إلى هذا الذي اسمه " القِرْشُ " :
بقلم : أبو ياسر السوري
ملاحظة : حذف هذا الموضوع صباح هذا اليوم ، ثم أعيد نشره بعد الاستشارة والاستخارة
منذ يومين تقريبا ، نشرت تصريحا للأمريكي نعوم تشومسكي بعنوان
( "نعوم": بدأت الترتيبات لعودة مرسي للحكم . وحاسبوني على هذا)
فأحسستُ عقبَ قراءته براحةٍ في نفسي ، على غرار ما أحسَّ به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم نزل قوله تعالى : ( الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ ، لِلَّهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ) . فقد تفاءل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بانتصار أهل الكتاب على المشركين في بضع سنين ، لأن الروم أقرب إلى المسلمين من مجوس فارس .. لذلك قال بعض المشركين : اليوم انتصرت فارس على الروم ، وغدا ننتصر نحن على محمد وأصحابه . ( والحادثة مذكورة في كل كتب التفسير.. لا حاجة إلى سردها كاملة ) .
ففوجئت بأنَّ أحدا سمى نفسه ( د . القرش ) نشر في حقل الردود ، ثلاث مجموعات من الروابط ، عنون للأولى منها بقوله :
( شاهد قبل الحجب مقطع الفيديو الذي كشف علاقة مرسي مع اليهود)
وعنون للثانية منها بقوله :
( المشاهد التي هزت الشارع المصري وأمتنعت قناة الجزيرة من بثها)
وعنون للثالثة منها بقوله:
( شاهد ما لم تشاهده عن علاقة الإخوان بالأمريكان)
وكنت في مكان لا يتوفر فيه الإنترنيت، فتأخر اطلاعي على مجموعات روابط ( القرش ) وتأخر ردي عليه لهذا السبب .. ولكن الأخت الثائرة مدى قامت بالواجب ، فكتبت له ردا مسكتا ، افتتحته بقولها : ( أقول للأخ د . القرش .. لا اعلم هل اضحك من مشاركتك أم احزن فالمشاعر تاهت كما تاهت الحقائق بين العرب .. ) فامتصت بكلامها جام غضبي ، وساءني أن مثقفا دكتورا ، لا يعنيه واجب الوقت ، ولعله لم يسمع به .. فهو معنيٌّ بتكفير أربعة ملايين مسلم ممن ينتمي لحزب الإخوان المسلمين .. ويحاول صرفنا عما نحن فيه من جهاد الكلمة ، ونقل صور المجازر والضحايا والدمار إلى العالم ، لعل القلوب القاسية ترق لهذا الشعب المسكين ، وتحول دون وقوع المزيد من المجازر الجماعية ، التي يمارسها النظام النصيري المجرم ...
فقلت في نفسي أخ ودكتور ومثقف ويبدي غيرة على الدين .. فيلزم أن أرحب به لكوني مشرفا في هذا المنتدى ، ففعلتُ : وافتتحت ترحيبي بالقول : ( الأخ الدكتور القرش : مرحباً بك مشاركا جديدا في هذا المنتدى المبارك ، وما كان بودي أن تبدأ العلاقة بيني وبينك بخلاف في الرأي .. صحيحٌ أن الخلاف في الراي لا يفسد للود قضية ، ولكن الصحيحَ أيضا قبل ذلك ، أن العلاقة الودية لم تقم بعدُ .. فاغفر لي هذه أخي العزيز .) وفوجئت بأن الرجل يكتب ردا مطولا جمع فيه فتاوى السابقين واللاحقين في تكفير الإخوان المسلمين .. ولاحظت أنه يتعمد الشتم والإهانة ، فيربأ بنفسه أن يخاطبني باسمي أو كنيتي .. ثم يُعرَّض بأني ممن يركنون إلى الذين ظلموا وأن النار بانتظاري .. ولم يبخل عليَّ بشتيمة أخرى ، فزعم أني ممن يدافع عن الخائنين ، وأني أنصب نفسي خصيما لهم ..!!
الحقيقة ، حسبتُ لأول وهلة ، أني أحاورُ رجلا يحملُ مؤهلا عاليا يسمونه ( الدكتوراه ) فخاطبته بلغة الأخوَّة ، مع ذكر لقبه العلمي الرفيع ، متوددا بذلك إليه .. ولكنه حرص كل الحرص على أن لا يفرش طريقا ولو صغيرا للمودة بيننا إلا بشوك القتاد .. ولعله يرى نفسه أكبر من أن ينادي أحدا بقوله ( يا أخي ) أو لعله يراني مرتدا ، ولا يجوز أن يعتبرني أخاه في الدين .؟ أو لعل لديه قواعد فقهية تخصه هو أيضا ، قلب بها قواعد الفقه الإسلامي رأسا على عقب ، واستبدل بها ( قواعده القِرشِيَّة ) نسبة إلى القِرْشِ ، رفيق الدرهم ، لا إلى قبيلة قريش ... فهو يقول فيها : الأصل في الأشياء النجاسة ، والأصل في الأشياء التحريم ، والأصل في عامة المسلمين التكفير .!؟ لذلك ومنذ البداية، كلمتُه عن زيد فحدثني عن عمرو :
سارتْ مُشرّقة وسِرتَ مُغرّباً : شتّانَ بينَ مُشَرّقٍ ومُغَرّبِ
ولستُ أدري لماذا استحسن الجزءَ الأول من ردِّي الثاني عليه ، وأخفى نصفه الآخر .. ونصفُ الكلام لا معنى له .. إلا على طريقة إبليس ، حين سئل : ماذا تحفظ من القرآن .؟ فأجاب : أحفظ ( ولا تقربوا الصلاة ) ولم يكمل الآية ، ليؤدي عكس المعنى القرآني المراد.
