ظاهرة خالد الحياني .. والتذرع به لشتم الثورة والثوار :
بقلم : ابو ياسر السوري
==========
1 - الثورة فجرها أطفال صغار من مدينة درعا، وحمل رايتها شباب من أهل النخوة والحمية من عامة الناس .. ليسوا حزبيين ، ولا صوفيين ، ولا إخوان مسلمين ، ولا معروفين بالتدين .. وإنما هم أشخاص عاديون جدا ، وبسطاء جدا ، ومخلصون جدا . خرجوا يتظاهرون ضد الفساد والاستبداد ، ويعلنون استنكارهم للوضع المزري الذي آلت إليه الأوضاع في سوريا .. فقوبلوا بالقمع والاعتقال والتعذيب والمداهمة والترويع والقتل .. فقابلوا ذلك كله ، بنفوس راضية .. وعزائم ماضية . وظن النظام الحاكم في بداية الأمر أنه قادر على إخماد الثورة خلال أيام أو أسابيع .. ثم مرت الأيام والأسابيع والشهور والسنوات ، وظلت الثورة ماضية في طريقها ، لا يوقفها شيء . ولا يزيدها القمع إلا مضاء وإصرارا ..
2 – كان العلماء والتيارات الدينية والمثقفون العلمانيون - بكل أسف - أبعد ما يكونون عن الثورة .. فالعلماء يهدرون من فوق المنابر بأنها " فتنة " والاخوان المسلمون يتمنون أن يكتب للثورة النجاح ، ولكنهم كانوا يعانون من أمرين اثنين : ( أولا ) كانت الجماعة منحلة ، متوقفة تقريبا عن العمل منذ زمن طويل .. ( ثانيا ) كانوا متهيبين من الانخراط في الثورة ، لأن شبح الخوف ما زال مخيما عليهم من أحداث الثمانينيات في القرن الماضي .. لذلك دخل الإخوان في الثورة على صورة أفراد مقاتلين ، أو أفراد مشاركين في المعارضة السياسية وليس كتنظيم . ولم يبرز لهم بداية حراك عسكري ملموس ..
أما المثقفون فكانوا يراقبون الحراك من وراء وراء . ثم بدا لهم أن يقوموا بالحراك السياسي . واللّتِّ والعجنِ على الشاشات وفي القنوات الفضائية .. وأصبحنا نرى أبطال المنابر الإعلامية ، والمنظرين ، والمحللين ، والمفاوضين ، والمتحدثين في المؤتمرات .. وشيئا فشيئا لمعت اسماء . وظهر على الساحة أشخاص . وبظهورٍ أو ظهورين على القنوات صار الواحد منهم ممن يشار إليه بالبنان . وأصبح أبطال الكلام رموزا للثورة .. فأضروا بها ، ولم يقدموا لها نفعا قط ..
3 – إن تأخر هؤلاء وأولئك عن قيادة العمل الثوري ، هو الذي فسح المجال للشباب العاديين في أن يصبحوا قادة للثورة .. وطبيعي أن يكون منهم الطيب والخبيث ، والصالح والطالح .. وطبيعي أيضا أن يوجد في صفوفهم أشخاص من المتسلقين والانتهازيين . ولكنهم مع ذلك كانوا جميعا في مقدمة الركب ، يحملون السلاح ويقاتلون بشراسة ، ويرابطون على الثغور ليل نهار ، ويخوضون المعارك الضارية ، فيَقتُلون ويُقتَلون .. حتى لمعت منهم أسماء ، منهم البر ، ومنهم الفاجر .. فكان من هذا الرعيل القائد عبد القادر صالح ، وزهران علوش ، وأبو عيسى الشيخ ، وآخرون .. وكان منهم حسن جزرة ، وخالد الحياني ، وعمار الداديخي ، وآخرون .. وكان من هؤلاء وأولئك من قاتل لإعلاء كلمة الحق وإسقاط النظام ، ومنهم من قاتل لإسقاط النظام وأغراض شخصية أخرى .. ومهما اختلفت الغاية بين مقاتل ومقاتل ، وفصيل وآخر ، فالكل كان يقاتل لإسقاط النظام .. وهذا القدر منهم يكفينا .. وإن كنا لا نوافق المسيء على إساءاته . ونرجو أن نحاسبه بعد الانتهاء من حكم العصابة اللعين .
4 - نحن لا ننكر أن بعض هؤلاء المقاتلين قد أساء إلى المواطنين عن عمد ، وبعضهم أساء عن غير عمد .. ولكنّ الحرب هي الحرب ، والثورات حالة من الفوضى قد يتضرر منها الكثير .. ولكن يجب أن نحتمل أي ضرر خاص في سبيل نجاح الثورة لأنها سوف تحقق للشعب نفعا عاما ، وتخلص الجميع من نظام يسحق الجميع .
