الحوار ومستقبل الأمة
بقلم حسام الثورة
الحوار موضوع مهم لايمكن ان تتطور البشرية ويعيش الإنسان بحرية فكر بدون الحوار فالله سبحانه وتعالى علمنا في القرآن كيفية الحوار وعظمة الحوار وهدف الحوار هو الوصول للحق بدون إنتقاص من قيمة أحد المتحاوريين وعندما ينعدم الحوار تكون الكارثة على البشرية وسنذكر بعض التفاصيل فما هو تعريف الحوار :
الحِوارُ : حديث يجْري بين شخصَيْن أو أكثر حاورَ فلانًا : جاوَبه وبادله الكلامَ ، الكهف آية 37 (قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ) وقد يتضمن الحوار المدح والنقد وسنذكر بعض الأمثلة والنقد :نقَد الشّيءَ : بيَّن حسنَه ورديئه ، أظهر عيوبه ومحاسنه وقد يكون النقد بهدف البناء وتخطي العيوب وهو ما يسمى بالسياسة بالنقد الذاتي وعلى كل ذي عقل أن ينظر في عيوبه قبل أن يقابله بها الناس وهذا هو الحكيم العاقل والأحمق هو من لايرى لنفسه عيوب وقبل الخوض في الموضوع أحب أن أقسم الحوار إلى قسمين :
- الحوار المباشر وهو ما يتم بين شخصين أو أكثر حول موضوع ما قد يكون فيه الأطراف على طرفي نقيض سواء في الأخلاق أو السياسة أو الدين وقد اسس في المملكة العربية السعودية مركز لحوار الأديان أو التقريب بين المذاهب وهذه من اصعب انواع الحوارات وقد لخص الشيخ القرضاوي هذا الموضوع بقوله كيف أحاور من يقول أبا بكر لعنه الله وأنا أقول أبا بكر رضي الله عنه . وبالرغم من هذا فهذا الحوار مهم ومهم جداً عندما يكون هدف المتحاورين الوصول إلى الحقيقة وقبول الحق عند ثبوته
- الحوار غير المباشر : وهو ما يلجاً فيه الكتاب والمفكرون إلى نشر مقالات أو نشرات أو كتب تعبر عن أفكارهم فيقوم آخرون بالرد عليهم وإثبات أو إبطال ما قالوه وعلى كل طرف أن يقدم ما يقنع القاريء بدون تجريح لإن التجريح يضعف قيمة الرد وقد يعطي الحق للأول وربما لايكون الحق معه لإن الآخر لم يتمكن من الرد بما يقنع القاريء بحجته إما لإنه لايحسن الرد أو أنه لايوجد لديه الدليل المقنع , ذات يوم وصلني كتاب بعنوان مثير للجدل لا أريد ذكره لمهاجمة بعض الحكام العرب وأخذت الكتاب وقرأته من ألفه إلى يائه فلم أجد فيه وثيقة واحدة وإنما كله من قال وقالوا فلم أذكر في يوم من الأيام ما ورد في هذا الكتاب أو استدل به وهذا يفرضه علينا ديننا وأخلاقنا .
ربما يكون الحوار غير المباشر هو الأكثر شيوعا والأكثر نفعاً لإن الحوارات المباشرة قد يأتي صاحبها ويقول إنها زلة لسان أو لاتُدون فلاينتفع بها الناس أما الحوارات غير المباشرة فهي التي يأخذ المحاور فيها وقته ويثبت فيها قناعاته ويطلع بعدها على قناعات الآخرين قبل الرد عليها وهكذا يتطور الفكر وتصحح المفاهيم ويتربى الجيل وتتطور الأمة .
ومن منا لا يذكر أنه قرأ في صغره أو حتى في كبره كتاب جاء فيه كذا وكذا ولا يزال يحفظ عباراته ونصوصه ويحاور بها الآخرين .
