لا مكان لدولة البغدادي في سوريا ( . ) انتهى الكلام :
رابط المدونة : http://aafak-thawrya.blogspot.com/
بقلم : أبو ياسر السوري
10 / 12 / 2014
===========
إلى من لم يزده كلامنا السابق إلا إصرارا على تبعيته للبغدادي أقول :
هل نحن في حوار غايتنا منه الوصول إلى الحق ، أم نحن في جدل لا هم لأحدنا إلا أن يفوز على خصمه ، فلا يزالان في لدد دائم ، وعراك فكري مستمر لا يرجعان منه بطائل .؟
أما أنا فأبرأ إلى الله من الجدل ، وأتحدث عما في نفسي ، لأن الله تعالى يقول " بل الإنسان على نفسه بصيرة ". وأما أنت فلا أحكم على ما في نفسك ، لأنه لا يعلم السرائر إلا خالقها . ولكني أعظ نفسي وإياك أن لا نماري للغلبة ، وأن لا نجادل بالباطل لإدحاض الحق ، وحسبي وحسبك زاجرا في هذا المقام ، قول نبينا الكريم صلى الله عليه و سلم : " من ترك المراء وهو محق بني له بيت في أعلى الجنة ، ومن تركه وهو مبطل بني له بيت في ربض الجنة " . وقوله أيضا :" ما ضل قوم بعد أن هداهم الله إلا أتوا الجدل" .
بالنسبة لي – والله على ما أقول شهيد – لم أقف من داعش هذا الموقف تبعا لهوى ، ولا ثأرا لقرابة ، وإنما لأني استقصيت في البحث عن هذا الفصيل ، الذي يدَّعي أنه " دولة إسلامية " فلم أجده كذلك . فقد دعيتُ يوما ما إلى عمل محاضرة تحت عنوان " التكييف الفقهي لدولة الإسلام في العراق والشام " فاقتضاني ذلك أن أجثو على الركب مدة أربعة أسابيع ، أجمع المعلومات من مصادرها ، واتتبع أقوال الموالي والمخالف لهذه التنظيم ، وأسأل الذين كانوا قريبين منه في الميادين ، بل وبعضهم كان منضما إليه ثم ترك .. فانتهيت إلى قناعة تامة بأن هذا الفصيل فيه ما يلي :
الرجال الصادقون الذين يريدون أن يقيموا دولة الإسلام . ولكنهم لم يتسلحوا بفقه الواقع . فكانوا كمن يحرث في الماء ، ويقاتل طواحين الهواء . لم يحققوا مبتغاهم ، ولم يرجعوا بطائل ... ولم يحصد من جهاده سوى استقطاب الشباب المسلم من كافة بقاع الأرض ، ليموتوا على أرض العراق ، ثم تكون عاقبة جهادهم ، أن يسحب البساط من تحت أرجلهم ، ويصار إلى تسليم العراق للشيعة الموالين لإيران ، ثم يقدم العراق لملالي ولاية الفقيه على طبق من ذهب ..
من هذا الصنف الشيخ الزرقاوي رحمه الله . الذي قاتل أبناء السنة في العراق لأنهم في نظره مرتدون ، وترك أعداء الإسلام الذين غدروا به فقتلوه ، واندسوا لاحقا في تنظيمه ، حتى كان منهم القادة في هذا التنظيم ، وقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك ، أن هذا التنظيم مخترق ، وأن في قياداته النصيري ، والشيعي ، وحتى الموساد .
كما التحق بتنظيم الدولة من السوريين كثير من اللصوص والزعران وأصحاب السوابق ، الذين نعرف ماضيهم وحاضرهم .. فاحتضنهم التنظيم وسلمهم قيادات ، بينما وجه سهام الموت إلى الأخيار من مجاهدينا ، فقتل خيرة قادة الجيش الحر ، منهم : أبو بصير كمال حمامي ، والشيخ جلال بايرلي ، والطبيب أبو ريان ، وأبو خالد السوري ، وأبو المقدام السراقبي قاهر دبابات الأسد ... وغيرهم وغيرهم كثير ، وقدم التنظيم بذلك لبشار الأسد خدمات ما كان يحلم بها من قبل ..
