في ملف الاعتقالات السياسية وعدم محاسبة السجان .. بقلم عبد الكريم انيس
كلّما صدر مرسوم رئاسيّ يقوم بإطلاق عفو عام عن السجناء أحاول أن أستبشر خيراً بأن يكون هناك إشارة واضحة وحقيقيّة لتفريغ كافّة السجناء السياسيّين من زنازينهم التي طال أمد بقائهم فيها والتي دفعوا فيها من حياتهم وكرامتهم وإنسانيّتهم الشيء الكثير الكثير في محاولة منهم أن يحرّكوا شيئاً قد طال سكونه في حياة سياسيّة أضحت مجرّد مسرحيّة يقوم بها بعض أفراد السلطة بتغيير الطرابيش من مكان لآخر مع القليل من البهارات العطائيّة في سبيل الحصول على بعض التلميعات على الساحة الشعبيّة.
إنّ الأمر المعتاد في أيّ دولة ديمقراطيّة في العالم هو وجود آراء مختلفة ومتنوّعة حول شتّى المواضيع بكافّة تنوّعاتها وحيثيّاتها وهذا يكسبها حراكاً إيجابيّاً وفاعلاً على عكس مآلات الدولة الشموليّة، الستالينيّة مثالاً، التي تتّبع نظاماً جامداً وحزباً أوحداً وتفاعلاً قاصراً أعوجاً مع أيّ من المعطيات اليوميّة التي تطرأ على المجتمع وأحوال إدارة شؤون البلاد وبصراحة شديدة أجد مثل هذا التفكير مجرّد تناسخ فكريّ سلطويّ جامد لا يعرف حيويّة ولا يعرف تبادلاً سلميّاً للسلطة.
إنّ التمسّك بالسلطة والاستئثار بها لفترة طويلة حد الوصول للتسلّط يجعل من العسير والصعب إقناع المتسلّطين، المنتفعين ومن في دائرتهم أنّهم منغمسون حتى آذانهم بالتعسّف، القمع، الظلم وعدم القبول بالآخر لمجرّد أنّ هذا الآخر يضع نصب عينيه - ولو حلماً- منصباً معيّناً
هناك من لم يفهم بعد أنّ الوطنيّة لا تصنع بتكسير الرؤوس وبتحطيم النفوس وبتقديس الشخوص، هناك من لم يفهم بعد أنّ الحرية ليست لعنة أو جذاماً سيصيب البلاد وهناك لم يع بعد أنّ الحرية حقّ مكتسب لا منّة فيه من أحد وأنّ الوطن كلنا شركاء فيه ولا يحق لأحد أن يلبسه لبوس شخص أو عائلة مهما علا منصبها أو خدماتها وهناك من لم يستوعب بعد أنّ الوطن مقبل على ولادة جديدة بعد جدب طال طويلاً من الزمان.
إنّ القمع والاعتقال واستمرار التجييش والتحريض والقبضة الأمنيّة المفرطة في القسوة واستمرار إنكار الأخطاء والكوارث ينقلب ليكون جريمة بحق الوطن تماثل ما يفعله المخربون، إنما بجهة تدعي الوطنية.
على المجيّشين وعلى المحرّضين ومرتزقة الإعلام الذي لا يعرف إلا الارتهان لطرف دونما إعمال نظر أو إظهار لوجهة نظر آخر مختلف عنه أن يوقف سلسلة تجريمه الشنيع والآثم لمن لا ترضى السلطات عن آرائهم وأن يتوقف عن اغتيال الآخر المختلف الذي يريد أن يرى مسرح الأحداث السياسيّة في سورية بمنظر مختلف عمّا يتمّ توزيعه في ردهات صناعة الرأي العام، صناعة القطيع الشعبي، الذي لا يستطيع إلا أن يوافق على كلّ ما يصدّره هذا الطرف من تسكينات ومعالجات سطحيّة ليس لها فاعليّة حقيقيّة في أيّ تصحيح لأنّ أطرافاً مقربة من السلطات تقع خارج نطاق المحاسبة والقانون، بالمعنى الحرفي للكلمة.
هناك من لم يفهم بعد أنّ عتمة السجون والأسوار العالية وحملات الاعتقالات والملاحقات لا تمنع كلمة حق أن تحلق فوق المعتقلات وأن تناهض الظلم والظلام والديكتاتوريّة مهما استطال زمانها و أذرعها حيث آن للأبواق والمنتفعين أن يعرفوا أنّ أصواتاً أخرى تريد أن تخرج من تحت ركام الاستبداد والقمع والتنكيل تريد أن تصيح بصوت عال ولها الحق في هذا الصياح.
إنّ إفراغ المعتقلات من ساكنيها وإعادة حقوقهم المهدورة بل والاعتذار منهم وتعويضهم، بل وحتى الإعلان عن المفقودين وتسوية أوضاعهم الإنسانية والقانونية هو أول خطوة قد تسهم في مدّ حوار يتبادل فيه أبناء الوطن تحت سقف الوطن رؤاهم في واقع جديد لا سادة فيه ولا عبيد والحقوق فيه كما الواجبات شيء مقدّس ولا يستطيع احد فيه أن يجامل فيه أو يتجمّل.
مع جلّ الاحترام وعميق الشكر للشريف فيهم ومع معرفة كامل الضغوط التي تسببها نوعية عملهم يتداعى للسائل المحتار هل رجل الأمن رجل مقدّس حتى يسقط عنه وزر المحاكمات الجنائيّة لمتضرّرين؟ هل هو من الملائكة الأخيار حتى لا نشاهد الفاسد منه والمؤذي في برنامج علاء الدين ذيوبي وهو يقول له ندمان والله يا سيدي ندمان!!!
هل يعقل أنّ مرسوماً رئاسيّاً يحمي ساديّاً يستمتع بتعذيب الناس من أن يقدّم للعدالة، العدالة والقانون التي من المتوجب أن تكون مظلة يقع تحتها الجميع؟ هل السجّانون يخضعون لدورات من التأهيل التربوي والنفسي للتعامل مع أنواع المساجين كلّ مع جرمه؟ هل هناك تمايز بين المواطنين وحرمتهم حين يتعلّق الأمر بطلب محاسبة من أهمل وأفضى لتفاقم حالة من العداء في المجتمع وأرسى ركيزة خسيسة من الخوف لتكون دائرة الارتهان له ولفساده الذي لا يحدّه قيد أو حساب؟
اليكم نص القانون أيها السادة كما جاء في المرسوم التشريعي رقم 14 لعام 1968 والذي شرعن حماية العاملين في أجهزة الأمن من المساءلة القانونية حال ارتكابهم الجرائم - المادة 16 من المرسوم - .
