هل تعلممن هو لورانس العرب .. ملك العرب الغير متوّج ؟لقد أفردت قناة ال mbc والعربية التي يملكهما آل الابراهيم أرحام الملك فهد رحمه الله أخوال الأمير عبد العزيز بن فهد وقتاً لعرض فيلم لورنس العرب وهو من بطولة
بيتر أوتول بدور لورنس وعمر الشريف بدور الشريف علي وأنتوني كوين بدور عودة أبو تايه وأليك غينيس بدور الأمير فيصل.
متجاهلة الحقد والصورة السيئة اللتين يبثهما الفيلم عن الاسلام والمسلمين عبر اظهار العرب بالهمج والغوغائيين ..ورغم أن لورنس العرب الجاسوس القذر كان حقيقة ..وغباؤنا كان حقيقة ..وأن من ساعده وخاننا هم من ابناء جلدتنا حقيقة
وابتعادنا عن ديننا كان حقيقة ولكن كان الأولى عدم عرضه من باب " واذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا".
من هو لورانس العرب ؟
ولد توماس إدوارد عام 1888م في (ويلز) بإنكلترا، تزوج والده من إيرلندية أنجبت له4 بنات ولكنه هجرها ليعيش مع مربية بناته دون زواج وأنجب منها 5 ذكور كان لورنس الثاني من بينهم.
عاش لورنس متفوقاً في دراسته ينال المِنح المدرسية والجامعية، وكان منذ صِغره قوي البنية نشيطاً ذكياً يتميّز بقوّة الذاكرة وحبّ المغامرة والصبر على المتاعب. تخصّص في علم الآثار في جامعة أكسفورد الأمر الذي دفعه للاهتمام باللغات فتخرّج وهو يجيد الفرنسية واللاتينية واليونانية، وأثناء تحضيره لرسالته الجامعية التي كان موضوعها (الفن المعماري الحربي عند الصليبين في الشرق) قام بزيارة القِلاع التي بناها الصليبيون، وتلقّى شيئاً من اللغة العربية قبل سفره، وزار سوريا وبيروت وغيرها، قطع خلالها مسافات شاسعة وحده مشياً على الأقدام على طرق أكثرها غير معبّد وبراري غير مأمونة يبيت عند الفلاحين والبدو في خيامهم يُشاركهم المأكل والمشرب وشظف العيش ممّا ساعده على إجادة اللغة العربية .
وعند اندلاع الحرب العالمية الأولى راحت كل من الدول الكبرى: فرنسا، وبريطانيا وروسيا وألمانيا تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة، منها: توسيع رقعة نفوذها والسيطرة على الأماكن الاستراتيجية وعلى منابع النفط… لذلك أخذت بريطانيا ترسل عملاءها إلى المنطقة؛ فاستدعت القيادة الإنكليزية أصحاب الخبرة في البلاد العربية ومنهم لورنس الذي التحق بسلك المخابرات العسكرية، وعندما دخلت تركيا الحرب في أواخر عام 1913 عُيّن لورنس في القاهرة مشرفاً على شبكة للتجسس كان هو يختار أعضاءها بنفسه، ومن مُهماته تهيئة الخرائط العسكرية وضبط وتنظيم المعلومات الواردة التي تُؤخذ من الأسرى والفارين من الجيش العثماني وتنسيقها مع المعلومات الواردة من الجواسيس. ولكي يقوم بوظيفته تلك على أكمل وجه تمّ إعداده، فنُظِّمت مطالعاته لاسيما فيما يتعلّق بالتاريخ الحربي حتى يقال إنّه قرأ كل ما له علاقة بالفروسية وبالقرون الوسطى، وقرأ حوالي 25 مجلّداً خاصاً بنابليون، وبعد ذلك قرأ معظم كتب الحرب العائدة إلى القرن الثامن عشر. ولم يقم لورنس بشحذ ذهنه فحسب بل قام بتدريب جسده على تحمّل المشاق؛ ويروي أحد أصدقائه أنّه كان يختبر طاقاته على التحمّل بالانقطاع عن الطعام لمدّة يومين أو ثلاثة أيام وبالسير مسافات طويلة في الصحراء إبّان فصل الشتاء وبالتغلب سباحة أو تسلقاً على أي حاجز مائي أو جبلي يعترض سبيله، وبقضاء أمسيات طويلة وحيداً في حقل الرماية يتدرّب على إطلاق النار حتى أضحت يساره تُضاهي يمينه في استعمال الأسلحة النارية، وبقطع المسافات الطويلة راكباً دراجته دون توقف إلى أن يقع تحت وطأة الإعياء على حافة الطريق .