أنواع الحوارات وهدفها :
- حوار أصحاب الحق مع أهل الباطل
- الله حاور مخلوقاته :
o الله حاور الملائكة عندما أعترضوا ظاهراً على خلق آدم عليه السلام وكان ممكن لله عزوجل ألا يحاورهم و يعاقبهم على هذا الاعتراض وهو الخالق المدبر وتنتهي المسألة ولكن الله عزوجل أراد أن يعلمنا الحوار وأدب الحوار في القرآن مع الموافقين والمعترضين ولكن للأسف نحن نقرأ القرآن كما قيل من أوله إلى آخره لانسقط منه حرف ولكن نسقط فهمه وتدبره
o الله حاور إبليس واعتراض ابليس كان يختلف عن إعتراض الملائكة الكرام فهو حوار متكبر متعجرف معترض غير متراجع بل استمر بالتحدي لله سبحانه وتعالى ومع هذا فإن الله سبحانه وتعالى لم يقصمه وإنما حاوره ووافق على طلبه بإنظاره إلى يوم القيامة
o وحاور الله نبيه نوح وموسى وإبراهيم لا أحب ذكر التفاصيل فهي معروفة لمن أراد وحتى لا يطول المقال
o الأنبياء حاوروا الكفار , نبي الله ابراهيم حاور النمرود وموسى حاور فرعون ولم يقولوا لهم يا أعداء الله يا طغاة بل حاوروهم بلين الكلام كما أمرهم الله وبالدليل القاطع وأثبتوا عليهم الحجة
o النبي حاور الكفار وحاور المسلمين سيرة النبي صلى الله عليه وسلم تغص بمختلف الحوارات والحديث يطول ويكفي أن نذكر أدب رسول الله في الحوار مع الكفار قال الله تعالى على لسان نبيه (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ) وقال لله تعالى : (لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) وحاشى لرسول الله أن يكون في ضلال أو يقارن بإجرام المشركين ولكنه أدب الحوار الذي يوصل إلى النتائج المرجوة من الحوار
o اصحاب المذاهب حاوروا اتباعهم ومخالفيهم يكفي أن أئمة المذاهب الأربعة اتفقوا على كلمة فقالوا ما منا إلا رد ورد عليه إلا صاحب هذا القبر وهو محمد صلى الله عليه وسلم لإنه لاينطق عن الهوى بينما كل ابن آدم خطاء
- حوار أصحاب الباطل مع أصحاب الحق : رأينا فيما سبق كيف حاور الله ورسله والمؤمنون حوار لطيف راقي هدفه الوصول إلى الحق بدون تجريح حتى مع أعداء الله أما أهل الباطل وإن كنا أسميناه حواراً إلى أنه بعيد عن معنى ومضمون الحوار فاهل الباطل لايملكون أدلة على باطلهم وبالتالي حوارهم هو قرارات يعطونها وأوامر يوجهونها تعتمد عل عدة عناصر :
1- احتقار المحاور والتقليل من قيمته : ولهذا قال الله عن الظلمة (وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ )الزُّخرف:7] وقال الله تعالى ﴿ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ ﴾ (المطَّففين:29-30) ويقولون ساخرين بالمؤمنين، محقرين لشأنهم، مصغرين أمرهم ﴿ أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا ﴾ [الأنعام:53].
