حقيقة الدولة الفارسية
إيران إمبراطورية مجوسية – ج2
بقلم حسام الثورة

أخوتي مرت علينا في الأيام السابقة أحداث إنقلاب تركيا أبعدتني قليلاً عن متابعة الحديث عما وعدت به حول حقيقة الدولة المجوسية كما جاء في دستورها وقراراتها على الأرض لذى أرجو المعذرة ونعود لاستكمال الموضوع بمشيئة الله .
بعد ما ذكرنا في مقالنا السابق  مقدمة   من الدستور  والتي عادة تعتبر جزء من الدستور والعديد من بنوده  فنحن هنا لانريد دراسة هذه النقاط دراسة تفصيلية أوالحديث عن جزئياتها ولكن يكفينا منها الخطوط العريضة حيث من الواضح التركيز على عدة نقاط منها :
1- الحاكمية للولي الفقية فهو كل شيء في الحياة السياسيىة والاقتصادية وبإمكانه تقديم شرع جديد لو أحب وإلغاء شرع قائم لإنه بمثابة الإمام المعصوم والراد عليه كالراد على الله .                                                 2- دين الدولة هو المذهب الجعفري الاثنا عشري، ويبقى هذا المبدأ قائماً وغير قابل للتغيير إلى الأبد وفق سنة المعصومين ( أي اتباع الأئمة الإثنا عشرية ) وليس السنة النبوية وهذا مما لا يتفق عليه جميع علماء الشيعة
3-أما المذاهب الإسلامية الأخرى، التي تضم المذهب الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي والزيدي، فإنها تتمتع باحترام كامل، وأتباعُها أحرار في أداء طقوسهم الدينية , أي أنه تحترم وتؤدي شعائرها ( وهذا نظرياً) وسنرى ذلك لاحقاً أي أن مذاهبهم لاتدخل في التشريع اللازم للدولة وحتى لا تحترم ولايسمح لأتباعها ممارسة عباداتهم كما يسمح لليهود والمجوس .
- الحرية الدينية  والمذاهب الأربعة  وأتباعُها أحرار في أداء طقوسهم الدينية المذهبية حسب فقههم. وتحظى هذه المذاهب باعتراف رسمي في مسائل التعليم والتربية الدينية والأحوال الشخصية   ( بند 12 ) ونحن نقول إن المسلمين السنة يرضون بأقل مما أُعطى لليهود فهذا الكلام هو المضحك المبكي .
لنتصور أن عدد السنة حسب إحصائيات إيران التي تقلل من عدد السنة وتضخم من عدد الشيعة وفق هذه الاحصائيات يتجاوز السنة 20 مليون نسمة
هؤلاء الملايين يعتقلون بتهمة التسنن فالسنة جريمة وهذا ما يخالف البند ( 23) المذكور أعلاه  , هل هذا هو الاحترام , اليهود في إيران بين 25-30 ألف نسمة  لهم 36 دار عبادة في طهران وحدها من أصل 80 معبد في إيران بينما السنة حوالي مليون نسمة فقط في طهران ليس لهم مسجد فهل هذه هي الحرية الدينية ,
كل من يلبس لباس طلبة العلم الشرعي من السنة في إيران يعتقل على الحواجز بتهمة التسنن , شباب السنة يعلقون على المشانق بسبب وبدون سبب ولا أظن أن هذا بحاجة لوثائق فالصور المنشورة أكثر من أن تخفى عن أعمى البصر والبصيرة .
حتى الشيعة المعارضين لولاية الولي الفقيه يلاحقون ويقتلون فأين الحرية التي يتغنى بها الدستور كدولة إسلامية .
أما من وصفهم الدستور بالأقليات المعترف بها في المادة ( 13 ) فهم الوحيدون الذين يأخذون حقوقهم وزيادة لعدة أسباب أولها لإنهم بأعداد متواضعة وثانيا والأهم إن عقائد هذا الأقليات إما أنها متطابقة مع عقيدة الولي الفقية أو أنها لاتتضارب معها .
4- الإيرانيون الزرادشت واليهود والمسيحيون هم وحدهم الأقليات الدينية المعترف بها، وتتمتع بالحرية في أداء مراسمها الدينية ومع الاعتراف هذا نلاحظ أنه لافرق بين هذه الفرق الزرادشت واليهود والمسيحين والسنة حيث  يحظون في الدستور بنفس حقوق السنة بل بالواقع وضعهم أفضل فبالوقت الذي يملكون دور عبادة في طهران لايوجد مسجد واحد للسنة في طهران كما ذكرنا .
