عذرا عاصمة الثورة السورية. عذرا حمص. وعدنا أن نعود ولم نعد بعد 
29 / 8 / 2016
بقلم : أبو ياسر السوري
==========
حمص عاصمة الثورة .. وبعد هدنة غامضة تم تسليمها لمصيرها الغامض ..
وسكتت حمص .. وهدأ ضجيجها .. وخفتت أصوات أهازيجها .. وخلت ساحاتها من أبنائها الذين كانوا يزينونها بجموعهم الغفيرة ،وهم يهتفون لثورتنا العظيمة ، في مظاهرات عارمة ، سوف تبقى مثلا فريدا لما كانت تقيمه حمص من أعراس الحرية والكرامة ..
خرج ثوار حمص بأسلحتهم يوم خرجوا منها ، على غرار ما خرج أبطال داريا من داريا ..
خرجوا .. ولم ينسوا أن يكتبوا بدمائهم على بعض جدرانها المهدمة " إنا عائدون " .
خرجوا في 5/5/2014 وحتى الآن لم يتمكنوا من العودة إليها  ..
لقد قبض على بعضهم.. وقتل بعضهم. وتم التعتيم على الآخرين عن سبق تعمد وإصرار ..
فهنالك من لا يريد لأحرار حمص أن يعودوا إلى عرينهم بعد هذا الخروج ..
عذرا عاصمة الثورة السورية.. عذرا حمص .. وعدنا أن نعود ولم نعد بعد  Do
هل نسيتم حمص .؟؟ حمص العدية .؟ حمص عاصمة الثورة .؟ حمص التي ثارت فدوخت النظام ومن وراء النظام بصمودها وعنفوانها وإيمانها وعشقها للحرية .؟؟
حياك الله أيتها الثورة المباركة .. لقد عرفتنا على سوريا وما فيها من طاقات مذخورة ، ورجولات كامنة ، وقدرات خارقة على التضحية والعطاء .. لقد كشفت أيتها الثورة عن معادن رجالك . في المدن والبلدات والقرى في الأررياف .. لقد تبين لنا من خلالك يا ثورتنا الحبيبة أن سوريا جديرة بالبقاء .. عصية عما يريد منها الأعداء .. سخية في دفع الثمن للحرية والكرامة .. لا أستثني أحدا ولا قرية ولا بلدا . ولكن خصوصية الموضوع الآن تجعلنا نكتفي بما كان لحمص من عطاء .. وإن كان غيرها لا يقل عنها في ميادين البطولة والفداء ..
أأذكركم بما فعلت حمص في هذه الثورة .؟ أم لا حاجة إلى التذكير بتضحيات هذه المدينة الصامدة الخالدة ، وما أظن أننا نسينا تلك القرابين الطاهرة ، التي ضحت بها حمص في ساحة الساعة ، والتي ارتقى فيها الشهداء بالمئات وليس بالعشرات ، ولم يكن هذا العطاء هو الأول والأخير لحمص، وإنما تلاه قرابين أخرى لا تعد بالمئات وإنما بالآلاف ، قدمتهم حمص من فلذات أكبادها ، في حي بابا عمرو، وحي الزيتون .. وباب سباع .. والقرابيص .. وجورة الشياح .. وبقية أحيائها الثائرة ..
وكوفئت حمص من القاتل المجرم بأن يصب عليها البلاء صبا ، رصاص وقذائف كالمطر ، وصواريخ بلاستيكية تهلك البشر والشجر والحجر .. وما زال القاتل يمارس القتل والإبادة حتى عم حمص الخراب والدمار .. وأنهكها الحصار .. ورضخت أخيرا فوقعت هدنة مع القاتل بشار .. وسلمت حمص له بموجب تلك المؤامرة الدولية التي شارك في نسج خيوطها المجتمع الدولي ، والأمم المتحدة ، والجامعة العربية .. وشارك فيها من خذلها من أمراء الحرب ، الذين اندسوا بيننا يتقدمون الصفوف لمحاربة الأعداء ، وإذا هم من أقذر العملاء ..
وقعت حمص على الهدنة الغادرة ، وخرجت الباصات الخضراء تحمل الآلاف من أهل حمص ، والمئات من ثوارها .. وعلى رأسهم الساروت ورفاقه .. ومنذ ذلك اليوم الحزين وحتى الآن .. ونحن نعود إلى أرشيف حمص ، فنقرأ ما خطه الراحلون عنها على الجدران المهدمة فيها " إنا عائدون يا حمص .. إنا عائدون " ..
وها هي قد مضت الأشهر والسنون ونحن لم نعد بعد يا حمص ، ولم نتمكن من الوفاء لك بالعهد .. وما زالت يا حمص الحبيبة أسيرة مكبلة بالحديد .. بل تحولت أخيرا إلى سلعة تباع لإيران في سوق النخاسة كما تباع العبيد ..