بيت من الشعر بديوان :
19 / 12 / 2016
أبو ياسر السوري
=============
الخليل بن أحمد الفراهيدي .. هو أستاذ سيبويه ، الذي صار أشهر علماء العربية .. والخليل هو الذي ابتدع علم العروض والقافية وابتكر الدوائر العروضية ، ووزع عليها البحور المهملة والمستعملة .. وكان يحفظ عشرة آلاف مقطوعة من الشعر .. وكان الكتبة يصلحون مكتوبهم على محفوظه .. حتى قال فيه بعضهم : " الخليلُ بن أحمد ما رأى مثل نفسه " .. ومع ذلك فما كان الخليل يقول الشعر إلا نادرا .. قيل له في ذلك فقال : ما أريده من الشعر لا يواتيني .. وما يواتيني لا أريده .. له بيت من الشعر ولكنه يعدل ديوانا كاملا .. يقول فيه :
وعاجزُ الرأي مضياعٌ لفُرصتِهِ : حتى إذا فات أمرٌ عاتب القَدَرَا
ومما يجلس تحت معنى هذا البيت .. نحن السوريين في أكثر من فرصة ضيعناها ، ولم نحسن اغتنامها ..
1 – لم تخرج فرنسا من بلادنا ، حتى شكلت لنا الجيش السوري الذي كان اسمه " جيش الشرق " وكان60% من ضباطه من النصيرية .. فلم نفطن لذلك . فكثروا في الجيش وقل عددنا فيه .. وكانت الفرصة سانحة لنا ، فكنا يومها أصحاب ثورة منتصرة ، وكان النصيرية هم الأضعف والأذل، فعددهم يومها قليل ، وماضيهم أثناء الاستعمار الفرنسي غير مشرف ، لذلك كانوا ساقطين في أعين السوريين .. وذلك الوضع كان يسمح لنا أن نستأثر بهاتين المؤسستين دون الطوائف الأخرى لو شئنا .. ولكن عجزنا أن نصنع شيئا مفيدا لأجيالنا .. حتى فاتت الفرصة .. وخرج الأمر من أيدينا ..
2 – ومنذ 1963 بدأ الفرز الطائفي في هاتين المؤسستين ، وصار الجيش للنصيرية ، وكذلك الأمن بكل فروعه، ولم نحرك ساكنا ، وبدأ تسريح ضباطنا وسكتنا .. ولو قلنا يومها ( لا ) لما كلفنا التغيير آنذاك سوى بضع شهداء ، قد لا يتعدون العشرة ، أو العشرين ، ثم يغرز الحق في نصابه .. ففوتنا الفرصة يومها .. حتى احتجنا اليوم إلى قيام ثورة ، دفعنا ثمنا لها كل هذه التضحيات ..
3 – وفي عام 2000 م مات حافر الجحش ، وكانت فرصة ذهبية للتغيير بتكاليف باهظة ، ولكنها لا تبلع معشار ما دفعناه اليوم ..
لم تظلمنا الأقدار .. وإنما نحن الذين ضيعنا الفرص .. وبكل أسف أقول : إننا ما زلنا نعض على ضياع الفرص بالنواجذ .. ونعتب في سرنا على الأقدار ..
***
عدل سابقا من قبل أبو ياسر السوري في السبت ديسمبر 24, 2016 7:34 am عدل 1 مرات