تل أبيب تخشى محورًا سُنيًّا بقيادة السعودية وتركيا
------
بقلم:
د. صالح النعامي - مجلة البيان
حذَّرت نخبٌ صهيونية من "التداعيات الكارثية" على أمنها ومستقبلها في حال تَبلور "محورٌ سنيٌّ" بقيادة السعودية وتركيا.
وأبدت هذه النخب مخاوف من أن تُفضي حملة "عاصفة الحزم" إلى بروز تحالف "سُنِّي"، يُغيِّر البيئة الاستراتيجية للكيان الصهيوني بشكل جذري.
وأوضح معلِّقون وباحثون صهاينة أن تعاظم فرص نشوء المحور السُّني يعود بشكل خاص إلى توجُّه الولايات المتحدة لبناء شراكة استراتيجية مع إيران، والتخلي عن "أصدقائها" في العالم العربي، معتبرين أن التوصُّل لاتفاق "لوزان" حول البرنامج النووي الإيراني ينسجم مع هذا التوجه الأمريكي.
وقال أودي سيغل، معلق الشؤون السياسية في قناة التلفزة الصهيونية الثانية إن حرص الرئيس الأمريكي باراك أوباما على التوقيع على اتفاق "لوزان" مع إيران جاء تعبيرًا عن قراره بالتخلي عن شركائه العرب، والانتقال للشراكة مع إيران.
واستند "سيغل" إلى تقديرات محافل أمريكية وصهيونية، تؤكد أن نجاح الولايات المتحدة في تحقيق الاكتفاء الذاتي من مصادر الطاقة بعد اكتشافها مصادرَ الوقود الصخري جعلها تستغني عن النفط الخليجي، مما قلص من المكانة الاستراتيجية للخليج العربي في نظر الإدارة الأمريكية.
وأوضح "سيغل" أن "أوباما" بات يعتقد أنه يمكن الاعتماد على إيران كقوة إقليمية في مواجهة الحركات الإسلامية السُّنية "المتطرفة"، التي تُشكِّل التهديدَ الأبرز على المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة في المنطقة.
وحسب "سيغل"، فإن أوباما يخشى أن يُفضي تحقيق الحركات السُّنية مكاسبَ على الأرض إلى تمكينها من تحويل هذه الأرض إلى قواعد انطلاق لضرب المصالح الأمريكية.
في الوقت ذاته، حذَّر أهم مركز أبحاث صهيوني من أن هناك ما يؤشِّر إلى بروز محور سُني تقوده السعودية وتركيا، على خلفية مصلحة البلدين في الوقوف ضد التمدُّد الإيراني في المنطقة.
واعتبر "مركز أبحاث الأمن القومي" الصهيوني أن التقارب التركي السعودي "لا يُبشِّر الكيانَ بخير"، ويؤثر سلبًا على البيئة الإقليمية للكيان الصهيوني.
وفي تقدير موقف نَشَره المركز في عدد 679 من مجلة "مباط عال"، حذَّر من أن انضمام تركيا للمحور السُّني الذي تقوده السعودية يعني زيادة المجال للاحتكاك بين هذا المحور والكيان الصهيوني.
ونوه المركز إلى أن هناك ما يُؤشِّر على تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية بين السعودية وتركيا.
وأوضح المركز أن قيمة التبادل التجاري بين السعودية وتركيا وصلت خلال العام 2014 إلى 7 مليارات دولار، مشيرًا إلى أن الأتراك يأملون أن تقفز قيمة التبادل التجاري بين الجانبين إلى 20 مليار دولار بحلول العام 2018.
وأكد المركز أن مزيدًا من السعوديين باتوا يرون في تركيا وجهتهم السياحية الأولى، مشيرًا إلى أن عدد السعوديين الذين يصلون تركيا بلغ العام الماضي 300 ألف.
وتمنَّى الباحثان أن ينجح نظام السيسي في إفشال التوجه السعودي لإدماج الأتراك داخل المحور السُّني، على اعتبار أن هذا المخرج الوحيد لتلافي التداعيات الاستراتيجية السلبية لتحرُّك الرياض الأخير.
وفي السياق نفسه قال "مركز يروشليم لدراسة المجتمع والدولة" إن الإدارة الأمريكية لم تكن فقط على علم مسبق بتوجهات الحوثيين ضد السعودية، بل إن تعاونًا كبيرًا وواضحًا نشأ بين المخابرات الأمريكية وجماعة الحوثي، تمثلت في اعتماد الأمريكيين على الحوثي في حماية المؤسسات العاملة معهم، ناهيك عن استفادة واشنطن من حرب الحوثي على "القاعدة".