5- كما أن الدستور الأيراني ينص على ممثلين لليهود والزرادشت والمسيحين في البرلمان مع نسبهم المهملة بالنسبة لعدد السكان بالوقت الذي لايتحقق فيه ذلك للسنة
6- يبين الدستور ضرورة محاربة الديكتاتورية الفكرية بالوقت الذي نرى أنه يكرس للدكتاتورية الفكرية ممثلة بولاية الفقيه والإثنا عشرية ضارباً بعرض الحائط باقي الفرق الاسلامية .
وهنا نصل إلى النتيجة التالية :
يركز الدستور على المذهب الإثنا عشري كدين للدولة ممثلاً بالولي الفقيه وهذا يعني أن  الدولة لاتجمع المسلمين ولاحتى طوائف الأمامية الأخرى ثم يأتي إعتراض عدد كبير من علماء الإثناعشرية برفضهم لولاية الأمام الفقيه وبالتالي ضربهم بهذا الدستور عرض الحائط وهنا نقول إذاً هذا الدستور لايمثل حتى المذهب الإثنا عشري فهل يمكن أن نسأل إذاً  من يمثل هذا الدستور وبأسم من يحكم  ؟؟ ,وهو بالنتيجة ليس إسلامياً ولاحتى إثنا عشرياً.
وقبل إعطاء النتيجة بإسلامية إمبراطورية إيران من المفيد أن نقتبس بعض ما ورد في كتاب ثورة بائسة للدكتور موسى الموسوي  وهو من علماء الشيعة وممن شارك بالثورة الخمينية بشكل أو آخر حيث جاء فيه :
اما الحجم الذي اعطى للخميني بصفته مرشد الثورة الاسلامية وحامي حماها سواء من قبل الخمينيين او الاجهزة الاعلامية الداخلية والخارجية لايخلو من ذكاء بارع لتشويه سمعة الاسلام الذي يمثله هذا الشخص مهنة ولبوسا وشكلا وقولا ، فبغض النظر من ان الخميني ليس صانع الثورة الايرانية بل الثورة هي التي صنعته لظروف خاصة اشرنا اليها في فصول مختلفة من هذا الكتاب الا اننا نسلم جدلا بما يقوله الخمينيون ونقارن هنا بين الخميني كمرشد للثورة الايرانية وبين زعماء اخرون صنعوا المعجزات والاعاجيب لبلادهم ولكن لم يضخموا أو يفخموا كما ضخم الخميني وفخم ولم يعط لا حد منهم ( حق السلطة الالهية ) كما اعطاه الدستور الايراني للخميني ....انتهى
اذن هذا التضخيم للثورة ، وهذا التضخيم لمرشدها ليس امرا اعتباطيا او غير مقصود منه ، انه تخطيط دقيق لتسليط الضوء على ما يجري في ايران بقيادة الخميني والخمينيين الحاكمين والصاق اعمالهم بالاسلام تشويها له وازدراء به في حين ان الاسلام ورسوله براء منها .
ان الاعمال الهمجية التي ارتكبت في ايران باسم الاسلام واعطت ذلك الانطباع المقصود الذي اشرنا اليه كانت النتيجة المتوخاة منها اظهار الاسلام بمظهر الدين المتخلف ، والنظام البربري الذي لا يليق بالانسان والمناقض مع كرامته وحقوقه في كل زمان ومكان ، وقد كان تضخيم الثورة وتضخيم مرشدها بالصورة التي شهدها العالم سببا في تضخيم بشاعة وفداحة الاعمال التي ترتكب فيها باسم الاسلام ، فكلما الصقت بالاسلام اعمالا بشعة وارتكبت باسمه احكاما جائرة واعمالا همجية ، نجح المخططون في تخطيطهم نجاحا عظيما ، ونجح المنفذون في ارضاء سيدهم ، ومن هنا جاءت تسمية الحاكمين في ايران بالطابور الخامس .
