وقفات حول الخلافة الإسلامية
الوقفة الثالثة : الخليفة – والشروط المعتبرة فيه :
21 / 4 / 2016
21 / 4 / 2016
بقلم : أبو ياسر
===============
1 - الخليفة أو الإمام الأعظم :
هو رئيس الدولة الإسلامية الأعلى , ويسميه بعض الفقهاء بـ ( الإمام الأعظم ) لكونه ليس فوقه إمام .
ويسميه آخرون بـ ( الخليفة ) لأنه يخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأمة من بعده في أمر دينهم ودنياهم . قال الماوردي : (450هـ) والْإِمَامَةُ مَوْضُوعَةٌ لِخِلَافَةِ النُّبُوَّةِ فِي حِرَاسَةِ الدِّينِ وَسياسةِ الدُّنيا ، وَعَقدُهَا لمنْ يقُومُ بِهَا فِي الْأُمَّةِ وَاجِبٌ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ شذَّ عَنْهُمْ الْأَصَمُّ ..
ووجوبها هنا يعني أنها من فروض الكفاية في الشريعة الإسلامية ، مثلها مثل القضاء بين الناس , إذ لابد للأمة من إمام يقيم الدين وينصر السنة وينصف المظلومين ويستوفى الحقوق ويضعها في مواضعها . ليستقيم أمر الناس وتصلح به الحياة .
واختُلِفَ فِي وجوبِهَا هل وجبَتْ بِالعقْلِ أَو بِالشَّرعِ ؟
فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : وجبَتْ بِالعَقْلِ لِمَا فِي طِبَاعِ الْعُقلَاءِ من التَّسليمِ لِزعِيمٍ يَمنَعُهُمْ مِن التَّظَالُمِ وَيَفْصِلُ بينهُمْ فِي التَّنَازُعِ وَالتَّخاصُمِ ، وَلولَا الْوُلاةُ لَكَانُوا فَوضَى مُهْمَلِينَ ، وَهَمَجًا مُضَاعِينَ ، وقد قَال الْأَفْوَهُ الْأَوْدِيُّ وَهُوَ شَاعِرٌ جَاهِلِيٌّ :
لَا يَصْلُحُ النَّاسُ فَوْضَى لَا سَرَاةَ لَهُمْ : وَلَا سَـــرَاةٌ إذَا جُهَّـالُهُـمْ سَــــادُوا
وَقَالَتْ طَائفَةٌ أُخْرَى : بَلْ وَجَبَتْ بِالشَّرعِ دُونَ الْعَقْلِ ، لِأَنَّ الْإِمام يَقُومُ بِأُمُورٍ شرعِيَّةٍ قَد كَان مُجَوَّزًا فِي الْعَقْلِ أَن لَا يَرِدَ التَّعَبُّدُ بهَا ، فَلم يكن الْعقلُ مُوجِبًا لَهَا .. وَلَهذا جاء الشَّرعُ بتفويضِ الْأُمُورِ إلى وَلِيِّ يتولى أمر الرعية في دينها ودنياها ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } . فَفَرَضَ علينَا طَاعةَ أُولِي الْأَمْرِ فِينَا وَهُمْ الْأَئِمَّةُ الْمُتَأَمِّرُونَ عَلَيْنَا .
2 - والشروط المعتبرة في الخليفة :
قال السعد التفتازاني : لا بد للأمة من إمام ، يحيى الدين ، ويقيم السنة ، وينتصف للمظلومين ، ويستوفي الحقوق ، ويضعها مواضعها .
وقال الماوردي : والشروط المعتبرة في الإمام سبعة :
( أحدها ) العدالة .
( والثاني ) العلم المؤدي إلى الاجتهاد في النوازل والأحكام .
( والثالث ) سلامة الحواس من السمع والبصر واللسان .
( والرابع ) سلامة الأعضاء من نقص يمنع من الحركة وسرعة النهوض .
(والخامس) الرأي المفضي إلى سياسة الرعية وتدبير المصالح .
(والسادس) الشجاعة والنجدة المؤدية إلى حماية البيضة وجهاد العدو .
(والسابع) النسب وهو أن يكون قرشياً ، لانعقاد الإجماع عليه .
قال النبي صلى الله عليه وسلم ' الأئمة من قريش '.
وقال صلى الله عليه وسلم ' قدموا قريشا ولا تقدموها ' - أي ولا تتقدموها –
وقال عليه الصلاة والسلام ' الناس تبع لقريش في هذا الشأن '
وقال أبو بكر لسعد بن عبادة في السقيفة كما في مسند أحمد : والله لقد علمت يا سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وأنت قاعد ' قريش ولاة هذا الأمر ' فقال له سعد : صدقت يا أبا بكر .
وأما حكمة حصر النبي صلى الله عليه وسلم الخلافة الشرعية في قريش ، أو سببه ، فقد ذكر المتكلمون والفقهاء قول أبي بكر الصديق . . للأنصار في سقيفة بني ساعدة : إن العرب لا تدين إلا لهذا الحي من قريش ، فهم أوسط العرب نسبا ودارا ، وأعزهم أحسابا .
وقال صلى الله عليه وسلم ' يا معشر قريش إنكم أهل هذا الأمر ما لم تُحدثوا ، فإذا غيرتم بعث الله عليكم من يلحاكم كما يُلحَى القضيبُ ' رواه أحمد . أقول : وعنى هذه العبارة في لغتنا الدارجة أي ( أي يسلط الله عليكم من يسلخ جلودكم كما تسلخ القضيب من قشرها ) ..
وقال صلى الله عليه وسلم ' الأمراء من قريش ما عملوا فيكم بثلاث - ما رحموا إذا استرحموا ، واقسطوا إذا قسموا ، وعدلوا إذا حكموا ' رواه الحاكم .
...... يتبع .........