فكيف يمكن أن يستقيم الحوار وكيف يمكن الوصول إلى نتيجة؟ , أليست هذه مشكلتنا مع حكامنا ؟ اليست هذه مشكلتنا حتى مع اصغر موظف في مؤسساتنا الخاصة والعامة ؟ ولهذا يتهيب أحدنا ألف مرة قبل أن يقول كلمة حق أو رأي صائب خوفاً من إهانته وانتقاص أمره وليتنا تعلمنا من الأوربين شيئا من هذا فقد درست في الغرب وزرت الكثير من مؤسساته وأعرف أنه عندما يزور ضيف مؤسسة يقوم المدير العام ليعرفه باهداف المؤسسة وخطوط العمل العريضة ثم ينتقل مع الضيف إلى مستوى أدني فيصبح هو والضيف يسألان والآخر هو الذي يجيب ويفصل وهكذا حتى أدنى مستوى وظيفي بينما في بلادنا كلها على العكس وأذكر أني يوما كنت في اجتماع عمل تقني في إحدى مؤسساتنا وكان هناك الكثير من الخلط وقلت لزميل لي يحضر الإجتماع ما رأيك يا فلان وهو من سيتولى التنفيذ قال لي هذا الكلام خطأ قلت له ولماذا لم تتكلم قال لي لقد أشرت بيدي للكلام فلم يطلب مني الكلام فسكت مع أننا نتكلم في العلم والتكنلوجيا وليس في السياسة أو الدين وهذه النظرية مع الأسف نطبقها في بيوتنا فإذا تكلم الصغير قلنا له أسكت وماذا تفهم أنت في هذا الموضوع وربما هو أفهم منا به وأعلم
وهكذا تسير الأمور في دولنا المتخلفة فالحوار ممنوع حتى في تحضير الطبخ
2-أهل الباطل يعطون قرارات بدون نقاش وبدون أخذ راي الآخر بعين الاعتبار فهم من أعطاهم الله الفهم والحكمة وفصل الخطاب وقد ذكرنا بعض الأمثلة سابقاً وقد وصفهم الله بقوله على لسان فرعون : قال تعالى : قال فرعون وما رب العالمين قال رب السموات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين قال لمن حوله ألا تستمعون قال ربكم ورب آبائكم الأولين قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون قال لئن اتخذت إلها غيري لاجعلنك من المسجونين قال أو لو جئتك بشئ مبين قال فأت به إن كنت من الصدقين (الشعراء: 29 وقال على لسان فرعون ايضاً (يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري) وقال (فحشر فنادى . فقال أنا ربكم الأعلى) وما فرعون هذا إلا مثال للطغاة والمستبدين على مر العصور ففي كل عصر يوجد فرعون بل فراعين وهذا سبيل الطغاة فالطغاة لا يحاورون
3-العناد والإصرار على الموقف بدون دليل : راينا فيما سبق كيف كان فرعون مثالاً للعناد وقبله كان إبليس مع أنه يعرف أن الله سيدخله العذاب إلا انه استمر بالعناد وتحدي الله سبحانه وتعالى وهكذا وياللأسف فإن مجتمعاتنا تربت على سلطة الحاكم وعظمة الحاكم وإلهام الحاكم فالحاكم معصوم والحاكم ملهم والحاكم يقول للشيء كن فيكون بيده كل شيء حتى لو كان هذا الحاكم خرف مقعد أبكم ووالله إني لا أبالغ فقد سمعتها من أحد الأخوة في الجزائر وهو يمجد الحاكم فقلت له لابأس ولكن يا أخي لقد أعطاكم من فهمه وعلمه ما يكفي أفلا يستريح ويحل آخر محله فنزلت الصاعقة على رأسي لإنني أريد أن أحرم الجزائر من عبقرية وعظمة هذا الحاكم وهذه قمة الخيانة والمؤامرة على الجزائر .