وحقا اقول هنا انه لم تستطع زمرة قط من هدم الاسلام بمثل الزمرة الخمينية في غابر الزمان ولا في مستقبله ، لقد نجح الخمينيون الحاكمون باسم الدين في ايران في غضون ثلاث سنوات من هدم معنويات الاسلام اكثر مما فعله اتاتورك في تركيا ورضا بهلوي في ايران من حكمها الذي كرسوه طيلة عشرين عاما لمحاربة الدين بالنار والحديد ، فعندما ولى كل منهما وعادت الحرية إلى الشعبين التركي والايراني ، عاد الاسلام إلى موقعه الطبيعي في البلدين بل زاد ايمان الناس وتعلقه به اكثر من قبل .
لقد اعطت سياسة محاربة الدين على يد اناس غير محسوبين عليه نتيجة  تناقض ما اراده المخططون ، فكان التخطيط الجديد الناجح الباهر ضرب الاسلام بالطابور الخامس وهدمه من الداخل على يد اناس ينتمون اليه في ظاهر الاحوال . ولكي اكون واضحا وصريحا فيما ذهبت اليه من القول رأيت من الضرورة ان اضع النقاط على الحروف واعدد هنا قائمة بالاعمال التي صدرت من هذه الزمرة وكلها تتناقض مع الاسلام ولكنها ارتكبت لتشويه صورته وسمعته وقد باركها مرشد الثورة الاسلامية (الامام الخميني) ليسد الطريق على الذين يريدون الدفاع عن الاسلام .
1- تعريف الاسلام بانه دين الحقد والحرب واراقة الدماء:      
وقال الخميني مرشد الثورة الاسلامية " ان الاسلام بدأ بالدم ولا يصلح امره الا بالمزيد من اراقة الدماء " . وسياسة الجمهورية الاسلامية الايرانية منذ تأسيسها حتى الان هي السير في هذا الطريق الذي رسمه مرشدها .
2 - تعريف الاسلام بانه دين الاستبداد وسلب الحريات :                                           وهي السياسة التي اتبعتها الجمهورية الاسلامية في ايران باسم الاسلام في كل مجالات الحياة الخاصة والعامة وباركها مرشد الثورة عندما قال " ساقطع لسان من يقول كلمة ضد الجمهورية " وليت شعري ان اعرف كيف يمكن ان يكون الاسلام دين الاستبداد وقرآن المسلمين يقول :(لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ).
3- تعريف الاسلام بانه دين بعيد عن العدالة والرحمة :  كما هي الحالة في محاكمات محكمة الثورة من اعدام الصبية والشيوخ والنساء الحوامل والمرضى والجرحى بتهم سياسية ، ومحاكمة واعدام مائة شخص في مائة دقيقة ، وقد بارك مرشد الثورة هذا العمل الاجرامي المغاير للانسانية بقوله " ان هؤلاء المجرمين لا يحتاجون إلى المحاكمة وينبغي ان ينالوا عقابهم في الشارع او المكان الذي يلقى فيه القبض عليهم فورا "
4- تعريف الاسلام بانه دين مصادرة الاموال وسلبها من الناس ظلما وعدوانا :
كما ارتكبها الطغاة في ايران باسم الاسلام وباركها مرشد الثورة بقوله " اموال الاثرياء كلها جمعت من الحرام ويجب مصادرتها لمصلحة المستضعفين " ، ولذلك صودرت اموال كبار التجار وارباب الصناعات.
5- تعريف الاسلام بانه دين الكذب والخدعة :
كما فعل مرشد الثورة وكذب امام العالم وانكر شراء الاسلحة والعتاد من اسرائيل وهكذا عندما اعطى المواثيق المغلظة بالايمان لشعب ايران بانه لا هو ولا زمرته يطمعون في الحكم وعندما استسلمت لهم البلاد دمروها تدميرا . اما سياسة الجمهورية الاسلامية فهي تطابق سيرة مرشدها ، كلها كذب ودجل وخداع .
6- تعريف الاسلام بانه دين التجسس والفتنة :
كما امر به مرشد الثورة طلب من الاب ان يتجسس ضد ابنه ، ومن الام ضد اولادها ، ومن الجيران ضد الجيران ، ومن الابن ضد والديه حتى يكتشف النظام الحاكم نوايا المعارضين الذين يريدون تقويضه ، او محل اختفائهم او تجمعاتهم
7- تعريف الاسلام بانه دين الشتم والسب والقذف وبذيء الكلام :
وهي السياسة الاعلامية للجمهورية الاسلامية الايرانية ويباركها مرشد الثورة بنفسه ، في خطبه بالكلام البذيء والجارح والسب على زعماء الاسلام والمنطقة العربية ومعارضي حكمه ، في حين ان الاسلام ينهى عن ذلك نهيا باتا .