لقد أتعبتَ نفسك يا هذا ، وأتعبت من فرغ شريط الشيخ المدخلي حفظه الله ، وأتعبتنا أيضا بقراءته من دون أن نخرج منه بأية فائدة تهمنا فيما نحن فيه . سوى أن الإخوان المسلمين كفرة مرتدون .. وليس هذا مدار موضوعنا ، ونحن لا نحب الخوض في تقييم الإخوان البتة ، ولا ندافع عنهم ، ولا نريد أن نشرع الألسنة والأقلام في ذمهم ، ثم إننا لا نشكرُ من يذمهم عندنا .. فنحن – السوريين - في محنة لم تدع لنا فضولا من الوقت ، نقضيه في تتبع عورات الآخرين .!!!
ولو عقلت يا هذا ... ( وأنا هنا لا أدري بماذا أناديه .؟ فأخشى أن أقول له : يا أخي فأغضبه ) لهذا أقول له : لو عقلتَ يا هذا .. لما اخترت في أولى مشاركاتك بهذا المنتدى طريقة (أولَ ما شَطَحَ نَطَح) . أهذا ما أهمَّك من شؤون أخواتك السوريات ، اللاتي يغتصبهن المجوسُ صباح مساء ؟ أم أنهن أشعرياتٌ لا حرمة لأعراضهن ؟ ألم تتألم لحرق الأطفال وهم أحياء .؟ ألم ترقَّ لتشريد الملايين الذين يبيتون اليوم في العراء بدون دثارٍ ولا غطاء .؟ ألم يشغلك موتُ السوريين جوعا وبردا وردماً وحرقاً ووأداً .؟ ألم تسمعوا بقيام المجوس بحرق الأطفال الصغار دون الخَمْسِ سنواتٍ بالنار أمام أمهاتهم وهم أحياء ؟ وأخيرا ، هل أنت من طلبة العلم المغيبين عن العالم وهم في بلهنية يلعبون .. ومتى ستوقظكم الأحداث .؟ أم أنت ظهير للصفويين من مجوس فارس .؟ [ ولا تخف من كلمة " بُلَهْنيَة " فهي ليست شتيمة ] ..وأتحداك إن كنت تعرف وزنها أو تصريفها .؟؟ لأنه ثبت أن الدكترة لا تعلم إلا بَطَرَ الحقِّ واحتقارَ الخلق .!!!
اسمع يا هذا ، أنا كنت أجلُّ السَّلفية على عِلَّاتهم ، وأراهم أصلح الموجودين ، ولي عليهم بعض المآخذ ، ولكني كنت أراها من الهنات الهينات ... وأشكرك الآن لأنك صحَّحتَ لي فكرتي عن سلفيتكم .. نحن سلفيون ، لا تكفيريون .. نعم ، نحن سلفيون ولا نظن بالخلق سوءاً .. نحن سلفيون ولا نتعالى على إخواننا لأن إبليس لم يكن أشعريا ولا ماتريديا .. وإنما كان متكبرا ، لم يكن منه إلا ما حكاه القرآن ( قال أنا خير منه ) فاستحق اللعنة إلى يوم الدين .. نحن سلفيون .. ولكننا لا نقول كما تقولون (من ليس على مذهبنا فهو كافر) أنت لم تعرفني ، ولم تلقني ( فلماذا الشموخ بالأنف إلى السماء والاستُ في الطين؟) .
كيف تُكَفّرُون كل المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ، وهم يشهدون أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ..؟؟؟؟ كيف تجيزون قتل المصلين في محاريبهم .؟ هذا أمر لا أتهمكم به ، وإنما أقول لكم ، الناس يقرؤون ما تكتبون . ويعلمون عنكم أكثر مما تعلمون عنهم .
أعود إلى أصل الموضوع ، فأذكرك بحرمة تتبع عورات المسلمين وأنه مما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حيث قال : ( يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ، ولا تتبعوا عوراتهم ، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته ) رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي ، وهو حديث صحيح .
نحن لا شأن لنا بالرئيس محمد مرسي ، ولا بأي زعيم عربي آخر ، إلا من خلال وقوفهم مع الشعب السوري المقتول أو تخليهم عنه .. فندعو لمن أحسن إلينا ، ونسأل الله أن يكافئه إحسانا بإحسان . ونكل عقاب من تخلى عنا إلى الله .. مذكرين إياه بقول : رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- « مَا مِنِ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ إِلاَّ خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ وَمَا مِنِ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إِلاَّ نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ نُصْرَتَه « .