وليس هذا كل ما في الأمر، ذلك أن لورنس يُعتبر من أشهر أدباء عصره؛ فكتابه (أعمدة الحكمة السبعة) التي يصف فيها ثورة العرب من هو أوسع المؤلفات الإنكليزية انتشاراً، وما استطاع الوصول إلى ما وصل إليه إلا بالدأب والصبر وقطع الصحراوات على ظهورالإبل وهو ابن الثلج لذلك صدق فيه قول الشاعر:
لا تحسبنّ المجد تمراً أنت آكله لن تبلغ المجد حتى تلعق الصََّبِِرا
فلورنس هذا قاد الأعراب حتى حاز على دمشق وظل ينهك الجيش العثماني، وقد أدى لوحده – وفي سبيل قضيه باطلة – ما يؤديه جيش كبير، حتى أنّه خدع نفراً من الضباط العرب في الجيش العثماني فكانوا معه في مسيرته تلك من الحجاز إلى حلب .
والقاعدة تقول: إنّ من يزرع لا بدّ أن يحصد، فإذا نظرنا إلى واقعنا اليوم نجد أن العالم الإسلامي يتخبط في دوامة يبدو أنّها لن تنتهي من المسرحيات المذلّة والمنهكة للعقل العربي والمستنزفة للطاقات العربية كافة، وهذا نتيجة تقاعس أبنائه وابتعادهم عن النهج القرآني…
إنّ أوّل وأهم ما يسترعي الانتباه أنّ لورنس لم يكن يهمه من أمر العرب شيئاً فهو لم يكرّس نفسه لإنشاء دولة عربية موحدة كما يُشاع وكما وعدت فرنسة وبريطانية وروسية لأنّه كان يُقدّم مصلحة بلاده على أي شيء آخر، ومصلحة بريطانيا تقضي بإبقاء الشرق الأوسط منقسماً على ذاته، يقول لورنس في أحد تقاريره: لو تمكنا تحريض العرب على انتزاع حقوقهم من تركيا فُجأة وبالعنف لقضينا على خطر الإسلام إلى الأبد ودفعنا المسلمين إلى إعلان الحرب على أنفسهم فنمزقهم من داخلهم وفي عقر دارهم، وسيقوم نتيجة لذلك خليفة للمسلمين في تركيا وآخر في العالم العربي ليخوضا حرباً دينية داخلية فيما بينهما، ولن يخيفنا الإسلام بعد هذا أبداً.
أما تعهده للعرب بمنحهم الحرية فكانت الطريقة المثلى لجعلهم يشتركون في الحرب، يقول في أحد كتبه: كان علي أن أشترك في المؤامرة… وقد جازفت بالاحتيال اعتقاداً مني بأن العون العربي ضروري للوصول إلى نصر سريع وقليل التكاليف في الشرق… الربح مع الإخلال بالعهد أفضل من الخسارة.
لذلك كانت العقبة الأساسية التي كانت تواجه بريطانيا وحلفاءها هي الإسلام؛ لذلك سعوا للقضاء عليه عن طريق هدم الخِلافة الإسلامية، والدليل تقرير سريّ كتبه لورنس عام 1916 بعنوان سياسة مكة أوضح فيه رأيه في ثورة العرب : إنّ نشاط الحسين مفيد لنا إذ أنّه ينسجم مع أهدافنا الكبيرة، وهي تفكيك الرابطة الإسلامية وهزيمة الإمبراطورية العثمانية وانحلالها، لأنّ الدول التي ستنشأ لتخلف الأتراك لن تشكل أي خطر على مصالحنا… فإذا تمكنا من التحكم بهم بصورة صحيحة فإنهم سيبقون منقسمين سياسياً إلى دويلات تحسد بعضها البعض ولا يمكن أن تتحد.
لذلك كان هم لورنس في ذلك الوقت التأثير على زعماء العرب وكسب ود العشائر والقبائل لدفعهم للقيام بالثورة ولو من خلال لبس لباسهم وسلك سلوكهم كي يتمكّن من أن يتحكم بهم تحكم الاستعماريين بالشعوب. يقول في كتيب البنود 27 الذي أعدّه لتعليم الضباط على طرق التحكم بالعرب: إذا أمكنك لبس لِباس العرب عندما تكون بين رجال القبائل فإنّك تكسب بذلك ثقتهم.