تنص المادة 16 منه على ما يلي :
(يشكل في إدارة أمن الدولة مجلس أو أكثر لتأديب العاملين فيها أو المنتدبين والمعارين اليها ويحدد بمرسوم يصدر عن رئيس الدولة كيفية تشكيل المجلس والإحالة اليه وأصول المحاكمة أمامه وصلاحياته. ولا يجوز ملاحقة أي من العاملين في الإدارة عن الجرائم التي يرتكبونها أثناء تنفيذ المهمات المحددة الموكلة اليهم أو في معرض قيامهم بها إلا بموجب أمر ملاحقة يصدر عن المدير)نتدبين والمعارين إليها ويحدد بمرسوم يصدر عن رئيس الدولة كيفية تشكيل المجلس والإحالة إليه وأصول المحاكمة أمامه وصلاحياته
ولا يجوز ملاحقة أي من العاملين في الإدارة عن الجرائم التي يرتكبونها أثناء تنفيذ المهمات المحددة الموكولة إليهم أو في معرض قيامهم بها إلا بموجب أمر ملاحقة يصدر عن المدير) نتدبين والمعارين إليها ويحدد بمرسوم يصدر عن رئيس الدولة كيفية تشكيل المجلس والإحالة إليه وأصول المحاكمة أمامه وصلاحياته
ولا يجوز ملاحقة أي من العاملين في الإدارة عن الجرائم التي يرتكبونها أثناء تنفيذ المهمات المحددة الموكولة إليهم أو في معرض قيامهم بها إلا بموجب أمر ملاحقة يصدر عن المدير)
لقد بسط هذا النص الحماية على مرتكبي جرائم التعذيب والقتل تحت التعذيب ، ولم يجري منذ صدور هذا المرسوم وحتى الآن أن أحيل أي مسؤول أمني بجريمة ارتكبها إلى القض.
يا سادة صدق من قال أنّ السلطة المطلقة مفسدة مطلقة.... وكمواطن أطالب بإلغاء مرسوم إعفاء رجال الأمن من المحاسبة على أيّ ضرر قد يلحق بمعتقل أو مسجون.
أما المنكرين لحدوث حوادث التعذيب أن يزرعوا بعضاً من الحسّ لجلودهم السميكة وأن يفتحوا ثقباً ولو صغيراً فيما يرتفع بين أكتافهم علّهم يتعلّمون احترام معاناة الآخرين وأنّ الاستهزاء بها يجلب الدمار ويعزّز الأحقاد بدل أن يردم فجوات تراكمت عبر الكثير جداً من الممارسات الخاطئة والسياسات التي تجعل ممن يحمل رأياً سياسياً مختلفاً يبدوا خائناً وعميلاً في ظل ركوب جهل شعبيّ يتبع قياداته على العمياني دونما أيّ تبصّر أو محاسبة أو مراجعة وفي ظل وجود مؤسّسات قانونيّة هي أقرب ما يكون للديكور الشكليّ الذي يحمل في طيّاته جدراناً مستعارة توحي لناظرها أنّه يسكن قصر بياض الثلج كما في الروايات.
كيف يمكن أن أثق كمواطن بإهمال فاضح وتزييف جارح يصل لحدّ إنكار جريمة حدثت في مدينتي حلب بوضح النهار وتمّ فيها تزييف حقائق جعلت من الشهيد محمد الأكتع شخصاً توفي بالسكتة القلبية وقد نالت منه أيدي الشبيحة كما ورد على جدار الدكتور محمود أبو الهدى الحسيني على الفيسبوك وبإذن شخصيّ منه قال أنّه يتحمّل شهادة ما كتب وأنّ لديه شهود إثبات ثقات وكلّ هذا تمّ فقط لأنّ الشهيد أراد التظاهر في وضح النهار؟أعتبر هذا بلاغاً شخصيّاً للنائب العام عبر الإعلام.
كيف أثق بأمن وهو واقف يتفرج يترك طبيباً مع جموع الخارجين من جامع لتنقض عليهم جماعة الزعران والشبيحة فتنهال عليهم هذه العصابات بالضرب في مشهد غوغائي وحيواني ضرباً مبرحاً وكلّ هذا يحدث على مرأى من رجال الأمن وبتحريض من التلفاز الرسمي؟ وكذلك تكرر الأمر حين حاول محامون أن ينقذوا شاباً من أيادي هؤلاء النباحيين في شارع الجميلية لتنهال عليهم العصابات ضرباً ومن ثم يتم اقتيادهم لقسم الشرطة كمجرمين!!!
كيف يمكن أن أثق أنّ حالة الطوارئ قد أزيلت وأنا لا زلت أسمع ببداية كل محاولة لحوار مسلسلاً لاعتقالات؟ كيف يمكن أن أعرف أنّ من يقتل في الشارع هم من المسلحين كما هي التهمة الجاهزة، وليسوا من المتظاهرين السلميّين الذين شهد لهم الجميع بمشروعيّة هذا الخيار؟
أيّها السادة... كلما كنا أكثر انفتاحاً وحرية وديمقراطية كلما اختفت غرف الاعتقال و خبا الارتهان لساديّة السجّان . كلما كانت خلافاتنا مؤدّاها ومنتهاها القانون والشرعيّة والحق بالبرهان كلّما تخلّصنا من عتمة سجن عفن لا يعرف كرامة لإنسان.
كلّما كنّا أكثر تنوّعاً وأكثر قبولاً باختلافنا كلّما كنّا أكثر قوّة ومنعة ضد أيّ تدخّل خارجيّ وكان سور حمايتنا هو الارتهان لسوريتنا لا لمصالحنا ولا تنفيساً عن أحقاد يصنعها العمى عن حالات من الظلم والقهر والتعسّف طلباً لانتقام.
كلما حفرنا قبواً عفناً وكلما رفعنا شاهقاً من سور لمنع الحرّيات كلّما خسرنا مواطناً هو بالنهاية إنسان يحمل ما يحمل من ذكريات قد تهدم فيما يطلب منها البناء وقد تنزوي سلباً باستعداء ضد مجتمع أخرس أطرش لم يعتد إلا أن يقاد مثل قطيع للأغنام مادام علفه يصله ولو على استحياء ولو باستجداء.
أقسى ما في رواية "القوقعة" المنقولة عن قصّة حقيقيّة، لكاتبها مصطفى خليفة،التي تتحدّث عن أحوال المعتقلات، أنّ بطل الرواية، يخرج من معتقله الذي دام ما يزيد على ال13 سنة عجافاً ومع كلّ الأهوال والشدائد والمحن التي قاساها لإلقائه نكتة عن رئيس البلاد أنّه خرج ليجد الناس تعيش حياتها اليوميّة وكأنّ شيئاً ما لا يحدث في ذلك الحيّز الجهنّمي الصحراويّ من اللامكان واللازمان حيث كلّ شيء خارج المنطق وخارج العقل وخارج المعهود في كل النحل والأديان والأعراف....
