إنه الأسبوع الثاني لي في برلين قادماً من درسن لأجد نفسي أقطن مع شابين ورجل وقور من لبنان ورجل فلسطيني من الأردن كان الحوار عن تقرير بثه التلفزيون الألماني عن المافية الروسية والايطالية وصراعات الجالية اللبنانية من جرائم قتل أو ضرب بالسكاكين التفت رينيه وهو رجل ستيني وقال: هكذا نحن اللبنانيون مو شاطرين بالمرجلة إلا على بعضنا فقلت له : لقد عشت في طرابلس سنة وأربع أشهر قبل مجيئي إلى ألمانيا وكان الحب والتعاطف سمة اللبنانيين هناك فقال لي متهكماً : ومالذي جاء بك إلى هنا ؟ فقلت بلا تردد : الذي جاء بك فقال : أنا لم يضربني الجيش اللبناني بالكيماوي والسكود والنابالم والعنقودي والطائرات القاذفة فقلت له : لا لقد قصدت أنني جئت مثلك للتجارة وبناء حياة جميلة لي ولأهلي فقال لي : أنا تاجر ابن تاجر وأعيش حياة كريمة في لبنان ولكن حزب الشيطان خرب لبنان فقلت : ولكنه مقاوم وممانع ولبنان البلد الوحيد الذي انتصر على الصهاينة فضحك ضحكة فاح منها رائحة الويسكي الذي كربعه للتو وتابع بصوت أجش ومخيف : كلهم خونة ويحركهم المال والنفوذ الغربي حزب الشيطان الذي تفتخر به يعمل مع الاسرائيليين في مناجم جوهانسبوغ وبنين وأوغندا ..وقد عملت معهم وهربت من ظلمهم فقلت له : صحيح أن حزب الله قتل مئات الآلاف من السوريين لأنه حزب طائفي بتركيبته فهو حزب شيعي يكفّر السنّة ويدعم النصيرية بقيادة المجرم بشار لأنهم شيعة قبل أن ينشقوا بتأليه الامام علي بن أبي طالب وهذا أمر طبيعي فقال رينيه : لماذا لا تضربه اسرائيل إنها فرصتها ؟ لماذا لاتدعم جيشكم الحر ؟ لماذا طائرات أمريكا لاتضرب مقراته كما تفعل مع الثوار في سورية والعراق ؟ طال جدالنا وحاولت أن أكون حيادياً ولكن رينيه كان كمن يصفني بالغبي وأنا أصرّ على أني لست طائفياً وفجأة همّ بالوقوف وقال تعال معي لأعرفك إلى أبو يعرب مفخخة أنا : ومن هو أبو يعرب مفخخة ؟ رينيه : لقد فجّر أكثر من أربعمائة مفخخة وعبوة في سورية واحداها أتت على أربعة من عائلة أخته إنه مشهور هنا بين السوريين وقد قدّمه الناشط الألماني المصري فرانسيس الإسكندراني في حملته ضد الارهاب الاسلامي وله محاضرة ستبدأ بعد قليل بعد عبورنا لشوارع جانبية متواضعة وصلنا إلى حي هاكشر ماركت فدخلنا إلى عمارة وإذ بغرفة متوسطة المساحة وبها جمهور صغير لم آخذ وقت لأعرف انه عربي الملامح صليبي الهوى كانت الكراسي متواضعة وأبو يعرب مفخخة يلقي محاضرة في العتمة على ضوء العارض الجداري (البروجكتر) تفحصت أبو يعرب فوجدته رجل خمسيني متواضع هادىء الصوت لايحرك يديه كثيراً وذو ثقافة متواضعة ولكنه ينطق بصرامة وكأن له خلفية مخابراتية أسدية كان العرض عن خريطة لسورية يؤكّد من خلالها أن الغرب لن يسمح للمسلمين بإقامة دولة لهم لأنهم سينقضون على الحضارة اليهودية بعد أن فشلوا أكثر من مرّة وأن سورية لايمكن أن يحكمها إلا علوي (نصيري) ليبقى وجه سورية الحضاري في وجه الأخونج والسلفيين والأردوغانيين ومن ينادون بالجهاد والكثير من الصفات والنعوت انتهى العرض بأن الجيش الحر خائن والشعب السوري المسلم لايستحق الحرية ولا العيش بكرامة لذلك لايمكن أن تسمح المخابرات العالمية إلا بالعلويين كحكام للشام وقد أدركت ايران والشيعة قصة العين والمخرز فتصالح الخميني مع الغرب القوي مع مراعاة الشعارات الدينية والتهجمية ضد القوى العالمية لضرورات داخلية وبدأت الأسئلة فسأله أحدهم : أنت تقول أنك جهزت أكثر من 400 مفخخة خلال خمس سنوات ونصف ألم تقتل أبرياء بها ؟ مفخخاتي كانت تضرب الارهابيين على طول الجمهورية العربية السورية ولكن قيادة الأفرع التي خدمت بها لم تكن تخبرني مع الكادر التابع لي أين سيتم تفجيرها ولذلك اعتزلت التفخيخ بعد استشهاد أختي وأطفالها الأربعة في حي الزهراء بحمص وهؤلاء أبرياء لاذنب لهم فسأله آخر : وهل مفخخاتك ضربت لبنان ؟ أبو يعرب مفخخة : من الممكن ولكن لاأجزم فسأله آخر : أنت مع نظام بشار أسد ام ضده أبو يعرب مفخخة : لقد قلت سابقاً أنا مع الأقوى والذي تريده القوى الكبرى طائرات الناتو والروس والعرب المعتدلين لن تفارق سماء سورية لطالما لم تحلّ المسألة كما يريدون سأله آخر : هل تقصد أن بشار أسد والطائفة العلوية مجبرون على مايفعلونه في سورية أبو يعرب مفخخة : نعم مجبرون ..نحن طائفة نريد السلام ووجدنا أن رؤيتنا وحضارتنا تلتقي مع مصالح الحضارة العالمية سؤال آخر : مارأيك بالجيش الحر ؟ أبو يعرب مفخخة : جيش كر سؤال جديد : مارأيك بحزب الله والمليشيات الشيعية ؟ أبو يعرب مفخخة : مجبر على القتال في سورية وإلا سيجد طائرات الناتو فوق سماء لبنان وسيتم تسليح المسيحيين والدروز لاقتلاعه سؤال : ولماذا لايتم تسليح السنّة أيضاً معهم ؟ أبو يعرب مفخخة : المسلمون السنة دوماً بلا سلاح هذا اتفاق عالمي طبعاً هذا ليس ظلماً فالسني غبي يريد أن يناطح أمريكا والغرب وروسية وكما قلنا العين لاتواجه المخرز وهؤلاء هم اسياد العالم اليوم خرجت فلحق بي رينيه وهو يضحك بشكل خفيف مابك ؟ الحقيقة تؤلم ,أليس كذلك ؟ هذا هو حزب الله والمقاومة والممانعة فقلت : أشعر بالغثيان ..أنا مصدوم من رجل من وطني يحكي بهذا الاسلوب ثم كيف تسمح له السلطات الألمانية وهو يعترف انه فجّر مئات المفخخات والعبوات الناسفة رينيه : إنه لم يضرهم فقد كان يحارب الارهاب فقلت : أريد منك يارينيه أن تنسى أنك مسيحي وأن تصدقني هل تصدّقه ؟ رينيه : بإمكانك القول أنني مسيحي مع وقف التنفيذ فالكنيسة لاأعرفها إلا بعد عودة والدتي من صلاة الأحد أما بالنسبة للرجل يعترف بتفجير المفخخات وأنه قتل أخته وأولادها دون أن يدري وقد شرح في محاضرة سابقة أنه توجّه إلى مكان التفجير ليرى قطع من السيارة التي فخخها وقد ذرف الدموع أمام الجمهور عندما تذكّر أنه كتب على جنب السيارة باسمك ياعلي وقد جلب القطعة ذاتها من مكان التفجير وارانا اياها وهو يقول أنه بات يشك بأن علي إله فقد كانت مفخخته مخصصة للارهابيين الاسلاميين وإذا بهذا الإله يترك قادته يفجرونها بأخته واطفالها في حي علوي يقطنه غالبية علوية لقد رفعوه إلى رتبة ملازم وكان يصف لنا خوفه وحزنه وهو يدفن أخته بأيديه وكل الحاضرين يدعون ويشتمون من صنع وفجر المفخخة إنها سخرية القدر أنا : أريد الرجوع إلى درسن فبرلين لاتناسبني رينيه : درسن وبرلين وهامبورغ كلها بلاد واحدة لن يتغير شيء عليك هل تعتقد أن أبو يعرب مفخخة الذي فخخ وفجر وقتل الوحيد الموجود فهناك الكثير منهم في المانيا ؟ أنا : أعتقد أنهم يوماً ما سيعتقلونه رينيه : يوماً ما سيعتقلونك إن بقيت بهذه العقلية والسذاجة
أخوكم الرقاوي ابن شارع القوتلي درسن - ألمانيا خاص لصفحة محبي الشهيد سمير القصير