وُزّعت الأدوار وجاري التنفيذ .!!
( مقال منقول ) - أحمد رحال - عميد ركن منشق
5 / 2 / 2015
=========
من الواضح أن قراراً دولياً قد اتخذ، يدعمه بعض العرب ممن يساندون نظام (الأسد)، وبمحاولة يائسة من هؤلاء لإخماد ثورة الشعب السوري قسرياً، متبعين أسلوب تضييق الخناق على الثوار (داخلياً وخارجياً)، بهدف إيصالهم لحالة من القنوط واليأس، تدفعهم للقبول بإعادة هيكلة النظام، وبشكل يكفل للمجتمع الدولي إعادة الوضع إلى ما كان عليه حفاظاً على خدمات هذا النظام، ومن باب "يا دار ما دخلك شر ".
فمن بعد وأد الجيش الحر وتمزيق أوصاله من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والغرب وبتأييد واضح من بعض من منحوا أنفسهم تسمية "أصدقاء الشعب السوري" وعبر ألاعيب غرف (الموك والموم) وبغض طرفٍ من قبل القيادة السياسية التي ابتليت بها الثورة، تابعوا المخطط المرسوم، بتمهيد الطريق لظهور التنظيمات التي يصفها الغرب بـ (المتطرفة)، ليخرج علينا المجتمع الغربي معتبراً إياها جزءاً من الإرهاب ولا يمكن القبول بها بديلاً لنظام (بشار الأسد)، فيسارع لتشكيل تحالفاً دولياً لمحاربتها، بعيداً عن أي مس بعصب النظام أو أي تعرّض له، مؤكداً التعهد الذي قطعه الرئيس (أوباما) برسالته المشهورة لـ (خامنئي إيران) والتي كشف عنها وزير دفاعه المستقيل "تشاك هيغل"، متعهداً بعدم توجيه أي ضربات جوية لنظام (الأسد)، وحصر الإرهاب بتنظيم الدولة فقط، وبذلك يكون المجتمع الدولي (شريك النظام بقتل الشعب السوري) قد أتم حرف الثورة لحرب على الإرهاب بعد أن قام بتخريب وتغييب فصائل الجيش الحر الفاعلة وإبعادها خارج الحدود، ومن ثم التفرغ للتعامل مع الحاضنة الشعبية من أجل إكمال ترتيب الأدوار .
داخلياً، عصابات (بشار الأسد) تابعت خيارها الأمني الذي مارسته منذ بداية الثورة، بالضغط على الداخل، فصعدت إجرامها ضد المناطق المحررة عبر حملة جوية همجية وغير مسبوقة وصلت لأكثر من (600) طلعة جوية وخلال أقل من أسبوع واحد، مستخدمة طيرانها القاذف وحواماتها المحملة ببراميل الموت، وسلاح النابالم (المحرم دولياً حتى على العدو) لم تتوانى عن استخدامه، وطالت تلك الطلعات الجوية معظم قرى الريف الحموي والأحياء القريبة من مركز العاصمة دمشق (جوبر ودوما وحرستا) مع أحياء حلب وريف ادلب، إضافة إلى سياسة الحصار التي طالت حي الوعر في حمص والغوطتين وبعض أحياء دمشق عبر منع إدخال كل مقومات الحياة .
خارجياً، تتابعت فصول المسرحية بالتضييق على النازحين السوريين في معظم مناطق تواجدهم، عبر خفض المساعدات الأممية وتقييد استقبال النازحين والمهجرين السوريين، واشتراط وجود سمة دخول (فيزا) وبقوانين تصعب عملية الدخول إلى تلك البلدان (العربية) مع إدراكهم التام بصعوبة ذلك الأمر .
إلى هنا وتكون دائرة المؤامرة على الشعب السوري قد اكتملت، وتهيأت الظروف التي أرادها أصحاب المبادرات من أجل طرح حلولهم السياسية ) الاستسلامية ) على جمهور الثورة، والتي تفرغ ثورتهم من مضمونها وتبقي المجرم طليقاً، بدءاً من مبادرة (دي ميستورا) إلى المبادرة الروسية، كل ذلك والشعب السوري يعرف حق المعرفة أن كل تلك الطروحات غايتها إعادة هيكلة النظام وتسويغه عبر عملية تجميلية سطحية تعيده للسلطة كحلٍ سياسي وحيد أملته الظروف الدولية ومصالحهم البعيدة عن آمال الشعب السوري .
لبنانياً، كان عليه وقبل أن يصدر تلك القوانين، أن يطبق قراري مجلس الأمن رقم (1701 و 2178) المتعلقين بضبط الحدود ومن كلا الجانبين ومنع تسرب المقاتلين إلى داخل سوريا، وأيضاً كان عليه تفعيل الموقف السياسي الذي أعلنته الحكومة اللبنانية عبر اعتماد سياسة النأي بالنفس عما يحصل في سوريا، وبالتالي هذا يحتم على لبنان وجيشه وقف توغل مقاتلي حزب الله (كمكون لبناني يشارك بحكومة شرعية) إلى داخل الأراضي السورية، والذي يمارس عبر طائفيته ودعمه لنظام (الأسد)، قتلاً وتدميراً بالشعب السوري .
فمعظم النازحين السوريين إلى لبنان هم أهالي المناطق التي دخلتها قوات حزب الله وآلته العسكرية وشاركت مع عصابات (الأسد) بقتلهم وتدمير منازلهم، من أهالي حمص والقصير والقلمون والغوطة الشرقية والأحياء والبلدات المحيطة بمقام السيدة زينب في دمشق، أليسوا هم من هجروهم؟
خيوط المؤامرة أصبحت واضحة، عبر وقف إمدادٍ عن الحراك المسلح، وعبر تضييقٍ على الحاضنة الشعبية، والثمن المطلوب صلحاً مع نظام (الأسد ) .
أيها السادة :
يبدو أنكم لا تعرفون الشعب السوري، ولا تدركون مدى إصراره على تحقيق أهدافه ومطالبه، فالشعب السوري لن يرضخ، وتلك الأساليب لن تجد نفعاً، فمهما قست الظروف ومهما ضيقتم الخناق، سيبقى ماضٍ في طريقه، وستبقى ثورته متقدة حتى تحقيق أهدافه والوصول لمطالبه، فمن قدم مئات آلاف الشهداء وأكثر منهم معتقلين، لن يوقفه منع خروجٍ من هنا أو وقف إمدادٍ من هناك، وهو مستعد لتقديم أكثر مما قدم .
أعيدوا ترتيب أوراقكم، وأعيدوا حساباتكم، فشعب سوريا ماضٍ إلى النهاية، وله في المجاهد الكبير "عمر المختار" مثالٌ يقتدى عندما قال: "نحن شعب لا نستسلم, ننتصر أو نموت " .