إنّ جريمة الصمت وشهادة الزور هي من أقسى الجرائم قولوا جميعاً وطالبوا جميعاً يا أيّها السوريون الشرفاء بسورية خالية من السجناء السياسيّين ومن المعتقلات فلعمري لا تستديم حضارة ولا دول بلا عدل وفي ظل استمرار الاستئثار والإلغاء والاستعبا
كلّما صدر مرسوم رئاسيّ يقوم بإطلاق عفو عام عن السجناء أحاول أن أستبشر خيراً بأن يكون هناك إشارة واضحة وحقيقيّة لتفريغ كافّة السجناء السياسيّين من زنازينهم التي طال أمد بقائهم فيها والتي دفعوا فيها من حياتهم وكرامتهم وإنسانيّتهم الشيء الكثير الكثير في محاولة منهم أن يحرّكوا شيئاً قد طال سكونه في حياة سياسيّة أضحت مجرّد مسرحيّة يقوم بها بعض أفراد السلطة بتغيير الطرابيش من مكان لآخر مع القليل من البهارات العطائيّة في سبيل الحصول على بعض التلميعات على الساحة الشعبيّة.
إنّ الأمر المعتاد في أيّ دولة ديمقراطيّة في العالم هو وجود آراء مختلفة ومتنوّعة حول شتّى المواضيع بكافّة تنوّعاتها وحيثيّاتها وهذا يكسبها حراكاً إيجابيّاً وفاعلاً على عكس مآلات الدولة الشموليّة، الستالينيّة مثالاً، التي تتّبع نظاماً جامداً وحزباً أوحداً وتفاعلاً قاصراً أعوجاً مع أيّ من المعطيات اليوميّة التي تطرأ على المجتمع وأحوال إدارة شؤون البلاد وبصراحة شديدة أجد مثل هذا التفكير مجرّد تناسخ فكريّ سلطويّ جامد لا يعرف حيويّة ولا يعرف تبادلاً سلميّاً للسلطة.
إنّ التمسّك بالسلطة والاستئثار بها لفترة طويلة حد الوصول للتسلّط يجعل من العسير والصعب إقناع المتسلّطين، المنتفعين ومن في دائرتهم أنّهم منغمسون حتى آذانهم بالتعسّف، القمع، الظلم وعدم القبول بالآخر لمجرّد أنّ هذا الآخر يضع نصب عينيه - ولو حلماً- منصباً معيّناً
هناك من لم يفهم بعد أنّ الوطنيّة لا تصنع بتكسير الرؤوس وبتحطيم النفوس وبتقديس الشخوص، هناك من لم يفهم بعد أنّ الحرية ليست لعنة أو جذاماً سيصيب البلاد وهناك لم يع بعد أنّ الحرية حقّ مكتسب لا منّة فيه من أحد وأنّ الوطن كلنا شركاء فيه ولا يحق لأحد أن يلبسه لبوس شخص أو عائلة مهما علا منصبها أو خدماتها وهناك من لم يستوعب بعد أنّ الوطن مقبل على ولادة جديدة بعد جدب طال طويلاً من الزمان.
إنّ القمع والاعتقال واستمرار التجييش والتحريض والقبضة الأمنيّة المفرطة في القسوة واستمرار إنكار الأخطاء والكوارث ينقلب ليكون جريمة بحق الوطن تماثل ما يفعله المخربون، إنما بجهة تدعي الوطنية.
على المجيّشين وعلى المحرّضين ومرتزقة الإعلام الذي لا يعرف إلا الارتهان لطرف دونما إعمال نظر أو إظهار لوجهة نظر آخر مختلف عنه أن يوقف سلسلة تجريمه الشنيع والآثم لمن لا ترضى السلطات عن آرائهم وأن يتوقف عن اغتيال الآخر المختلف الذي يريد أن يرى مسرح الأحداث السياسيّة في سورية بمنظر مختلف عمّا يتمّ توزيعه في ردهات صناعة الرأي العام، صناعة القطيع الشعبي، الذي لا يستطيع إلا أن يوافق على كلّ ما يصدّره هذا الطرف من تسكينات ومعالجات سطحيّة ليس لها فاعليّة حقيقيّة في أيّ تصحيح لأنّ أطرافاً مقربة من السلطات تقع خارج نطاق المحاسبة والقانون، بالمعنى الحرفي للكلمة.
هناك من لم يفهم بعد أنّ عتمة السجون والأسوار العالية وحملات الاعتقالات والملاحقات لا تمنع كلمة حق أن تحلق فوق المعتقلات وأن تناهض الظلم والظلام والديكتاتوريّة مهما استطال زمانها و أذرعها حيث آن للأبواق والمنتفعين أن يعرفوا أنّ أصواتاً أخرى تريد أن تخرج من تحت ركام الاستبداد والقمع والتنكيل تريد أن تصيح بصوت عال ولها الحق في هذا الصياح.
إنّ إفراغ المعتقلات من ساكنيها وإعادة حقوقهم المهدورة بل والاعتذار منهم وتعويضهم، بل وحتى الإعلان عن المفقودين وتسوية أوضاعهم الإنسانية والقانونية هو أول خطوة قد تسهم في مدّ حوار يتبادل فيه أبناء الوطن تحت سقف الوطن رؤاهم في واقع جديد لا سادة فيه ولا عبيد والحقوق فيه كما الواجبات شيء مقدّس ولا يستطيع احد فيه أن يجامل فيه أو يتجمّل.
مع جلّ الاحترام وعميق الشكر للشريف فيهم ومع معرفة كامل الضغوط التي تسببها نوعية عملهم يتداعى للسائل المحتار هل رجل الأمن رجل مقدّس حتى يسقط عنه وزر المحاكمات الجنائيّة لمتضرّرين؟ هل هو من الملائكة الأخيار حتى لا نشاهد الفاسد منه والمؤذي في برنامج علاء الدين ذيوبي وهو يقول له ندمان والله يا سيدي ندمان!!!
هل يعقل أنّ مرسوماً رئاسيّاً يحمي ساديّاً يستمتع بتعذيب الناس من أن يقدّم للعدالة، العدالة والقانون التي من المتوجب أن تكون مظلة يقع تحتها الجميع؟ هل السجّانون يخضعون لدورات من التأهيل التربوي والنفسي للتعامل مع أنواع المساجين كلّ مع جرمه؟ هل هناك تمايز بين المواطنين وحرمتهم حين يتعلّق الأمر بطلب محاسبة من أهمل وأفضى لتفاقم حالة من العداء في المجتمع وأرسى ركيزة خسيسة من الخوف لتكون دائرة الارتهان له ولفساده الذي لا يحدّه قيد أو حساب؟
اليكم نص القانون أيها السادة كما جاء في المرسوم التشريعي رقم 14 لعام 1968 والذي شرعن حماية العاملين في أجهزة الأمن من المساءلة القانونية حال ارتكابهم الجرائم - المادة 16 من المرسوم - .