:::
ومع ذلك تعال بنا نكذب هذه الحقائق ، ونسلم جدلا بأن تنظيم الدولة بريء من الاختراق في قياداته .. وبريء من اندساس العناصر المرتزقة القذرة إلى صفوفه .. تعال نبرئ التنظيم من كل هذه القاذورات ، ولننظر إلى أدبياته الفكرية ، ومنطلقاته النظرية .. ثم ننظر ماذا أثمر فكر هذه الدولة على أرض الواقع ؟ لعل ذلك يقودنا إلى الحق الذي ننشده ونبتغي الوصول إليه ؟
أما على أرض الواقع :
فتنظيم الدولة استطاع أن يحبط الثورة في العراق ، ولولا تدخله هناك لما ضاعت العراق ، ولما صارت ولاية إيرانية ، يصول فيها قاسم سليماني ويجول .. وكذلك استطاع التنظيم أن يضع الثورة السورية على حافة النهاية ، ولو سقطت هذه الثورة ، فسوف يكون تنظيم الدولة هو المسؤول عن سقوطها ، وهو الذي يتحمل تبعة هذا السقوط أمام الله وأمام التاريخ . وكما تسبب تنظيم الدولة بتسليم العراق لإيران ، فكذلك سوف يتسبب بتسلم سوريا لإيران أيضا ، وبفضل جهوده وخدماته الغبية أو الخيانية ، سوف تصبح سوريا ولاية إيرانية ، ويشتم فيها أبو بكر وعمر من فوق منابر دمشق ، وترمى زوجات النبي بالفاحشة في المحافل الشيعية ، ولا يجرؤ أحد أن يتفوه ببنت شفة .. ولسوف ترزح سوريا والعراق معاً تحت سلطة المجوس لعقود ، وربما لقرون لا يعلم مداها إلا الله .
وأما على نطاق الفكر :
فتنظيم الدولة يحكم على من عداه من المسلمين بالردة ، وتبعا لذلك فهو يستحل دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم . وهو يحتقر علماء المسلمين ، ويصفهم بعلماء السلطان ، والإمعات ، ويرميهم بالجهل . ولا يقبل تدخلهم بالتحكيم الشرعي بين المتنازعين ، وينقض العهود والمواثيق التي يبرمها مع مخالفيه ، ويحكم بالكفر لأقل خطيئة تقع من مسلم ، ويستهين بالدماء البريئة ، ويقتل أهل الإسلام ، ويدع أهل الكفر والنفاق ... ولا يفرق في القتل بين صغير ولا كبير ، ولا شيخ ولا امرأة .. وإنما سمعنا قائدهم يصرخ بمكبر الصوت أثناء اقتحام الطبقة ، ويقول لعناصره من مقاتلي داعش " اقتل .. اقتل .. اقتل كل من واجهك .. اقتل الصغير قبل الكبير ، والمرأة قبل الشيخ .. اقتلوهم جميعا . فهم ذرية من المرتدين بعضهم من بعض .!
وليست هذه تهم تخضع للأخذ والرد . فهذه حقيقة مسلمة ، يصدقها العمل ، ويؤكدها الواقع على الأرض ... فنحن في سوريا شعب سني يؤمن بالله ربا ، وبمحمد نبيا ورسولا ، وبالقرآن إماما لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ، وبالسنة مبينة للتنزيل بيانا شافيا كافيا ، لا ينطق صاحبه عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى ..
ومع ذلك فما كان جزاؤنا لدى هذا التنظيم سوى أنه حكم علينا – نحن أبناء السنة - بالردة ، ومارس علينا القتل والذبح والصلب والتنكيل .. حتى صار لدينا قناعة تامة أن نكفر بكل ما جاءت به هذه الدولة التي تدعي أنها إسلامية ، وأصبحنا نرفض كل ما جاءت به من حق وباطل على السواء ، حتى القرآن الكريم لم نعد نقبل سماعه من داعش ، لأنهم في يقيننا يؤولونه على غير وجهه ، ويفسرونه تبعا لهواهم .. ذلك لأن الفكر الذي قامت عليه داعش هو فكر متطرف أرعن ، منفر ، مكفر . ولهذا أقولها للتاريخ ، بأننا أقسمنا بالله لن تقوم لهذه الدولة المزعومة قائمة في سوريا ، ولأبناء السنة عين تطرف .. فإذا كنتم على استعداد لإبادة 20 مليون سني فافعلوا إن استطعتم ، ثم أقيموا دولتكم على أجداث هذه الضحايا من المسلمين . وقولوا لله غدا : " إن تنصيب البغدادي خليفة يستحق أن تفنى بسببه بلاد الشام بكاملها " يعني كأنكم تقولون : " البغدادي خليفة في البلد ، أو لا نبقي من أهله على أحد " وهذا نفس منطق شبيحة بشار : " الأسد أو نحرق البلد " .