من فقه الجهاد (2) : الجاهل ليس جديرا بالنصر ولا بالتمكين في الأرض
22 / 10 / 2016
بقلم : ابو ياسر السوري
==============
أحيانا يكون الجهل أحد أسباب الهزيمة ، أو يكون سببا رئيسيا في رفع تكاليف النصر ، ومضاعفة فاتورته من دماء وأشلاء .
لأن جهل الجاهل قد يدفعه في الغالب إلى عدم الأخذ بالسنن الكونية في طلب المراد ، والحياة لا ينال خيرها إلا بموافقة هذه السنن المرسومة للعباد ، فمن أخذ بها أصاب ، ومن حاد عنها خاب .
ومن سنن الله تعالى في إحراز النصر [ إعداد العدة للقتال .. ووحدة الصف بين الفصائل .. وعدم التنازع فيما بين أبناء الصف الواحد . والنصر لا يتحقق إلا بتقوى الله .. والصبر والمصابرة .. والاستعانة بالله على أعداء الله ..] .
ولكن الجهل جعلنا نزهد بضرورة التعاون على قتال عدونا ، وزهدنا في العمل على وحدة صفنا ، بل دفعنا إلى الاقتتال فيما بيننا ، وصار همُّ كل فصيل منا أن يسقط الفصيل الآخر .. ويطيح بعضنا ببعض بدل الإطاحة بعدونا .. مما أخر عنا النصر .. ولا أستبعد أن يكون البلاء الذي نزل بنا ، مرجعه مخالفاتنا لتعاليم ربنا ، فقد أمرنا سبحانه بالإعداد للقتال ، فقال " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة " فخالفنا أمره وقعدنا عن الإعداد .. وأمرنا بوحدة الصف فقال سبحانه " إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص " فخالفنا وقاتلنا عدونا متفرقين .. ونهانا عن التنازع فقال تعالى " ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم " فخالفنا وتنازعنا حتى فشلنا وذهبت ريحنا .
فكيف يُنصر قوم قيادتهم جهلة .؟ وصفوفهم مهلهلة .؟ وأفكارهم مضللة .؟ وكيف يُمْكِنُ أن يُمَكّنَ الله لهم في الأرض . وهم على تلك الحال من السوء والفوضى والفساد .
إن السنن الكونية لا تحابي .. والأرض التي استعمرنا الله فيها ، لا يمكن أن يعمرها الجهلة ، الذين يجلبون الضرر لأنفسهم ولغيرهم ، من حيث يدرون ولا يدرون ..
قد يقول قائل : العلماء ابتعدوا عن الميدان .. ولا أنكر أن بعضهم كان كذلك .. ولكن هنالك بعض العلماء يعملون للثورة من أول لحظة إلى الآن ، ولا يكافؤون على ذلك إلا بقلة الحياء وتطاول السفهاء .. الثورة واجب السوريين جميعا .. وعلى التحقيق هي واجب الأمة جمعاء ..
فإذا فسدت الشام لا خير في الأمة .. وقد يعمل أخوك في مكان عملا ضخما وأنت لا تدري .. فلا يستهن بعضنا ببعض .. ولنحسن الظن ببعضنا ، وليقدر كل منا أخاه . فبالحب المتبادل وحده ننتصر .
وبالتلاحم وحده نسقط نظام العصابة الحاكمة .. وليس بالفرقة والشتم والتخوين والاتهام بالتقصير ..
قد تطول المعركة .. لأن المؤامرة كبيرة جدا .. وعلينا أن نصحح مسارنا ، ونستأنف مسارات جديدة تقودنا إلى النصر .. وإلا فأخشى ما أخشاه أن نعاقب جميعا لا سمح الله .