تنص المادة 16 منه على ما يلي :
(يشكل في إدارة أمن الدولة مجلس أو أكثر لتأديب العاملين فيها أو المنتدبين والمعارين اليها ويحدد بمرسوم يصدر عن رئيس الدولة كيفية تشكيل المجلس والإحالة اليه وأصول المحاكمة أمامه وصلاحياته. ولا يجوز ملاحقة أي من العاملين في الإدارة عن الجرائم التي يرتكبونها أثناء تنفيذ المهمات المحددة الموكلة اليهم أو في معرض قيامهم بها إلا بموجب أمر ملاحقة يصدر عن المدير)نتدبين والمعارين إليها ويحدد بمرسوم يصدر عن رئيس الدولة كيفية تشكيل المجلس والإحالة إليه وأصول المحاكمة أمامه وصلاحياته
ولا يجوز ملاحقة أي من العاملين في الإدارة عن الجرائم التي يرتكبونها أثناء تنفيذ المهمات المحددة الموكولة إليهم أو في معرض قيامهم بها إلا بموجب أمر ملاحقة يصدر عن المدير) نتدبين والمعارين إليها ويحدد بمرسوم يصدر عن رئيس الدولة كيفية تشكيل المجلس والإحالة إليه وأصول المحاكمة أمامه وصلاحياته
ولا يجوز ملاحقة أي من العاملين في الإدارة عن الجرائم التي يرتكبونها أثناء تنفيذ المهمات المحددة الموكولة إليهم أو في معرض قيامهم بها إلا بموجب أمر ملاحقة يصدر عن المدير)
لقد بسط هذا النص الحماية على مرتكبي جرائم التعذيب والقتل تحت التعذيب ، ولم يجري منذ صدور هذا المرسوم وحتى الآن أن أحيل أي مسؤول أمني بجريمة ارتكبها إلى القض.
يا سادة صدق من قال أنّ السلطة المطلقة مفسدة مطلقة.... وكمواطن أطالب بإلغاء مرسوم إعفاء رجال الأمن من المحاسبة على أيّ ضرر قد يلحق بمعتقل أو مسجون.
أما المنكرين لحدوث حوادث التعذيب أن يزرعوا بعضاً من الحسّ لجلودهم السميكة وأن يفتحوا ثقباً ولو صغيراً فيما يرتفع بين أكتافهم علّهم يتعلّمون احترام معاناة الآخرين وأنّ الاستهزاء بها يجلب الدمار ويعزّز الأحقاد بدل أن يردم فجوات تراكمت عبر الكثير جداً من الممارسات الخاطئة والسياسات التي تجعل ممن يحمل رأياً سياسياً مختلفاً يبدوا خائناً وعميلاً في ظل ركوب جهل شعبيّ يتبع قياداته على العمياني دونما أيّ تبصّر أو محاسبة أو مراجعة وفي ظل وجود مؤسّسات قانونيّة هي أقرب ما يكون للديكور الشكليّ الذي يحمل في طيّاته جدراناً مستعارة توحي لناظرها أنّه يسكن قصر بياض الثلج كما في الروايات.
كيف يمكن أن أثق كمواطن بإهمال فاضح وتزييف جارح يصل لحدّ إنكار جريمة حدثت في مدينتي حلب بوضح النهار وتمّ فيها تزييف حقائق جعلت من الشهيد محمد الأكتع شخصاً توفي بالسكتة القلبية وقد نالت منه أيدي الشبيحة كما ورد على جدار الدكتور محمود أبو الهدى الحسيني على الفيسبوك وبإذن شخصيّ منه قال أنّه يتحمّل شهادة ما كتب وأنّ لديه شهود إثبات ثقات وكلّ هذا تمّ فقط لأنّ الشهيد أراد التظاهر في وضح النهار؟أعتبر هذا بلاغاً شخصيّاً للنائب العام عبر الإعلام.
كيف أثق بأمن وهو واقف يتفرج يترك طبيباً مع جموع الخارجين من جامع لتنقض عليهم جماعة الزعران والشبيحة فتنهال عليهم هذه العصابات بالضرب في مشهد غوغائي وحيواني ضرباً مبرحاً وكلّ هذا يحدث على مرأى من رجال الأمن وبتحريض من التلفاز الرسمي؟ وكذلك تكرر الأمر حين حاول محامون أن ينقذوا شاباً من أيادي هؤلاء النباحيين في شارع الجميلية لتنهال عليهم العصابات ضرباً ومن ثم يتم اقتيادهم لقسم الشرطة كمجرمين!!!
كيف يمكن أن أثق أنّ حالة الطوارئ قد أزيلت وأنا لا زلت أسمع ببداية كل محاولة لحوار مسلسلاً لاعتقالات؟ كيف يمكن أن أعرف أنّ من يقتل في الشارع هم من المسلحين كما هي التهمة الجاهزة، وليسوا من المتظاهرين السلميّين الذين شهد لهم الجميع بمشروعيّة هذا الخيار؟
أيّها السادة... كلما كنا أكثر انفتاحاً وحرية وديمقراطية كلما اختفت غرف الاعتقال و خبا الارتهان لساديّة السجّان . كلما كانت خلافاتنا مؤدّاها ومنتهاها القانون والشرعيّة والحق بالبرهان كلّما تخلّصنا من عتمة سجن عفن لا يعرف كرامة لإنسان.
كلّما كنّا أكثر تنوّعاً وأكثر قبولاً باختلافنا كلّما كنّا أكثر قوّة ومنعة ضد أيّ تدخّل خارجيّ وكان سور حمايتنا هو الارتهان لسوريتنا لا لمصالحنا ولا تنفيساً عن أحقاد يصنعها العمى عن حالات من الظلم والقهر والتعسّف طلباً لانتقام.
كلما حفرنا قبواً عفناً وكلما رفعنا شاهقاً من سور لمنع الحرّيات كلّما خسرنا مواطناً هو بالنهاية إنسان يحمل ما يحمل من ذكريات قد تهدم فيما يطلب منها البناء وقد تنزوي سلباً باستعداء ضد مجتمع أخرس أطرش لم يعتد إلا أن يقاد مثل قطيع للأغنام مادام علفه يصله ولو على استحياء ولو باستجداء.
أقسى ما في رواية "القوقعة" المنقولة عن قصّة حقيقيّة، لكاتبها مصطفى خليفة،التي تتحدّث عن أحوال المعتقلات، أنّ بطل الرواية، يخرج من معتقله الذي دام ما يزيد على ال13 سنة عجافاً ومع كلّ الأهوال والشدائد والمحن التي قاساها لإلقائه نكتة عن رئيس البلاد أنّه خرج ليجد الناس تعيش حياتها اليوميّة وكأنّ شيئاً ما لا يحدث في ذلك الحيّز الجهنّمي الصحراويّ من اللامكان واللازمان حيث كلّ شيء خارج المنطق وخارج العقل وخارج المعهود في كل النحل والأديان والأعراف....