وأعاد المركز للأذهان حقيقة أن التوجه الأمريكي للاعتماد على إيران وحلفائها لا يقتصر على اليمن، مشيرًا إلى أن الأمريكيين لم يعودوا يسلمون ببقاء نظام بشار الأسد فقط، بل إنهم معنيون باستعادة العلاقة معه.
وأشار المركز للتصريحات التي صدرت عن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، الذي تحدَّث عن "الحاجة لإعادة العلاقة مع نظام بشار الأسد".
وأشار إلى أن الأمريكيين يقاتلون بشكل غير مباشر إلى جانب الإيرانيين في العراق، من خلال دعم جماعات عراقية تتبع طهران.
من ناحيته قال رون بن يشاي، معلق الشؤون العسكرية في صحيفة "يديعوت أحرنوت" إن الأمريكيين لديهم معلومات استخبارية وافية تمامًا حول ما يجري في اليمن، وهم يعون تمامًا المغزى الاستراتيجي لسيطرة الحوثيين على مضيق باب المندب، ومع ذلك فقد اختاروا تركهم يُنفِّذون ما يُخطِّطون له.
ونوه بن يشاي إلى أن كل ما كان يعني الأمريكيين هو شنّ الحرب على تنظيم "القاعدة" في اليمن، مما جعل أوباما ومجلس الأمن القومي الأمريكي يتجاهلون تمامًا المعضلة الكبرى الناجمة عن تمدُّد الحوثيين في أرجاء اليمن.
وشدد بن يشاي على أن الأمريكيين أصيبوا بـ"عمى استراتيجي"، عندما لم يتحركوا لمواجهة الحوثيين خوفًا من استفزاز الإيرانيين، منوهًا إلى أن كل ما يعني البيت الأبيض كان ضمان التوصُّل لاتفاق بشأن البرنامج النووي لطهران.
وفي السياق ذاته واصل المعلقون الصهاينة مهاجمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو؛ بسبب اعتراضه على اتفاق "لوزان"، معتبرين أن الاتفاق يُلبِّي مطالبَ الكيان الصهيوني الاستراتيجية.
وفي مقال تحليلي نشرته صحيفة "هآرتس" في عددها الصادر الجمعة الماضي، قال الصحافي باراك رفي رفيد: "عندما نُعمِّق النظرَ في تفاصيل الاتفاق فإننا سرعان ما نكتشف نقاطًا كثيرة تخدم مصالحنا الأمنية، وتُوفِّر تطميناتٍ على مصادر القلق الصهيوني"، مشيرًا إلى أن جلّ ما حققته إيران تَمثَّل في الحفاظ على الكرامة وماء الوجه، من خلال السماح لها بالاحتفاظ بمنشآتها النووية دون أن تكون هذه المنشآت ذات جدوى حقيقية.
وقد وجَّه المُعلِّق حامي شليف انتقاداتٍ لاذعةً لنتنياهو؛ لأنه "فرَّط" بالعلاقات مع الولايات المتحدة من أجل تحقيق مكاسب انتخابية، من خلال إصراره على إلقاء الخطاب مثار الجدل أمام "الكونغرس".
وفي مقال نشرته صحيفة "هآرتس" في عددها الصادر الأحد الماضي، قال "شليف" إن "نتنياهو" يكتفي الآن بتوجيه الانتقادات للاتفاق بعد أن كان بوسعه التأثير عليه من خلال التنسيق الثنائي مع أوباما.
مشيرًا إلى أن نتنياهو فضَّل عقدَ المؤامرات مع قادة الجمهوريين من الكونغرس، على أمل أن يُفسّر الأمر عن تعزيز مكانته الداخلية عشية الانتخابات.
وفي السياق ذاته، قال المُعلِّق جدعدون ليفي إن "أوباما" أنقذ الصهاينة؛ لأنه حَرَم "نتنياهو" من توظيف الملف النووي الإيراني في تخويف الصهاينة، وبَعْث الفزع في نفوسهم، حتى يواظبوا على تأييده.
وفي مقال نشرته صحيفة "هآرتس" في عددها الصادر الأحد، قال ليفي إن نتنياهو سيكون مضطرًا للبحث عن وسائل أخرى لإثارة مخاوف الصهاينة بعد التوصل لاتفاق "لوزان".