أيها الأخوة لعلي تتطرقت لبعض نقاط الحوار وأدبياته ولكن أريد أن أقول في الختام إذا كنا نريد لأمتنا وشعوبنا أن تتطور فعلينا أن نخرج بحواراتنا من الشخصنة إلى المصلحة العامة ومن التجريح إلى النصح ومن التخوين إلى الرد بالحقائق , إن تحقير المحاور والرد عليه من خارج الموضوع كما ذكرت لا تعطي جواب صحيح وحتى فائدة من الحوار وعلينا أن نتقبل العودة عن الخطأ وإلا لن يكون الحوار مفيد ولن تسفيد منه الأمة , أنا لا أقدس الأوربين ولا أقتدي بهم في أمور كثيرة ولكنهم فهموا أن المسؤول بشر وأنه يخطيء ويصيب وعندما تنتهي مسؤوليته يعود إلى ما كان عليه أحد أفراد الشعب فمال المسؤل في بلادنا إذا وصل إلى المنصب لاينفصلان إلا في الموت وسامحوني حتى لا يغضب البعض تصبح البلد ملكية خاصة فمثلا سوريا الأسد وبحيرة الأسد وجنود الأسد وشبيحة الأسد .....وهذا مجرد مثال وأنا أطلب من كل مواطن عربي أن يزيل كلمة الأسد فقط ليرى هل ينطبق هذا على ما في بلاده أم لا فإذا تبين له له ذلك فليعلم أن هذا الحاكم ظالم مستبد أختصر البلد بشخصه ¸ ومالنا نعتبر المسؤول من طبيعة أخرى في كل العالم قد يقال الرئيس السابق أو الأسبق للتعريف ولكن مثلاً من يجرؤ ألا يقول الرئيس الحريري مثلاً أو الرئيس السنيورة أو الرئيس عون ..... متى سنتعلم من نبينا وقدوتنا عندما كان يأتي الإعرابي ليرى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسأل أيكم محمد ؟ لايميزه من بين أصحابه فهل يقبل اليوم مدير صغير أو أمير صغير أن يأتيه من يسأل هذا السؤال ولكن أنا آسف نسيت أنه من الصعب وصول مثل هذا الشخص ليرى مسؤول أو يتحدث إليه أو يحاوره ويقول له كما قالت تلك المرأة لعمر لقد أخطأت يا عمر وهو رأس الدولة .
يا ابناء الأمة لا عزة لنا إلا بالإسلام ولا إسلام إلا إذا خرجنا من قطريتنا وعدنا إلىى أمتنا وتعلمنا من حاضرنا وماضينا وتجارب الأمم وتعلمنا أن يكون الحوار للإصلاح والنقد للإصلاح وتعلم الدروس وليس للتجريح وجلد الذات وليس أحد فوق النقد إلا الرسل وكل ابن آدم خطاء وقد كتبت في مقال سابق الشعوب هي التي تصنع المستبدين والشعوب المستبدة مستعبدة والعبيد لايصنوعون حضارة ولا يطورون أمة .
1-11-2016
بقلم حسام الثورة
الحوار موضوع مهم لايمكن ان تتطور البشرية ويعيش الإنسان بحرية فكر بدون الحوار فالله سبحانه وتعالى علمنا في القرآن كيفية الحوار وعظمة الحوار وهدف الحوار هو الوصول للحق بدون إنتقاص من قيمة أحد المتحاوريين وعندما ينعدم الحوار تكون الكارثة على البشرية وسنذكر بعض التفاصيل فما هو تعريف الحوار :
الحِوارُ : حديث يجْري بين شخصَيْن أو أكثر حاورَ فلانًا : جاوَبه وبادله الكلامَ ، الكهف آية 37 (قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ) وقد يتضمن الحوار المدح والنقد وسنذكر بعض الأمثلة والنقد :نقَد الشّيءَ : بيَّن حسنَه ورديئه ، أظهر عيوبه ومحاسنه وقد يكون النقد بهدف البناء وتخطي العيوب وهو ما يسمى بالسياسة بالنقد الذاتي وعلى كل ذي عقل أن ينظر في عيوبه قبل أن يقابله بها الناس وهذا هو الحكيم العاقل والأحمق هو من لايرى لنفسه عيوب وقبل الخوض في الموضوع أحب أن أقسم الحوار إلى قسمين :
- الحوار المباشر وهو ما يتم بين شخصين أو أكثر حول موضوع ما قد يكون فيه الأطراف على طرفي نقيض سواء في الأخلاق أو السياسة أو الدين وقد اسس في المملكة العربية السعودية مركز لحوار الأديان أو التقريب بين المذاهب وهذه من اصعب انواع الحوارات وقد لخص الشيخ القرضاوي هذا الموضوع بقوله كيف أحاور من يقول أبا بكر لعنه الله وأنا أقول أبا بكر رضي الله عنه . وبالرغم من هذا فهذا الحوار مهم ومهم جداً عندما يكون هدف المتحاورين الوصول إلى الحقيقة وقبول الحق عند ثبوته
- الحوار غير المباشر : وهو ما يلجاً فيه الكتاب والمفكرون إلى نشر مقالات أو نشرات أو كتب تعبر عن أفكارهم فيقوم آخرون بالرد عليهم وإثبات أو إبطال ما قالوه وعلى كل طرف أن يقدم ما يقنع القاريء بدون تجريح لإن التجريح يضعف قيمة الرد وقد يعطي الحق للأول وربما لايكون الحق معه لإن الآخر لم يتمكن من الرد بما يقنع القاريء بحجته إما لإنه لايحسن الرد أو أنه لايوجد لديه الدليل المقنع , ذات يوم وصلني كتاب بعنوان مثير للجدل لا أريد ذكره لمهاجمة بعض الحكام العرب وأخذت الكتاب وقرأته من ألفه إلى يائه فلم أجد فيه وثيقة واحدة وإنما كله من قال وقالوا فلم أذكر في يوم من الأيام ما ورد في هذا الكتاب أو استدل به وهذا يفرضه علينا ديننا وأخلاقنا .