إنّ جريمة الصمت وشهادة الزور هي من أقسى الجرائم قولوا جميعاً وطالبوا جميعاً يا أيّها السوريون الشرفاء بسورية خالية من السجناء السياسيّين ومن المعتقلات فلعمري لا تستديم حضارة ولا دول بلا عدل وفي ظل استمرار الاستئثار والإلغاء والاستعبا
كلّما صدر مرسوم رئاسيّ يقوم بإطلاق عفو عام عن السجناء أحاول أن أستبشر خيراً بأن يكون هناك إشارة واضحة وحقيقيّة لتفريغ كافّة السجناء السياسيّين من زنازينهم التي طال أمد بقائهم فيها والتي دفعوا فيها من حياتهم وكرامتهم وإنسانيّتهم الشيء الكثير الكثير في محاولة منهم أن يحرّكوا شيئاً قد طال سكونه في حياة سياسيّة أضحت مجرّد مسرحيّة يقوم بها بعض أفراد السلطة بتغيير الطرابيش من مكان لآخر مع القليل من البهارات العطائيّة في سبيل الحصول على بعض التلميعات على الساحة الشعبيّة.
إنّ الأمر المعتاد في أيّ دولة ديمقراطيّة في العالم هو وجود آراء مختلفة ومتنوّعة حول شتّى المواضيع بكافّة تنوّعاتها وحيثيّاتها وهذا يكسبها حراكاً إيجابيّاً وفاعلاً على عكس مآلات الدولة الشموليّة، الستالينيّة مثالاً، التي تتّبع نظاماً جامداً وحزباً أوحداً وتفاعلاً قاصراً أعوجاً مع أيّ من المعطيات اليوميّة التي تطرأ على المجتمع وأحوال إدارة شؤون البلاد وبصراحة شديدة أجد مثل هذا التفكير مجرّد تناسخ فكريّ سلطويّ جامد لا يعرف حيويّة ولا يعرف تبادلاً سلميّاً للسلطة.
إنّ التمسّك بالسلطة والاستئثار بها لفترة طويلة حد الوصول للتسلّط يجعل من العسير والصعب إقناع المتسلّطين، المنتفعين ومن في دائرتهم أنّهم منغمسون حتى آذانهم بالتعسّف، القمع، الظلم وعدم القبول بالآخر لمجرّد أنّ هذا الآخر يضع نصب عينيه - ولو حلماً- منصباً معيّناً
هناك من لم يفهم بعد أنّ الوطنيّة لا تصنع بتكسير الرؤوس وبتحطيم النفوس وبتقديس الشخوص، هناك من لم يفهم بعد أنّ الحرية ليست لعنة أو جذاماً سيصيب البلاد وهناك لم يع بعد أنّ الحرية حقّ مكتسب لا منّة فيه من أحد وأنّ الوطن كلنا شركاء فيه ولا يحق لأحد أن يلبسه لبوس شخص أو عائلة مهما علا منصبها أو خدماتها وهناك من لم يستوعب بعد أنّ الوطن مقبل على ولادة جديدة بعد جدب طال طويلاً من الزمان.
إنّ القمع والاعتقال واستمرار التجييش والتحريض والقبضة الأمنيّة المفرطة في القسوة واستمرار إنكار الأخطاء والكوارث ينقلب ليكون جريمة بحق الوطن تماثل ما يفعله المخربون، إنما بجهة تدعي الوطنية.
على المجيّشين وعلى المحرّضين ومرتزقة الإعلام الذي لا يعرف إلا الارتهان لطرف دونما إعمال نظر أو إظهار لوجهة نظر آخر مختلف عنه أن يوقف سلسلة تجريمه الشنيع والآثم لمن لا ترضى السلطات عن آرائهم وأن يتوقف عن اغتيال الآخر المختلف الذي يريد أن يرى مسرح الأحداث السياسيّة في سورية بمنظر مختلف عمّا يتمّ توزيعه في ردهات صناعة الرأي العام، صناعة القطيع الشعبي، الذي لا يستطيع إلا أن يوافق على كلّ ما يصدّره هذا الطرف من تسكينات ومعالجات سطحيّة ليس لها فاعليّة حقيقيّة في أيّ تصحيح لأنّ أطرافاً مقربة من السلطات تقع خارج نطاق المحاسبة والقانون، بالمعنى الحرفي للكلمة.
هناك من لم يفهم بعد أنّ عتمة السجون والأسوار العالية وحملات الاعتقالات والملاحقات لا تمنع كلمة حق أن تحلق فوق المعتقلات وأن تناهض الظلم والظلام والديكتاتوريّة مهما استطال زمانها و أذرعها حيث آن للأبواق والمنتفعين أن يعرفوا أنّ أصواتاً أخرى تريد أن تخرج من تحت ركام الاستبداد والقمع والتنكيل تريد أن تصيح بصوت عال ولها الحق في هذا الصياح.
إنّ إفراغ المعتقلات من ساكنيها وإعادة حقوقهم المهدورة بل والاعتذار منهم وتعويضهم، بل وحتى الإعلان عن المفقودين وتسوية أوضاعهم الإنسانية والقانونية هو أول خطوة قد تسهم في مدّ حوار يتبادل فيه أبناء الوطن تحت سقف الوطن رؤاهم في واقع جديد لا سادة فيه ولا عبيد والحقوق فيه كما الواجبات شيء مقدّس ولا يستطيع احد فيه أن يجامل فيه أو يتجمّل.
مع جلّ الاحترام وعميق الشكر للشريف فيهم ومع معرفة كامل الضغوط التي تسببها نوعية عملهم يتداعى للسائل المحتار هل رجل الأمن رجل مقدّس حتى يسقط عنه وزر المحاكمات الجنائيّة لمتضرّرين؟ هل هو من الملائكة الأخيار حتى لا نشاهد الفاسد منه والمؤذي في برنامج علاء الدين ذيوبي وهو يقول له ندمان والله يا سيدي ندمان!!!
هل يعقل أنّ مرسوماً رئاسيّاً يحمي ساديّاً يستمتع بتعذيب الناس من أن يقدّم للعدالة، العدالة والقانون التي من المتوجب أن تكون مظلة يقع تحتها الجميع؟ هل السجّانون يخضعون لدورات من التأهيل التربوي والنفسي للتعامل مع أنواع المساجين كلّ مع جرمه؟ هل هناك تمايز بين المواطنين وحرمتهم حين يتعلّق الأمر بطلب محاسبة من أهمل وأفضى لتفاقم حالة من العداء في المجتمع وأرسى ركيزة خسيسة من الخوف لتكون دائرة الارتهان له ولفساده الذي لا يحدّه قيد أو حساب؟
اليكم نص القانون أيها السادة كما جاء في المرسوم التشريعي رقم 14 لعام 1968 والذي شرعن حماية العاملين في أجهزة الأمن من المساءلة القانونية حال ارتكابهم الجرائم - المادة 16 من المرسوم - .
