نتمنى أن ينجح الشعب السوري في ثورته العظيمة ونتوقع ذلك. لأن هناك أدلة
كثيرة تؤكد نجاحها. بدأت صغيرة ثم أخذت بالاتساع والتكاثر، ويشرفها أن
يصفها النظام بالجراثيم التي تتكاثر، لقد شهدت سوريا في جمعة الرحيل التي
تلت خميس بركان حلب تظاهرات عمت جميع المدن السورية، ضمت ما يقارب من 4
ملايين متظاهر، طالبوا بالحرية وسقوط النظام. وكان اللافت في تلك التظاهرات
التي خرجت من مدينة حماة، تلك المدينة التي شهدت مجزرة على يد الطاغية في
يناير 1982 راح ضحيتها أكثر من 20 ألف شهيد. أعدت حماة الباسلة نفسها
للتظاهرة الكبرى، فأخرجت 400 ألف متظاهر طالبوا بالتغيير وسقوط النظام
السوري. كانت التظاهرة بالرغم من الاعداد الكبيرة للمتظاهرين في غاية
التنظيم والوعي. رفعوا الصلبان ليبرهنوا أن الشعب السوري واحد، آثروا أن
تكون تظاهراتهم سلمية، رافضين حتى الدفاع المشروع عن النفس، فلم يردوا على
اعتداءات الشبيحة وعصابات النظام، حافظوا على المراكز والمؤسسات العامة
والخاصة، وتجنبوا التعرض لها إحراقا أو تدميرا. وحدوا هتافاتهم عبر
ميكروفون، لكي لا يخرج هتاف شاذ قد يؤذي طائفة معينة.
لقد أذهل هذا
التنظيم والحشد الضخم النظام، وأثار غضبه ومخاوفه، فبدأ يفكر بالانتقام،
فأقال المحافظ، وعزز وجوده العسكري والأمني حول حماة لاقتحامها والتنكيل
بأهلها، لإرغامهم على التصفيق للزعيم والرمز والقائد الخالد الأوحد. ولكن
أهالي حماة لم تخفهم أجهزة النظام الأمنية التي اشتهرت ببشاعتها وسمعتها
الوحشية، فأخرجت في «جمعة لا للحوار» أكثر من نصف مليون متظاهر. وشهد
السفيران الأميركي والفرنسي تلك التظاهرة، وأعجبا بسلميتها وتنظيمها
وحفاظها على الممتلكات العامة والخاصة، وعدم وجود مندسين ومسلحين ومخربين
كما يزعم إعلام النظام الفاسد. واحتجت السلطة السورية على الزيارة
واستغلتها لتشويه سمعة الثورة، معتبرة الزيارة دليلا على أن الاحتجاجات
تحركها أيد معادية. وادعى محافظ حماة الجديد أن معظم سكان حماة غير راضين
عن زيارة السفيرين، وقاموا برميهما بالبندورة، مما أدى إلى انسحابهما على
عجل. وقال ناعم إن من أولى مهامه إعادة الأمن والأمان والاستقرار إلى
المدينة وبناء جسور من الثقة مع القيادة الحكيمة للرئيس الأسد. وكانت
الخارجية الأميركية تتهكم من غباء الإعلام السوري وتكراره للأكاذيب، وأبرزت
الصور التي توضح احتشاد المتظاهرين في حماة لتحية السفير، وغطوا الزجاج
الأمامي لسيارته بالورد.
ومن دلائل نجاح الثورة تخبط النظام وارتباكه،
فبعد أن كان طاووسا متعاليا يرى نفسه فوق الدولة وفوق الشعب يصف المتظاهرين
بالمندسين والمسلحين الإرهابيين والجراثيم المرضية، ويتعهد بسحقهم، نراه
يتراجع وتعهد بالإصلاح ومحاربة الفساد، وبالتوقف عن استخدام القوة وإلغاء
قانون الطوارئ، ثم يرسل الألوية المدرعة والشبيحة ومليشيات الأمن لاقتحام
المدن والقرى الثائرة. ولكن بعد أن تأكد له فشل حلوله العسكرية والأمنية
وعدم قدرته على إجبار المواطنين التوقيع على وثائق أمنية تقر بأن من قتل
أبناءهم عصابات مسلحة، والتعهد بعدم التظاهر مرة أخرى ودفن الشهداء تحت جنح
الظلام، وعدم تشييعهم في جنازات جماعية، لكي لا تتحول جنازات التشييع إلى
تظاهرات جماعية تدين النظام وتفضح أكاذيبه حول تسلح المتظاهرين. بدأ النظام
يتوسل المعارضة الالتحاق بالحوار الرسمي، أو عقد مؤتمرات سياسية في
العاصمة. وترفض المعارضة الحوار حتى يسقط النظام. نتمنى ألا تعطي المعارضة
فرصة لهذا النظام ليعود إلى الحياة، بعد أن اقترب من الموت.
