أبشروا يا أبناء سوريا فإن الابتلاء سنة الأنبياء .. والصبر محمود العواقب  Do
أبشروا يا أبناء سوريا فإن الابتلاء سنة الأنبياء .. والصبر محمود العواقب :

14 / 11 / 2016
بقلم : ابو ياسر السوري
===============
قال لي صاحبي : أليس الله قادرا على كل شيء .؟ قلت : بلى قادر ..
قال فلماذا يدعنا نهباً لهؤلاء الكفار من نصيرية وروس ومجوس ويهود وأمريكان .. ودواعش مهابيل يقتلوننا معهم ، ويعيثون في بلاد الشام فسادا .؟ وهي بقاع مقدسة عند المسلمين .؟؟
ففيها القبلة الأولى ، وهي مهد الأنبياء، وفي ترابها دفن كثير منهم ، ومن بلاد الشام انطلق موكب رسول الله صلى الله عليه وسلم في رحلته المباركة ليلة الإسراء والمعراج .. وبلاد الشام هي أرض المحشر ، وهي ميدان الملحمة الكبرى بين قوى الخير وقوى الشر في العالم .. وفيها يقتل الدجال .. وفيها هلاك يأجوج ومأجوج .. وعلى ترابها يجتمع أهل الأرض للحساب أمام رب العالمين .. وتنصب الموازين .. وينصب الصراط على متن جهنم للعبور من فوقه إلى الجنة .. ليتساقط المنافقون منه في النار ..
ولهذه الاعتبارات وغيرها ، نفهم أن أرضنا نحن أبناء الشام مقدسة .. فلماذا يُسلَّطُ علينا اليوم كل حناشل الأرض وزبانيتها وشبيحتها ومجرميها وملحديها وفسقتها وزنادقتها ..
قلت : نحن لسنا أكرم على الله من أنبياء الله ، ولا أحب إليه من أصحابهم الطيبين .؟ ومع ذلك ، فما من نبي إلا عودي وأوذي واضطر هو وأصحابه إلى الهجرة ومفارقة الديار والأوطان .. فإبراهيم عليه السلام أحرق بالنار .. فصبر .. وابتلي بالحرمان من الذرية فصبر . وكذبه اقرب الناس إليه فصبر .. واشتد عليه أذى الطاغية النمروذ ، حتى اضطر للهجرة من العراق إلى مصر إلى الحجاز .. ثم إلى فلسطين .. فصبر عليه السلام ..
وموسى عليه السلام ، هاجر من مصر وخرج هو ومن معه فراراً من ظلم فرعون وهامان وقارون .. ثم امتحن هو ومن معه بالتيه ، فتاهوا في صحراء سيناء أربعين سنة .. نعم أربعين سنة وهم تائهون لا يعرفون لهم مخرجا من تلك الصحراء الموحشة ، التي ليس فيها إلا الوحوش والعقارب والزواحف السامة القاتلة .. إنها صحراء قفراء غبراء .. خالية من كل أسباب الراحة والرفاهية .. وصحيح أنهم  أكلوا المن والسلوى في البداية .. ولكن لما كفر بنو إسرائيل النعمة سلبت منهم ، فامتحنوا بشظف العيش ، حتى أكلوا الثعابين ..
وزكريا عليه السلام، ابتلي بقتل ولده الوحيد .. ثم قتل هو أيضا ، وما كان لهما خطيئة تستوجب ذلك القتل ، سوى أن بغيا عاهرة ، كانت راودت يحيى عليه السلام عن نفسه ، فتعفف ولم يطاوعها .. فاحتالت حتى وصلت إلى ملك تلك الناحية ، فضاجعته.. فقال لها اطلبي ما تشائين .. قالت : أريد رأس يحيى على صينية من ذهب .. ففعل .. وجاءها برأسه .. فهرب أبوه زكريا عليه السلام .. فلحق به جنود الملك فقتلوه وقطعوه بالمنشار نصفين ..
ويوسف .. وعيسى .. ويونس .. وغيرهم من الأنبياء والمرسلين ، عليهم صلوات الله وسلامه  . كلهم أوذي في سبيل الله فصبر .. واحتسب ذلك عند الله تعالى ..
أما خاتم الأنبياء وأكرم الخلق على الله سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم فقد كذبه قومه وعادوه وآذوه وأخرجوه هو وأصحابه من مكة ، واستولوا على مساكن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وعقاراتهم وأموالهم .. وأنزلوا فيهم كل أنواع العذاب .. حتى مارسوا عليهم حصاراً دام أربع سنوات ، جوعوهم فيها إلى أن أكلوا أوراق الشجر ، وما كان هنالك سوى شجر السدر الذي يختلط ورقه بشوكه .. 
كان هينا على الله تعالى أن يخسف الأرض بأعدائه وأعداء أنبيائه وأعداء المؤمنين .. ولكن ليبلوا البشر بعضهم ببعض ، ويميز الخبيث من الطيب ، ويَعْلَمَ الَّذِينَ جاهَدُوا وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ..
الحرب بين قوى الخير والشر دائرة منذ قال إبليس " أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين "
وحين نقرأ عن عذاب جهنم .. يهولنا ما فيها من عذاب .. إنها ليست كنار الدنيا ولا توقد بزيت ولا خشب ، وإنما هي نار حامية ، وقودها الناس والحجارة ... يا للهول . ولماذا أعدت للعذاب فيها .؟
لن نجد جوابا مقنعا لولا الإجرام الفظيع الذي يرتكبه أعداء الله في الأرض .. ولا يرعون لمسلم إلاّ ولا ذمة ..
الظلمة اليوم يقومون بهدم المنازل فوق النائمين من الأطفال والنساء والمرضى وكبار السن ، ليموتوا أبشع ميتة تحت الأنقاض .. أو يحرقوا بنار الفوسفور والنابالم .. أو تبتر أطرافهم من خلاف .. أو تفقأ أعينهم . أو يفقدوا نعمة البصر مرة واحدة بفعل هذه القنابل اللعينة ، التي يرميها المجرمون فوق البشر ..
الظلمة اليوم يقومون باقتحام البيوت على أهلها .. فهنا امرأة حبلى يبقر بطنها .. ويستخرج جنينها وتترك هكذا حتى تموت بالنزيف .. وهناك طفل رضيع ينتزع من ثدي أمه فيرمى من شرفة الدور السادس إلى الشارع ، وهي تنظر وتتوسل .. ثم ترمى هي بعده بدم بارد ..
إن القلوب التي أحرقها الظلمة ، لا يشفيها إلا سحب أولئك الظالمين على وجوههم وإلقاؤهم في نار جهنم أمام أعينهم ..
ولكن الإنسان عجول ، يحب أن ينزل العذاب بأعدائه في الدنيا ، مع ما يدخر لهم في الآخرة من العذاب .. لهذا بشرنا الله تعالى بأن الدائرة ستدور على أعدائنا ، وأن الله ناصرنا ، ومؤيدنا .. وجاعل مقاليد الملك بأيدينا في هذه الدنيا ، وأنه سيغيظ بذلك قلوب أعدائنا .. قال تعالى : [ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ* وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ * ] ..
فصبرا يا أهلنا في سوريا .. ولا أخص حلب وحدها .. ولا دوما .. ولا الغوطة .. ولا مدنا بعينها .. فكل سوريا اليوم تحترق .. نعم كلها تحترق في تنور الروس . وجحيم الوحش النصيري . ونار عبدة النار من البوذيين والمجوس ..
صبرا يا أبناء الشام .. فوالله إنكم لمنصورون .. قال تعالى وقوله الحق ووعده الصدق :« وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ» ..