5 – بعد مضي أربع سنوات وأشهر ، نلاحظ أن بعض المثقفين بدأ يعزف على نغمة جديدة غير محببة .. ولئلا يشرد ذهن القارئ عن الموضوع ، أحب أن أعالج هذه الظاهرة بصورة مباشرة ، بعيدا عن اللف والدوران .. فأقول : منذ أيام قليلة استشهد خالد الحياني .. فكتبت الصحفُ في نعيه تقول :
[ قتل قائد "الفرقة 16 مشاة " التابعة لما يسمى " الجيش الحر" المدعو خالد سراج الدين الملقب بـ "خالد الحياني" خلال الاشتباكات مع الجيش السوري على جبهة حي الخالدية في مدينة حلب .. ويذكر أن الحياني كان من أوائل من حمل السلاح ضد الجيش السوري في حلب وريفها الشمالي..] .
وكنت واحدا ممن نشر نبأ وفاة الحياني .. دون قدح ولا مدح .. فعلق على منشوري أحد الإخوة المثقفين يعاتبني لأني نشرت الخبر .. زاعما أن خالد الحياني مجرم وأنه قد هدم له بيته في الخالدية ، وأنه سرق ونهب كل بيت في حي بني زيد وحي الأشرفية ، وأنه قتل كثيرا من المدنيين .. وأنه .. وأنه ..
ثم قرأت بعد ذلك مقالا كاملا لمثقف آخر ، لم يترك شتيمة جرت على ألسنة السفلة إلا وشتمه بها . متهما إياه بأنه : " عرصا وقواد وأنه كان يعمل "بودي غارد" لرقاصة في كباريه ، وأنه كان يبيع المازوت على طنبر يجره حمار ، وأنه زير نساء .."
ثم خلص إلى شتم القائد الميداني الآخر " أحمد عفش " واتهمه بأنه متواطئ معه على قتل المدنيين وسرقتهم .. ولم يكتف بشتم الحياني وعفش ، بل راح يشتم كل الفصائل والألوية والكتائب التي تشكلت لمناهضة النظام في حلب ، فاتهمها بأنها تشكلت فقط لسرقة المعامل وليست لقتال الأسد مثل لواء الأنصار .. وأمجاد .. وغيرهما . من معظم ألوية الجيش الحر . وزعم الكاتب القادح أن أحرار الشام كانت شريكة لهم . حتى قال :[ إن كثيرا من المعامل التي سرقت من حلب هي الآن في مدينة قونية في تركيا وهذه المعامل أصبحت مملوكة لقادة احرار الشام وشرعييها ... وختم شتائمه بالقول : هؤلاء هم قادتكم .. وهذا هو جيشكم .. ] .
وعبثا حاولت أن أقنعه بأنه لا ينبغي إثارة الخصومات فيما بيننا الآن ، ورجوته أن يوفر كل جهده لمحاربة النظام ، لننتهي منه أولا ثم نتفرغ لإصلاح الأمور لاحقا ، فنكافئ المحسن ، ونعاقب المسيء ... ولكنه أبى إلا الاستمرار فيما بدأ به .. ثم انتهى أخيرا إلى قول " طز في الثورة والثوار والحرية والأحرار .." واعتبر الثورة عملا تخريبيا جنونيا ، ودعا إلى التوقف والكف عن محاربة النظام .. يعني ظهر أخيرا وكأنه شبيح ... أو بوق من أبواق النظام .. أو أنه مثقف محسوب زورا على المثقفين ..
لماذا أيها المثقفون ، تتأخرون عن قيادة العمل الجهادي ثم تلومون المجاهدين وترمونهم بكل نقيصة .؟؟ لماذا تُخوّنون .. وتلومون .. وتَتّبَعُون عورات الآخرين .. وأنتم لا تخلون من العيوب .؟؟ ومن كان بيته من زجاج فلا يرشق الناس بالحجارة .. احملوا السلاح ، وأرونا جهادا يرضي الله ورسوله والمؤمنين .؟ وإلا فأعيرونا سكوتكم مشكورين ... ومرة ثانية أقول لكم : إذا لم ترضوا أنتم عن صنيع غيركم فأمسكوا بدفة السفينة ، وتسلموا القيادة ، وأرونا ما أنتم صانعون .
عدل سابقا من قبل أبو ياسر السوري في الجمعة أغسطس 21, 2015 7:29 pm عدل 2 مرات