وكان للجاسوس لورنس تصريحات حاقدة عديدة حول فلسطين، ففي إحدى المرات طُلب إليه إنكار ما جاء في رسالة فيها شتم وتحقير إلى (د. ماك أنيس) كاهن الأبرشية الإنكليكانية في القدس، لاعتراض الأخير على فكرة إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، فرفض لورنس الحاقد ذلك وعاود الكتابة إلى الكاهن يلومه على احتجاجه: كان من الأفضل لك أن تفعل شيئاً آخر غير الاحتجاج لكنك غير صالح حتى لتنظيف حذاء وايزمان(10).
لذلك لم يُخفِ لورنس تأييده لوعد بلفور، فبعد زيارته لفلسطين رأى أنه كلما سارع اليهود في الاستيلاء على فلسطين وزراعة أراضيها كان ذلك أفضل. وهذا الرأي عمل لورنس فيما بعد على وضعه موضع التنفيذ.
طبعاً هناك عدة روايات تتحدث أن لورنس تم اغتصابه على يد قطاع طرق في حوران ولقد لمح هو في أكثر من تصريح لأصدقائه بأنه شاذ جنسياً .. وهناك روايات تقول أنه كان قد وقع نظره على رجل من حوران فقير قوي البنية وكان يعطيه النقود ليلوط به وقد اكتشف امره الأعراب الذين كان يقودهم ..
والحق يقال أن لورنس حظي بشهرة واسعة غطت على أسماء جواسيس آخرين ممن لم تقِل- إن لم تفُق- أدوارهم ما قام به والذين خدموا بلادهم باخلاص منقطع النظير، مثل المقيم السياسي البريطاني في الخليج العربي، فالمندوب السامي في العراق، ثم السفير في طهران: " بيرسي كوكس" المشهور بترسيم الحدود بين: ( نجد، والكويت، والعراق، والمحَمَّرة) في مؤتمر "العقير" ( أو" العجير" كما ينطقها أهل الخليج) في العام 1922. والمِس " غيرترود بل"، الآنسة المفتونة بآثار بلاد الرافدين، وذات الدور المهم في تكوين الدولة العراقية الحديثة. و" جون فيلبي" عابر الربع الخالي المولع بطيور الجزيرة العربية، ومستشار الملك "عبدالعزيز آل سعود"، الذي بدّل ولاءه لبلاده، فنصح الملك عبدالعزيز بالتعامل مع شركات النفط الأميركية. و" أليك كيركبرايد" و" فريدريك بيك"، وسليلهما القوي في الأردن، الفريق " جون باجت كلوب"- " أبو حنيك" كما يلقبه الأردنيون- قائد " الجيش العربي" حتى وقت تعريبه في العام 1956. وهناك شخصيات أُخرى أدت أدواراً متباينة القدر والمواقع والشهرة، كالضابط " شيكسبير" الذي قتله محاربو قبيلة " شمَّر" في موقعة " جراب" في العام 1915، والليدي " آن بلنت"، السيدة الرَّحالة، صاحبة كتاب: " رحلة إلى بلاد نجد"، والعقيد " هارولد ديكسون" المعتمد البريطاني في الكويت، مؤلف: " الكويت وجاراتها"، و" تشارلز بلغريف" مستشار حكومة البحرين حتى سنة 1957، وغيرهم من العسكريين والمدنيين ممن عرفتهم بلادنا.والله المستعان
يعتبر لورنس العرب من أشهر شخصيات الربع الأول من القرن العشرين؛ فاسمه اقترن في كتب التاريخ بثورة الشريف حسين – أمير الحجاز – ضد الخلافة العثمانية عام 1916م وهناك العديد من الكتب في أكثر من لغة تناولت سيرة حياته وأظهرته بطلاً من أبطال الإمبرطورية البريطانية نتيجة للدور الهامّ الذي لعبه إبّان الحرب العالمية الأولى كونه ضابط ارتباط بين القيادة العسكرية البريطانية و بما سمّي الثورة العربية الكبرى ضد الخلافة، وقد تحوّلت قصته لفيلم سينمائي معروف ظهر فيه باللباس العربي على الخيل والجمال زعيماً لقبائل البدو وملكاً غير متوج للعرب.وكل القصص والروايات التي يطرحها الغرب تظهر العرب الأعراب المتوحشين الأغبياء الذي استطاع الجاسوس لورانس بذكائه وبحكمته وغباء وشهوات العرب المتخلفين .وسأسرد عنه وفقاً للصورة التي عكسها عنه الغرب .