د. عبدالمحسن حمادة
D_hamadah@hotmail.com
كثيرة تؤكد نجاحها. بدأت صغيرة ثم أخذت بالاتساع والتكاثر، ويشرفها أن
يصفها النظام بالجراثيم التي تتكاثر، لقد شهدت سوريا في جمعة الرحيل التي
تلت خميس بركان حلب تظاهرات عمت جميع المدن السورية، ضمت ما يقارب من 4
ملايين متظاهر، طالبوا بالحرية وسقوط النظام. وكان اللافت في تلك التظاهرات
التي خرجت من مدينة حماة، تلك المدينة التي شهدت مجزرة على يد الطاغية في
يناير 1982 راح ضحيتها أكثر من 20 ألف شهيد. أعدت حماة الباسلة نفسها
للتظاهرة الكبرى، فأخرجت 400 ألف متظاهر طالبوا بالتغيير وسقوط النظام
السوري. كانت التظاهرة بالرغم من الاعداد الكبيرة للمتظاهرين في غاية
التنظيم والوعي. رفعوا الصلبان ليبرهنوا أن الشعب السوري واحد، آثروا أن
تكون تظاهراتهم سلمية، رافضين حتى الدفاع المشروع عن النفس، فلم يردوا على
اعتداءات الشبيحة وعصابات النظام، حافظوا على المراكز والمؤسسات العامة
والخاصة، وتجنبوا التعرض لها إحراقا أو تدميرا. وحدوا هتافاتهم عبر
ميكروفون، لكي لا يخرج هتاف شاذ قد يؤذي طائفة معينة.
لقد أذهل هذا
التنظيم والحشد الضخم النظام، وأثار غضبه ومخاوفه، فبدأ يفكر بالانتقام،
فأقال المحافظ، وعزز وجوده العسكري والأمني حول حماة لاقتحامها والتنكيل
بأهلها، لإرغامهم على التصفيق للزعيم والرمز والقائد الخالد الأوحد. ولكن
أهالي حماة لم تخفهم أجهزة النظام الأمنية التي اشتهرت ببشاعتها وسمعتها
الوحشية، فأخرجت في «جمعة لا للحوار» أكثر من نصف مليون متظاهر. وشهد
السفيران الأميركي والفرنسي تلك التظاهرة، وأعجبا بسلميتها وتنظيمها
وحفاظها على الممتلكات العامة والخاصة، وعدم وجود مندسين ومسلحين ومخربين
كما يزعم إعلام النظام الفاسد. واحتجت السلطة السورية على الزيارة
واستغلتها لتشويه سمعة الثورة، معتبرة الزيارة دليلا على أن الاحتجاجات
تحركها أيد معادية. وادعى محافظ حماة الجديد أن معظم سكان حماة غير راضين
عن زيارة السفيرين، وقاموا برميهما بالبندورة، مما أدى إلى انسحابهما على
عجل. وقال ناعم إن من أولى مهامه إعادة الأمن والأمان والاستقرار إلى
المدينة وبناء جسور من الثقة مع القيادة الحكيمة للرئيس الأسد. وكانت
الخارجية الأميركية تتهكم من غباء الإعلام السوري وتكراره للأكاذيب، وأبرزت
الصور التي توضح احتشاد المتظاهرين في حماة لتحية السفير، وغطوا الزجاج
الأمامي لسيارته بالورد.
ومن دلائل نجاح الثورة تخبط النظام وارتباكه،
فبعد أن كان طاووسا متعاليا يرى نفسه فوق الدولة وفوق الشعب يصف المتظاهرين
بالمندسين والمسلحين الإرهابيين والجراثيم المرضية، ويتعهد بسحقهم، نراه
يتراجع وتعهد بالإصلاح ومحاربة الفساد، وبالتوقف عن استخدام القوة وإلغاء
قانون الطوارئ، ثم يرسل الألوية المدرعة والشبيحة ومليشيات الأمن لاقتحام
المدن والقرى الثائرة. ولكن بعد أن تأكد له فشل حلوله العسكرية والأمنية
وعدم قدرته على إجبار المواطنين التوقيع على وثائق أمنية تقر بأن من قتل
أبناءهم عصابات مسلحة، والتعهد بعدم التظاهر مرة أخرى ودفن الشهداء تحت جنح
الظلام، وعدم تشييعهم في جنازات جماعية، لكي لا تتحول جنازات التشييع إلى
تظاهرات جماعية تدين النظام وتفضح أكاذيبه حول تسلح المتظاهرين. بدأ النظام
يتوسل المعارضة الالتحاق بالحوار الرسمي، أو عقد مؤتمرات سياسية في
العاصمة. وترفض المعارضة الحوار حتى يسقط النظام. نتمنى ألا تعطي المعارضة
فرصة لهذا النظام ليعود إلى الحياة، بعد أن اقترب من الموت.
د. عبدالمحسن حمادة
D_hamadah@hotmail.com