هل كنا مغفلين حين أحسنَّا الظن بكل من أعلن عداءه للنظام .؟
4 / 12 / 2016
أبو ياسر السوري
=============
أحقا كنا مغفلين .؟ أم أننا كنا طيبين أكثر من اللازم .؟ لقد وثقنا في بداية الأمر بالنصرة .. وترددنا في مواجهة داعش .. وأحسنَّا الظن بكل الفصائل والتشكيلات الجهادية الإسلامية .. التي انخرطت في الصراع السوري الدائر بين الثورة من جهة ، وبين نظام العصابة الطائفي البغيض من جهة أخرى ...
وفاتنا في الواقع ، أن نسأل أولئك الذين شاركوا معنا في هذا الصراع الدائر : فاتنا أن نسأل كل فصيل منهم .. عمَّن هو يقاتل .؟ ولماذا يقاتل .؟ وماذا تعني له الثورة السورية ؟ وما محل سوريا كلها لديه من الإعراب .؟
بكل أسف ..
لم نسأل أحدا عن ذلك .؟ ولم نكتشف إلا مؤخرا ، أن هذه الفصائل تخالفنا الفكر والمنهج ، ولا تعتبر نفسها جزءاً منا ، بل ولا يهمها ما يهمنا .!! وإنما تقاتل لأهداف تعنيها ، ومصالح تخصها ، ولا علاقة لقادتها وعناصرها بثورتنا ، ولا بأهدافها البتة .. بل هم في الحقيقة يعادونها ويعادون أهدافها كذلك ..
كان ينبغي أن نعي هذا منذ دخلت داعش ، وأعلنت أنها " دولة الإسلام في العراق والشام " وكان ينبغي أن نفهم هذا أيضا ، منذ أن أعلنت جبهة النصرة أنها تابعة للقاعدة ، وأن قائدها أيمن الظواهري ..
وكذلك الحال بالنسبة للفصائل الإسلامية الأخرى ، فإن مواقفها لا تختلف عن مواقف جبهة النصرة ، وداعش .. ولا يخدعنك ما كان ينشب بينهم أحيانا من قتال ، فإن ذلك لم يكن ناشئا عن اختلاف في الفكر ، وإنما هو نزاع على النفوذ والمركز..
وكان ينبغي أن نعرف مبكراً أن الدواعش أعداء ، منذ بدؤوا باغتيال قادة الجيش الحر، واحتلال ما حرره هذا الجيش الوطني ، والسيطرة على غنائمه ومخازن أسلحته وعتاده ومواقعه ومراكز قياداته العسكرية ، وانتزاع بواباته الحدودية التي كان مسيطرا عليها قبل دخولهم سوريا عام 2013 ..
وهذا يعني بكل وضوح ، أن داعش عدوة ، وأن أحدا من تلك الفصائل الإسلامية ، المنخرطة في الصراع ، لم تكن تقاتل في سوريا إكراما لعيون السوريين ، ولا خدمة لثورتهم .. وإنما لأجندات تخصهم هم ، لم يستشيروا بها أحدا من السوريين ، وإنما يريدون فرضها عليهم بقوة السلاح فيما بعد .. لتكون الحصيلة من ثورتنا وحربنا وتضحياتنا وتشريد من شرد منا ، فقط تحولنا من الجلوس تحت الوكف ، إلى الجلوس تحت الميزاب .. لأن أغلب هؤلاء الإسلاميين تكفيريون ، وأيسر شيء لديهم أنهم يحكمون بكفر كل من خالفهم ، ولا ينقادون لمنطق ولا لعقل ولا لبرهان . مما سيجعل الحياة في ظلهم أبشع وأشنع مما كانت عليه في ظل الاستبداد الأسدي الطائفي الفاسد ..
ومما يؤكد ذلك ما حصل صباح الأحد يوم أمس في 4 /12/ 2016 م لقد قامت عناصر من جبهة النصرة وفتح الشام بمهاجمة مقرات جيش الإسلام وفيلق الشام بحلب . فنهبوا وضربوا وأهانوا كل من كان موجودا فيها ، وأخذوا ما كان هنالك من سلاح وعتاد ، واعتقلوا قائد فيلق الشام ، ومضوا به إلى حيث لا يعلم أحد ..
لقد قاموا بهذه الفعلة الشنعاء ، وحلب تتعرض للسقوط بأيدي ميليشيات إيران وحزب الشيطان وشبيحة الأسد .. وكأنهم منغاظون لثبات ثوارنا في مواجهة النظام وحلفائه .!! وكأن سقوط حلب أهون عليهم من توحد الفصائل ..
:::::::
ونتساءل : لماذا فعلت النصرة وفتح الشام هذا .؟
والجواب : شيء واحد ، كنا لا نريد تصديقه ، ونتهم أنفسنا بسوء الظن كلما خطر لنا على بال .!! .. ولكنه لا بد أخيرا من قول الحق ، مهما كان مرا .. فالجواب ، هو أن هذا الهجوم القذر، كان بسبب انضمام جيش الإسلام وفيلق الشام إلى " جيش حلب " .. الذي توحدت فيه الفصائل تحت راية واحدة ، وقائد واحد .. وصار الأمل بالنصر معقودا على هذا الجيش ، وعلى " جيش درع الفرات " الذي يقاتل داعش والأكراد شمال وشرق حلب وكاد أن يصل إلى الباب .. وكان المقرر أن يلتقي درع الفرات وجيش حلب معا بعد تحرير حلب والباب ..
:::::::
وقد تقول : ولماذا يسيء النصرة وجيش الفتح أن تتحد الفصائل المقاتلة تحت راية واحدة وقائد واحد ، ويكون قرارهم واحدا ، وطريقهم إلى النصر سالكا ومضمونا .؟
والجواب أيضا : لأن وحدة هذه الفصائل سيجعل الجيش الحر يعود إلى الساحة من جديد ، وقد يصبح قوة كبرى تمنع تلك الفصائل الإسلامية من تحقيق أجنداتها الخارجية .. فداعش تريد أن تكون سوريا تحت حكم البغدادي .. والنصرة تريدها تحت سلطة الجولاني . ولعل فتح الشام يريدون تنصيب المحيسني أميرا عليها .. ولكن تعاظم الجيش الحر ، وعودته إلى القوة من جديد ، سوف يحول بين هؤلاء وبين ما يشتهون .. لذلك قررت النصرة اليوم هدم " جيش حلب " قبل أن يشتد عوده ، كما هدمت داعش الجيش الحر من قبل ..
الفكر واحد .. والمكر واحد .. وطريقة الإجرام واحدة .. ولكننا لا نريد أن نفهم ، حتى يقع الفاس في الراس ..
عدل سابقا من قبل أبو ياسر السوري في الجمعة ديسمبر 16, 2016 11:40 pm عدل 1 مرات