على هامش سقوط حلب :
15 / 12 / 2016
أبو ياسر السوري
==============
منذ أيام قلائل تعرضت لوعكة صحية ، أجري لي على أثرها عمل جراحي استؤصلت به المرارة .. مما أعجزني عن الكتابة .. لا المتابعة .
صادف ذلك احتدام الأزمة في حلب ، حيث أحاطت بها ميليشيات مكونة من وحوش ، قتلة ، مجرمين ، ذوي أحقاد طائفية . جمعت بين النصيري المارق ، والإيراني الحانق ، والشيعي المرتزق ، والروسي ، والكوري ، والمصري .. إلى جانب بعض الأنظمة العربية ، التي تمد النظام خلسة بالمال والسلاح والرجال [ يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم ؟ ] .. وكانت حلب محاصرة بهم حصارا مطبقا من كل جانب ، وهي بحسب العلم العسكري بحكم الساقطة ولا تحتاج في سقوطها إلا لمرور الزمن وحسبُ .
لم يكن للثوار المحاصرين بُـدٌّ من الثبات ، لأن استسلامهم يعني إبادة كل من في حلب من مقاتلين وغير مقاتلين ، حتى الأطفال والنساء ..
وفي الواقع لم يكن لهم بُـدٌّ من الموت ، فإما أن يموتوا موت النعاج في حال استسلامهم .. وإما موت الأبطال في حال صمودهم ومقاومتهم .. ولهذا كانت الموتة الأخيرة هي الأحب لهم .. وهي مثل أعلى من البطولة والرجولة .. والتضحية والفداء ..
قاومت حلب .. وصمدت .. وضحت .. وأعطت .. وكان ما كان من إبادة ودمار تقشعر له الأبدان .. فقد رجمت المدينة بكل قذائف القتل والإبادة .. ثم وعلى خلفية تفاهمات تركية روسية ، تم الاتفاق على انسحاب من تبقى في حلب على قيد الحياة ، ونقل المدنيين وهم قرابة 100 ألف ، ثم نقل ما تبقى من المقاتلين وهم ما بين 1500 – 5000 مقاتل ، لتكون حلب فارغة من أهلها تماما . وتسلم بعد للميليشيات الغازية ..
واستوقفني على هامش هذه الفاجعة وقائع فردية ، نقلت عن طريق التصوير أو الرسالة الصوتية بالهاتف الشخصي ..
من ذلك (1) : أن أحد المقاتلين المرابطين على ثغور حلب ، أرسل لأخيه تسجيلا يقول له فيه : يا أخي اذهب فاقتل لي زوجتي وأبنائي وبناتي أولا .. ثم اقتل زوجتك وأبناءك وبناتك ثانيا .. ولا تخرج بهم فقد أخبره أحد من خرج بما جرى لهم على الحاجز .. وقال له إنهم أخذوا كل شابة من النساء للاغتصاب ..
و من ذلك (2) : أن إحدى الفتيات العفات المصونات من بنات حلب ، أرسلت رسالة ، وجهتها إلى شيوخ الأمة ، وشرعيي الفصائل ، وكل من ادعى يوماً أنه يحمل هموم الأمة العقائدية ... تقول لهم : سأنتحر .. ولا أكترث إن قلتم أنني في النار ! سأنتحر كي لا يتلذذ بجسدي بضعة عناصر من الأوغاد .. وختمت رسالتها بقولها : عندما تقرؤون رسالتي اعلموا أنني مت طاهرة رغماً عن الجميع .
و من ذلك (3) : تلك المرأة الستينية التي أخرجت جزءا من بدنها من نافذة الحافلة التي ستنقلهم من حلب إلى حيث لا يعلمون .. وبدأت تصرخ وتلوح بيدها وتقول " بدنا نرجع .. بدنا نرجع .. حلب إلنا .. الصاخور إلنا .. بدنا نرجع غصبا عنكم .. بدنا نرجع .. يا الله . مانك شايفنا .. الفزعة منك يا الله ..