طبعاً هذا الجاسوس المجرم كان له الأثر في تفتيت الخلافة الاسلامية العثمانية بشقها العربي وقد لجأ هذا الخبيث ومن وراءه المخابرات الانجليزية الى المذابح بحق الجنود العثمانيين الأتراك والعرب ودمر اكثر 700 تجمع وقرية
ولقد نجح في زرع أولى مقولة القومية العربية وحقوق العرب كما نجح الغرب في تفتيت الأكراد بحجة القومية ونبذ الاسلام وخلق العدو العربي والتركي عبر العديد من العملاء مثل النصيري السكير العربيد عبد الله أوجلان الذي فتك بالبطولة الاسلامية الكوردية و حوّلها الى يسارية تحارب الدين فصار بنات وشباب الكورد يهربون الى الجبال لقتال الأتراك والايرانيين ليتلاعب الغرب بالورقة الكردية لابتزازهم واشغال الأتراك وتركوا البارزاني يلعب دور الدكتاتور الذي يمنع تطور الكورد ويعمل على سلخهم عن واقعهم المسلم فذبح أكثر من 4000 كوردي من أنصار السنة ومن المناوئين لجبروته .فما زال الغرب يذكر صحوة الكورد المسلمين ويخشى من ظهور صلاح الدين ونور الدين الزنكي وابراهيم هنانو وغيرهم ..وعلى الأخوة الكورد عدم نسيان وقوف الغرب مع الارمن ضدهم قبيل تفتيت الخلافة العثمانية ويعود حقد الغرب على اخوتنا الكورد لأنهم كانوا القوة الضاربة للمسلمين في الثغور .
ولن يصدق اخواننا الأكراد أن الغرب هو الذي يضغط على الأتراك كي لايعطوا الشعب الكردي حق تقرير المصير ليبقى الكردي المسلم مطية لكل مخطط ينوون تنفيذه وليتذكر أخوتنا الكرد ان ضربهم بالكيماوي في حلبجة تم بموافقة غربية ولن يجرؤ احد على استخدام هذا السلاح بدون غطاء غربي تماماً كما يفعل طاغية الشام بشار وزبانيته من قصف وذبح بالمدافع والطائرات وبنفس الغطاء والصمت ..وبذلك مازالت المؤامرة التي كتب فصولها ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانية قائمة والذي أشار فيها بوضع شيخ عند كل بئر بترول وخلق حدود قطرية ونزاعات دينية ومذهبية ونزعات قومية لاختراق المجتمع المسلم وخلق الفتن فيه واستدعاء التهديد والابتزاز متى شاء الغرب كما يحصل اليوم في السودان رفع شعار القومية الافريقية في الجنوب ودارفور ليسرقوا اليورانيوم والذهب والنفط المكتشف حديثاً وفي دول الغرب الاسلامي الامازيع والبربر فقد خصصت فرنسة الحاقدة اكثر من 6000 كتاب يدعو للتنصل للاسلام والقومية العربية والحض على أن العرب والقرآن هم أعداء هذه القوميات
مع العلم ان التراث الفرنسي والأوربي مليء بالنظرة الاستعلائية ضد البربر الممتد من تاريخ قرطاج وقائدها حنبعل ولذلك يصورون البربر بالمتوحشين الهمجيين في تاريخهم البغيض.
ويجب أن لاننسى تصريح فرانسوا ميتران في تعليقه على مذابح المسلمين في البوسنة وكوسفو " لن نقبل بدولة مسلمة في قلب اوروبا " ولم يتدخّلوا حتى تم تصفية المسلمين ومن تبقى تم سلخه عن تراثه الاسلامي
وهاهو الأرعن لافروف يصرح لايمكن السماح بدولة اسلامية سنية في سورية فوافقه الغرب وهاهم يتركون النصيريين والطائفيين من الأقليات بذبح الشعب السوري كما تم ذبح الشعب الفلسطيني والجزائري والصومالي والأفغاني والأذربيجاني والداغستاني والروهينغا في ميانمار وغيرهم من الشعوب المسلمة
مات " لورنس" المولود في العام (1888) في سن مبكرة عام 1935، إثر سقوطه عن دراجته في حادث غامض، كغموض شخصيته التي ثارت حولها الشكوك بالشذوذ، فإحتفت به بريطانيا كواحد من أبطالها. وبرغم أن سيرته تلاشت وخبت منذ عقود، إلا أن الغيرة- التي هي إحدى القوى النفسية المحركة للأُمم كما الأفراد!- حفزت الفرنسيين إلى الإعلان عن " لورنسهم العربي" الخاص بهم! فنشروا- في ثمانينيات القرن الماضي على ما أذكر- كتاباً صاغه " جان سوبلان" بعنوان: " لاسكاريس العرب"، عن مبعوث فرنسي جرى إيفاده في مطلع العقد الثاني من القرن التاسع عشر، ليتفاهم مع " الشعلان" شيوخ قبيلة " الروَلة" في بادية الشام، على التعاون مع الجيش الفرنسي لغزو المنطقة، إستئنافاً لغزوتهم السابقة المدحورة لمصر وفلسطين. لكن المخطط لم يقدر له أن يجد سبيله إلى التنفيذ بعد هزيمة فرنسا وسقوط صاحب الفكرة " الإمبراطور نابوليون" في معركة " واترلو" في العام 1815.