------
بقلم:
د. صالح النعامي - مجلة البيان
حذَّرت نخبٌ صهيونية من "التداعيات الكارثية" على أمنها ومستقبلها في حال تَبلور "محورٌ سنيٌّ" بقيادة السعودية وتركيا.
وأبدت هذه النخب مخاوف من أن تُفضي حملة "عاصفة الحزم" إلى بروز تحالف "سُنِّي"، يُغيِّر البيئة الاستراتيجية للكيان الصهيوني بشكل جذري.
وأوضح معلِّقون وباحثون صهاينة أن تعاظم فرص نشوء المحور السُّني يعود بشكل خاص إلى توجُّه الولايات المتحدة لبناء شراكة استراتيجية مع إيران، والتخلي عن "أصدقائها" في العالم العربي، معتبرين أن التوصُّل لاتفاق "لوزان" حول البرنامج النووي الإيراني ينسجم مع هذا التوجه الأمريكي.
وقال أودي سيغل، معلق الشؤون السياسية في قناة التلفزة الصهيونية الثانية إن حرص الرئيس الأمريكي باراك أوباما على التوقيع على اتفاق "لوزان" مع إيران جاء تعبيرًا عن قراره بالتخلي عن شركائه العرب، والانتقال للشراكة مع إيران.
واستند "سيغل" إلى تقديرات محافل أمريكية وصهيونية، تؤكد أن نجاح الولايات المتحدة في تحقيق الاكتفاء الذاتي من مصادر الطاقة بعد اكتشافها مصادرَ الوقود الصخري جعلها تستغني عن النفط الخليجي، مما قلص من المكانة الاستراتيجية للخليج العربي في نظر الإدارة الأمريكية.
وأوضح "سيغل" أن "أوباما" بات يعتقد أنه يمكن الاعتماد على إيران كقوة إقليمية في مواجهة الحركات الإسلامية السُّنية "المتطرفة"، التي تُشكِّل التهديدَ الأبرز على المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة في المنطقة.
وحسب "سيغل"، فإن أوباما يخشى أن يُفضي تحقيق الحركات السُّنية مكاسبَ على الأرض إلى تمكينها من تحويل هذه الأرض إلى قواعد انطلاق لضرب المصالح الأمريكية.
في الوقت ذاته، حذَّر أهم مركز أبحاث صهيوني من أن هناك ما يؤشِّر إلى بروز محور سُني تقوده السعودية وتركيا، على خلفية مصلحة البلدين في الوقوف ضد التمدُّد الإيراني في المنطقة.
واعتبر "مركز أبحاث الأمن القومي" الصهيوني أن التقارب التركي السعودي "لا يُبشِّر الكيانَ بخير"، ويؤثر سلبًا على البيئة الإقليمية للكيان الصهيوني.
وفي تقدير موقف نَشَره المركز في عدد 679 من مجلة "مباط عال"، حذَّر من أن انضمام تركيا للمحور السُّني الذي تقوده السعودية يعني زيادة المجال للاحتكاك بين هذا المحور والكيان الصهيوني.
ونوه المركز إلى أن هناك ما يُؤشِّر على تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية بين السعودية وتركيا.
وأوضح المركز أن قيمة التبادل التجاري بين السعودية وتركيا وصلت خلال العام 2014 إلى 7 مليارات دولار، مشيرًا إلى أن الأتراك يأملون أن تقفز قيمة التبادل التجاري بين الجانبين إلى 20 مليار دولار بحلول العام 2018.
وأكد المركز أن مزيدًا من السعوديين باتوا يرون في تركيا وجهتهم السياحية الأولى، مشيرًا إلى أن عدد السعوديين الذين يصلون تركيا بلغ العام الماضي 300 ألف.
وتمنَّى الباحثان أن ينجح نظام السيسي في إفشال التوجه السعودي لإدماج الأتراك داخل المحور السُّني، على اعتبار أن هذا المخرج الوحيد لتلافي التداعيات الاستراتيجية السلبية لتحرُّك الرياض الأخير.
وفي السياق نفسه قال "مركز يروشليم لدراسة المجتمع والدولة" إن الإدارة الأمريكية لم تكن فقط على علم مسبق بتوجهات الحوثيين ضد السعودية، بل إن تعاونًا كبيرًا وواضحًا نشأ بين المخابرات الأمريكية وجماعة الحوثي، تمثلت في اعتماد الأمريكيين على الحوثي في حماية المؤسسات العاملة معهم، ناهيك عن استفادة واشنطن من حرب الحوثي على "القاعدة".
