النظام جاد في تقسيم سوريا .. وداعش إحدى أوراقه للتقسيم
9 / 2 / 2015
بقلم : ابو ياسر السوري
========================
تقسيم سوريا كانتونات صغيرة ، هو طوق النجاة الذي يعفي العصابة الحاكمة من الحساب ، ويمنحها الإفلات من العقوبة . وهم يعدون له منذ أكثر من أربعين سنة وحتى اللحظة الحاضرة . ولكنهم يتكتمون على هذا الأمر ، ويظهرون خلاف ما يبطنون .
وعمليا استطاع النظام الطائفي بعد الثورة ، أن يقنع بقية الطوائف بوجهة نظره . فأقنع الأكراد بأنه يمكنهم الحصول على دولة كردية في شمال سوريا . وما زال يعمل على إقناع الدروز بذلك وكاد أن يقنعهم . أما المسيحيون فقد بقي النظام حريصا قبل الثورة وبعدها على أن لا يضيق عليهم ، ولا يمسهم بسوء ، ليشعرهم بأنهم في أمان ما داموا في أحضانه . ولكن النظام لم يتساهل مع الأقلية التركمانية تساهله مع المسيحيين ، وإنما اتبع معهم سياسة القمع والتهميش ، وذلك لثلاثة أسباب رئيسية :
أولهــــا : لأن الإخوة التركمان هم من أبناء السنة ..
أولهــــا : لأن الإخوة التركمان هم من أبناء السنة ..
وثانيها : لأنهم لا يفكرون كالأكراد بإنشاء دويلة تركمانية لهم ..
وثالثها : لأن غالبية الإخوة التركمان يقيمون في شمال غرب الساحل السوري بين القرى النصيرية .. وهذا السبب وحده كاف لأن يجعل النظام عدوا للتركمان ، كارها لهم . ولهذا السبب نفسه ، نجد النظام النصيري يهادن أكراد شمال شرق سوريا ، البعيدين عن دولته التي ينوي إقامتها عند الحاجة ، ويعادي أكراد منطقة سلمى لأنهم يقيمون في جبال الساحل بين ظهراني النصيريين .. والنظام يخطط لغايته هذه ، متبعا سياسة العصا والجزرة .. فهو يصفي كل زعيم طائفة يقف حجر عثرة في طريق مشروعه التقسيمي ..
وهذا ما يفسر لنا سبب اغتيال الزعيم الكردي " مشعل تمو" رحمه الله . الذي كان يرى أن على الكرد الانخراط في الثورة السورية حتى إسقاط النظام ، وأن لا تثار مطالب الكرد إلا بعد سقوطه ، وأن لا يفكر الكرد بعد نيل حقوقهم بالانسلاخ عن سوريا .. وهذا موقف نبيل ، كان جزاء صاحبه أن يرسل إليه من يغتاله بعدد من الرصاصات في صدره ..
ولنفس السبب اغتيل شيخ العقل أحمد سليمان الهجري في السويداء ، لأن ماهر الأسد طالبه بالظهور على شاشة التلفزيون الرسمي ، والتصريح بتأييد النظام ، فرفض ذلك .. فأرسل إليه ماهر الأسد سيارة عسكرية ، صعدت على رصيف الشارع ، وصدمته عمداً وهو في طريقه إلى منزله ، ففارق الحياة ... وجاء المفتي حسون فأبَّنه بكلمة منمقة ، مليئة بالنفاق والزندقة .. وهكذا قتلوا القتيل ومشوا في جنازته .
وعلى العموم ، يمكن القول بأن النظام الطائفي ، نجح في الضحك على ذقون أغلب الطوائف الأخرى ، واستطاع كسب ولاء بعضهم .. وتحييد الباقين ، بشكل أو بآخر ..
ومن المؤسف حقا ، أن المعارضة لم تدرك مخططات النظام . ولم تشأ أن تقر بممارساته الطائفية . وما كان أحدنا يذكر الطائفية عرضا إلا ويتحتم عليه أن يستغفر من هذا الذنب سبعين مرة . فقد روضنا النظام على أن يحكمنا طائفيا ، ويقتلنا طائفيا ، ويفقرنا طائفيا ، ويذلنا طائفيا ، ويقسم الوطن على هواه طائفيا .. ويمارس الطائفية قياما وقعودا وعلى جنبه ، ويتمسك بها بكلتا يديه ، ويعض عليها بنواجذه وسائر أسنانه .. والويل كل الويل، لأي سني مسحوق تفوه بلفظة "الطائفية " أو جري ذكرها منه على لسان .
استطاع النظام إسكات الساحل السوري ، بعدد من المجازر الأليمة في قرية البيضة وبانياس وقرى الحفة وقرى سلمى .. وساد الهدوء بعد ذلك في الشريط الساحلي من مدينة " كسب" شمالا ، إلى " تل كلخ " وحمص والقصير ومنطقة القلمون .. والنبك ودير عطية ودمشق جنوبا .. وقام بتغيير التركيبة السكانية في حمص ، فطرد منها سكانها ، واستقدم إليها ألاف العائلات الإيرانية ، ليحطوا عصا الترحال فيها ..
والآن سأتكلم بوضوح أكثر ، ودون مواربة .. فأقول : إن احتلال داعش للبوكمال والرقة ودير الزور ، كان بمباركة إيرانية نصيرية إسرائيلية .. ليقوم هذا التنظيم المتطرف والمخترق ، بقتل أبناء السنة في هذه المدن ، أو ترحيلهم إلى تركيا والعراق .. ثم يجري تسليم المنطقة الداعشية ، إلى الدولة النصيرية طوعا أو كرها ، لتتصل حدودها بحدود المنطقة الشيعية العراقية ، البصرة وما والاها من مواطن الشيعة جنوب العراق ..
لقد بات هذا الأمر واضحا وضوح الشمس في رابعة النهار، إن داعش عميلة للشيطان ، وهي تفعل اليوم في سوريا كما فعلت بالعراق من قبل . تحارب أبناء السنة باسم الإسلام ، فتنتزع منهم المناطق التي حرروها من النظام بدمائهم الذكية ، ثم تقمع أبناء هذه المناطق ، وتجردهم من السلاح ، وتكفرهم بالإسلام .. ثم تعيد تسليم المناطق التي بأيديها إلى النظام الطائفي حليف إيران المجوسية .. للعودة بالمنطقة العربية ، إلى ما هو أسوأ من العهد الكسروي قبل الإسلام ..
فداعش ورقة من أوراق تقسيم سوريا ، مهمتها مشاركة النظام في قمع الثورة ، ثم الدفع باتجاه تقسيم سوريا إلى كنتونات صغيرة متناحرة .. يكون فيها أبناء السنة الأضعف اقتصاديا ومدنيا وعسكريا .. ويكون للنصيرية دويلة تحميهم من أية مساءلة قانونية ، وتعفيهم من تبعات كل ما ارتكبوه من جرائم ضد الإنسانية في سوريا . ثم يتحقق بذلك لإسرائيل فترة أمان قادمة ، لا تقل عن مائة عام .
تقسيم سوريا يا سادة .. بات على كل لسان .. إلا على لسان السوريين .. وخطوات قيام الدويلة النصيرية تنفذ أمام أعيننا .. ونحن نتحاشى الحديث في التقسيم ، ونستبعده ، ونسخر ممن يتحدث فيه ، أو يحذر منه قبل وقوع الفاس في الراس ..