تنتابني الحيرة كلما سألت نفسي لماذا يقتتل الناس في سوريا ؟
8 / 7 / 2015
أبو ياسر السوري
=========
هل سأل أحدنا نفسه : ما الهدف الذي يقتتل عليه حملة السلاح في سوريا .؟ هل هنالك هدف مشترك يجمع بينهم ، أم أن لكل فصيل هدفا خاصا به يقاتل من أجله .؟ لا شك أن النظام يقاتل من أجل البقاء . وأن داعش تقاتل من أجل الاحتلال . ولكن الثوار لماذا يقاتلون .؟ ألا ينبغي أن يكون هدفهم واحدا ، وأن لا يختلفوا فيما بينهم .؟ فلماذا يختلفون ويقتتلون أحيانا .؟ لا جواب على هذا السؤال إلا بالاعتراف بأن أهداف الثوار قد باتت مختلفة ، وأن اختلاف الهدف قد حرف البوصلة ، من اقتتال ضد النظام إلى اقتتال بين الثوار.
وهنا نتسأءل ثانيا : هل أهداف الثوار على اختلافها ، هي مما يصب في مصلحة الشعب السوري ، أم أنها أهداف خاصة ، لا تخدم سوى أصحابها المتنفذين؟ وهل سأل الثوار أنفسهم لماذا لم يتفقوا على هدف واحد يرضي السوريين جميعا، ويقاتلون من أجله معا ؟
وأخيرا ، لماذا لم يتعلم الثوار من تجربتهم العملية في الميادين ، أنه لا سبيل لأي فصيل أن يفرض وجهة نظره على الآخرين بالقوة ، ولا أن يكره الشعب السوري على ما لا يريد .؟ ولو كان بالإمكان فعلُ ذلك ، لفعلهُ النظام وحسمَ الموقف لصالحه ، ولكنه عجز عن ذلك ، وسيظل عاجزا إلى أن يسقط أخيرا ، ويرمى في مزابل التاريخ ..
قد يقول قائل : هدف الثوار واضح وهو مطلب مشترك بينهم جميعا ، إنه " إسقاط النظام " .. ونقول : نعم إن هدفهم هذا واضح فعلا ، ولكنْ هنالك سؤالٌ ما تزال الإجابات عليه مغمغمة يكتنفها الغموض ، ولا يريد أمراء الحرب أن يجيبوا عليه بوضوح ، ألا وهو : من سيحكمنا بعد سقوط هذا النظام .؟ وإذا أعوزنا أن نسمع منهم إجابة شافية ، فتعالوا نقرأ الواقع الحالي في سوريا ، ونستبط منه الهدف الذي يقاتل من أجله الثوار ، والأهداف الأخرى التي تقاتل من أجلها الفرق المتصارعة في سوريا كافة :
1 - البغدادي وزمرته : يقاتلون كلَّ السوريين دون استثناء ، لا فرق لديهم بين كونهم موالين أو معارضين أو حياديين ، فهم يقاتلون السوريين حكومة وشعبا ، لأنهم في نظرهم مرتدون ، لم يبايعوا البغدادي خليفة .
2 - وزمرة بشار : يقاتلون كل المعارضين، إسلاميين وعلمانيين ، عربا وكردا وتركمان دون استثناء أيضا ، من أجل بقاء بشار في الحكم . وحفاظا على مصالح إيران في سوريا .
3 - والجيش الحر: تم تشكيله في الأصل ليقاتل كل من يقتل الشعب السوري ، سواء أكان من زمرة البغدادي أو من زمرة بشار، وكان في بداية أمره يتولى الدفاع عن المتظاهرين ، الذين كان شبيحة النظام يقتلونهم بدم بارد .
4 – والإسلاميون : يقتلون النظام ويقتلهم على خلفية طائفية ، ويقاتلهم البغدادي لمخالفتهم له في الأيدلوجية ، واحيانا يقتتل الإسلاميون فيما بينهم ، أو فيما بينهم وبين الجيش الحر للنفوذ والسلطة أو بسبب الاختلاف في قسمة الغنائم ، وأحيانا يتنازعون بسبب الأموال المنهوبة أو المسروقة .