ربما يكون الحوار غير المباشر هو الأكثر شيوعا والأكثر نفعاً لإن الحوارات المباشرة قد يأتي صاحبها ويقول إنها زلة لسان أو لاتُدون فلاينتفع بها الناس أما الحوارات غير المباشرة فهي التي يأخذ المحاور فيها وقته ويثبت فيها قناعاته ويطلع بعدها على قناعات الآخرين قبل الرد عليها وهكذا يتطور الفكر وتصحح المفاهيم ويتربى الجيل وتتطور الأمة .
ومن منا لا يذكر أنه قرأ في صغره أو حتى في كبره كتاب جاء فيه كذا وكذا ولا يزال يحفظ عباراته ونصوصه ويحاور بها الآخرين .
أنواع الحوارات وهدفها :
- حوار أصحاب الحق مع أهل الباطل
- الله حاور مخلوقاته :
o الله حاور الملائكة عندما أعترضوا ظاهراً على خلق آدم عليه السلام وكان ممكن لله عزوجل ألا يحاورهم و يعاقبهم على هذا الاعتراض وهو الخالق المدبر وتنتهي المسألة ولكن الله عزوجل أراد أن يعلمنا الحوار وأدب الحوار في القرآن مع الموافقين والمعترضين ولكن للأسف نحن نقرأ القرآن كما قيل من أوله إلى آخره لانسقط منه حرف ولكن نسقط فهمه وتدبره
o الله حاور إبليس واعتراض ابليس كان يختلف عن إعتراض الملائكة الكرام فهو حوار متكبر متعجرف معترض غير متراجع بل استمر بالتحدي لله سبحانه وتعالى ومع هذا فإن الله سبحانه وتعالى لم يقصمه وإنما حاوره ووافق على طلبه بإنظاره إلى يوم القيامة
o وحاور الله نبيه نوح وموسى وإبراهيم لا أحب ذكر التفاصيل فهي معروفة لمن أراد وحتى لا يطول المقال
o الأنبياء حاوروا الكفار , نبي الله ابراهيم حاور النمرود وموسى حاور فرعون ولم يقولوا لهم يا أعداء الله يا طغاة بل حاوروهم بلين الكلام كما أمرهم الله وبالدليل القاطع وأثبتوا عليهم الحجة
o النبي حاور الكفار وحاور المسلمين سيرة النبي صلى الله عليه وسلم تغص بمختلف الحوارات والحديث يطول ويكفي أن نذكر أدب رسول الله في الحوار مع الكفار قال الله تعالى على لسان نبيه (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ) وقال لله تعالى : (لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) وحاشى لرسول الله أن يكون في ضلال أو يقارن بإجرام المشركين ولكنه أدب الحوار الذي يوصل إلى النتائج المرجوة من الحوار
o اصحاب المذاهب حاوروا اتباعهم ومخالفيهم يكفي أن أئمة المذاهب الأربعة اتفقوا على كلمة فقالوا ما منا إلا رد ورد عليه إلا صاحب هذا القبر وهو محمد صلى الله عليه وسلم لإنه لاينطق عن الهوى بينما كل ابن آدم خطاء
- حوار أصحاب الباطل مع أصحاب الحق : رأينا فيما سبق كيف حاور الله ورسله والمؤمنون حوار لطيف راقي هدفه الوصول إلى الحق بدون تجريح حتى مع أعداء الله أما أهل الباطل وإن كنا أسميناه حواراً إلى أنه بعيد عن معنى ومضمون الحوار فاهل الباطل لايملكون أدلة على باطلهم وبالتالي حوارهم هو قرارات يعطونها وأوامر يوجهونها تعتمد عل عدة عناصر :
1- احتقار المحاور والتقليل من قيمته : ولهذا قال الله عن الظلمة (وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ )الزُّخرف:7] وقال الله تعالى ﴿ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ ﴾ (المطَّففين:29-30) ويقولون ساخرين بالمؤمنين، محقرين لشأنهم، مصغرين أمرهم ﴿ أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا ﴾ [الأنعام:53].
