أحمد منصور يكتب : " لعبة الأمم بين عبد الناصر والسيسي 2"
بعد معاهدة كامب ديفيد التي وقعها السادات عام 1979 أصبحت الولايات المتحدة تقدم دعما سنويا للجيش المصري يعتبر زهيدا مقارنة بميزانية الجيش لكن هذا الدعم وضع الجيش المصري تحت الضغط الأميركي وأتاح للأميركان أن يطلعوا على أمور كثيرة عن الجيش المصري وإمكاناته وأسراره ومعلوماته ما كان لهم أن يعرفوها من قبل ، وهذا يعني أن هذه المعلومات ستكون متاحة أمام إسرائيل وهذا أخطر مافي مسألة الدعم الأميركي.
ورغم كل ذلك فإن هذا الدعم الذي لا يزيد على 1,2 مليار دولار في الحقيقة لا يذهب مباشرة إلى الجيش وإنما إلى الشركات الأميركية التي تتعامل معه وجزء مهم آخر منه يذهب لتدريب ضباط مصريين يذهبون بشكل دوري للولايات المتحدة منهم من يقضي عدة أشهر ومنهم من يقضي عاما أو أكثر، ومن بين هؤلاء قائد الانقلاب المصري عبد الفتاح السيسي الذي قضى عاما في الولايات المتحدة مثل كثير من الضباط ، وأؤكد هنا أن الذهاب للولايات المتحدة لا يعني أن يصبح الضابط جاسوسا أو عميلا ولكن يفتح المجال للأميركان للتعرف على ثقافة و طريقة تفكير ورؤية كبار ضباط الجيش المصري للقضايا الاستراتيجية و للحياة العامة وعلاقة بلدانهم بجيرانها وعلاقتها مع الولايات المتحدة وعقيدة الجيش وتفكيره ولذلك فإن كل ضابط يطلب منه أن يعد بحثا وربما أبحاثا يعكس فيها تفكيره ورؤيته لأمور كثيرة كما أن النقاش لا ينتهي بين الضباط ومدربيهم وكثير منهم تنشأ بينهم علاقات وصداقات عادة ما يستغلها الطرف الأقوى لصالحه ، كما أن بعض الكليات العسكرية الأميركية مثل كلية الدفاع الوطني في واشنطن والتي يفد إليها كثير من الضباط من الدول الحليفة للولايات المتحدة يطلق عليها تندرا اسم « وكر الجواسيس » ويعمل بها كثير من العرب الذين هاجروا مبكرا للولايات المتحدة وانخرطوا في العمل في الادارات الأميركية المختلفة كمدربين أو مدرسين أو أساتذة في علوم الاستراتيجية وغيرها وكثير من هؤلاء انسلخوا من نسيجهم العربي وأصبحوا يخدمون أميركا ومصالحها بالدرجة الأولى ، وعادة حينما يجد العربي أو المصري مصريا أو عربيا مثله يدرسه لا يبقي في جوفه شيئا ثقة في الآخر مما يعني أن قلب الجيش وضباطه يكون مكشوفا لديهم ، وهذا ما يجرى مع معظم قيادات جيوش الدول الحليفة للولايات المتحدة وعلى رأسها الجيش المصري ، ومن خلال هذه المنح التدريبية فإن الدرجة الأعلى التي يمكن أن يحققها الأميركان هي أن ينجحوا في تجنيد عملاء لهم من ضباط هذه الجيوش والدرجة الأدنى هي أنهم يتمكنون من التعرف على ملف كل ضابط ويدرسونه جيدا ليعرفوا طريقة تفكيره ورؤيته للولايات المتحدة ومصالحها وإسرائيل كعدو رئيسي لمصر وشعبها وجيشها ، أو يقيموا صداقات وعلاقات يتبادلون من خلالها المعلومات التي عادة ما يستفيد منها الطرف الأميركي .
وإذا رجعنا إلى الحوار الذي دار بين رئيس الأركان سامي عنان ورئيس الأركان الأميركي بعد اندلاع ثورة 25 يناير حيث كان سامي عنان في الولايات المتحدة هذا الحوار الذي نشره عنان في مذكراته التي لم تنشر منها سوى حلقة واحدة ثم منع النشر