مع من هاجر من المسلمين إلى الحبشة ، و بعد عودتهم من الحبشة والتحاقهم بالمدينة مات عنها زوجها .. تاركا لها ستة أبناء..
فلما توفيت خديجة بنت خويلد رضي الله عنها في العام العاشر للبعثة النبوية ، أي في نفس العام الذي توفي فيه عمه أبو طالب، فحزن النبي لموتهما حزنا كبيرا، حتى سمى ذلك العام بعام الحزن .
ورأت خولة بنت حكيم زوجة عثمان بن مظعون أن نبي الله بحاجة إلى زوجة تحضن له بناته وتقوم على أمرهن بعد خديجة . فقالت : يا رسول الله إني أراك قد دخلتك خلة لفقد خديجة فقال : أجل ، أمّ العيال وربة البيت. قالت: ألا أخطب عليك؟ قال: بلى . إنكنَّ معشر النساء أرفق بذلك .
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن خولة بنت حكيم كانت هي وزوجها عثمان بن مظعون ممن هاجر إلى الحبشة ، وكان لها صلة وثيقة بسودة رضي الله عنها ، وكانت تعلم أن زواج سودة من رسول الله صلى الله عليه وسلم سوف يصلح به أمرها ، ويعينها على تربية أبنائها الستة ، الذين تركهم لها زوجها بعد وفاته . ولعل خولة رضي الله عنها رأت في زواج صديقتها سودة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يخفف عن سودة وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم معا ..
وليس من المستبعد أيضا أن تكون خولة قد سمعت من سودة رضي الله عنها قصة الرؤى التي رأتها قبيل وفاة زوجها، والتي كان فسَّرها لها قبيل موته ، بأنه سيموت، ويتزوجها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، فلعل شيئا من هذا أيضا كان هو من وراء تحدث خولة معه صلى الله عليه وسلم في أمر اتخاذه زوجة تقوم له بشأن بيته ..
والرؤيا المنامية عبارة عن نافذة يفتحها الله تعالى لصاحبها على الغيب ، فيريه من خلالها بعض ما سيقع قبل أن يقع .. وقد كان للرؤيا أثر في زواج النبي صلى الله عليه وسلم من سودة رضي الله عنها ..
من ذلك ما أخبرنا هشامُ بنُ محمدِ بنِ السَّائبِ الكَلبِيُّ ، عن أبيهِ ، عن أبِي صالحٍ ، عنِ ابنِ عبّاسٍ قال : كانت سودةُ بنتُ زمعَةَ عندَ السَّكرانِ بنِ عمرٍو أَخِي سُهَيلِ بنِ عمرٍو فرأَت في المنام كأنَّ النبي صلّى الله عليه وسلم أقبل يمشي حتى وطئ على عنقها ، فأخبرت زوجها بذلك ، فقال وأبيك : لئن صدقت رؤياك لأموتنَّ ، وليتزوجنَّك رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، فقالت : حِجْراً وسِتراً .! ثم رأت في المنام ليلة أخرى كأنَّ قمراً انقضّ عليها من السماء وهي مضطجعة ، فأخبرتْ زوجها ، فقال وأبيك لئن صدقتْ رؤياك لم ألبث إلا يسيرا حتى أموت ، وتتزوجين من بعدي ..فاشتكى السكران من يومه ذلك ، فلم يلبث إلا قليلا حتى مات ، وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ثالثا : عودا إلى خبر زواج الصديقة رضي الله عنها :
وحتى في زواج عائشة رضي الله عنها كان للرؤيا نصيب منه ، فقد روى أحمد والبخاري ومسلم والترمذي ، واللفظ هنا للبخاري ، من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضيالله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أُريتك قبل أن أتزوجك مرتين ، رأيت الملك يحملك في سَرَقَة من حرير ، فقلت له اكشف ، فكشف فإذا هي أنت ، فقلت: إن يكن هذا من عند الله يمضه.. ثم أريتك يحملك في سَرَقَة من حرير ، فقلت : اكشف ، فكشفت فإذا هي أنت . فقلت: إن يك هذا من عند الله يمضه" .
قال ابن سعد "230هـ" في طبقاته الكبرى : أخبرنا محمّدُ بنُ عمرَ ، حدّثنا عبدُ الواحدِ بنُ ميمونٍ مولَى عروةَ عن حبيبٍ ، مولَى عروةَ قال : لما ماتت خديجَةُ حزِنَ عليها النبِيُّ صلى الله عليه وسلم حزنا شدِيدا , فبعثَ اللَّهُ جبريلَ فأتاهُ بعائشَةَ في مهدٍ , فقالَ : يا رسولَ اللَّهِ , هذهِ تُذهِبُ بعضَ حزنِكَ , وَإِنّ في هذهِ خَلَفا من خديجَةَ ثُم ردّها فكانَ رسولُ اللَّهِ يختلِفُ إِلَى بيتِ أبِي بكرٍ ويقُولُ : يا أمّ رُومَانَ استوصِي بِعائشةَ خيرا واحفَظِينِي فيهَا فكانتْ لعائشةَ بذلكَ منزِلةٌ عندَ أهلِهَا , ولا يشعرونَ بأمرِ اللَّهِ فيها , فأتاهم رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يومًا في بعضِ ما كانَ يأتيهِم , وكانَ لا يُخطِئُهُ يوما واحدًا أن يأتيَ إلَى بيتِ أبِي بكرٍ منذُ أسلمَ إلَى أن هاجرَ , فيجدُ عائشةَ متسَتِّرَةً ببابِ دارِ أبِي بكرٍ تبكِي بكاءً حزينًا , فسألَهَا , فشكتْ أُمَّهَا , فذكرت أنّهَا تُولَعُ بِهَا , فدمعَت عينا رسُولِ اللَّهِ , ودخلَ على أُمِّ رُومَانَ فقالَ : يا أمّ رُومَانَ ألم أوصكِ بعائشَةَ تحفَظِينِي فِيهَا ؟ فقالت : يا رسولَ اللَّهِ , إنّهَا بلّغَتِ الصدِّيقَ عَنِّي , وأغضبَتهُ علينا , فقالَ النبِيُّ صلى الله عليه وسلم : وإن فعلَتْ , قالتْ أُمُّ رُومَانَ : لا جرمَ , لاَ سُؤتُهَا أبدًا . وكانت عائشةُ وُلِدَتِ السَّنَةَ الرَّابِعَةَ مِنَ النُّبُوَّةِ فِي أَوَّلِهَا , وَتَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ فِي السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ فِي شَوَّالٍ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ ..) . أي عقد عليها فقط .
انظر أخي القارئ ..
إن أم رومان تقول – وهي أم عائشة – بأن ابنتها كانت يوم عَقَدَ عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة قد أتمت السنة السادسة من عمرها .. وسيأتي معنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنى بها في المدينة المنورة بعد الهجرة وهي بنت تسع سنوات ..
ولكن علي منصور كيالي زعم أنها كانت عند العقد بنت 4 سنوات ، ويرى أنها كانت عند الدخول بها بنت 25 سنة ، ذاهبا في ذلك كله إلى ما يخالف العقل والمنطق والروايات الصحيحة ، ضاربا عرض الحائط بكل ما اتفق عليه المؤرخون . وفي الحلقة القادمة سوف نناقشه في أفكاره الشاذة ونفندها كلها إن شاء الله .
[/rtl]