فكيف يمكن أن يستقيم الحوار وكيف يمكن الوصول إلى نتيجة؟ , أليست هذه مشكلتنا مع حكامنا ؟ اليست هذه مشكلتنا حتى مع اصغر موظف في مؤسساتنا الخاصة والعامة ؟ ولهذا يتهيب أحدنا ألف مرة قبل أن يقول كلمة حق أو رأي صائب خوفاً من إهانته وانتقاص أمره وليتنا تعلمنا من الأوربين شيئا من هذا فقد درست في الغرب وزرت الكثير من مؤسساته وأعرف أنه عندما يزور ضيف مؤسسة يقوم المدير العام ليعرفه باهداف المؤسسة وخطوط العمل العريضة ثم ينتقل مع الضيف إلى مستوى أدني فيصبح هو والضيف يسألان والآخر هو الذي يجيب ويفصل وهكذا حتى أدنى مستوى وظيفي بينما في بلادنا كلها على العكس وأذكر أني يوما كنت في اجتماع عمل تقني في إحدى مؤسساتنا وكان هناك الكثير من الخلط وقلت لزميل لي يحضر الإجتماع ما رأيك يا فلان وهو من سيتولى التنفيذ قال لي هذا الكلام خطأ قلت له ولماذا لم تتكلم قال لي لقد أشرت بيدي للكلام فلم يطلب مني الكلام فسكت مع أننا نتكلم في العلم والتكنلوجيا وليس في السياسة أو الدين وهذه النظرية مع الأسف نطبقها في بيوتنا فإذا تكلم الصغير قلنا له أسكت وماذا تفهم أنت في هذا الموضوع وربما هو أفهم منا به وأعلم
وهكذا تسير الأمور في دولنا المتخلفة فالحوار ممنوع حتى في تحضير الطبخ
2-أهل الباطل يعطون قرارات بدون نقاش وبدون أخذ راي الآخر بعين الاعتبار فهم من أعطاهم الله الفهم والحكمة وفصل الخطاب وقد ذكرنا بعض الأمثلة سابقاً وقد وصفهم الله بقوله على لسان فرعون : قال تعالى : قال فرعون وما رب العالمين قال رب السموات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين قال لمن حوله ألا تستمعون قال ربكم ورب آبائكم الأولين قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون قال لئن اتخذت إلها غيري لاجعلنك من المسجونين قال أو لو جئتك بشئ مبين قال فأت به إن كنت من الصدقين (الشعراء: 29 وقال على لسان فرعون ايضاً (يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري) وقال (فحشر فنادى . فقال أنا ربكم الأعلى) وما فرعون هذا إلا مثال للطغاة والمستبدين على مر العصور ففي كل عصر يوجد فرعون بل فراعين وهذا سبيل الطغاة فالطغاة لا يحاورون
3-العناد والإصرار على الموقف بدون دليل : راينا فيما سبق كيف كان فرعون مثالاً للعناد وقبله كان إبليس مع أنه يعرف أن الله سيدخله العذاب إلا انه استمر بالعناد وتحدي الله سبحانه وتعالى وهكذا وياللأسف فإن مجتمعاتنا تربت على سلطة الحاكم وعظمة الحاكم وإلهام الحاكم فالحاكم معصوم والحاكم ملهم والحاكم يقول للشيء كن فيكون بيده كل شيء حتى لو كان هذا الحاكم خرف مقعد أبكم ووالله إني لا أبالغ فقد سمعتها من أحد الأخوة في الجزائر وهو يمجد الحاكم فقلت له لابأس ولكن يا أخي لقد أعطاكم من فهمه وعلمه ما يكفي أفلا يستريح ويحل آخر محله فنزلت الصاعقة على رأسي لإنني أريد أن أحرم الجزائر من عبقرية وعظمة هذا الحاكم وهذه قمة الخيانة والمؤامرة على الجزائر .
