داعش وما أدراك ما داعش .؟
بقلم : أبو ياسر السوري
18 / 3 / 2015
==========
نحن يا سادة في قضية داعش أمام لعبة مخابراتية من الطراز الأول . نفذت على مراحل :
1 - فقد بدأت الثورة " سلمية " بكل معنى الكلمة ، فقوبلت بالعنف من أول لحظة .. وجربت العصابة الطائفية الأسدية معها كل أنواع القمع فلم تفلح في إخمادها ، جربوا استخدام الرصاص الحي منذ اللحظة الأولى فما نفع .. فجربوا استخدام الدبابات بإطلاق قذائفها على بيوت المدنيين ، فما أجدى .. فجربوا أن يطلقوا الرصاص على أرجل المتظاهرين ، ثم يدوسوهم بجنازير الدبابات ، ليطحنوا عظامهم بلحومهم ، فما أفاد .. فتحولوا إلى استخدام راجمات الصواريخ التي تطلق 36 صاروخا خلال ثوان معدودة ، لتسقط على الأحياء الآهلة بالسكان داخل المدن . فخرج الشعب من تحت الأنقاض رافعا إصبعيه ، السبابة والوسطة مشيرا بهما إلى حرف[ V ] علامة النصر .!! فجربوا الطائرات المروحية ومدفعية الهاون والقناصات .. وجربوا مهاجمة الجنائز ومنع الناس من دفن موتاهم .. وجربوا حرق الناس أحياء .. ووأدهم أحياء .. فما أفلحت كل هذه الممارسات الإجرامية في إيقاف المد الثوري ، وكان الشعب الثائر يرد على كل هذه الممارسات الإجرامية بهتاف واحد تصدح به الحناجر: [ الموت ولا المذلة ] ..
ومضى على هذه الحال ستة اشهر من عمر الثورة السلمية ، فما أطلقت رصاصة من قبل الثوار باتجاه الجيش وعناصر الأمن الذين كانوا يصطادون المتظاهرين كما تصطاد العصافير ..
2 – فلما فشل النظام في جر الثوار إلى استخدام السلاح ، فكر بتشويه سمعة الثورة ، واتهامها بالاستعداء الخارجي .. فبدأت أبواق الإعلام تمهد لذلك بالتحدث عن المندسين ، واتهمت الأمير بندر بدفع الأموال للمرتزقة المندسين ، القادمين لزعزعة الاستقرار في سوريا بعضهم أفغاني ، وبعضهم خليجي ، وبعضهم تونسي ، ومغربي ، وليبي .. في الوقت الذي لم يكن هنالك أي مندس سوى حزب الشيطان الذي قدم من لبنان ، لينضم سرا إلى زمرة القتلة من العصابة الحاكمة ..
ولكن النظام فشل في إثبات هذه التهمة ، ولم يتمكن من القبض على أي مندس بين المتظاهرين ، فافتضح كذبه ، وبرئت ساحة المتظاهرين من هذه التهمة التي حاول أن يلصقها بهم النظام زورا وبهتانا ..
3 – وهنا أوحت شياطين الإنس والجن إلى النظام أن يجلب عناصر ويدسهم بين الثوار ، فتعاون النظامان العراقي والسوري على حبك خيوط اللعبة ، فاتفقوا على إطلاق سراح الإسلاميين المعتقلين في السجون العراقية ، والمعتقلين في أقبية الأمن السورية . كما اتفقوا على أن يكلفوا بعض ضباط الأمن العراقيين والسوريين بالتعاطف مع الإسلاميين المعتقلين ، والتواطؤ معهم لإطلاق سراحهم ، وأن يؤمنوا هروبهم ، ويهربوا معهم ، ليخترقوا أي تنظيم يقوم به أولئك الإسلاميون بتشكيله فيما بعد .. وهذا ما حصل على أرض الواقع لاحقا .. فقد هرب المساجين من سجون المالكي بالمئات ، كما أطلق سراح العشرات من المعتقلات السورية ، وهرب معهم ضباط من المخابرات السوريين والعراقيين ، ولم يمض سوى عدة شهور حتى ظهرت جبهة النصرة ، وظهرت داعش .. وكان الاختراق ظاهرا في داعش ، خفيا في جبهة النصرة ، ولعل ترتيب اللعبة جرى على هذا المنوال لتكون النصرة هي الطعم ، الذي يقنع السوريين بقبول دخول داعش فيما بعد من غير معارضة ولا مقاومة .. وهذا ما حصل بالفعل .. وهكذا بدأت داعش منذ بدأت مخترقة ، وكان فيها مندسون من ضباط الأمن ، الذين جلسوا في قمة التنظيم ..