وأعاد المركز للأذهان حقيقة أن التوجه الأمريكي للاعتماد على إيران وحلفائها لا يقتصر على اليمن، مشيرًا إلى أن الأمريكيين لم يعودوا يسلمون ببقاء نظام بشار الأسد فقط، بل إنهم معنيون باستعادة العلاقة معه.
وأشار المركز للتصريحات التي صدرت عن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، الذي تحدَّث عن "الحاجة لإعادة العلاقة مع نظام بشار الأسد".
وأشار إلى أن الأمريكيين يقاتلون بشكل غير مباشر إلى جانب الإيرانيين في العراق، من خلال دعم جماعات عراقية تتبع طهران.
من ناحيته قال رون بن يشاي، معلق الشؤون العسكرية في صحيفة "يديعوت أحرنوت" إن الأمريكيين لديهم معلومات استخبارية وافية تمامًا حول ما يجري في اليمن، وهم يعون تمامًا المغزى الاستراتيجي لسيطرة الحوثيين على مضيق باب المندب، ومع ذلك فقد اختاروا تركهم يُنفِّذون ما يُخطِّطون له.
ونوه بن يشاي إلى أن كل ما كان يعني الأمريكيين هو شنّ الحرب على تنظيم "القاعدة" في اليمن، مما جعل أوباما ومجلس الأمن القومي الأمريكي يتجاهلون تمامًا المعضلة الكبرى الناجمة عن تمدُّد الحوثيين في أرجاء اليمن.
وشدد بن يشاي على أن الأمريكيين أصيبوا بـ"عمى استراتيجي"، عندما لم يتحركوا لمواجهة الحوثيين خوفًا من استفزاز الإيرانيين، منوهًا إلى أن كل ما يعني البيت الأبيض كان ضمان التوصُّل لاتفاق بشأن البرنامج النووي لطهران.
وفي السياق ذاته واصل المعلقون الصهاينة مهاجمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو؛ بسبب اعتراضه على اتفاق "لوزان"، معتبرين أن الاتفاق يُلبِّي مطالبَ الكيان الصهيوني الاستراتيجية.
وفي مقال تحليلي نشرته صحيفة "هآرتس" في عددها الصادر الجمعة الماضي، قال الصحافي باراك رفي رفيد: "عندما نُعمِّق النظرَ في تفاصيل الاتفاق فإننا سرعان ما نكتشف نقاطًا كثيرة تخدم مصالحنا الأمنية، وتُوفِّر تطميناتٍ على مصادر القلق الصهيوني"، مشيرًا إلى أن جلّ ما حققته إيران تَمثَّل في الحفاظ على الكرامة وماء الوجه، من خلال السماح لها بالاحتفاظ بمنشآتها النووية دون أن تكون هذه المنشآت ذات جدوى حقيقية.
وقد وجَّه المُعلِّق حامي شليف انتقاداتٍ لاذعةً لنتنياهو؛ لأنه "فرَّط" بالعلاقات مع الولايات المتحدة من أجل تحقيق مكاسب انتخابية، من خلال إصراره على إلقاء الخطاب مثار الجدل أمام "الكونغرس".
وفي مقال نشرته صحيفة "هآرتس" في عددها الصادر الأحد الماضي، قال "شليف" إن "نتنياهو" يكتفي الآن بتوجيه الانتقادات للاتفاق بعد أن كان بوسعه التأثير عليه من خلال التنسيق الثنائي مع أوباما.
مشيرًا إلى أن نتنياهو فضَّل عقدَ المؤامرات مع قادة الجمهوريين من الكونغرس، على أمل أن يُفسّر الأمر عن تعزيز مكانته الداخلية عشية الانتخابات.
وفي السياق ذاته، قال المُعلِّق جدعدون ليفي إن "أوباما" أنقذ الصهاينة؛ لأنه حَرَم "نتنياهو" من توظيف الملف النووي الإيراني في تخويف الصهاينة، وبَعْث الفزع في نفوسهم، حتى يواظبوا على تأييده.
وفي مقال نشرته صحيفة "هآرتس" في عددها الصادر الأحد، قال ليفي إن نتنياهو سيكون مضطرًا للبحث عن وسائل أخرى لإثارة مخاوف الصهاينة بعد التوصل لاتفاق "لوزان".