أيها الأخوة لعلي تتطرقت لبعض نقاط الحوار وأدبياته ولكن أريد أن أقول في الختام إذا كنا نريد لأمتنا وشعوبنا أن تتطور فعلينا أن نخرج بحواراتنا من الشخصنة إلى المصلحة العامة ومن التجريح إلى النصح ومن التخوين إلى الرد بالحقائق , إن تحقير المحاور والرد عليه من خارج الموضوع كما ذكرت لا تعطي جواب صحيح وحتى فائدة من الحوار وعلينا أن نتقبل العودة عن الخطأ وإلا لن يكون الحوار مفيد ولن تسفيد منه الأمة , أنا لا أقدس الأوربين ولا أقتدي بهم في أمور كثيرة ولكنهم فهموا أن المسؤول بشر وأنه يخطيء ويصيب وعندما تنتهي مسؤوليته يعود إلى ما كان عليه أحد أفراد الشعب فمال المسؤل في بلادنا إذا وصل إلى المنصب لاينفصلان إلا في الموت وسامحوني حتى لا يغضب البعض تصبح البلد ملكية خاصة فمثلا سوريا الأسد وبحيرة الأسد وجنود الأسد وشبيحة الأسد .....وهذا مجرد مثال وأنا أطلب من كل مواطن عربي أن يزيل كلمة الأسد فقط ليرى هل ينطبق هذا على ما في بلاده أم لا فإذا تبين له له ذلك فليعلم أن هذا الحاكم ظالم مستبد أختصر البلد بشخصه ¸ ومالنا نعتبر المسؤول من طبيعة أخرى في كل العالم قد يقال الرئيس السابق أو الأسبق للتعريف ولكن مثلاً من يجرؤ ألا يقول الرئيس الحريري مثلاً أو الرئيس السنيورة أو الرئيس عون ..... متى سنتعلم من نبينا وقدوتنا عندما كان يأتي الإعرابي ليرى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسأل أيكم محمد ؟ لايميزه من بين أصحابه فهل يقبل اليوم مدير صغير أو أمير صغير أن يأتيه من يسأل هذا السؤال ولكن أنا آسف نسيت أنه من الصعب وصول مثل هذا الشخص ليرى مسؤول أو يتحدث إليه أو يحاوره ويقول له كما قالت تلك المرأة لعمر لقد أخطأت يا عمر وهو رأس الدولة .
يا ابناء الأمة لا عزة لنا إلا بالإسلام ولا إسلام إلا إذا خرجنا من قطريتنا وعدنا إلىى أمتنا وتعلمنا من حاضرنا وماضينا وتجارب الأمم وتعلمنا أن يكون الحوار للإصلاح والنقد للإصلاح وتعلم الدروس وليس للتجريح وجلد الذات وليس أحد فوق النقد إلا الرسل وكل ابن آدم خطاء وقد كتبت في مقال سابق الشعوب هي التي تصنع المستبدين والشعوب المستبدة مستعبدة والعبيد لايصنوعون حضارة ولا يطورون أمة .
1-11-2016