هل أجهضت الثورة ؟ هل انتصر النظام .؟
الرابط : http://aafak-thawrya.blogspot.com/
بقلم : أبو ياسر السوري - 1 / 1 / 2015
سؤال نطرحه على أنفسنا ، بعد مرور أربع سنوات من عمر الثورة السورية .!؟
ولكنْ هل جرى على لساننا ذكر لإجهاض ثورتنا المجيدة .؟ نعم ذكر ذلك ، ولكنَّ كلمة الإجهاض هذه ، هي مما يزعجني ويزعج الكثيرين ، ويسوءنا ذكرها ولو مرورا على طرف اللسان . فالثورة – بحمد الله - ما زالت قائمة ، والمقاومة ما زالت فاعلة ، والثوار ما زالوا يكبدون النظام كل يوم كثيرا من الخسائر ، في السلاح والعتاد والأموال والأرواح .. هذه حقيقة لا تنكر .. ولكن هنالك حقيقة أخرى يجب أن تذكر ، ألا وهي مراوحة الثورة في المكان .. وعدم قدرة الأطراف على حسم الموقف ، بفوز طرف على طرف ، وانتصار فريق على آخر ..
نحن لا ندعي أن الثورة أجهضت – معاذ الله - وإنما نحذر من سلبيات خطيرة ، كانت سببا في إطالة عمر المعاناة ، ويخشى من استمرارها دون تدارك بالإصلاح ، أن تكون عاملا رئيسيا في إجهاضها - لا سمح الله - وإرجاع الشعب إلى حظيرة العبودية من جديد ..
وإذا سلمنا جدلا بأن الثورة ما زالت عصية على الإجهاض ، فلا أظن بأن منصفاً يخالفني الرأي ، فيزعم أن الثورة لم تضعف وتيرتها عما كانت عليه في بدايات فترة العسكرة ، حين كانت الحواجز والمواقع الأسدية ، تتهاوى تحت ضربات ثوارنا المجاهدين .. الذين استطاعوا تحرير ثلثي التراب السوري على أقل تقدير ، ولم يعد النظام مسيطرا إلا على جزء صغير جدا ، يتموضع في قلب دمشق ، وفي الجهة الغربية من حلب الشهباء ، وفي مدن الساحل .. مما اضطر إيران أن ترسل أعدادا من الحرس الجمهوري لمساندة حليفها الأسد ، وتوعز إلى فيلق أبو السطل عباس العراقي ، وحزب الشيطان اللبناني ، والحرس الثوري المجوسي الإيراني ، ليدخلوا بثقلهم في الصراع الدائر لإيقاف تقدم الجيش الحر ، وللحيلولة دون انهيار النظام النصيري العميل ..
دخلت هذه القوى الآثمة ، وانضم إليها قوى أخرى من المرتزقة ، أو الشيعة القادمين من أفغانستان والباكستان واليمن .. واستطاعوا منع تقدم الجيش الحر ، وإجباره على المراوحة في المكان .. وما زال الحرب سجالا بيننا وبين هذه العصابة وحلفائها ، منذ سقوط القصير وحمص وحتى الآن .. فما الذي حدث ، وأثر سلبا على تقدم الثوار .؟
لا نسلم بأن هذه القوى الطائفية ، هي التي عدلت الكفة لصالح النظام ، وحالت دون تهاويه نحو السقوط .. ولو كانت هذه الفرضية صحيحة ، لاستمر تقدم النظام وحلفائه ، واستمر سقوط المدن والمواقع أمامهم ، واحدة تلو الأخرى إلى أن تسقط الثورة ، بعد شهور قليلة من سقوط القصير وحمص .. ولكن ذلك لم يحصل ، وإنما الذي حصل ، هو حالة من المراوحة في المكان .. فاحتفظ النظام لنفسه بعدد من المواقع الاستراتيجية في حمص والساحل وجزء من دمشق وجزء من حلب ، واحتفظت الثورة بعدد آخر من المواقع في كل من : درعا وريفها ، والغوطة الشرقية ، والغوطة الغربية ، والريف الشمالي والغربي لحلب ، وريف إدلب والمعرة وجسر الشغور وريف حماة.. ومشاطرة النظام في دمشق وحلب .. وكل منهما يتربص بالآخر شرا ، ويتبادلان فيما بينهما الضربات ..
فنحن والنظام الآن نراوح في المكان .. وليست هذه المراوحة بسبب الدعم الدولي لهذا النظام المجرم ، وإنما لأسباب أخرى تخص المعارضة بالدرجة الأولى ، أهمها عدم وحدة الصف ، والثاني عدم وجود قائد للثورة ، وثالث الأسباب النزاعُ الذي من شأنه أن يقود إلى الفشل ، ويسمح للنظام بالبقاء لفترة أخرى، قد تطول أو تقصر، تبعا لموقف المعارضة من لملمة أوراقها ، وإصلاح شأنها بالوحدة والقيادة وطرح النزاع .
إذن لم تجهض الثورة يا سادة ، ولم ينتصر النظام .. ولكنا وإياه نراوح في المكان ، ولن يكون من ثمرة هذه المراوحة سوى تحمل المزيد من التضحيات ، قبل إحراز النصر .. الذي سيكتبه الله تعالى للأتقى وللأصبر . ويظل الشعب – بعون الله - هو الأطول نفسا ، والأكثر صبرا ، والأقوى على المصاولة والمحاولة .. وهو المرشح – بالتالي - لانتزاع النصر في نهاية الصراع ... وأرجو أن يكون ذلك قريبا ، وليس كما تقول أمريكا بأنه صراع سيطول ، فتلك أمانيهم ، ولكن الله غالب على أمره .. قال تعالى :
وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ*
***