::::
هذه هي صورة الواقع الحالي في الصراع الدائر .. وهذه هي أسبابه .. ولو رجعنا إلى السبب الأساس الذي قامت من أجله الثورة .؟ لرأينا أنها بدأت باحتجاج على الاستبداد والفساد .. وانها مظاهرات سلمية ، اقتصرت على المطالبة بالإصلاح .. فلما قوبلت المطالب بالرصاص ، انتقلت إلى المطالبة بإسقاط النظام ، واسترداد حقوق المواطنين بالحرية والعدالة والمساواة .. هذه هي أهداف الثورة ..
ولكن الزمر المتصارعة في سوريا اليوم ، لم تعد معنية بهذه الأهداف ، ولا يهمها مطالب الشعب ، وإنما يهمها أن يستمر الصراع فيما بينها على طريقة تناطح الثيران ، ليثبت كل فصيل منها لخصمه أنه هو الأقوى ، وأنه هو الأحق بأن يحكم البلد .. وبناء على هذا لا يكون الخاسر الأكبر في هذا القتال سوى الشعب السوري ، الذي ينام على أزيز الرصاص ، وفرقعة البراميل والقذائف الفراغية والصواريخ والكيمياوي ، ويستيقظ عليها .. وإن هو سلم من هذه الويلات ، استقبلته داعش بأقنعتها السوداء ، فأعملت فيه سياط الجلد ، وسكاكين الذبح ، ورجم الزواني وقطع الأيدي .. وإن نجا من النظام وداعش ، وقع بين أنياب أمراء الحرب ، الذين يسرقون الشعب وينهبون أمواله أيضا .. الشعب هو الضحية .. وهو المطحون بين شقي رحى هذه الحرب العمياء ، التي لم يبق لها هدف سوى القتل للقتل . فهل يستمر على هذا من كان لديه مسكة من عقل ، أو ذرة من دين .؟
وقبل أن يفهمني أحد فهما خاطئا ، أسارع إلى القول : بأنني لا أدعو الثوار بهذا الكلام إلى وقف القتال ، لأنه قتال فرض علينا قسرا ، ولم يَعُد بإمكاننا التراجع عنه ، لأن تراجعنا الآن وإلقاء السلاح من أيدينا ، لا ينتج عنه سوى سحقنا بأيدي النظام أو بايدي داعش ، فالنظام لن يتورع عن إبادة كل من ثاروا عليه ، و داعش لن تتردد في استئصال سائر المرتدين الذين لم يبايعوا البغدادي ذبحا بالسكاكين ..
ولهذا وذاك ، أؤكد على أنني لا أدعو الثوار إلى وقف القتال ، وإنما أدعوهم إلى تحديد هدف نبيل ، يجب أن يؤمن به السوريون جميعا ، وأن يقاتل ثوارهم من أجله معا .. وطبعا لا تصلح خلافة البغدادي هدفا جامعا لكل السوريين ، ولا يصلح بقاء الأسد هدفا لهم أيضا ، ولا يصلح أن يكون الهدف تنصيب زهران علوش خليفة للمسلمين ولا غيره فليس ذلك الهدف مما يمكن اجتماع الكلمة عليه ..
الحل يا عقلاء الأمة ، يجب أن يكون لدينا هدف مشترك يؤمن به جميع السوريين ، هدف يقاتل تحت رايته المسلم والمسيحي والعربي والكردي والتركماني وكل مكونات الشعب السوري .. بهذا الهدف الذي يوحد السوريين ولا يفرقهم ، تعود سوريا إلى ما قبل حكم بيت الأسد ، دولة برلمانية دستورية رئاسية يتم فيها تداول السلطة بالانتخابات العامة النزيهة .. وهي الصيغة التي ارتضاها السوريون قبلا . وعاشوا بها أسعد فترة وأغناها بأمان وسلام ووئام ..