و من ذلك (4) : مشهد ذلك الرجل ، الذي أحرق بيته قبل الخروج منه ، وكان يصوره وهو يحترق ويقول : ما بقي حدا .. لمين أتركه .؟ أتركه لهؤلاء المجرمين .!!
أما بعد :
فإن غزو حلب وتهديمها فوق رؤوس ساكنيها ، جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية وإلغاء للقانون الدولي الذي كان يفرض الأمان والسلام بين البشرية في هذا الكوكب الذي يعيشون فوقه ..
وحصار حلب جريمة .. والتهجير القسري الذي يمارس عليها الآن جريمة ضد الإنسانية .. يشترك فيها الغزاة المجرمون . والمجتمع الدولي الساكت على جرائمهم التي تخطت كل الحدود والقيود ..
ويجب أن يتذكر المجرمون أنهم لن يفلتوا من العقوبة، فإن لهذا الكون ربا يغضب للمظلوم وينتقم من الظالم انتقاما قد لا يخطر له على بال ..
وأخيرا ، فإن حلب سترجع على أهلها .. وإن إجرام الغزاة وقسوتهم ووحشيتهم .. مع تخلي العالم كله عن أهل حلب ، قد ولد أحقادا لديهم لن يطفئ نارها إلا الثأر ممن ظلمهم .. فمن قتل أبناؤه أو اغتصب عرضه ، أو هدم بيته ، أو هجرهو من بلده قسرا تحت ظرف ضاغط .. كل هؤلاء لن يسكتوا .. سوف يعودون للمطالبة .. وسوف يستمر العنف إلى أن يأخذ كل ذي حق حقه طوعا أو كرها ..
وأخيرا ، علينا تذكر أن الأيام دول ، يوم لك ويوم عليك .. فإذا دالت دولة الباطل ، وجاءت دولة الحق ، فسيكون عندها قصاص عادل " ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون * " قصاص تهدأ به ثائرات النفوس ، وتبرد دماء الموتورين ، وتشفى به صدور المؤمنين .. ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون* ) .
عدل سابقا من قبل أبو ياسر السوري في السبت ديسمبر 24, 2016 7:39 am عدل 2 مرات
15 / 12 / 2016
أبو ياسر السوري
==============
منذ أيام قلائل تعرضت لوعكة صحية ، أجري لي على أثرها عمل جراحي استؤصلت به المرارة .. مما أعجزني عن الكتابة .. لا المتابعة .
صادف ذلك احتدام الأزمة في حلب ، حيث أحاطت بها ميليشيات مكونة من وحوش ، قتلة ، مجرمين ، ذوي أحقاد طائفية . جمعت بين النصيري المارق ، والإيراني الحانق ، والشيعي المرتزق ، والروسي ، والكوري ، والمصري .. إلى جانب بعض الأنظمة العربية ، التي تمد النظام خلسة بالمال والسلاح والرجال [ يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم ؟ ] .. وكانت حلب محاصرة بهم حصارا مطبقا من كل جانب ، وهي بحسب العلم العسكري بحكم الساقطة ولا تحتاج في سقوطها إلا لمرور الزمن وحسبُ .
لم يكن للثوار المحاصرين بُـدٌّ من الثبات ، لأن استسلامهم يعني إبادة كل من في حلب من مقاتلين وغير مقاتلين ، حتى الأطفال والنساء ..
وفي الواقع لم يكن لهم بُـدٌّ من الموت ، فإما أن يموتوا موت النعاج في حال استسلامهم .. وإما موت الأبطال في حال صمودهم ومقاومتهم .. ولهذا كانت الموتة الأخيرة هي الأحب لهم .. وهي مثل أعلى من البطولة والرجولة .. والتضحية والفداء ..
قاومت حلب .. وصمدت .. وضحت .. وأعطت .. وكان ما كان من إبادة ودمار تقشعر له الأبدان .. فقد رجمت المدينة بكل قذائف القتل والإبادة .. ثم وعلى خلفية تفاهمات تركية روسية ، تم الاتفاق على انسحاب من تبقى في حلب على قيد الحياة ، ونقل المدنيين وهم قرابة 100 ألف ، ثم نقل ما تبقى من المقاتلين وهم ما بين 1500 – 5000 مقاتل ، لتكون حلب فارغة من أهلها تماما . وتسلم بعد للميليشيات الغازية ..