* * *
لم يعد الإنجليز، ولا غيرهم من الدول الغربية، يوفدون جواسيساً وضباط مخابرات متنكرين في هيئة رحالة، أو جغرافيين متيَّمين بالطبيعة العربية، أو مستكشفي آثار، أو دارسي لغات وحضارات شرقية.. ليس لأنهم تابوا وكفوا عن مطامعهم الاستعمارية، بل لتوفر العملاء العرب الأقحاح المستعدين للخدمة وبحماسة!
حينما صدر كتاب "الحجاب: الحروب السرية للسي آي ايه 1981-1987"، للصحفي الأميركي المطلع "بوب وودورد"، بعث لي صديق كان مقيماً في واشنطن بنسخة منه، مرفقة بتعليق " لئيم" عليه: " حينما تفرغ من قراءة هذا الكتاب سترى أن الفرق بين عملاء الولايات المتحدة الأجانب وعملائها العرب، هو أن الأولين يقبضون منها مقابل خدماتهم، أما العرب فهم الذين يدفعون لها!".
ليس كلهم كذلك والحق يقال! فثمة عرب يقبضون بطرق شتى، ولغرض " شريف" طبعاً: إحكام "القبض" علينا شعوباً وأوطاناً!
وهؤلاء قادة كبار، وموظفون مسؤولون، ومدنيون " متطوعون للعمل العام، ولا يسعون وراء الربح" (!؟) كما تخبرنا نشرات منظمات التمويل الأجنبي، وبنوك اوروبا وسويسرا وأمريكا ورعاتها محبو عمل الخير لوجه الله!
* * *
في سيرة لورنس، يذكر أنه عمل في قسم رسم الخرايط في المخابرات السرية البريطانية في القاهرة، قبل أن يوفد إلى الحجاز في المهمة المعروفة الخاصة بالثورة العربية. ولئن كان قد مات منذ وقت بعيد كما ذكرنا، فإن سلالة متشعبة، من العرب العاربة والمستعربة، حلت مكانه وورثت خطاه ودوره في ضبط وموضعة تطلعات العرب والمسلمين، وحصرها ضمن حدود وأبعاد الخرايط السياسية والإستراتيجية التي تصممها للمنطقة، الدولُ والشركاتُ ، و"إسرائيل" والحركة الصهيونية العالمية. وكما نعرف، كان التوقُ للخروج من هذه الخرايط المشوهة الخانقة، وإعادة رسم المنطقة بما يتوافق مع هوية ومصالح وآمال أهلها، هو الشغل الشاغل لكفاح الأجيال العربية والاسلامية طوال معظم عقود القرن العشرين. ولا بدَّ للأجيال العربية الاسلامية الجديدة أن تستعيد هذا التوق إذا ما أرادت أن ترى شعوب الأمة سيدة مصيرها حقاً. وأن تحذر ألاعيب وحبائل الطامعين الذين يتظاهرون بمساعدتها- كما فعل لورنس من قبل- فيما هم يسوقونها نحو شِراكِهم، كما يفعل الصيادون حينما ينثرون الطعوم للطيور والأسماك. فما يريدونه في الحقيقة، هو نهب ثرواتنا، وإعادة هندسة معالم بلادنا وأحلامنا بما يلبي مصالحهم ومصالح " إسرائيل" فقط .
* * *
خُدِع العرب في أولى ثوراتهم في القرن العشرين، فلا ينبغي لهم أن يُخدعوا مرة ثانية في ثورتهم الجديدة في القرن الحادي والعشرين.
ربما، لهذا، عليهم أن يتذكروا لورنس وغيره ممن جاسوا ببلادنا وعبثوا بها، من رسامي خرايط حدود الدول والشعوب ومصايرها.
-أنتركهم يرسمون؟
انتهى
الحمد لله رب العالمين