8 / 7 / 2015
أبو ياسر السوري
=========
هل سأل أحدنا نفسه : ما الهدف الذي يقتتل عليه حملة السلاح في سوريا .؟ هل هنالك هدف مشترك يجمع بينهم ، أم أن لكل فصيل هدفا خاصا به يقاتل من أجله .؟ لا شك أن النظام يقاتل من أجل البقاء . وأن داعش تقاتل من أجل الاحتلال . ولكن الثوار لماذا يقاتلون .؟ ألا ينبغي أن يكون هدفهم واحدا ، وأن لا يختلفوا فيما بينهم .؟ فلماذا يختلفون ويقتتلون أحيانا .؟ لا جواب على هذا السؤال إلا بالاعتراف بأن أهداف الثوار قد باتت مختلفة ، وأن اختلاف الهدف قد حرف البوصلة ، من اقتتال ضد النظام إلى اقتتال بين الثوار.
وهنا نتسأءل ثانيا : هل أهداف الثوار على اختلافها ، هي مما يصب في مصلحة الشعب السوري ، أم أنها أهداف خاصة ، لا تخدم سوى أصحابها المتنفذين؟ وهل سأل الثوار أنفسهم لماذا لم يتفقوا على هدف واحد يرضي السوريين جميعا، ويقاتلون من أجله معا ؟
وأخيرا ، لماذا لم يتعلم الثوار من تجربتهم العملية في الميادين ، أنه لا سبيل لأي فصيل أن يفرض وجهة نظره على الآخرين بالقوة ، ولا أن يكره الشعب السوري على ما لا يريد .؟ ولو كان بالإمكان فعلُ ذلك ، لفعلهُ النظام وحسمَ الموقف لصالحه ، ولكنه عجز عن ذلك ، وسيظل عاجزا إلى أن يسقط أخيرا ، ويرمى في مزابل التاريخ ..
قد يقول قائل : هدف الثوار واضح وهو مطلب مشترك بينهم جميعا ، إنه " إسقاط النظام " .. ونقول : نعم إن هدفهم هذا واضح فعلا ، ولكنْ هنالك سؤالٌ ما تزال الإجابات عليه مغمغمة يكتنفها الغموض ، ولا يريد أمراء الحرب أن يجيبوا عليه بوضوح ، ألا وهو : من سيحكمنا بعد سقوط هذا النظام .؟ وإذا أعوزنا أن نسمع منهم إجابة شافية ، فتعالوا نقرأ الواقع الحالي في سوريا ، ونستبط منه الهدف الذي يقاتل من أجله الثوار ، والأهداف الأخرى التي تقاتل من أجلها الفرق المتصارعة في سوريا كافة :
1 - البغدادي وزمرته : يقاتلون كلَّ السوريين دون استثناء ، لا فرق لديهم بين كونهم موالين أو معارضين أو حياديين ، فهم يقاتلون السوريين حكومة وشعبا ، لأنهم في نظرهم مرتدون ، لم يبايعوا البغدادي خليفة .
2 - وزمرة بشار : يقاتلون كل المعارضين، إسلاميين وعلمانيين ، عربا وكردا وتركمان دون استثناء أيضا ، من أجل بقاء بشار في الحكم . وحفاظا على مصالح إيران في سوريا .
3 - والجيش الحر: تم تشكيله في الأصل ليقاتل كل من يقتل الشعب السوري ، سواء أكان من زمرة البغدادي أو من زمرة بشار، وكان في بداية أمره يتولى الدفاع عن المتظاهرين ، الذين كان شبيحة النظام يقتلونهم بدم بارد .
4 – والإسلاميون : يقتلون النظام ويقتلهم على خلفية طائفية ، ويقاتلهم البغدادي لمخالفتهم له في الأيدلوجية ، واحيانا يقتتل الإسلاميون فيما بينهم ، أو فيما بينهم وبين الجيش الحر للنفوذ والسلطة أو بسبب الاختلاف في قسمة الغنائم ، وأحيانا يتنازعون بسبب الأموال المنهوبة أو المسروقة .