4 – ثم كانت التعليمات أن يتبنى التنظيم نهج التطرف والتكفير ، لئلا يكون له حاضنة شعبية ، ولئلا يكون عبئا على من أوحوا بتشكيله ، وليسهل القضاء عليه متى شاءوا . والأهم من هذا وذاك ، تبنى التنظيم التكفير والتطرف ، وأعلن لملأ أنه جاء بالذبح .. ثم قام بتصوير يوتيوبات لعناصره وهم يقومون بذبح الضحايا وفصل رؤوسهم عن أجسادهم ، وبقر بطونهم وجدع أنوفهم والتمثيل بهم أمام الكاميرات ، ليراهم العالم كله ، ويحكم بأنهم إرهابيون .. متوحشون .. وليقولوا لمن رآهم ليس لكم خيار ، إما الرجوع لحظيرة الطاعة للنظام الطائفي .. وإما الرضوخ لتنظيم داعش الذي يقتل على التهمة والشبهة ولأتفه الأسباب . والذي لا يمكنه أن يسوس الناس إلا بطريقته البدائية المتخلفة .. والذي يتدخل في الحريات الشخصية ، ويفرض على الناس لباسا معينا ، ولحى طويلة .. والذي سوف يعزلهم عن سكان الأرض ، ويحارب كل دول العالم ، ويقطع العلاقات مع كل الدول الكافرة والمرتدة ..
وفي هذه الحال سوف يختار الشعب السوري أهون الشرين وأخف الضررين ، وقد يقول كثير منهم " نار الأسد ولا جنة داعش " .. وهذا هو المطلوب من إنشاء تنظيم داعش الذي يسيء إلى الثورة السورية وإلى الإسلام والمسلمين ، والذي يصب صنيعه في صالح النظام الأسدي ، ويخلق لبشار الأسد تأييدا دوليا رغم كل جرائمه التي ارتكبها ضد الإنسانية ، من قتل لأبناء شعبه المعارضين ، واغتصاب ، وتشريد ، وتهجير .
5 – ومما يؤيد أن تنظيم داعش مخترق ، وأنه مؤيد من المخابرات الطائفية الإيرانية السورية العراقية ، ما لوحظ من تنسيق بين داعش والجيش الأسدي ، والجيش العراقي الطائفي ، حيث خرج النظام من الرقة المؤيدة له تماما ، وسلمها بمحض اختياره لتنظيم داعش .. كما سلمت الموصل والمنطقة الغربية من العراق لداعش تسليما ، وتخلى الجيش العراقي الطائفي لداعش عن كافة الأسلحة التي كانت بحوزته ، مما جعل هذا التنظيم قوة ضاربة ، يمكنه أن يشكل عبئا ثقيلا على الثورة السورية .. أو يمكنه أن يساهم مساهمة فعالة في قمعها ، على غرار ما فعل بثورة العراق ، التي عمل على إسقاطها ، ثم سلم العراق لإيران على طبق من ذهب .
أما بعد :
فرغم كل ما ذكر ، لا بد من تذكير شياطين المخابرات في إيران والعرق والشام ، أن حساب السوق لا يطابق الصندوق دائما .. فما حدث في العراق لن يقبل به السوريون ولواستمر الصراع مائة عام .. إن شعبا ركَّع فرنسا وظل يقارعها 25 عاما حتى انتزع منها استقلاله وحريته ، لن يرضخ لإيران التي لا تساوي شيئا بالنسبة لفرنسا .. خصوصا وأننا نعلم أن أبناء فارس لم يحتملوا أمام آبائنا إلا نطحة أو نطحتين حتى انهارت امبراطوريتهم ، وولت إلى غير رجعة .. ونحن نعد ضباط إيران وملاليها بالصمود لهم ، والمصابرة في قتالهم ، إلى أن تنهار دولتهم وينهار معها صبيانهم بشار الأهبل ، وحسن زميرة .. وعدا قطعه الأحرار على أنفسهم ، والحر إذا وعد وفى . وإذا اضطلع بالأمر كفى ..