المعارك في سوريا .. وسر التناقض بين المتحاربين :
8 / 5 / 2015
==========
المعارك في سوريا تسير وفق قانون التناقض ، لذلك يحار المراقب في تفسير سيرها ..!! فالتحالف الأمريكي يضرب داعش في العراق .. ويكف عن ضربها في سوريا .؟ وداعش هي داعش هنا وهناك .؟
ثم إن داعش تدخل سوريا فتقوم بضرب السوريين ، وتحرر المحرر ، وتقوم باغتيال قادة الجيش الحر ، وضرب ألويته وكتائبه .. بينما تهادن النظام ، وتجاوره بسلام سنة ونصف السنة في الرقة ، وليس بين داعش وبين الفرقة 17 سوى بضع كيلو مترات ؟ ثم لماذا انتقضت الهدنة غير المعلنة ما بين داعش والنظام فجأة ، وبدأ الطيران الأسدي يستهدف داعش .؟
وسؤال آخر ولكنه مختلف عما سبق ، وهو لماذا تقوم أمريكا بتشكيل تحالف لضرب داعش وهي لم تصنفه في قائمة التنظيمات الإرهابية حتى الآن ؟ يعني داعش وحزب الله هما من أحزاب الحمائم المسالمة ، وليسا من الصقور الإرهابيين .
ثم لماذا تزعم داعش أنها قوة سنية ، وهي لا تقتل سوى أبناء السنة ، ولا تهاجم سوى قراهم في سوريا والعراق .؟ و لم نسمع قط أن داعش قامت بمهاجمة قرية نصيرية في الساحل ، ولا قرية شيعية في ريفي حلب الشمالي والغربي .؟ من أمثال نبل والزهراء والفوعة وما حولها من قرى الشيعة .؟
هل سمعتم بدونكي شوت وطواحين الهواء .؟ إن بطولة داعش تسير على هذا الغرار ... ولو سألت أي داعشي ماذا أنجزتم في سوريا .؟ لقال لك نحن سحقنا النصيرية والشيعة والمرتدين .. وسوف نسحق أمريكا وأوربا وإسرائيل .. وسوف نقتح العالم كله ، ويحكمه البغدادي .!!
ولحل هذه الألغاز كلها، فتش عن القصد لدى هذه الأطراف المتحاربة، لتعلم أسباب هذا التناقض الذي يجري في مواقفها ؟
1 - لماذا دخلت داعش سوريا .؟ الجواب دخلت لتقيم دولة الخلافة ، وتحكم البلد بعد رحيل النظام الحاكم .. لذلك من وجهة نظر الدواعش أن كل من هو فوق التراب السوري ، هم عقبات يجب إزالتها ، سواء أكانوا من الشعب ، أم من النظام . والكل في نظر الدواعش كفار أو مرتدون يحل قتلهم وحكمهم بالقهر والغلبة .
2 - لماذا تقوم شبه هدنة ما بين النظام وداعش في سوريا .؟ بل في بعض المواقف كان يخيل للمراقب أن هنالك تنسيقا ما بين داعش والنظام . وأنهما يتعاونان على قمع الثورة السورية .. وهذا صحيح .. فالنظام يريد قمع الثورة ، ليبقى في الحكم .. وداعش تريد قمع الثورة لتقيم خلافتها في سوريا .. والثورة في نظرهم دعوة كافرة ، لأنها تنادي بالديمقراطية ، وهي كفر في نظر الدواعش .. لذلك بدأت داعش باغتيال الثورة ، وقتل الجيش الحر ، ومحاربة أبناء السنة ، لأنهم بالنسبة لها هم الخاصرة الرخوة ، والجانب الأضعف .. فكان البدء بهم هو الأولى من وجهة نظرهم العسكرية ..
3 – لماذا كان التحالف الأمريكي ؟ هل كان من أجل القضاء على داعش .؟ الجواب الحقيقي : هو ما نشاهده بأم أعيننا ، من أن التحالف الأمريكي لا يريد القضاء على داعش ، لذلك نراه يقوم بضربة على الكعب ، وضربة على الحافر .. ولو أرادت أمريكا القضاء على داعش لقضت عليها في غضون أيام .. فقد قضت على صدام وجيشه في غضون ساعات .. فلماذا إذن هذه المراوغة.؟
الجواب : لا أدري يقينا . ولكنني أخمن تخمينا أن قصد أمريكا من هذا التحالف هو أحد الأمور التالية :
إما أنها تريد أن تدمر أبناء السنة في سوريا والعراق ، تحت ذريعة القضاء على داعش . فتضرب المجاهدين الإسلاميين المغرر بهم ، من المنضمين لداعش هنا وهناك .. وتضرب القرى والمناطق السنية ، لتهجير أهلها وتفريغها منهم ، تمهيدا لتسليمها لحليفتها إيران على طبق من فضة ..
وإما أنها تريد أن تحدث فوضى عارمة في المنطقة ، وتطلق العنان لداعش ، وتمكنها من انتصارات وهمية ، لتنفر بهم من الإسلام ، وتقول للسوريين والعراقيين ، إما أن ترضخوا لحكوماتكم الحالية . أو تحكمكم داعش التي تحز رقابكم بالسكاكين .
وهكذا ، فبقاء داعش وانتصاراتها الوهمية ، كل ذلك مما يحقق مصالح لأمريكا، ومصالح لإيران، ومصالح للنظامين السوري والعراقي معا ..
هل فهمنا سر كل تلك التناقضات ، التي تجري على الساحة بهذه الإجابات الصريحة .؟ أرجو ذلك .!!
ولكنْ لئلا ، يقفز بعض المتحمسين لداعش ، فيقول : نحن نقاتل لإقامة شرع الله في الأرض بالقوة .. نستأذن هذا الأخ المتحمس فنسأله : وهل أنتم قادرون على قتال كل أئمة الكفر في الأرض .؟ وإن كنتم قادرين فعلا ، فلماذا لم تبدؤوا بتحرير فلسطين من اليهود ، وإقامة شرع الله فيها ؟ ولماذا تكفرون الشعوب المسلمة وتحاربونها ، وأنتم تسالمون اليهود والنصارى .؟ ثم من خولكم لتكونوا أوصياء على أمة تعدادها مليار و600 مليون مسلم .؟ فقليلا من الإنصاف يا هؤلاء .؟؟