أخي عمر الحكيم :
أمرنا – نحن المسلمين – أن نذكر محاسن موتانا ، ونكف عن مساويهم . لأن الميت لا يمكنه الدفاع نفسه ، وليس من الإنصاف أن نرشقه بسهام الذم . وفي هذه الحال يكون الله تعالى هو الذي يتولى الدفاع عنه . ومن غالب الله غُلِب . والله مع المظلوم في مواجهة من ظلمه .
وليس من الإنصاف كذلك أن نحمل الآخرين ظروفا سيئة نحن ساهمنا في صنعها ، ووضعنا أنفسنا فيها .. كما أشار إلى ذلك الأخ مؤيد الأحرار .
ثم هنالك اعتبارات دولية باتت أكبر من أي كبير في نظرنا . وقد اتضح لنا أن هنالك إرادة دولية كبرى ، متوافقة على حدوث ما حدث في سوريا . وما زال التوجه الدولي المعادي للمنطقة العربية قائما ، سواء في سوريا أو اليمن أو مصر أو العراق . وكأن الغرب أغرى بنا الفرس ورمانا بين براثنه . وبدل أن نتكاتف نحن جميعا لرد الصائل ، شُغلنا بتراشق التهم والتلاوم فيما بيننا .
الملكُ الراحلُ رحمه الله ، كان حريا بنا شرعا أن ندعو له فنقول كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه ، وإن كان مسيئا فتجاوز عن سيئاته " وكان أولى بنا أن نفتش عن محاسنه وننشرها . لا أن نعرض بإساءاته . علما بأن الرجل رحمه الله لم يسئ إلينا ، وإنما نحن الذين أسأنا لأنفسنا .. فقد جُمعت لنا أموالُ من دول الخليج بمئات الملايين ، كانت كفيلة أن تنهض بالثورة .. فتلقفتها عصابات اللصوص المحترفين منا ، بعضهم علماني يرفع شعار المعارضة السياسية ، وبعضهم متدين يرفع شعار الإغاثة . وبعضهم يمارس اللصوصية باسم الجهاد في سبيل الله .. وهكذا ضاعت الأموال ولم نصنع للثورة شيئا .
نحن من أضاع البلد يا عزيزي . وليس الآخرون ، فلا ينبغي أن نلوم أحدا ، ونحن الملومون .
نحن لنا حق على الأشقاء العرب . ولنا حق على الأسرة الدولية أكبر . فلما رأى الفريقان أننا لا نساعد أنفسنا ، تخلوا عن مساعدتنا . بل وصفوا إلى جانب عدونا .
لقد استطاع بشار الأسد أن يقنع العالم بأننا إرهابيون ، وبأننا مجرمون ، وبأنه هو صمام الأمان والاستقرار في المنطقة ، وكنا نحن الذين ساعدناه على هذا النجاح . فلماذا نلوم غيرنا على ذنوب نحن ارتكبناها .؟ لماذا نحمل الآخرين فوق طاقتهم . وخالق الخلق لم يكلف عباده بما لا طاقة لهم به .؟ لماذا نصنع من أصدقائنا أعداء .؟ فرسول الله وهو رسول الله ، قال لمن سأله الجنة ؟ أعني على ذلك بكثرة السجود .. ونحن إن لم نقدم للثورة جهدا وعملا وتضحية ، لن تنتصر بنا الثورة ، ولسوف نعاقب بأن يستبدل الله بنا جيلا آخر غيرنا يكون له شرف النصر من دوننا . " وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم " ..
وفي الختام : رحم الله الملك عبد الله بن عبد العزيز ، وجزاه عن شعبه خيرا فقد كان محسنا إليه ، وسدد الله خطا خليفته الملك سلمان على الحق ، وأعانه على حمل الأمانة ، وألهمه مد يد العون إلينا ليساعدنا على النهوض من محنتنا .. فلم يعد لنا بعد الله من يقف إلى جانبنا سوى هذا البلد الشقيق ، وهم قريبون منا ، ولكننا نحاول نحن إبعادهم عنا ، ونقوم بدق أسافين الكراهية فيما بيننا . ولن يستفيد من ذلك سوى عدونا بكل أسف .. ولو حكمنا الإنصاف لرأينا أن المملكة حتى الآن لم تصرح إلا بما فيه مصلحتنا ، ولم تطالب إلا بما يرضينا ، فلا نقوّل إخواننا ما لم يقولوا ، ولا نتهمهم بما لم يذنبوا.. ولا ننس أن في المملكة أكثر من 700 ألف سوري يعملون ويعولون أهليهم المشريدن في تركيا ولبنان ومصر والأردن .. فلماذا يعمد أحدنا فيقلع عين نفسه بيده ..!!!
=============
يقفل الموضوع عند هذا الحد .. لأن في الاستمرار فيه إساءة إلى مصلحة الثورة .