واستوقفني على هامش هذه الفاجعة وقائع فردية ، نقلت عن طريق التصوير أو الرسالة الصوتية بالهاتف الشخصي ..
من ذلك (1) : أن أحد المقاتلين المرابطين على ثغور حلب ، أرسل لأخيه تسجيلا يقول له فيه : يا أخي اذهب فاقتل لي زوجتي وأبنائي وبناتي أولا .. ثم اقتل زوجتك وأبناءك وبناتك ثانيا .. ولا تخرج بهم فقد أخبره أحد من خرج بما جرى لهم على الحاجز .. وقال له إنهم أخذوا كل شابة من النساء للاغتصاب ..
و من ذلك (2) : أن إحدى الفتيات العفات المصونات من بنات حلب ، أرسلت رسالة ، وجهتها إلى شيوخ الأمة ، وشرعيي الفصائل ، وكل من ادعى يوماً أنه يحمل هموم الأمة العقائدية ... تقول لهم : سأنتحر .. ولا أكترث إن قلتم أنني في النار ! سأنتحر كي لا يتلذذ بجسدي بضعة عناصر من الأوغاد .. وختمت رسالتها بقولها : عندما تقرؤون رسالتي اعلموا أنني مت طاهرة رغماً عن الجميع .
و من ذلك (3) : تلك المرأة الستينية التي أخرجت جزءا من بدنها من نافذة الحافلة التي ستنقلهم من حلب إلى حيث لا يعلمون .. وبدأت تصرخ وتلوح بيدها وتقول " بدنا نرجع .. بدنا نرجع .. حلب إلنا .. الصاخور إلنا .. بدنا نرجع غصبا عنكم .. بدنا نرجع .. يا الله . مانك شايفنا .. الفزعة منك يا الله ..
و من ذلك (4) : مشهد ذلك الرجل ، الذي أحرق بيته قبل الخروج منه ، وكان يصوره وهو يحترق ويقول : ما بقي حدا .. لمين أتركه .؟ أتركه لهؤلاء المجرمين .!!
أما بعد :
فإن غزو حلب وتهديمها فوق رؤوس ساكنيها ، جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية وإلغاء للقانون الدولي الذي كان يفرض الأمان والسلام بين البشرية في هذا الكوكب الذي يعيشون فوقه ..
وحصار حلب جريمة .. والتهجير القسري الذي يمارس عليها الآن جريمة ضد الإنسانية .. يشترك فيها الغزاة المجرمون . والمجتمع الدولي الساكت على جرائمهم التي تخطت كل الحدود والقيود ..
ويجب أن يتذكر المجرمون أنهم لن يفلتوا من العقوبة، فإن لهذا الكون ربا يغضب للمظلوم وينتقم من الظالم انتقاما قد لا يخطر له على بال ..
وأخيرا ، فإن حلب سترجع على أهلها .. وإن إجرام الغزاة وقسوتهم ووحشيتهم .. مع تخلي العالم كله عن أهل حلب ، قد ولد أحقادا لديهم لن يطفئ نارها إلا الثأر ممن ظلمهم .. فمن قتل أبناؤه أو اغتصب عرضه ، أو هدم بيته ، أو هجرهو من بلده قسرا تحت ظرف ضاغط .. كل هؤلاء لن يسكتوا .. سوف يعودون للمطالبة .. وسوف يستمر العنف إلى أن يأخذ كل ذي حق حقه طوعا أو كرها ..
وأخيرا ، علينا تذكر أن الأيام دول ، يوم لك ويوم عليك .. فإذا دالت دولة الباطل ، وجاءت دولة الحق ، فسيكون عندها قصاص عادل " ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون * " قصاص تهدأ به ثائرات النفوس ، وتبرد دماء الموتورين ، وتشفى به صدور المؤمنين .. ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون* ) .
عدل سابقا من قبل أبو ياسر السوري في السبت ديسمبر 24, 2016 7:39 am عدل 2 مرات