على أي أساس تبنى الائتلاف الذهاب إلى جنيف2 ..؟؟؟
بقلم : ابو ياسر السوري
وأخيرا وافق الائتلاف الوطني بأغلبية أعضائه على الذهاب إلى مؤتمر جنيف2 وبدون أن يحصل على أية شروط مسبقة ، سوى الوعود الشفهية غير المكتوبة ، بأنه إذا حضر الائتلاف مؤتمر جنيف2، فسوف يحظى بتأييد المجتمع الدولي ، مع التأكيد على أن الحوار في ( جنيف2) سوف يستند على مقررات ( جنيف1) وقرار مجلس الأمن 2118 لعام 2013 الذي ينص على تشكيل هيئة حكم انتقالي ، تتمتع بكامل الصلاحيات التي كانت لرئيس الجمهورية السوري ، على أن يشارك في هذه الهيئة أعضاء من المعارضة وأعضاء من النظام ممن لم تتلطخ أيديهم بالدماء السورية .. تكون مهمة هذه الهيئة إقامة نظام بديل عن النظام الحالي في سوريا ..
وقد بات لدى المجتمع الدولي قناعة بأنه لا مكان للأسد في حكم سوريا بعد ذلك .. فإما أن يهيأ له خروج آمن فيغادر سوريا ، وإما أن يبقى لإتمام فترة رئاسته الحالية كرئيس بدون أية صلاحيات ... ولم يبق له سوى شهرين تقريبا .
مبررات الترجيح لحضور المؤتمر :
1 – حضور المعارضة المؤتمر يؤكد على شرعية المعارضة ، ويمنحها اعترافا دوليا بأنها طرف في نزاع مشروع من أجل الحرية والكرامة ، وأن الذين يمثلونها ليسوا إرهابيين ولا مجموعات شغب متمردة على حكم شرعي قائم .
2 – سوف تتمكن المعارضة من إيصال مظلومية الشعب السوري إلى العالم ، وسوف تعرض على الدول المشاركة في المؤتمر صورا ووثائق لممارسات النظام وجرائمه ضد الإنسانية . كورقة ضغط على النظام ومؤيديه والصامتين عن جرائمه ضد الإنسانية .
3 – لقد صار لدى المعارضة والنظام شبه قناعة كاملة ، بأن لا مجال إلى الحسم لصالح أي من الطرفين .. والاستمرار في الصراع لا يعني سوى زيادة عدد القتلى ، وزيادة الدمار والخراب والتشريد والمعاناة . وآن الآوان لإنهاء المعاناة . ولعله تفتح بهذا المؤتمر نافذة للنجاة ، وإيقاف المأساة ، وتحديد مناطق وممرات آمنة لإيصال الغذاء والدواء للمنكوبين ..
4 – كلما تأخر الحل يتزايد عدد المتدخلين في قضيتنا ، فقد بدأ التدخل ممثلا بحزب الشيطان .. ثم اتسع نطاق التدخل الخارجي ، حتى شمل إيران والعراق وروسيا .. وحضور المعارضة في المؤمر ، قد يساعدها على المطالبة بوضع حد لهذه التدخلات المخالفة للقوانين الدولية ، ومجافية للقيم الإنسانية ... وإلا كان سكوت المجتمع الدولي عن ذلك وصمة عار .
5 - لما نعلم من تعنت النظام وجبروته وعنجهيته ، فالمتوقع أنه لن ينصاع لقرارات المؤتمر ، ولن يلتزم بها .. مما يحمل المجتمع الدولي على إلزامه بما تم عليه الاتفاق طوعا أو كرها ، تحت طائلة استخدام البند السابع من مقررات مجلس الأمن ، الذي يجيز استعمال القوة لإحلال السلام والأمن الدوليين في العالم . ولو حصل أي ضربة عسكرية ولو محدودة ، فإن الموقف سوف يتغير وبسرعة لصالح الثورة . وهذا ما يتوقعه المراقبون للأزمة .
وأخيرا : لقد أكد الائتلاف في كلمته التي ألقاها رئيسه الحالي ، بأن ممثلي الشعب لن يفرطوا في أي حق من حقوق المواطنين ، وأنهم ملتزمون بثوابت الثورة ، وعلى رأسها رحيل الطاغية رأس النظام القاتل ، وعصابته المجرمين ، إن لم يكن سوقهم إلى محكمة لاهاي ، لمحاسبتهم عما كان منهم من جرائم ضد المواطنين العزل ، وما أحدثوه في البلد من دمار وخراب .. وهذه الحقوق لا يمكن أن يتنازل عنها أحد نيابة عن أصحابها .. وقد أكد الجربا ، وأكد معه أكثرُ من متحدث من أعضاء الائتلاف ، بأنه إذا تبين لهم أن رعاة المؤتمر غير جادين في حل هذه الأزمة ، أو أحسوا بأي تهاون أو تفريط في حقوق السوريين ، فسوف ينسحبون من المؤتمر بدون أي تردد ..
6 – هنالك من يخالف في الرأي ، ويرى أن هذا الذهاب ، لن يكون من غنائمه سوى الإياب بخفَّي حُنَيْن . وأنه سيعطي النظام الشرعية . وأن مجرد الجلوس مع هؤلاء القتلة ، يعني التخلي عن مطالب الشهداء الذين رحلوا وأوكلوا إلينا المضي على الطريق إلى أن تتحقق الحرية والكرامة ، وأن تكون سوريا وطنا للسوريين ، وليست مزرعة لآل الأسد وخاصتهم . والجواب على هذا الرأي ، إن المجتمع الدولي لم ينزع الشرعية أصلا عن نظام الأسد وعصابته المجرمين ، فما زال سفراؤه لديهم ، وما زال الجعفري والمعلم وبثينة ولونا وهديل . يمثلونه في المؤتمرات، وفي منظمة الأمم المتحدة بكافة فروعها وعلى رأسها مجلس الأمن.
ومن ناحية الأمانة التي مات من أجلها الشهداء .. فقد تكفل المؤتمرون بأنها لن تكون خاضعة للمساومة عليها .. ولو اقتضى الأمر أن نستمر في المقاومة عشرات السنين .. وقد أقسم الجميع يمينا ، وأعطوا عليه العهود والمواثيق بأن سوريا لن تكون بعد اليوم مزرعة لبيت الأسد ، وإنما هي وطن عزيز للسوريين إلى الأبد ...
ولهذا وعملا بالمنطق الديمقراطي الذي رضيناه فيما بيننا ، فمن الجائز لنا كثوار أحرار أن نختلف مع طرح السياسيين ، ونرى نقيض ما يرون .. وهذا طبيعي ، فالمنطق الثوري اندفاعي حار ، والمنطق السياسي هادئ بارد .. فلا بأس أن يختلفا .. ولكنه إذا كانت المشورةُ ، وخضعت الآراء للتداول ، وانتهى رأي الأغلبية إلى قرار ما ، فليس من الحكمة ولا من الصواب أن نستمر على ما كنا عليه من خلاف ونزاع ، وإنما الواجب أن يشد بعضنا أزر بعض ، وأن ندعو للسياسيين منا بالرشاد والسداد ونتوكل على الله .. فيد الله مع الجماعة .. قال تعالى لنبيه : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} وقال تعالى على لسان المؤمنين {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتِ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}