تنص المادة 16 منه على ما يلي :
(يشكل في إدارة أمن الدولة مجلس أو أكثر لتأديب العاملين فيها أو المنتدبين والمعارين اليها ويحدد بمرسوم يصدر عن رئيس الدولة كيفية تشكيل المجلس والإحالة اليه وأصول المحاكمة أمامه وصلاحياته. ولا يجوز ملاحقة أي من العاملين في الإدارة عن الجرائم التي يرتكبونها أثناء تنفيذ المهمات المحددة الموكلة اليهم أو في معرض قيامهم بها إلا بموجب أمر ملاحقة يصدر عن المدير)نتدبين والمعارين إليها ويحدد بمرسوم يصدر عن رئيس الدولة كيفية تشكيل المجلس والإحالة إليه وأصول المحاكمة أمامه وصلاحياته
ولا يجوز ملاحقة أي من العاملين في الإدارة عن الجرائم التي يرتكبونها أثناء تنفيذ المهمات المحددة الموكولة إليهم أو في معرض قيامهم بها إلا بموجب أمر ملاحقة يصدر عن المدير) نتدبين والمعارين إليها ويحدد بمرسوم يصدر عن رئيس الدولة كيفية تشكيل المجلس والإحالة إليه وأصول المحاكمة أمامه وصلاحياته
ولا يجوز ملاحقة أي من العاملين في الإدارة عن الجرائم التي يرتكبونها أثناء تنفيذ المهمات المحددة الموكولة إليهم أو في معرض قيامهم بها إلا بموجب أمر ملاحقة يصدر عن المدير)
لقد بسط هذا النص الحماية على مرتكبي جرائم التعذيب والقتل تحت التعذيب ، ولم يجري منذ صدور هذا المرسوم وحتى الآن أن أحيل أي مسؤول أمني بجريمة ارتكبها إلى القض.
يا سادة صدق من قال أنّ السلطة المطلقة مفسدة مطلقة.... وكمواطن أطالب بإلغاء مرسوم إعفاء رجال الأمن من المحاسبة على أيّ ضرر قد يلحق بمعتقل أو مسجون.
أما المنكرين لحدوث حوادث التعذيب أن يزرعوا بعضاً من الحسّ لجلودهم السميكة وأن يفتحوا ثقباً ولو صغيراً فيما يرتفع بين أكتافهم علّهم يتعلّمون احترام معاناة الآخرين وأنّ الاستهزاء بها يجلب الدمار ويعزّز الأحقاد بدل أن يردم فجوات تراكمت عبر الكثير جداً من الممارسات الخاطئة والسياسات التي تجعل ممن يحمل رأياً سياسياً مختلفاً يبدوا خائناً وعميلاً في ظل ركوب جهل شعبيّ يتبع قياداته على العمياني دونما أيّ تبصّر أو محاسبة أو مراجعة وفي ظل وجود مؤسّسات قانونيّة هي أقرب ما يكون للديكور الشكليّ الذي يحمل في طيّاته جدراناً مستعارة توحي لناظرها أنّه يسكن قصر بياض الثلج كما في الروايات.
كيف يمكن أن أثق كمواطن بإهمال فاضح وتزييف جارح يصل لحدّ إنكار جريمة حدثت في مدينتي حلب بوضح النهار وتمّ فيها تزييف حقائق جعلت من الشهيد محمد الأكتع شخصاً توفي بالسكتة القلبية وقد نالت منه أيدي الشبيحة كما ورد على جدار الدكتور محمود أبو الهدى الحسيني على الفيسبوك وبإذن شخصيّ منه قال أنّه يتحمّل شهادة ما كتب وأنّ لديه شهود إثبات ثقات وكلّ هذا تمّ فقط لأنّ الشهيد أراد التظاهر في وضح النهار؟أعتبر هذا بلاغاً شخصيّاً للنائب العام عبر الإعلام.
كيف أثق بأمن وهو واقف يتفرج يترك طبيباً مع جموع الخارجين من جامع لتنقض عليهم جماعة الزعران والشبيحة فتنهال عليهم هذه العصابات بالضرب في مشهد غوغائي وحيواني ضرباً مبرحاً وكلّ هذا يحدث على مرأى من رجال الأمن وبتحريض من التلفاز الرسمي؟ وكذلك تكرر الأمر حين حاول محامون أن ينقذوا شاباً من أيادي هؤلاء النباحيين في شارع الجميلية لتنهال عليهم العصابات ضرباً ومن ثم يتم اقتيادهم لقسم الشرطة كمجرمين!!!
كيف يمكن أن أثق أنّ حالة الطوارئ قد أزيلت وأنا لا زلت أسمع ببداية كل محاولة لحوار مسلسلاً لاعتقالات؟ كيف يمكن أن أعرف أنّ من يقتل في الشارع هم من المسلحين كما هي التهمة الجاهزة، وليسوا من المتظاهرين السلميّين الذين شهد لهم الجميع بمشروعيّة هذا الخيار؟
أيّها السادة... كلما كنا أكثر انفتاحاً وحرية وديمقراطية كلما اختفت غرف الاعتقال و خبا الارتهان لساديّة السجّان . كلما كانت خلافاتنا مؤدّاها ومنتهاها القانون والشرعيّة والحق بالبرهان كلّما تخلّصنا من عتمة سجن عفن لا يعرف كرامة لإنسان.
كلّما كنّا أكثر تنوّعاً وأكثر قبولاً باختلافنا كلّما كنّا أكثر قوّة ومنعة ضد أيّ تدخّل خارجيّ وكان سور حمايتنا هو الارتهان لسوريتنا لا لمصالحنا ولا تنفيساً عن أحقاد يصنعها العمى عن حالات من الظلم والقهر والتعسّف طلباً لانتقام.
كلما حفرنا قبواً عفناً وكلما رفعنا شاهقاً من سور لمنع الحرّيات كلّما خسرنا مواطناً هو بالنهاية إنسان يحمل ما يحمل من ذكريات قد تهدم فيما يطلب منها البناء وقد تنزوي سلباً باستعداء ضد مجتمع أخرس أطرش لم يعتد إلا أن يقاد مثل قطيع للأغنام مادام علفه يصله ولو على استحياء ولو باستجداء.
أقسى ما في رواية "القوقعة" المنقولة عن قصّة حقيقيّة، لكاتبها مصطفى خليفة،التي تتحدّث عن أحوال المعتقلات، أنّ بطل الرواية، يخرج من معتقله الذي دام ما يزيد على ال13 سنة عجافاً ومع كلّ الأهوال والشدائد والمحن التي قاساها لإلقائه نكتة عن رئيس البلاد أنّه خرج ليجد الناس تعيش حياتها اليوميّة وكأنّ شيئاً ما لا يحدث في ذلك الحيّز الجهنّمي الصحراويّ من اللامكان واللازمان حيث كلّ شيء خارج المنطق وخارج العقل وخارج المعهود في كل النحل والأديان والأعراف....