::::
هذه هي صورة الواقع الحالي في الصراع الدائر .. وهذه هي أسبابه .. ولو رجعنا إلى السبب الأساس الذي قامت من أجله الثورة .؟ لرأينا أنها بدأت باحتجاج على الاستبداد والفساد .. وانها مظاهرات سلمية ، اقتصرت على المطالبة بالإصلاح .. فلما قوبلت المطالب بالرصاص ، انتقلت إلى المطالبة بإسقاط النظام ، واسترداد حقوق المواطنين بالحرية والعدالة والمساواة .. هذه هي أهداف الثورة ..
ولكن الزمر المتصارعة في سوريا اليوم ، لم تعد معنية بهذه الأهداف ، ولا يهمها مطالب الشعب ، وإنما يهمها أن يستمر الصراع فيما بينها على طريقة تناطح الثيران ، ليثبت كل فصيل منها لخصمه أنه هو الأقوى ، وأنه هو الأحق بأن يحكم البلد .. وبناء على هذا لا يكون الخاسر الأكبر في هذا القتال سوى الشعب السوري ، الذي ينام على أزيز الرصاص ، وفرقعة البراميل والقذائف الفراغية والصواريخ والكيمياوي ، ويستيقظ عليها .. وإن هو سلم من هذه الويلات ، استقبلته داعش بأقنعتها السوداء ، فأعملت فيه سياط الجلد ، وسكاكين الذبح ، ورجم الزواني وقطع الأيدي .. وإن نجا من النظام وداعش ، وقع بين أنياب أمراء الحرب ، الذين يسرقون الشعب وينهبون أمواله أيضا .. الشعب هو الضحية .. وهو المطحون بين شقي رحى هذه الحرب العمياء ، التي لم يبق لها هدف سوى القتل للقتل . فهل يستمر على هذا من كان لديه مسكة من عقل ، أو ذرة من دين .؟
وقبل أن يفهمني أحد فهما خاطئا ، أسارع إلى القول : بأنني لا أدعو الثوار بهذا الكلام إلى وقف القتال ، لأنه قتال فرض علينا قسرا ، ولم يَعُد بإمكاننا التراجع عنه ، لأن تراجعنا الآن وإلقاء السلاح من أيدينا ، لا ينتج عنه سوى سحقنا بأيدي النظام أو بايدي داعش ، فالنظام لن يتورع عن إبادة كل من ثاروا عليه ، و داعش لن تتردد في استئصال سائر المرتدين الذين لم يبايعوا البغدادي ذبحا بالسكاكين ..
ولهذا وذاك ، أؤكد على أنني لا أدعو الثوار إلى وقف القتال ، وإنما أدعوهم إلى تحديد هدف نبيل ، يجب أن يؤمن به السوريون جميعا ، وأن يقاتل ثوارهم من أجله معا .. وطبعا لا تصلح خلافة البغدادي هدفا جامعا لكل السوريين ، ولا يصلح بقاء الأسد هدفا لهم أيضا ، ولا يصلح أن يكون الهدف تنصيب زهران علوش خليفة للمسلمين ولا غيره فليس ذلك الهدف مما يمكن اجتماع الكلمة عليه ..
الحل يا عقلاء الأمة ، يجب أن يكون لدينا هدف مشترك يؤمن به جميع السوريين ، هدف يقاتل تحت رايته المسلم والمسيحي والعربي والكردي والتركماني وكل مكونات الشعب السوري .. بهذا الهدف الذي يوحد السوريين ولا يفرقهم ، تعود سوريا إلى ما قبل حكم بيت الأسد ، دولة برلمانية دستورية رئاسية يتم فيها تداول السلطة بالانتخابات العامة النزيهة .. وهي الصيغة التي ارتضاها السوريون قبلا . وعاشوا بها أسعد فترة وأغناها بأمان وسلام ووئام ..