" ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " هذه الآية قد تفهم على غير وجهها .!!
الرابط : http://aafak-thawrya.blogspot.com/
أبو ياسر السوري – 17 / 1 / 2015
مسجد الصحابي أبي أيوب الأنصاري في طوب كابي - اسطنبول
معرفة سبب نزول الآية يعين على فهم معناها المراد . وعدم الوقوف عليه قد يكون مزلة إلى الخطأ في الفهم . ولعل الحديث الآتي مما يؤكد ذلك ويؤيده :
عن أَسلم أَبِى عِمران قَال : غَزَونا منَ المَدِينة نُريدُ القُسطَنطينيَّةَ وَعلى الجماعة عبد الرَّحمنِ بن خالد بن الوَليد والرّومُ مُلصِقُو ظُهورِهم بحائط المدينة فحمل رَجلٌ على العدوّ فقال النَّاس : مَهْ مَهْ لا إلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يُلقِى بيَديه إلى التَّهلكة . فقال أبو أَيّوب : إنَّما نزلت هذه الآيَةُ فينا معشر الأَنصارِ لمّا نصرَ اللَّهُ نبِيَّه وأَظهَر الإسلام قلنا : هلُمّ نُقيم فِى أَموالنا ونُصلحها فأَنزل اللَّهُ تعالى ( وأَنفِقُوا فى سبيل اللَّه ولا تُلقُوا بأَيديكم إلى التَّهلُكة) فالإلقاء بالأَيدى إلى التَّهلُكة أَن نُقيم فى أموالنا ونُصلحها وندع الْجهاد .
قال أَبو عِمران : فلم يزل أَبو أَيوب يجاهد فى سبيل اللَّه حتى دُفن بالقُسطَنطينيَّة .
وهنا لا بد أن نلاحظ عدة أمور :
أولا : أن جيل الصحابة رضوان الله عليهم كان مختلفا عن جيلنا بعلو همته ، وقوة إصراره وصموده ، فلم يمنعهم تقدمهم في السن من ملازمة الجهاد في سبيل الله .. فأبو أيوب رضي الله عنه أصر على ملازمة الجهاد في سبيل الله طوال حياته ، إلى أن توفي غازيا في حصار القسطنطينية " اسطنبول " عام 52 هـ ودفن قريبا من سورها . وكان عمره يقارب الثمانين . فقد كانت وفاته بعد الهجرة بـ 52 سنة ، واذا حسبنا له 25 سنة قبل الهجرة ، فهذه 77 سنة ..
ثانيا : نلاحظ أننا بدأنا نعاني من الشيخوخة المبكرة في سن الستين . ويكاد أحدنا لا يستطيع مزاولة أي مجهود عضلي ، بله الالتحاق بالجيش ، والقيام بالأعمال القتالية . إن التباين بيننا وبين أولئك الرجال كبير .. فلذلك هم فتحوا الدنيا .. ونحن أضعناها ..
ثالثا : أن الآية فيها الحث على الإنفاق في سبيل الله ، والتحذير من البخل لأنه بمثابة إلقاء النفس في التهلكة . وقد فهم الصحابة (الإنفاق) بمعناه الواسع ، ليشمل : إنفاق المال في سبيل الله .. وإتلاف النفس لإعلاء كلمة الله .. والجود بالنفس هو أعلى درجات الجود المحمود . قال مسلم بن الوليد :
يجود بالنفس إن ضن الجواد بها : والجود بالنفس أقصى غاية الجود