إنّ جريمة الصمت وشهادة الزور هي من أقسى الجرائم قولوا جميعاً وطالبوا جميعاً يا أيّها السوريون الشرفاء بسورية خالية من السجناء السياسيّين ومن المعتقلات فلعمري لا تستديم حضارة ولا دول بلا عدل وفي ظل استمرار الاستئثار والإلغاء والاستعبا
كلّما صدر مرسوم رئاسيّ يقوم بإطلاق عفو عام عن السجناء أحاول أن أستبشر خيراً بأن يكون هناك إشارة واضحة وحقيقيّة لتفريغ كافّة السجناء السياسيّين من زنازينهم التي طال أمد بقائهم فيها والتي دفعوا فيها من حياتهم وكرامتهم وإنسانيّتهم الشيء الكثير الكثير في محاولة منهم أن يحرّكوا شيئاً قد طال سكونه في حياة سياسيّة أضحت مجرّد مسرحيّة يقوم بها بعض أفراد السلطة بتغيير الطرابيش من مكان لآخر مع القليل من البهارات العطائيّة في سبيل الحصول على بعض التلميعات على الساحة الشعبيّة.
إنّ الأمر المعتاد في أيّ دولة ديمقراطيّة في العالم هو وجود آراء مختلفة ومتنوّعة حول شتّى المواضيع بكافّة تنوّعاتها وحيثيّاتها وهذا يكسبها حراكاً إيجابيّاً وفاعلاً على عكس مآلات الدولة الشموليّة، الستالينيّة مثالاً، التي تتّبع نظاماً جامداً وحزباً أوحداً وتفاعلاً قاصراً أعوجاً مع أيّ من المعطيات اليوميّة التي تطرأ على المجتمع وأحوال إدارة شؤون البلاد وبصراحة شديدة أجد مثل هذا التفكير مجرّد تناسخ فكريّ سلطويّ جامد لا يعرف حيويّة ولا يعرف تبادلاً سلميّاً للسلطة.
إنّ التمسّك بالسلطة والاستئثار بها لفترة طويلة حد الوصول للتسلّط يجعل من العسير والصعب إقناع المتسلّطين، المنتفعين ومن في دائرتهم أنّهم منغمسون حتى آذانهم بالتعسّف، القمع، الظلم وعدم القبول بالآخر لمجرّد أنّ هذا الآخر يضع نصب عينيه - ولو حلماً- منصباً معيّناً
هناك من لم يفهم بعد أنّ الوطنيّة لا تصنع بتكسير الرؤوس وبتحطيم النفوس وبتقديس الشخوص، هناك من لم يفهم بعد أنّ الحرية ليست لعنة أو جذاماً سيصيب البلاد وهناك لم يع بعد أنّ الحرية حقّ مكتسب لا منّة فيه من أحد وأنّ الوطن كلنا شركاء فيه ولا يحق لأحد أن يلبسه لبوس شخص أو عائلة مهما علا منصبها أو خدماتها وهناك من لم يستوعب بعد أنّ الوطن مقبل على ولادة جديدة بعد جدب طال طويلاً من الزمان.
إنّ القمع والاعتقال واستمرار التجييش والتحريض والقبضة الأمنيّة المفرطة في القسوة واستمرار إنكار الأخطاء والكوارث ينقلب ليكون جريمة بحق الوطن تماثل ما يفعله المخربون، إنما بجهة تدعي الوطنية.
على المجيّشين وعلى المحرّضين ومرتزقة الإعلام الذي لا يعرف إلا الارتهان لطرف دونما إعمال نظر أو إظهار لوجهة نظر آخر مختلف عنه أن يوقف سلسلة تجريمه الشنيع والآثم لمن لا ترضى السلطات عن آرائهم وأن يتوقف عن اغتيال الآخر المختلف الذي يريد أن يرى مسرح الأحداث السياسيّة في سورية بمنظر مختلف عمّا يتمّ توزيعه في ردهات صناعة الرأي العام، صناعة القطيع الشعبي، الذي لا يستطيع إلا أن يوافق على كلّ ما يصدّره هذا الطرف من تسكينات ومعالجات سطحيّة ليس لها فاعليّة حقيقيّة في أيّ تصحيح لأنّ أطرافاً مقربة من السلطات تقع خارج نطاق المحاسبة والقانون، بالمعنى الحرفي للكلمة.
هناك من لم يفهم بعد أنّ عتمة السجون والأسوار العالية وحملات الاعتقالات والملاحقات لا تمنع كلمة حق أن تحلق فوق المعتقلات وأن تناهض الظلم والظلام والديكتاتوريّة مهما استطال زمانها و أذرعها حيث آن للأبواق والمنتفعين أن يعرفوا أنّ أصواتاً أخرى تريد أن تخرج من تحت ركام الاستبداد والقمع والتنكيل تريد أن تصيح بصوت عال ولها الحق في هذا الصياح.
إنّ إفراغ المعتقلات من ساكنيها وإعادة حقوقهم المهدورة بل والاعتذار منهم وتعويضهم، بل وحتى الإعلان عن المفقودين وتسوية أوضاعهم الإنسانية والقانونية هو أول خطوة قد تسهم في مدّ حوار يتبادل فيه أبناء الوطن تحت سقف الوطن رؤاهم في واقع جديد لا سادة فيه ولا عبيد والحقوق فيه كما الواجبات شيء مقدّس ولا يستطيع احد فيه أن يجامل فيه أو يتجمّل.
مع جلّ الاحترام وعميق الشكر للشريف فيهم ومع معرفة كامل الضغوط التي تسببها نوعية عملهم يتداعى للسائل المحتار هل رجل الأمن رجل مقدّس حتى يسقط عنه وزر المحاكمات الجنائيّة لمتضرّرين؟ هل هو من الملائكة الأخيار حتى لا نشاهد الفاسد منه والمؤذي في برنامج علاء الدين ذيوبي وهو يقول له ندمان والله يا سيدي ندمان!!!
هل يعقل أنّ مرسوماً رئاسيّاً يحمي ساديّاً يستمتع بتعذيب الناس من أن يقدّم للعدالة، العدالة والقانون التي من المتوجب أن تكون مظلة يقع تحتها الجميع؟ هل السجّانون يخضعون لدورات من التأهيل التربوي والنفسي للتعامل مع أنواع المساجين كلّ مع جرمه؟ هل هناك تمايز بين المواطنين وحرمتهم حين يتعلّق الأمر بطلب محاسبة من أهمل وأفضى لتفاقم حالة من العداء في المجتمع وأرسى ركيزة خسيسة من الخوف لتكون دائرة الارتهان له ولفساده الذي لا يحدّه قيد أو حساب؟
اليكم نص القانون أيها السادة كما جاء في المرسوم التشريعي رقم 14 لعام 1968 والذي شرعن حماية العاملين في أجهزة الأمن من المساءلة القانونية حال ارتكابهم الجرائم - المادة 16 من المرسوم - .