8- تعريف الاسلام بانه دين الفرقة والاختلاف :
كما هي السياسة  المتبعة من قبل الحاكمين في ايران ، ويباركها مرشد الثورة بتهديد الزعماء المسلمين بتصدير الثورة إلى بلادهم وتهديدهم بالويل والثبور ، في حين ان الاسلام دين الوحدة والاتحاد وبني الاسلام على كلمتين " كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة "
9- تعريف الاسلام بانه ضد العلم والمعرفة والحضارة :
كما هي السياسة المتبعة لدى الحكام الجهلة في ايران وباركها مرشدهم عندما امر بغلق الجامعات واخراج العلماء منها وهدم المباني الاثرية وبيع الخزانة الاثرية ونفائسها ، في حين ان الاسلام دين العلم والمعرفة والحضارة ، وكتاب المسلمين ينص على وجوب التعليم كما تقول الاية الكريمة (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) .
10- تعريف الاسلام بانه دين الظلم والجور والتحريض والبربرية :
وهي السياسة القمعية اللاانسانية التي ارتكبها الخمينيون الحاكمون بحق الشعب الامن باسم الاسلام وباسم الله الرحمن الرحيم ، فالمجازر البشعة الجماعية التي ارتكبوها بحق القوميات المختلفة ولا زالت والفئات السياسية المناهضة للنظام واعدام الصغار من الفتيان والفتيات على غرار ما فعله بل بت في كمبوديا وبوكاسا في افريقيا الوسطى ، وهكذا قتل النساء الحوامل والاجهاز على الجرحى ، ورجم النساء بتهمة الزنا .
قد اظهرت الاسلام امام العالم بانه دين التخلف والتوحش ، وقد جاءت مباركة مرشد الثورة لتلك الاعمال الهمجية دليلا على تضلعه في المؤامرة على الاسلام ، اليس هو القائل " اقتلوا المناوئين للنظام حيثما وجدتموهم لان هؤلاء المجرمين لايحتاجون إلى محاكمة " والاسلام دين الرأفة والرحمة والعدالة والفضيلة.
بهذا الكلام الذي أثبته معارضوا الخميني من علماء الشيعة نكون قد بينا كذب نظرية الولي الفقية أو اعتبار ما قام به الولي الفقيه هو دين جديد ليس له علاقة  بالاسلام  وكذلك كذب كل ما بني عليه الدستور الإيراني من قيم ومباديء إسلامية كما أننا بينا أن النظام في إيران لا يمكن أن ينطبق عليه تسمية إسلامية فهو قد أخرج جميع الفرق الاسلامية من الدستور وترك الباب مفتوحا ً على كلمة إحترام وهذا مفهوم فضفاض عريض لا يجد ما يؤيده على أرض الواقع وحتى عندما اعتبر أن الدين الرسمي هو الأثنا العشرية المستمدة من ولاية الإمام الفقية عارضه الكثير من الشيعة ولا تزال الأصوات تسمع في هذا المجال , إذا فهو لا يمثل الشيعة الإثنا عشرية , ترى فمن يمثل هذا الدستور ؟؟؟ وعمن يتحدث ؟؟؟ وعن أي دين إسلامي يتحدث ؟؟؟ وعن أية شريعة إسلامية  يتحدث؟؟؟  رأينا كيف أن الخميني قرر سلفاً ما يتعارض مع أبسط مبادئها بل كما يبين الدكتور الموسوي أن الخميني وجد لمحاربتها .
بهذا نكون قد نقضنا فرضيتنا حسنة النية بأن إيران جمهورية إسلامية من خلال بنود الدستور أولاً وبشكل رئيسي وثانيا من خلال المؤلفات والكتب التي كتبها كبار رجال الشيعة عن دكتاتورية الخميني ومعارضة نظام الولي الفقية للدين وإرتكابه المجازر بمعارضيه تحت مسميات مختلفة وكتبهم في هذا السياق كثيرة وهنا يحق لنا وبكل ثقة وحيادية وموضوعية أن نقول إن إيران إمبراطورية فارسية مجوسية  لايربطها رابط بالنظام الجمهوري ولا رابط  بالاسلام الحق أو ما يدعوه بمدرسة آل البيت رضي الله عنهم .
24-7-2016