تنص المادة 16 منه على ما يلي :
(يشكل في إدارة أمن الدولة مجلس أو أكثر لتأديب العاملين فيها أو المنتدبين والمعارين اليها ويحدد بمرسوم يصدر عن رئيس الدولة كيفية تشكيل المجلس والإحالة اليه وأصول المحاكمة أمامه وصلاحياته. ولا يجوز ملاحقة أي من العاملين في الإدارة عن الجرائم التي يرتكبونها أثناء تنفيذ المهمات المحددة الموكلة اليهم أو في معرض قيامهم بها إلا بموجب أمر ملاحقة يصدر عن المدير)نتدبين والمعارين إليها ويحدد بمرسوم يصدر عن رئيس الدولة كيفية تشكيل المجلس والإحالة إليه وأصول المحاكمة أمامه وصلاحياته
ولا يجوز ملاحقة أي من العاملين في الإدارة عن الجرائم التي يرتكبونها أثناء تنفيذ المهمات المحددة الموكولة إليهم أو في معرض قيامهم بها إلا بموجب أمر ملاحقة يصدر عن المدير) نتدبين والمعارين إليها ويحدد بمرسوم يصدر عن رئيس الدولة كيفية تشكيل المجلس والإحالة إليه وأصول المحاكمة أمامه وصلاحياته
ولا يجوز ملاحقة أي من العاملين في الإدارة عن الجرائم التي يرتكبونها أثناء تنفيذ المهمات المحددة الموكولة إليهم أو في معرض قيامهم بها إلا بموجب أمر ملاحقة يصدر عن المدير)
لقد بسط هذا النص الحماية على مرتكبي جرائم التعذيب والقتل تحت التعذيب ، ولم يجري منذ صدور هذا المرسوم وحتى الآن أن أحيل أي مسؤول أمني بجريمة ارتكبها إلى القض.
يا سادة صدق من قال أنّ السلطة المطلقة مفسدة مطلقة.... وكمواطن أطالب بإلغاء مرسوم إعفاء رجال الأمن من المحاسبة على أيّ ضرر قد يلحق بمعتقل أو مسجون.
أما المنكرين لحدوث حوادث التعذيب أن يزرعوا بعضاً من الحسّ لجلودهم السميكة وأن يفتحوا ثقباً ولو صغيراً فيما يرتفع بين أكتافهم علّهم يتعلّمون احترام معاناة الآخرين وأنّ الاستهزاء بها يجلب الدمار ويعزّز الأحقاد بدل أن يردم فجوات تراكمت عبر الكثير جداً من الممارسات الخاطئة والسياسات التي تجعل ممن يحمل رأياً سياسياً مختلفاً يبدوا خائناً وعميلاً في ظل ركوب جهل شعبيّ يتبع قياداته على العمياني دونما أيّ تبصّر أو محاسبة أو مراجعة وفي ظل وجود مؤسّسات قانونيّة هي أقرب ما يكون للديكور الشكليّ الذي يحمل في طيّاته جدراناً مستعارة توحي لناظرها أنّه يسكن قصر بياض الثلج كما في الروايات.
كيف يمكن أن أثق كمواطن بإهمال فاضح وتزييف جارح يصل لحدّ إنكار جريمة حدثت في مدينتي حلب بوضح النهار وتمّ فيها تزييف حقائق جعلت من الشهيد محمد الأكتع شخصاً توفي بالسكتة القلبية وقد نالت منه أيدي الشبيحة كما ورد على جدار الدكتور محمود أبو الهدى الحسيني على الفيسبوك وبإذن شخصيّ منه قال أنّه يتحمّل شهادة ما كتب وأنّ لديه شهود إثبات ثقات وكلّ هذا تمّ فقط لأنّ الشهيد أراد التظاهر في وضح النهار؟أعتبر هذا بلاغاً شخصيّاً للنائب العام عبر الإعلام.
كيف أثق بأمن وهو واقف يتفرج يترك طبيباً مع جموع الخارجين من جامع لتنقض عليهم جماعة الزعران والشبيحة فتنهال عليهم هذه العصابات بالضرب في مشهد غوغائي وحيواني ضرباً مبرحاً وكلّ هذا يحدث على مرأى من رجال الأمن وبتحريض من التلفاز الرسمي؟ وكذلك تكرر الأمر حين حاول محامون أن ينقذوا شاباً من أيادي هؤلاء النباحيين في شارع الجميلية لتنهال عليهم العصابات ضرباً ومن ثم يتم اقتيادهم لقسم الشرطة كمجرمين!!!
كيف يمكن أن أثق أنّ حالة الطوارئ قد أزيلت وأنا لا زلت أسمع ببداية كل محاولة لحوار مسلسلاً لاعتقالات؟ كيف يمكن أن أعرف أنّ من يقتل في الشارع هم من المسلحين كما هي التهمة الجاهزة، وليسوا من المتظاهرين السلميّين الذين شهد لهم الجميع بمشروعيّة هذا الخيار؟
أيّها السادة... كلما كنا أكثر انفتاحاً وحرية وديمقراطية كلما اختفت غرف الاعتقال و خبا الارتهان لساديّة السجّان . كلما كانت خلافاتنا مؤدّاها ومنتهاها القانون والشرعيّة والحق بالبرهان كلّما تخلّصنا من عتمة سجن عفن لا يعرف كرامة لإنسان.
كلّما كنّا أكثر تنوّعاً وأكثر قبولاً باختلافنا كلّما كنّا أكثر قوّة ومنعة ضد أيّ تدخّل خارجيّ وكان سور حمايتنا هو الارتهان لسوريتنا لا لمصالحنا ولا تنفيساً عن أحقاد يصنعها العمى عن حالات من الظلم والقهر والتعسّف طلباً لانتقام.
كلما حفرنا قبواً عفناً وكلما رفعنا شاهقاً من سور لمنع الحرّيات كلّما خسرنا مواطناً هو بالنهاية إنسان يحمل ما يحمل من ذكريات قد تهدم فيما يطلب منها البناء وقد تنزوي سلباً باستعداء ضد مجتمع أخرس أطرش لم يعتد إلا أن يقاد مثل قطيع للأغنام مادام علفه يصله ولو على استحياء ولو باستجداء.
أقسى ما في رواية "القوقعة" المنقولة عن قصّة حقيقيّة، لكاتبها مصطفى خليفة،التي تتحدّث عن أحوال المعتقلات، أنّ بطل الرواية، يخرج من معتقله الذي دام ما يزيد على ال13 سنة عجافاً ومع كلّ الأهوال والشدائد والمحن التي قاساها لإلقائه نكتة عن رئيس البلاد أنّه خرج ليجد الناس تعيش حياتها اليوميّة وكأنّ شيئاً ما لا يحدث في ذلك الحيّز الجهنّمي الصحراويّ من اللامكان واللازمان حيث كلّ شيء خارج المنطق وخارج العقل وخارج المعهود في كل النحل والأديان والأعراف....
إنّ جريمة الصمت وشهادة الزور هي من أقسى الجرائم قولوا جميعاً وطالبوا جميعاً يا أيّها السوريون الشرفاء بسورية خالية من السجناء السياسيّين ومن المعتقلات فلعمري لا تستديم حضارة ولا دول بلا عدل وفي ظل استمرار الاستئثار والإلغاء والاستعبا